الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

تعثر جهود وقف القتال المذهبي شمال اليمن

21 أكتوبر 2013 00:25
عقيل الحـلالي (صنعاء) - تعثرت، أمس، الجهود الحكومية لوقف صراع مسلح بين جماعتين دينيتين متناحرتين مذهبياً في شمال اليمن، تجدد الأربعاء الماضي بعد مرور أقل من شهر على إبرامهما هدنة هشة برعاية الرئيس الانتقالي، عبدربه منصور هادي. ودعت وزارة حقوق الإنسان اليمنية، أمس، جماعة الحوثي الشيعية والجماعة السلفية المتشددة، المنخرطتين في مؤتمر الحوار الوطني الشامل المنعقد في صنعاء منذ مارس، إلى “الاحتكام إلى العقل”، ووقف صراعهما المسلح في محافظة صعدة (شمال) الخاضعة لهيمنة “الحوثيين” منذ أبريل 2011، أي بعد شهور من اندلاع انتفاضة شعبية طالبت بالديمقراطية وأجبرت الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، على التنحي، العام المنصرم. وسقط عدد غير معروف من القتلى والجرحى في تجدد الصراع المسلح بين الجماعتين الدينيتين المتناحرتين مذهبياً، الذي يدور في بلدة “دماج”، المركز الرئيسي للجماعة السلفية في اليمن منذ عقود، والتي تبعد كيلومترات عن مدينة صعدة من جهة الجنوب. وكان “الحوثيون” والسلفيون أبرما، الشهر الماضي- بعد تدخل لجنة وساطة مكلفة من الرئيس الانتقالي، عبدربه منصور هادي- هدنة هشة لوقف معاركهما المتقطعة منذ أواخر 2011 على خلفية تنازعهما أحقية مواقع ومرتفعات جبلية في منطقة “وادي دماج”. وذكرت مصادر في الجماعة السلفية في بلدة “دماج”، اتصلت بها (الاتحاد)، أن المواجهات تجددت بعد خرق “الحوثيين” اتفاق الهدنة الموقع في 22 سبتمبر، حيث عادوا الانتشار في المناطق المتنازع عليها التي من المفترض أن يتسلمها الجيش، بموجب الاتفاق. وقالت إن “الحوثيين” يواصلون منذ الأربعاء قصف عدد من مناطق بلدة “دماج”، مشيرة إلى أن القصف “طال عدد من المنازل السكنية”، وأنه تزامن مع فرض حصار محكم على البلدة البالغ عدد سكانها أكثر من 15 ألف نسمة. وذكرت أن القصف أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين، دون أن تذكر إحصائية محددة لعدد الضحايا. وزارت لجنة الوساطة الرئاسية، أمس الاثنين، طرفي الصراع في بلدة “دماج”، كما التقت محافظ صعدة، فارس مناع، الذي نصبته جماعة الحوثي منتصف عام 2011 بدلا عن المحافظ السابق، طه هاجر، المعين بقرار جمهوري. وأبلغت الجماعة السلفية اللجنة الرئاسية موافقتها على وقف القتال، لكنها اشترطت أولا انسحاب “الحوثيين” من المناطق المتنازع عليها وتسليمها للقوات المسلحة والأمن، حسبما أفاد مصدر في المكتب الإعلامي للجماعة الدينية لـ(الاتحاد). وقال المصدر: “أبلغتنا اللجنة الرئاسية عدم قدرتها على إجبار الحوثيين على الانسحاب من المواقع”، ما يعني استمرار القتال بين هاتين الجماعتين الدينيتين المنخرطتين في مؤتمر الحوار الوطني الشامل المنعقد في صنعاء منذ منتصف مارس، كأهم خطوة في اتفاق مبادرة دول الخليج العربية بشأن انتقال السلطة في اليمن. إلا أن اللجنة الرئاسية أكدت، لدى لقائها محافظ صعدة، توصلها إلى اتفاق مبدئي لوقف الصراع المسلح في “دماج”، يلزم الطرفين بالإفراج عن المعتقلين “وعدم الاعتراض في الطرقات”. بدوره، شدد محافظ صعدة على ضرورة تنفيذ توجيهات الرئيس عبدربه منصور هادي بـ”نشر وحدات عسكرية في المنطقة لتلافي حدوث أي خروقات قد تخل بالأمن والاستقرار”. في هذه الأثناء، قالت وزارة حقوق الإنسان اليمنية، إنها تتابع “بقلق بالغ وأسف عميق الأنباء حول الأحداث المؤلمة والمؤسفة التي تدور في منطقة دماج صعدة والتي تحصد أرواح أبناء الوطن الواحد”. وعبرت الوزارة، في بيان، عن قلقها إزاء وقوع “انتهاكات حقوق الإنسان” في الصراع المسلح بين الحوثيين والسلفيين، ودعت الطرفين إلى وقف هذه الانتهاكات، و”الاحتكام إلى العقل والاستناد إلى ثقافة التسامح و السلام”. وأبدت وزارة حقوق الإنسان استغرابها إزاء لجوء “الحوثيين” والسلفيين إلى السلاح لحل خلافاتهم، فيما هما ممثلان في مؤتمر الحوار الوطني، الذي يشارك فيه 565 شخصا، يمثلون مكونات يمنية كبيرة وصغيرة غير متجانسة. وذكر البيان أن “مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي أوشك على إنهاء أعماله تتضمن حلولا ومعالجات لكل الخلافات والإشكالات المعقدة والشائكة المتراكمة من الماضي”، محذرا من تداعيات حل الخلافات عبر السلاح “الذي لا يخلف إلا الخراب والدمار وحصد الأرواح البريئة التي حرم الله قتلها”. وقالت وزارة حقوق الإنسان إن المعارك بين “الحوثيين” والسلفيين “تقوض جهود البناء والإعمار والاستقرار، وتُربك مخرجات الحوار”، داعية جميع القوى السياسية والاجتماعية في اليمن، ورعاة اتفاق المبادرة الخليجية إلى “وقف هذا النزيف المستمر ووضع الحلول والمعالجات الجذرية لهذه القضية وبما يضمن عدم تكرارها”. وتصاعدت المخاوف في اليمن من اتساع دائرة الصراع المذهبي في البلاد بعد مقتل قيادي بارز في جماعة الحوثي، الأحد الماضي، في مدينة تعز (وسط)، التي تعاني من انفلات أمني غير مسبوق منذ أكثر من عامين، تفاقم الأسبوع الماضي بعد مقتل شقيق زعيم قبلي محلي برصاص مسلحين يشتبه بأنهما من قبيلة مشهورة في محافظة مأرب شرقي البلاد. ومنذ أيام، ترابط وحدات من الجيش، مدعومة بمصفحات ودبابات، عند مداخل مدينة تعز لمنع مليشيات من قبيلة “مراد” دخول المدينة لقتال مسلحي قبيلة “شرعب”، المنتشرين هناك منذ إحراقهم عددا من ممتلكات مواطنين من مأرب انتقاما لمقتل الأكاديمي، فيصل المخلافي، شقيق الزعيم القبلي، حمود سعيد المخلافي. وذكرت وسائل الإعلام اليمنية الرسمية أن وزيري الدفاع والداخلية في الحكومة الانتقالية زارا، أمس، محافظة مأرب للإطلاع “على أحوال منتسبي عدد من الوحدات العسكرية والأمنية” المرابطة هناك. إلا أن مصادر قبلية في مأرب ذكرت لـ(الاتحاد) أن وزير الدفاع، اللواء محمد ناصر أحمد، ووزير الداخلية، اللواء عبدالقادر قحطان، اجتمعا بعدد من زعماء قبيلة “مراد”، “لتدارس الموقف بين قبيلتي مراد وشرعب”، دون أن تضيف مزيدا من التفاصيل بشأن ذلك. كما بحث الوزيران مع عدد من قبائل “عبيدة”، المشهورة في مأرب، الاعتداءات والتفجيرات المتكررة التي تطال أبراج الطاقة وخطوط أنابيب النفط في محافظة مأرب، حيث منشأة هامة لتوليد الكهرباء وحقول رئيسية لإنتاج النفط الخام. وقال وزير الدفاع، في كلمة له أمام عدد من ألوية الجيش المرابطة في مأرب، إن “هناك كثيرا من المتربصين وأعداء التغيير ممن تضررت مصالحهم ويعملون ليل نهار من اجل زعزعة الأمن والاستقرار وإقلاق السكينة العامة في المجتمع”، مشددا على ضرورة بذل قوات الجيش “وكل الوطنيين الشرفاء (..) مزيداً من الجهود المخلصة من أجل تعزيز الأمن والاستقرار ومواجهة كافة أعمال التخريب بحق الوطن والمواطنين”. وأكد اللواء محمد ناصر أحمد أن القوات المسلحة ستواجه من قال إنهم “لا يزالون يعيشون وهم الماضي”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©