الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

اليونان·· رجل أوروبـا المريض يتماثل للشفاء

19 فبراير 2007 01:33
إعداد- مريم أحمد: عُرِفت اليونان برجل أوروبا المريض بسبب الضعف الاقتصادي الذي تعاني منه منذ سنوات طويلة، لكن يبدو أن رجل أوروبا المريض قد تماثل مؤخرا للشفاء اقتصاديا، إذ تمكنت أخيرا من ترتيب أوراقها الاقتصادية، وتجربتها تلك تعد دروسا هامة تستفيد منها دول الاتحاد الأوروبي الصغيرة، التي تناضل هي الأخرى لإحراز النجاح الاقتصادي بدفع عجلة النمو إلى الأمام، والقضاء على العجز المادي الذي تعاني منه· ولا يزال المسوؤلون الكبار في الاتحاد الأوروبي يدعون الدول الأعضاء الصغيرة لسدّ الثغرات الكبيرة في حائط ميزانيتها العامة كي تتمكن من مواكبة الاستقرار والنمو الاقتصادي الذي تشهده دول الاتحاد الأوروبي الكبرى· وكانت اليونان إحدى الدول الأوروبية المنبوذة في الاتحاد الأوروبي لأنها لم تكن صادقة بشأن حجم العجز المالي الذي كانت تعاني منه ميزانيتها في السنوات التي سبقت والتي تلت انضمامها للاتحاد الأوروبي في عام ،2001 ولم تتضح الحقائق الفعلية بشأن عجزها المالي حتى اعتراف الحكومة الجديدة بالعجز في أواخر عام ·2004 ومنذ ذلك الحين، خضع اقتصاد الحكومة اليونانية لإشراف صارم من قبل الاتحاد الأوروبي ومن الدول الأخرى الخاضعة كذلك لإشراف الاتحاد الأوروبي نذكر ألمانيا وايطاليا والبرتغال· إلا أن الأوضاع تغيّرت مؤخرا بالنسبة لليونان، فقد أصبح من المتوقع وربما من المؤكد أن يُشطب اسمها من اللائحة السوداء التي وضعها الاتحاد الأوروبي، والسبب يعود إلى السرعة التي تمكنت بها اليونان من التغلب على ثلثي العجز المادي في ميزانيتها في غضون عامين، علاوة على استقرار معدلات النمو الاقتصادي القوي الذي تشهده مؤخرا· وفي مقابلة أُجريت معه مؤخرا، قال وزير المالية اليوناني جورج ألوغوسكوفيس: '' لاشك أننا قد مررنا بمنعطف كبير، وحققنا نجاحا سريعا· وحقيقة فقد تمكنّا من التخلص من العجز المالي في غضون سنتين، بالإضافة إلى المحافظة على معدلات النمو الاقتصادي القوية لدليلٌ جيد وايجابي على أننا على الطريق الصحيح''· وفيما يتعلق بالعام الجاري، فمن المتوقع أن ينمو ناتج اليونان المحلي الإجمالي بنسبة 3,9 في المائة حسب تقديرات الحكومة· كما أن من المحتمل أن تقل نسبة العجز في الميزانية اليونانية لتصبح 2,4 في المائة، بعد أن كانت 7,8 في المائة في عام ·2004 وتحولت طفرة الحكومة اليونانية الاقتصادية قبل دورة الألعاب الأولمبية الأخيرة، والتي كانت تتصف بأنها متمركزة حول الإنفاق فقط إلى الحكومة الجديدة بعد دورة الألعاب الأولمبية حيث تتصف الطفرة الاقتصادية لهذه الحكومة باهتمامها بالمستهلك أولا وأخيرا· الجدير ذكره أن نسبة البطالة في اليونان تراجعت من 11,3 في المائة قبل ثلاثة أعوام الى 8,3 في المائة· من ناحية أخرى، شهد العام الماضي ارتفاعا في نسبة الاستثمار الأجنبي في اليونان، بلغت حوالي 4 مليار يورو· وقالت سارة بيرتن، نائب رئيس مركز مودي للخدمات الاستثمارية: '' لا يمكننا مقارنة اليونان قبل دورة الألعاب الأولمبية باليونان الجديدة، فقد شهدت مؤخرا تحوّلا كبيرا سيُعطي ثماره في غضون سنتين فقط''· وكانت اليونان قد قلبت اقتصادها رأسا على عقب بعد أن عملت على خفض نسبة الضرائب بهدف تعزيز عملية النمو ودفع عجلتها إلى الأمام، وكذلك رفع دخل الحكومة من الضرائب· وكان الدخل الإضافي الذي حصدته اليونان قادما من النمو الاقتصادي السريع واتخاذ الإجراءات الصارمة فيما يتعلق بالتملّص والتهرّب من دفع الضرائب· وهذا هو الأسلوب الذي تعمل دول أوروبية كايطاليا والبرتغال والمجر، والتي تعاني من عجز الميزانية، على إتباعه· وعلى سبيل المثال، تخطط ايطاليا لمحاربة عملية التهرب من دفع الضرائب لرفع ميزانيتها بمعدل يصل الى 8 مليار يورو· ويرى محللون اقتصاديون أن هذه الطريقة تدعو للتفاؤل· ومنذ تولي الحكومة الديموقراطية اليمينية السلطة في اليونان في مارس من عام ،2004 قامت بخفض نسبة الضرائب من 35 في المائة إلى 25 في المائة· وستبدأ الحكومة اليونانية في العام الجاري بخفض نسبة الضرائب الشخصية بالتدريج في غضون الأعوام الثلاثة المقبلة· وفي الوقت نفسه، عملت الحكومة على شنّ حملة ضد عملية التهرّب من دفع الضرائب من خلال عمليات التدقيق التي يتم إنجازها بأحدث التقنيات في هذا المجال· وارتفع عدد حالات التملّص الضريبي التي تم الكشف عنها بعملية المسح الالكتروني من 98 ألف حالة في عام 2003 إلى 792 ألف حالة في عام ·2005 يُذكر أن الحكومة بصدد اتباع الإجراءات اللازمة لتغيير طريقة التفكير في المجتمع اليوناني من خلال الإعلان عن حالات الغش الضريبي· وتخطط الحكومة كذلك لشن حملة مدّتها ثلاثة أعوام لتحقيق ذلك، وستتضمن الحملة نشر إعلانات عبر وسائل الإعلام المرئية والمقروءة، تصف المتهربين من دفع الضرائب على أنهم أشخاص متهمون بالسطو على المدارس والمستشفيات· ورغم ذلك كله، فلاشك في أنه يتوجب على اليونان معالجة قائمة طويلة من التغييرات التركيبية الأساسية بدءا من البيروقراطية وعدم تملك الحكومة للمشاريع التجارية الكبير، ووصولا إلى كَوْنِها صاحبة ثاني أعلى نسبة ديون بالقياس إلى معدل الناتج المحلي الإجمالي في أوروبا· وفي هذا الصدد، قال وزير المالية اليوناني جورج ألوغوسكوفيس: '' اتبعت اليونان سياسات خاطئة في العديد من المجالات لكن حتى لو بدأنا في اتباع السياسات الصحيحة، فإن ذلك سيستغرق وقتا قبل أن نتمكن من تحديد مواطن الضعف الاقتصادي والاجتماعي''·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©