الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روسيا وأميركا... والوضع الحقوقي

22 أكتوبر 2011 01:37
في الرابعة صباحاً استيقظ "مايكل بوزنر" ليتجه من موسكو إلى "نيزني نوفجورود" الواقعة على نهر الفولجا، حيث بدأ يسجل في دفتر صغير عناوين الصحف التي تعرضت للتضييق ثم أوقفت، وأسماء المدافعين عن حقوق الإنسان الذين تعرضوا للتهديد، فضلا عن الأحزاب السياسية المقموعة، وذلك فيما تستعد الولايات المتحدة لفتح فصل جديد من العلاقات مع روسيا. ويصف "بوزنر" الذي يعمل مساعداً لوزيرة الخارجية في مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل، مهمته الشاقة بأنها تمثل انتقالاً إلى مستوى آخر في العلاقات الأميركية الروسية لم تحقق فيه واشنطن نجاحاً كبيراً. فخلال الزيارة التي قام بها إلى روسيا وامتدت من يوم الاثنين حتى يوم السبت انتقل بوزنر من موسكو إلى نيزني نوفوجورود ثم إلى كازان حيث التقى بالنشطاء والمعارضين السياسيين متحدثاً إليهم عما تستطيع الولايات المتحدة تقديمه لدعم جهودهم، وهو في هذه اللقاءات حرص على تسجيل النقاط والإجابة عن التساؤلات. ويُذكر أن العلاقات الأميركية الروسية شهدت مرحلة من إعادة الضبط والتحسن بعد فترة من التدهور، فيما تجاوبت روسيا مع المساعي الأميركية لاجتياز مرحلة التردي في العلاقات وإخراجها من نفقها المظلم. وفي هذا الإطار تم التوقيع على معاهدة للحد من الأسلحة النووية بين الطرفين، كما سمحت روسيا بمرور الإمدادات الأميركية إلى أفغانستان عبر أراضيها، بالإضافة إلى وقوفها إلى جانب الولايات المتحدة في الملف الإيراني وامتناعها عن التصويت في الأمم المتحدة للترخيص لاستخدام القوة في ليبيا. وبالمقابل أُحرز تقدم ملحوظ في مفاوضات انضمام روسيا إلى منظمة التجارة العالمية. لكن فيما عدا هذا الجانب من العلاقات بين البلدين، ما زال الوضع الحقوقي والديمقراطي في روسيا متعثراً، بحيث يتعرض المتظاهرون المطالبون بالديموقراطية إلى الضرب والاعتقال فيما القانون يُستخدم عادة لمعاقبة الخصوم بدلا من حماية الأفراد، وهو ما يعبر عنه بوزنر نفسه قائلا: "في هذا المستوى من العلاقات لم نحقق تقدماً يذكر، ونحن نعترف بحجم التحديات الموجودة أمامنا". هذا الواقع يجعل إدارة أوباما في موقف حرج وهش في آن، بينما تستعد لدخول أجواء الحملة الانتخابية لعام 2012، وهو ما يفرض عليها التدخل لتدارك ما فات، حسب قول "ماتيو روجانسكي"، نائب مدير برنامج روسيا وأوروبا في معهد كارنيجي للسلام الدولي، مضيفاً: "لقد بدأنا نرى فعلا التركيز داخل الولايات المتحدة على موضوع حقوق الإنسان في العلاقة مع روسيا، فالجمهوريون يقولون إن روسيا بلد سيء، فلماذا نتعامل معها؟". وبحلول يوم الخميس الماضي كان بوزنر ونائبه في مكتب الديمقراطية بوزارة الخارجية، توماس مليا، قد وصلا إلى مدينة نوفجورود ذات 1.2 مليون نسمة والتي تبعد حوالي 250 ميلا شرق موسكو. ورغم المصاعب التي لاقياها في طريق الوصول إلى المدينة على متن الحافلة الصغيرة التي نقلتهم عبر الطرق المحفورة، فقد قرروا البدء في تنظيم لقاءات مع النشطاء بأحد المقاهي الدافئة في المدينة، وعندما التقوا بستاينسلاك ديمترفيسكي، الذي يحقق في عمليات القتل والاختفاء وباقي تجاوزات الجيش الروسي في الشيشان، قال لهم: "واصلوا لقاءاتكم معنا لأن ذلك يعطي إشارة قوية باهتمام أميركا بموضوع حقوق الإنسان في روسيا، رغم استمرارهم في الحديث عن هامشية تحركاتنا". وكان ديمترفيسكي قد حوكم في وقت سابق لنشره رسالة من أحد الانفصاليين الشيشان، لكن السبب الحقيقي -كما يقول- إن المنظمة التي يرأسها، وهي جمعية الصداقة الروسية الشيشانية، أجرت تحقيقاً حول انتهاكات قام بها الجنود الروس في الشيشان، فكانت النتيجة أن حُكم عليه بالسجن سنتين مع وقف التنفيذ. لكن رغم نجاته من السجن تعرضت منظمة "ديمترفيسكي" للحظر وأرغمت على وقف نشاطها لتنتقل إلى فلندا. وهو يسخر من ذلك قائلا: "أصبحت اليوم رئيساً لجمعية فلندية، بحيث انتقلت الجمعية فيما صاحبها ما زال في روسيا"، ويعمل حالياً على كشف سلسلة القيادة في الجيش الروسي التي كانت مسؤولة عن قتل المدنيين بإحدى القرى الشيشانية في عام 2000، موضحاً مهمته قائلا: "نريد تحديد المسؤوليات والكشف عن الأشخاص المتورطين، ولو استطعنا استصدار بضعة أوامر بالاعتقال فسنشعر بالرضا عن أنفسنا". وبدلا من إصدار بيانات عامة تدين وضعية حقوق الإنسان في روسيا، يقترح "ديمترفيسكي" استهداف أفراد في روسيا، مشيراً في هذا الصدد إلى قائمة "ماجيتسكي" التي دعمها السيناتور "بنجامين كاردين"، وفيها يحظر تأشيرات على مسؤولين روس متورطين في احتجاز وقتل المحامي "سيرجي ماجيتسكي" بسبب دوره في الكشف عن العديد من الفضائح. أما الصحفية "إيميلي نافروزجا"، رئيسة تحرير "نفويا جازيتا"، فقد اشتكت من المضايقات التي يتعرض لها الصحفيون والخوف الذي يشعر به الناس من التعبير علناً عن آرائهم، مشيرة إلى محاولتها إجراء حوار مع عمدة المدينة الجديد الذي قابل طلبها بالرفض خوفاً على منصبه. وعندما حصلت على تعليق من إحدى الموظفات في مجلس المدينة، عادت لتتصل بها في الصباح الباكر طالبة منها عدم ذكر اسمها. ولم ينسَ بوزنر الذي يعمل اليوم في وزارة الخارجية زيارته الأولى إلى روسيا في الثمانينيات عندما التقى في موسكو بصديق حمله مجموعة من الرسائل إلى أفراد من العائلة في الولايات المتحدة، لكن "كي جي بي" تعقبته لتفتش حقيبته في المطار لترمي الرسائل أرضاً، ثم تصادرها بعد ذلك. كاثي لالي - روسيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©