الخميس 9 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«النووي» الإيراني... حسابات القوة والضعف

«النووي» الإيراني... حسابات القوة والضعف
19 أكتوبر 2013 00:27
سكوت بيترسون محلل سياسي أميركي نادراً ما كانت هناك توقعات كبيرة بحدوث تغيير أو تقدم في المحادثات النووية المتوقفة منذ فترة طويلة بين إيران والقوى الست في العالم، والتي بدأت الأسبوع الماضي في جنيف. إيران جاءت إلى طاولة المفاوضات بإحساس جديد من القوة، وتعد بـ«الشفافية» والاستعداد للانخراط، مدعومة بانتخاب حسن روحاني في شهر يونيو الماضي، واعتقادها بأنها الرابحة في النزاع الإقليمي في سوريا، حيث تمكنت من ضمان بقاء حليفها المحاصر الرئيس بشار الأسد. كما أن الولايات المتحدة أيضاً توجهت إلى الطاولة مع إحساس جريء بالقوة، وقناعة أن المجموعة الواسعة من العقوبات العالمية التي دبرتها لشل اقتصاد إيران قد أجبرتها على الجلوس إلى مائدة المفاوضات، واستعدادها للتوصل إلى تسوية. يقول المحللون إن مثل هذه التقييمات الذاتية ستكون بحاجة إلى أن تدار بعناية إذا تم تحييد المتشددين من كل جانب والعازمين على إضعاف أي اتفاق. «إن أكبر تهديد لهذه النافذة الوحيدة للحوار يكمن في التصورات الخاطئة لنقاط الضعف والقوة في كل جانب»، كما يقول محمد علي شعباني، محلل سياسي بكلية لندن للدراسات الشرقية والأفريقية، والذي يزور طهران حالياً. وأضاف «عندما يدخل خصمان إلى غرفة، يعتقد كل منهما أن لديه اليد العليا، وقد ينتهي الأمر إلى كارثة. «روحاني» عالق في موقف خطير حيث أنه يتعين عليه أن يرسل بحرص رسائل متوازية حول نقاط الضعف والقوة. فهو في حاجة إلى إظهار الإحساس بالقوة للاحتفاظ بالناس، لكنه أيضاً في حاجة إلى إظهار الإحساس بالضعف لمنع هذا النوع من الثقة المفرطة والتي قد تعيق قدرته لبيع امتيازات كبيرة في بلاده». وفي حين أن روحاني أبرز ما يتلقاه من تأييد عبر مساحات واسعة من الطيف السياسي الإيراني، بما في ذلك الدعم الأهم من قبل خامنئي، فإنه أيضاً يرسم صورة قاتمة للاقتصاد، ويوضح أن هدفه هو رفع العقوبات. اتضحت الخطوط العريضة لاتفاق متوقع منذ بدء المفاوضات النووية الجارية بين إيران ومجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا) والتي بدأت في مطلع 2012. والهدف هو جعل برنامج إيران النووي غير قادر على إنتاج قنبلة ذرية. وتصر إيران على أنها تسعى فقط إلى امتلاك قوة نووية سلمية، وترفض امتلاك أسلحة نووية تتعارض مع التعاليم الدينية والأسس الاستراتيجية، كما تريد رفع العقوبات مقابل قبول حدود والمزيد من عمليات التفتيش النافذة. ومن ناحيتها، فإن مجموعة 5+1 تريد من إيران أن تفرض حدوداً يمكن التحقق منها حول أكثر أعمالها حساسية- وقف تخصيب اليورانيوم الحالي بدرجة نقاء 20 في المئة، على سبيل المثال، والذي هو على بضع خطوات فنية من الدرجة اللازمة لصنع قنبلة ذرية- وإلى «تفعيل» فتوى دينية لخامنئي والتي ترفض الأسلحة النووية. لقد تغير المناخ السياسي والإقليمي لإيران بشكل كبير منذ فشل الجولات السابقة من المحادثات في أسطنبول وبغداد وموسكو والمآتا بكازاخستان. فقد تم استبدال أحمدي نجاد برجل دين معتدل باسم تمكن من التغلب على مجموعة من منافسيه المحافظين في استطلاعات الرأي، وقال خامنئي منذ أسابيع إن «المرونة البطولية» ستكون لها الغلبة في الجانب الإيراني لكسر الجمود النووي والعقوبات. ورغم ذلك فقد ذكر خامنئي لطلاب الجامعة في طهران الأسبوع الماضي: «بعد مضي ثلاثة عقود، تحول كابوس الغرب والأميركيين إلى حقيقة وظهرت قوة إقليمية ووطنية عظيمة...