الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

«التربية»: التعلم باللعب وسيلة المعلم المبتكر

«التربية»: التعلم باللعب وسيلة المعلم المبتكر
15 فبراير 2017 10:49
دينا جوني (دبي) بدأ اللعب منذ سنوات يكتسب مفهوماً مختلفاً أخرجه عن سياقه التلقائي والفطري، ليتم توظيفه إما كمنهجية دراسية أو كممارسة مساعدة في أساليب التعليم الحديثة والمبتكرة، والتي تطرقت لها جلسات عدة من القمة العالمية للحكومات 2017. ويرى الخبراء أن مستقبل التعليم لم يعد مرهوناً بقياس مستويات ذكاء الطلبة التقليدية التي لا تأخذ بعين الاعتبار الاختلاف بينهم، وإنما بقدرتهم على التخيل التي تشحذ إمكانياتهم الإبداعية وتجعلهم جاهزين للمستقبل المفتوح على مختلف الاحتمالات. وفي حين يعتبر عدد من التربويين، أن التعلّم باللعب مرهون بالمعلم وقدراته على استنباط الأساليب المبتكرة في التدريس، يعتبر آخرون أن التوقف عن إنتاج المواد الدراسية والمناهج والاستعاضة عنها بالألعاب التعليمية التي يتم إعدادها لتمكين الطالب من المهارات نفسها المطلوبة من المنهج، هي السبيل لربط الطالب بمتطلبات المستقبل. وقد حدد تقرير أعدّته أوكسفورد أناليتيكا بعنوان «تطبيقات الألعاب ومستقبل التعليم»، ونشرته القمة العالمية للحكومات، أن جميع الألعاب تشترك بثلاث خصائص أساسية، هي توفر مجموعة من القواعد الواضحة، ونظام للتغذية الراجعة السريعة، ووجود هدف محدد وثابت. ويؤكد التقرير الذي حصلت «الاتحاد» على نسخة منه، أن هناك مجموعة صغيرة من المعلمين الرواد الذين يتبنون مبدأ تطبيقات الألعاب في المدارس ويطبقونه على الأنشطة أو الحصص، وذلك ضمن سعيهم لإيجاد طرق جديدة في إيصال المعلومات الدراسية القديمة. وتتبوأ الولايات المتحدة الأميركية صدارة الدراسات الأميركية والتطبيق العملي للتلعيب. وأيد الدكتور حمد اليحيائي وكيل وزارة التربية والتعليم المساعد لقطاع المناهج، ما ذكره التقرير بأن تطبيق الألعاب التعليمية أمر مرهون بالمعلم، ولا يتعلق بالمنهج أو بالمحتوى على الإطلاق. وقال إنه لا يوجد ما يحدّ المعلم من الإبداع في تطبيق الممارسات الحديثة في التعليم، فأي أسلوب أو طريقة تجعل الطالب أكثر ارتباطاً بالمادة التدريسية مرحّب بها في الميدان التعليمي وإدارات الوزارة. واعتبر أن الألعاب التعليمية ممارسات تربوية تحث المعلم لكي يكون مبتكراً في التصرّف بالمادة الدراسية التي يقدمها، وهي تستهدف تمكين الطالب من مهارات ومخرجات المادة، وإيجاد أبعاد مختلفة للمعلومات تدفع الطالب للبحث عن المعلومة أو السؤال خارج إطار الكتاب المدرسي. وأكد أن الألعاب التعليمية حالياً هي جزء من العملية التعليمية والمنهج المطوّر الذي أنجزته وزارة التربية في وقت قياسي، لافتاً إلى أن نظام المكافآت والمردود الناتج عن استخدام الألعاب في التعليم، أمر مباح في المدارس الحكومية، وهو بيد المعلم، من خلال أدوات التقويم المستمر. وأوضح أن مهمة الوزارة تحديد سمات الخريج الإماراتي، وسمات النواتج من المناهج الدراسية والمهارات المتأتية منها، بالإضافة إلى وضع الدعائم اللازمة والبنية التحتية للعملية التعليمية، وبالتالي فإن الوزارة لا تضع سقفاً لإبداعات المعلمين في تقديم موادهم الدراسية للطلبة. وأكد أن الوزارة تدعو دائماً جميع المعلمين إلى جعل تلك الأساليب جزءاً من عملهم، والسعي دائماً إلى التميز والتخصص في المواد الدراسية، الأمر الذي يفتح الآفاق أمامهم للإبداع في أساليب التعليم. واعتبر أن التدريب الذي يخضع له المعلمون سنوياً، سواء التدريب العام أو التخصصي، هدفه بشكل أساسي تمكين المعلم من امتلاك أدواته التعليمية، لكي يطورها ذاتياً بما ينعكس على مجمل العلمية التعليمية. الحرية والعقبات ذكر التقرير أن الجاذبية الأساسية للتلعيب تكمن في الحرية التي يقدمها للطلبة والمعلمين، والتي تتجسد في الحريات الأربع، وهي حرية الفشل، وحرية التجربة، وحرية بذل الجهد، وحرية التعبير عن الذات، وتمثل معاً تحولاً جذرياً واعداً للطلبة من ذوي الطموحات التعليمية التي تحطمها أساليب التعليم التقليدية، ولكن هذه الحريات لا تضمن النجاح الدراسي، ولا تقلل من السلبيات المحتملة للتلعيب. ويمكن أن يواجه تحقيق هذه الحريات الكثير من العقبات التي تقف في وجه تطبيقات الألعاب. ففي الأنظمة التعليمية التي يمكن فيها اعتماد تطبيقات الألعاب، قد تؤدي بعض العوامل إلى فشلها بسبب مقاومة أولياء الأمور، أو عدم اهتمام الطلاب أو التطبيق غير السليم بسبب قلة الخبرة أو الدراية. في هذه الحالة قد يكون الانتقال إلى تطبيقات الألعاب مدمراً للقدرات، أو مدمراً في حال تطبيقه في مدارس لا تتوافر فيها وسائل التكنولوجيا، أو الطلبة المتفوقين في برامج التعليم التقليدي. تجربة أفضل معلمة في العالم تلك العقبات التي ذكرها التقرير، غير موجودة على الإطلاق في حالة المعلمة حنان الحروب، الحائزة جائزة أفضل معلم في العالم 2016. فقد أكدت في تصريحات لـ «الاتحاد» على هامش القمة، أن المنهجية التي تتبعها قابلة للتطبيق ليس فقط في المدارس الفلسطينية، وإنما في مختلف المناهج التعليمية في العالم، لافتة إلى أن أي منهجية قادرة على تحسين حياة الطلبة سيكون مرحباً بها من أولياء الأمور. وشددت أن إيمان المعلم بأهمية اللعب في التعلم أمر أساسي في إنجاحها، وفي دفع الطلبة إلى تقبلها، الأمر الذي يعزز قدرتهم في تغيير السلوكيات وزرع القيم والأخلاقيات. وحددت الحروب أن منهجية لنلعب ونتعلم التي تعتمدها في عملها، تقوم على ستة مبادئ أساسية هي الاحترام، والتعاون، والتسامح، والأمل، والحب، والثقة. أما العناصر التي يتطلبها تطبيق منهجية نلعب ونتعلم التي تتبعها، فخمسة، هي الإرادة السياسية، والرؤية المجتمعية، وأساليب ووسائل مفهومة وواضحة الأهداف، وبيئة مدرسية جاهزة، ومناهج مرنة تتحمل تطبيق المنهجية الجديدة. وأشارت إلى أن الأدوات التي تستخدمها بسيطة وغير مكلفة وسهلة التطويع، وهي تكرسها لتلبية احتياجات الصف ضمن الظروف المحيطة. كما أن جزءاً من تلك الأدوات تتم إعادة تدويرها من النفايات مثل الكراسي القديمة والعجلات والعلب الكرتونية والمعدنية، وغيرها. تحفيز الخيال وأكد الدكتور سكوت باري كوفمان المدير العلمي لمعهد الخيال من جامعة بنسيلفانيا، على هامش القمة، أن الأساليب التقليدية في التقييم وتحديد مستويات الذكاء لم تعد فاعلة في العصر الحالي، ولا تؤشر إلى قدرات الفرد على التأقلم مع التطورات السريعة التي تشهدها مختلف القطاعات ونواحي الحياة. وأشار إلى أن تحفيز الخيال لدى الطالب أهم من محتوى المناهج الدراسية والالتزام بها، مؤكداً أن منهجية التعلم باللعب تعدّ واحدة من أهم الوسائل التي يمكن الاعتماد عليها في تخريج طلبة قادرين على مواكبة مختلف التطورات المستقبلية التي من الصعب الإلمام بها جميعاً اليوم. ودعا كوفمان مختلف الأنظمة التعليمية إلى أن تكون أكثر انفتاحاً على تبني الأساليب التعليمية