تعترض الحواجز البلاستيكية المتصلة بأشرطة حمراء الطريق الضيق المؤدي إلى بلدية دبي، فتبدو الصورة خارجة عن المألوف والروتين اليومي المتمثل بازدحام السيارات على مدخل الموقف المقابل لمبنى الدائرة، وأبواقها التي غالباً ما تعكر صفو حارس الموقف داخل كابينته الخشبية.
فقد خلت أمس مواقف بلدية دبي تماماً للمرة الأولى منذ حوالي 30 عاماً من سيارات موظفيها والمراجعين تطبيقاً للمبادرة البيئية التي أطلقها مدير عام بلدية دبي الأسبوع الماضي بعنوان "دوام بلا مركبات لموظفي البلدية". فاستبدل السياج الأبيض المحيط بالموقف بلوحات تحمل عنوان المبادرة وذيل طويل من بصمات أرجل خضراء، ومتبوعة بعبارة "خفّض من بصمتك الكربونية. ساهم في تقليل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون".
ففي الساعة السابعة من صباح أمس تجمّع حسين لوتاه مدير عام بلدية دبي وعدد من مساعدي المدير في محطة الراشدية وانطلقوا عبر مترو دبي إلى مركز عملهم في الدائرة بعد أن تركوا مركباتهم في موقف المحطة، فيما استقل آخرون المترو من المحطة الأقرب إلى مكان سكنهم معلنين عن التزامهم بتطبيق المبادرة البيئية.
وأعلن لوتاه بمناسبة انطلاق مبادرة "دوام بلا مركبات" أنه سيتم دراسة إلزام موظفي البلدية ممن لا يتطلب عملهم استخدام السيارة الخاصة، على استخدام وسائل النقل العام بدعم مادي من البلدية. ووصف تجربة التنقل بالمترو بالـ"سلسة"، معتبراً أن التزام أعداد القيادات والمديرين والموظفين البالغ عددهم 1500 فرد بالمبادرة لا يدلّ إلا على نجاحها التي يأمل أن تنتقل إلى الدوائر الأخرى الحكومية والخاصة. أما في مبنى البلدية، فقد عبّر بعض الموظفين في قاعة المراجعين عن حالة الملل القائمة نظراً إلى تدني نسبة الحضور بشكل لافت للنظر. واعتبر آخرون أن تطبيق المبادرة غير ممكن بالنسبة لهم، إذ يرى المهندس سمير غريب في قسم إدارة الشواطئ أن اضطراره إلى إيصال أبنائه إلى المدرسة في منطقة ابو هيل آتين من منطقة مردف مكان السكن ومن ثم إلى ديرة حيث يقع مركز عمله، لا يسمح له باستخدام المترو، مؤكداً أن وجود محطة مترو في المنطقة التي تقع فيها مدرسة أولاده سيجعله بالتأكيد واحداً من الرواد الملتزمين بالمبادرة. وقال إنه عمد وعدد من زملائه أمس إلى دفع 10 دراهم عن نهار كامل في مواقف الخور. أما هادية عباس سكرتيرة مدير إدارة البيئة فعبرت عن سرورها في إعادة الكرة نظراً للهدوء الذي تتسم به رحلة المترو الصباحية إلى مقر العمل.
بدوره، أوضح حمدان الشاعر مدير إدارة البيئة في البلدية أن ردود فعل الموظفين حول تطبيق هذه المبادرة كانت إيجابية، إذ تمكّن البعض من التعرّف على زملاء لهم في الدائرة لم يسبق أن التقوا بهم سابقاً، فيما رأى آخرون أنهم للمرة الأولى لا يعيشون الضغط العصبي اليومي خلال وجودهم خلف مقود السيارة.
وأشار الشاعر إلى أن الإدارة ستعمل كخطوة مقبلة في رفع تقرير مفصل عن نتائج التجربة من الناحية البيئية والاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى توزيع استبيانات على الموظفين لاستطلاع آرائهم والبناء عليها في وضع المقترحات. وأوضح أن الدائرة ستقوم بقياس نتائج تطبيق هذه المبادرة من خلال احتساب كمية انخفاض انبعاث ثاني أكسيد الكربون وفقاً لعدد الكيلومترات التي يقطعها كل موظف يومياً، وذلك بعد حصر المشاركين وتحديد نوعية مركباتهم، حيث تتراوح كمية انبعاثات السيارة الواحدة من ثاني أكسيد الكربون بين 110 و250 جراما/ كلم بحسب نوعية كل سيارة، في حين يساهم قطاع النقل بشكل عام بحوالي 42 في المئة من حجم الملوثات الغازية في الإمارة.
عدد اليوم
