السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ليبيا بعد القذافي: رهان الوحدة ضد الانقسام

ليبيا بعد القذافي: رهان الوحدة ضد الانقسام
22 أكتوبر 2011 01:37
أنهى مقتل الزعيم الليبي المخلوع معمر القذافي، يوم الخميس الماضي، تكهنات كثيرة بشأن القوة المتبقية للدكتاتور السابق، ليتحوّل قرص الضوء بشكل كامل إلى القيادة الليبية الجديدة وقدرتها على حكم كامل ليبيا. ولعل السؤال المركزي الذي يطرح الآن حول ليبيا، والربيع العربي عموما، هو الآتي: هل تستطيع حكومة ديمقراطية، وممثلة لكل الأطياف، أن تحقق استقرار ووحدة مجتمع منقسم تاريخياً في غياب الحكم السلطوي من النوع الذي حافظ على وحدة ليبيا وتماسكها على مدى أربعة عقود تحت قيادة القذافي؟ السوابق التاريخية قد تشير إلى أن فرص ليبيا -وهي مجتمع قبلي منقسم تقليديا بين شرق البلاد الذي خرجت منه المعارضة الحاكمة حالياً، وغربها حيث كان القذافي يسيطر سيطرة تامة- فرص ليست بالجيدة، كما يرى بعض المتخصصين الذين درسوا عمليات الانتقال السياسي. غير أن عاملاً واحداً يخدم مصلحة ليبيا، يضيف هؤلاء الخبراء، وهو أن الليبيين قاموا إلى حد كبير برمي قيودهم بأنفسهم، رغم أن ذلك تم بمساعدة من حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ولن يسعوا إلى دعم "ديمقراطية" مفروضة من الخارج. وفي هذا السياق، يقول البروفسور مايكل جريج، الخبير في إدارة النزاعات الدولية بجامعة نورث تكساس في دنتون: "إننا نميل إلى التشاؤم بعض الشيء بشأن فرص هذه المرحلة الانتقالية في النجاح والاستقرار". ويضيف جريج، الذي يستند في خلاصاته إلى دراسته لـ 41 عملية انتقال سياسي حول العالم خلال الـ 170 سنة الماضية، أن "أحد العوامل الأساسية لبقاء واستمرار ديمقراطية جديدة هو التماسك الاجتماعي للمجتمع"، موضحا ذلك بقوله: "كلما كان المجتمع متنوعاً، مالت هذه الأنظمة الجديدة إلى أن تكون غير مستقرة"، وهنا يشير جريج إلى الثقافة القبلية والتنوع الإثني اللذين يصعبان توحيد ليبيا. غير أنه على الجانب الأكثر إشراقا، يقول جريج، يبقى أن عملية الانتقال السياسي في ليبيا تمت بالأساس على أيدي قوى محلية ولم تفرض من الخارج. ثم يضيف: "إن أحد بواعث التفاؤل هو أن ليبيا ليست العراق وأفغانستان حيث كان تغير الأنظمة مفروضاً من قبل قوة خارجية. وهذا النوع من الأنظمة يميل إلى المقاومة بشكل مهم". ليبيا ستكون مراقبة عن كثب من جانب القوى والفعاليات السياسية في المنطقة العربية، وأيضاً من قبل دول أجنبية كبرى مثل الولايات المتحدة، حيث تشعر كل هذه الأطراف ببعض القلق إزاء قدرة زعماء لا يمتلكون الخبرة والتجربة للسيطرة على مجتمع منقسم وإرساء الاستقرار فيه. والواقع أن أحد أهداف الزيارة المفاجئة التي قامت بها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إلى طرابلس يوم الثلاثاء الماضي، كان نقل هذا القلق إلى القيادة الانتقالية في ليبيا، ومن أجل إبراز الدعم الأميركي لعملية انتقال سياسي مفتوحة نحو ديمقراطية تمثيلية. ويقول بعض الخبراء الإقليميين إن السيناريو الليبي قد تكون له قواسم مشتركة أقل مقارنة مع بلد مثل مصر، والتي تتميز بتماسك مجتمعها إلى حد ما، منها مع بؤر توتر إقليمية أخرى مثل اليمن وسوريا. غير أنه يمكن القول إن الدرس الذي يرجح أن يستخلصه الرئيس السوري بشار الأسد من نهاية القذافي الدموية، ليس الدرس الذي ترغب الولايات المتحدة أن يستخلصه، كما يعتقد جريج حين يقول: "إذا كنت الأسد، فالأرجح أنك ستنظر إلى أحداث اليوم وستتبنى تدابير متشددة ومتطرفة على نحو متزايد من أجل التمسك بالسلطة". غير أن زعماء المنطقة العربية ليسوا الوحيدين الذين سيراقبون ليبيا، حيث ستقوم قوى عالمية، مثل الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا والصين أيضاً، بمراقبة التطورات هـناك عن كثـب قصـد معرفـة مـا إن كان زعمـاء ليبيا الجدد قادرين على إطفاء نيران خلاف أهلـي بالتزامـن مـع عملية الانتقال السياسي والاقتصادي في البلاد. إن أحد الأسباب التي جعلت الزعماء الروس يصوتـون ضـد قرار بمجلـس الأمـن الدولي في وقت سابق من هذا الشهر كان سيفتح الباب أمام عقوبات دولية على سوريا، هو أن مثل هذه التدابير لن تؤدي إلا إلى زيادة احتمال تدهور سوريا إلى حرب أهلية شاملة. وفي هذه الأثناء، سيراقب الروس ليبيا بحثاً عن أي مؤشر على ازدياد الفوضى -تطور قد يميل إلى تبرير رفضهم السابق لعمل دولي حذروا من أنه قد يُضعف أنظمة مثل نظام الأسد وقد يوفر زخماً لحروب أهلية. ومن جهة أخرى، ستعمل الولايات المتحدة وأوروبا وآخرون على دعم الرأي القائل بأن تمرداً محلي النشأة يمكن أن يتحول إلى ديمقراطية منظمة ومستقرة. وبالنسبة لجريج الذي يوضح أن الدافع الحقيقي لاستعمال روسيا للفيتو في مجلس الأمن الدولي قد يكون شيئاً مختلفاً تماماً، فإن "المخاوف التي عبر عنها الروس بشأن حرب أهلية شاملة في سوريا ربما لا تكون بعيدة جداً عن الحقيقة"، مضيفاً أن ليبيا ستشكل خلال الأسابيع والأشهر القادمة اختباراً لقدرة ديمقراطية ناشئة على تجاوز تداعيات الحرب الأهلية، وتفادي حرب أهلية أخرى جديدة وأعمق. هاورد لافرانتشي - واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©