الجديدة، لافتاً إلى ضرورة إعادة النظر في النظام الحالي. وأكد أن على السياسات التعليمية الأخذ بعين الاعتبار التخفيف من طرح المواد الدراسية الجديدة، والتفكير في كيفية توصيل تلك المهارات المطلوبة من خلال ابتكار وإعداد محتوى تعليمي يتخذ من منصات اللعب وتطبيقاته أساساً له. تمييز المفاهيم ودعا محمد غياث مدير برنامج محمد بن راشد للتعلّم الذكي، إلى ضرورة التمييز بين مفهومين، الأول هو التعلم باللعب، والثاني هو الألعاب المبنية على أسس التعلّم. وقال إن تطبيق المفهوم الأول يتطلب تغييراً كاملاً في المنظومة التعليمية، وجعل اللعب والمكافآت جزءاً من منهجية التعليم ومن سبل إدارة المنهج والمادة الدراسية. أما المفهوم الثاني، فهو المتعارف عليه من خلال تطبيقات الألعاب التعليمية الموجودة في المتاجر الإلكترونية، والتي يتم تنزيلها عبر مختلف الأجهزة الذكية. وبالنسبة للمفهوم الثاني، أكد أنها مستخدمة في العديد من المدارس، سواء التي تطبق برنامج محمد بن راشد للتعلم الذكي، أو المدارس الأخرى. وهي تقوم على إنشاء الفرق، والتحدي، وخلق أجواء تنافسية بين الطلبة. واعتبر أن الألعاب التعليمية تأتي في إطار المحتوى الذي يجب أن يكون معتمداً من قبل وزارة التربية والتعليم لتطبيقه بشكل رسمي ضمن برنامج محمد بن راشد للتعلم الذكي، مشيراً إلى أن هذا المحتوى غير متوافر حالياً، إلا أن هناك توجّهاً لبدء إعداد وطرح الألعاب التعليمية. منهجية جديدة وأيدت فاطمة الخاجة المديرة التنفيذية للسعادة في وزارة التربية والتعليم، استخدام تطبيقات الألعاب ضمن النظام التعليمي، أو كجزء بديل عن المنهجية القديمة. وأكدت أن الدراسات الحديثة ترى أن تأمين سعادة الطالب في المدارس المفتاح الأساسي لتحقيق الأهداف التعليمية، وتحفيز خياله، وإثارة فضوله لاكتشاف العالم من حوله، لافتة إلى أن الأساليب التعليمية القديمة لم تعد تلبي احتياجات الطالب الذي أصبح يتفاعل مع محيطه بطريقة أكثر ديناميكية وتفاعلية من العقود السابقة، الأمر الذي يدفع القيمين على التعليم إلى ابتكار الوسائل المناسبة للتمكن من مخاطبة الطلبة. ولفتت إلى أنه تبرز الحاجة إلى تحفيز اهتمام الطلبة ومشاركتهم، وهذا يعني أن آليات اللعب كالجوائز والعمل الجماعي، أصبحت أدوات تعليمية أساسية. ريادة وقال الدكتور عبد اللطيف الشامسي مدير كليات التقنية العليا، إن مختلف المفاهيم الحديثة في التعليم بدأت الكليات بتطبيقها قبل سنوات، وهو ما يجعلها رائدة في هذا المجال. ولفت إلى أن الحديث عن استخدام تطبيقات الألعاب في التعليم وأهميته ليس جديداً على الكليات، مؤكداً أنه أمر مطبق في المناهج، وجزء من المنظومة التعليمية المقترنة بالتكنولوجيا. وأكد دينو فاركي الرئيس التنفيذي لمجموعة جيمس للتعليم، أن المدارس التابعة للمجموعة رائدة في اعتماد أحدث الأساليب التعليمية المطبقة في العالم، من خلال المعلمين الموجودين في المدارس أو من خلال الصفوف التي تبث عبر الإنترنت. وشرح أن المدارس تخطت مفهوم اللعب في التعليم لتصل إلى توظيف الروبوت والذكاء الاصطناعي، وأحدث وسائل التكنولوجيا في المنهجية التعليمية، بما يسهم في إعداد أجيال اليوم للمستقبل. وأكد أن هذا ما يتوقعه أولياء الأمور والطلبة من مدارس المجموعة، وهو في الوقت نفسه أمر واجب على إدارة المجموعة لرفد الساحة التعليمية العالمية بخريجين هم بمثابة رواد المستقبل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©