الضغوط لا يمكنها أن تسقط حكومة». وسيتم اختبار تعهد روحاني بأن إيران «تسعى إلى حل المشاكل، وليس خلقها» في جنيف، حيث يقول مسؤولون إيرانيون إنهم سيضعون مقترحات جديدة والتي، إذا تم التصرف بمقتضاها، سيتم الرد عليها بتخفيف العقوبات. لكن روحاني قال في أول خطاب له أمام الأمم المتحدة في 25 سبتمبر إن «فترة انتقال حرجة» تجري حالياً لإنهاء «الاقتسام القطبي الثنائي للعالم إلى نحو الأعلى وهم الأدنى». «إن مرونة إيران الدبلوماسية خطيرة، ولكن يجب ألا تفهم بصورة خاطئة على أنها استعداد للاستسلام»، وفقاً لما قال فالي نصر في صحيفة «نيويورك تايمز». وقد دعمت إيران الرئيس الأسد بالأموال والقوات وانضم وكيلها، «حزب الله»، إلى نظام الأسد في ساحة المعركة ضد قوات المعارضة. وعند هذه النقطة، يبدو أنه من الممكن بشكل متزايد أن يصمد حكم الأسد أكثر من الحرب التي خلفت أكثر من 100 ألف قتيل. والمعركة «أظهرت أن إيران قد تكون الفاعل الإقليمي الوحيد القادر على إدارة حرب في دولة أخرى بنجاح»، كما كتب نصر. وأضاف «ستذهب أميركا إلى طاولة المفاوضات دون تهديد معقول بالحرب، لتواجه إيران المتنعمة بالاستقلال الداخلي المكتشف حديثاً والمستفيدة من دورها المحوري في سوريا». «إن المفاوضات بين الطرفين، لأول مرة، لا يمكن أن تستند على تهديد إيران لحملها على الخضوع، ولكن على إقناعها بالتوصل إلى تسوية». يقدم ذلك نقلة عملية للبعض في واشنطن، حيث يدفع المشرعون الأميركيون، واللوبي الموالي لإسرائيل خاصة، لفرض المزيد من العقوبات. وفي شهادتها أمام مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي، طالبت «ويندي شيرمان»، وكيلة وزارة الخارجية الأميركية وكبير المفاوضين مع إيران في محادثات 5+1، الكونجرس بالامتناع عن فرض عقوبات جديدة في انتظار نتائج محادثات جنيف. وقالت «شيرمان» إن الافتقار إلى «خطة موضوعية واقعية وقابلة للتحقق» من إيران ستعني «أن الكونجرس سيتخذ إجراءات لزيادة الضغط باستخدام العقوبات وسندعمه للقيام بذلك». ولم يكن هناك أي تقصير في الدعم لفرض مزيد من العقوبات. «طالما أن إيران تسعى بنشاط نحو تنفيذ برنامجها النووي ، فيجب أن نعمل بنشاط لزيادة الضغط»، حسبما ذكر السيناتور «روبرت منينديز»، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ. هل الولايات المتحدة في وضع غير مناسب؟ والنتيجة أنه يجب على أوباما، تماماً مثل روحاني، أن يرسل رسائل متوازية بنقاط القوة ونقاط الضعف، حسبما يقول «شعباني». وأضاف على أوباما القول إن الإيرانيين جاءوا إلى طاولة المفاوضات لأننا دفعناهم إلى اليأس. لكنه إذا ضغط أكثر من ذلك، فسيقول الكونجرس «إذا دفعتهم العقوبات إلى هنا، فلماذا نوقف العقوبات الآن؟ ومن ثم لن يستطيع أوباما المتاجرة بأي مفاوضات في بلده». بموازنة هذه التحديات لكلا الجانبين، فإن «إيران لديها بالطبع المميزات الطبيعية، التي تفتقر إليها الولايات المتحدة»، كما كتب كل من آرون ديفيد ميلر، مفاوض أميركي سابق في محادثات السلام في الشرق الأوسط، وميتشل هوتشبيرج، وكلاهما يعمل الآن في مركز ويلسون في واشنطن، في مجلة «فورين بوليسي» الأسبوع الماضي. وثمة متاعب تواجه الولايات المتحدة قد تكون بمثابة أخبار سارة لروحاني، فإن لديه دوائر صعبة خاصة به في إيران لا يمكنه الفوز بها إلا إذا أحرز تقدماً. وقد قال خامنئي الأسبوع الماضي إن بعض جوانب امتداد روحاني في نيويورك كانت «غير لائقة» - وهو الانتقاد الذي استهدف المكالمة التاريخية بين أوباما وروحاني واستمرت 15 دقيقة، حيث كان الاتصال الأميركي-الإيراني الأول من نوعه على مستوى عال منذ ما قبل ثورة إيران عام 1979. ولكن ليس من المرجح أن يؤثر ذلك على حساب القوة لإيران في جنيف. فالجانب السلبي يتمثل في الاقتصاد السيئ، أما الجانب الإيجابي فيتمثل في أن إيران ربما تكون أكثر الدول التي تمر بعملية تغيير استقرار وهدوء. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©