الأربعاء 8 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نفط ليبيا... وتحديات مرحلة ما بعد القذافي

23 أكتوبر 2011 23:24
على مدار السنوات الماضية تعاملت شركات النفط الكبرى مع مختلف الأنظمة دون تحفظ، دكتاتورية عسكرية وديمقراطية، بلا تمييز تقريباً. لذا حتى قبل مقتل القذافي وانتهاء حكمه، كانت شركات الطاقة منصرفة إلى التعرف على الأشخاص المحتملين لخلافته، في محاولة منها للعودة إلى ليبيا وإعادة تشغيل قطاع النفط في البلد الواقع بشمال إفريقيا. وفي هذا الصدد التقى "باولو سكاروني"، المدير التنفيذي لعملاق الطاقة الإيطالي، شركة "إيني"، مع الحكومة الانتقالية متمثلة في المجلس الوطني الانتقالي منذ شهر أبريل الماضي، فالشركة كانت تسيطر على قطاع النفط في ليبيا خلال عهد النظام السابق، وهي تحاول الآن استئناف نشاطها بعد الاتفاق مع الحكام الجدد في طرابلس، وهو بالفعل ما حصلت عليه بعدما أخبرت أن عقودها السابقة ستظل سارية المفعول، وقامت وفقاً لذلك بتفعيل تدفق النفط في خط أنابيب "جرينستريم" الذي يحمل أيضاً كميات كبيرة من الغاز الطبيعي إلى إيطاليا. فقبل اندلاع المعارك في ليبيا بين الثوار وكتائب العقيد الراحل كانت خطط النقل تلك تمد إيطاليا بحوالي 10 في المئة من احتياجاتها من الغاز الطبيعي. وبالإضافة إلى الشركة الإيطالية التي كانت ترتبط بعقود مع ليبيا، يستعد أيضاً شركاء أميركيون في مجموعة "أوايسيس" للعودة إلى ليبيا لاستئناف حقوق الاستغلال التي حصلوا عليها في السابق. لكن مع ذلك قد يمثل مقتل القذافي نهاية حقبة مهمة بالنسبة لإنتاج النفط في العالم، فبعد خمسة أشهر على استيلائه على السلطـة في عام 1969 دعا القذافـي إلى رفع أسعار النفط ب43 سنتاً لبرميل النفط الخام. ورغم المعارضة التي قوبل بها الطلب الليبي، كما يشير إلى ذلك "دانيا يرجين"، الاستشاري في قضايا الطاقة، إلا أن القذافي تمكن في النهاية من فرض شروطه على الشركة الأميركية "أوكسيدانتال بيتروليوم" بعد مفاوضات شاقة وطولية، كما تمكن من الحصول على عائدات أكبر، وفرض مجموعة من الضرائب على الشركات العاملة في ليبيا. وسرعان ما خضعت شركات أخرى لمطالب القذافي، لاسيما أنها كانت تتوق لتأمين موطئ قدم في صناعة النفط الليبية، فمن خلال جمعه بين التوقيت الجيد والإصرار على مطالبه، يقول الخبير في مجال الطاقة، استطاع القذافي تغيير ميزان القوة الذي كان سائداً بين الشركات والدول المصدرة لصالح هذه الأخيرة، قائلا: "لقد فتح القذافي الطريق أمام حقبة النفط المعاصرة في العالم، والتي أدت إلى أزمات الطاقة خلال السبعينيات". ويضيف "يرجين" أن القذافي رغم ذلك، وعلى مدى 42 عاماً التي قضاها في السلطة "لم يحسن التعامل مع الثروات التي جناها من النفط، بل أهدر أغلبها في مشاريع فاشلة، ومغامرات خارجية". بيد أن القذافي، وحتى بعد انتهاء العقوبات الأميركية على بلاده وعودة الشركات للعمل في حقول النفط الليبية، استمرت صعوبة التعامل معه، ولم تنته هذه الصعوبة حسب العديد من المراقبين، إلا بعد اندلاع الثورة الليبية قبل ثمانية أشهر، والتي من المحتمل أن تغير العلاقة بين الشركات وقطاع إنتاج النفط في ليبيا، وإن كان الأمر سيستغرق وقتاً للتبلور على أرض الواقع، كما يوضح ذلك تقرير صدر يوم الخميس الماضي عن بنك "باركليز" جاء فيه أن "مقتل القذافي لن يغير كثيراً في ديناميات النفط الليبي خلال الفترة الحالية". وبعدما خفت حدة العمليات القتالية في ليبيا بعد ظهور بوادر انهيار النظام، بدأت الشركات الدولية تفكر في الرجوع للاستثمار في قطاع النفط الليبي، فحسب المحللة بمصرف باركليز، "هيليما كروفت"، تنتج ليبيا حالياً 400 ألف برميل من النفط يومياً يتجه معظمها إلى الاستهلاك المحلي، لكن مع ذلك هناك 130 ألف برميل مكرر ستعود قريباً إلى السوق مع احتمال توسعـه إلى 300 ألف برميل مع نهاية السنة الجارية، وإن كان من غير المعروف الوقت الذي ستعود فيه ليبيا إلى مستويات إنتاجها لما قبل الحرب والمتمثلة في 1.6 مليون برميل في اليوم". ويضيف تقرير "باركليز" أن "بعض حقول النفط الناضجة في حوض سرت تتطلب حقنها بالماء والغاز الطبيعي لممارسة الضغط على المخزون، وهو ما لم يحدث خلال الأشهر الستة الماضية". وفيما أشار التقرير إلى تدمير بعض الأجزاء المهمة من البنية التحتية التي تحتاجها عمليات نقل النفط، مثل الأرصفة والآلات التي سرقت خلال الفترة الأخيرة، تؤكد شركة "إيني" الإيطالية أن معظم البنيـة التحتيـة ما زالت صالحة للعمل. لكن عدا مشكلة البنية التحتية التي قد تعطل استئناف ليبيا تصدير نفطها بالكميات التي كانت قبل الحرب، هناك مشكلة الأمن، لاسيما في المناطق الصحراوية البعيدة عن المدن، وهو ما أشار إليه تقرير "باركليز" قائلا "إن اختفاء القذافي من الساحة السياسية الليبية لا يعني أن الوضع على الأرض سيتغير وأن المشاكل المرتبطة بالفقر وانعدام الأمن في البلاد ستحل تلقائياً". ستيفن موفسون كاتب متخصص في اقتصاديات النفط ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©