السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«المركزي المصري» يقر خطة جديدة لوقف نزيف الاحتياطي الأجنبي

«المركزي المصري» يقر خطة جديدة لوقف نزيف الاحتياطي الأجنبي
26 يناير 2013 22:41
محمود عبدالعظيم (القاهرة) ـ يبدأ البنك المركزي المصري مطلع الشهر المقبل تنفيذ استراتيجية جديدة تستهدف إعادة بناء الاحتياطي من النقد الأجنبي لمواجهة المخاطر المترتبة على استمرار تآكل هذا الاحتياطي والذي انخفض مؤخرا إلى نحو 15 مليار دولار مقابل 36 مليار مطلع العام 2011. وترتكز الاستراتيجية الجديدة على سلسلة من الإجراءات المالية والنقدية التي تحاصر عمليات المضاربة الراهنة على الدولار والتي قفزت بأسعاره إلى نحو 665 قرشا مقابل 615 قرشا قبل إطلاق الآلية الجديدة. وحسب معلومات حصلت عليها «الاتحاد» فإن هذه الإجراءات تشمل تحفيز العاملين بالخارج على تحويل مدخراتهم عبر الجهاز المصرفي والتحول نحو الادخار بالجنيه بدلا من الاحتفاظ بهذه المدخرات بالدولار حيث يسعى البنك المركزي إلى زيادة عمليات التحول نحو العملة المحلية بنسبة 25? سنويا على مدار السنوات الثلاث القادمة. يأتي ذلك في ظل توقعات بارتفاع أعداد المصريين العاملين بالخارج في الفترة المقبلة وزيادة دخولهم نتيجة الارتفاعات المتتالية في أسعار النفط وزيادة عدد الحاصلين على مؤهلات عليا مقارنة بإجمالي عدد العاملين بالخارج بما يعني زيادة أعداد من يحصلون على رواتب كبيرة في البلدان التي يعملون بها علما بأن تحويلات العاملين بالخارج سجلت خلال العام الماضي 2012 نحو 18 مليار دولار ومرشحة للوصول إلى حاجز العشرين مليار دولار خلال العام الحالي. كما تشمل هذه الإجراءات تشديد قيود الاستيراد ومنع استيراد نحو مئة سلعة ترفيهية وكمالية منعا باتا وإجبار المستوردين على تدبير قيمة وارداتهم بالدولار بالجهود الذاتية وذلك في إطار خطة تستهدف إحداث التوازن بين الواردات والصادرات والتصدي لاتساع الفجوة بين الجانبين بما يخفف من ضغوط الطلب على العملة الصعبة على المدى البعيد. أوعية ادخارية أما الإجراء الثالث فيتمثل في دفع البنوك إلى طرح أوعية ادخارية جديدة بالدولار بهدف جذب ودائع دولارية طويلة الأجل تسهم في توافر سيولة دولارية اكبر داخل الجهاز المصرفي في الفترة القادمة وتلبي احتياجات الاستيراد، وذلك من خلال تمييز هذه الأوعية بأسعار عائد مرتفعة ومنح تيسيرات بضمانها لهؤلاء المودعين الامر الذي يعزز من الوزن النسبي للودائع الدولارية مقارنة بالودائع بالعملة المحلية على المدى البعيد داخل البنوك المصرية حيث لا تزيد هذه النسبة حاليا على 12? من قاعدة الإيداعات بالبنوك البالغة نحو تريليون و55 مليار جنيه حسب احدث الأرقام المعلنة من البنك المركزي المصري. أما الإجراء الأخير من الاستراتيجية الجديدة للبنك المركزي فيتمثل في طرح سندات دولارية في الأسواق الدولية بسعر فائدة مميز والحصول على ودائع طويلة الأجل من بعض المؤسسات المالية الإقليمية خاصة البنوك الخليجية التي تمتلك اذرعا استثمارية لها في السوق المصرية إلا أن هذا الإجراء يتوقف على انجاز الاتفاق المرتقب مع صندوق النقد الدولي. ويعتقد كثيرون صعوبة التوجه إلى السوق الدولية لطرح السندات الدولارية من دون الحصول على شهادة الجدارة والثقة من صندوق النقد الدولي، ودون إعادة نظر مؤسسات التصنيف الدولية في درجة التصنيف الخاصة بالاقتصاد المصري وإمكانية تحولها من الوضع السالب حاليا الى وضع إيجابي مستقبلا الأمر الذي يحفز السوق الدولية على شراء السندات الدولارية المصرية لثقتها بقدرة الحكومة المصرية على السداد مستقبلا. وحسب هذه المعلومات أيضا فإن الاستراتيجية الجديدة التي يستعد المحافظ الجديد للبنك المركزي المصري هشام رامز لإطلاقها مع بدء توليه المسؤولية يوم 3 فبراير تعتمد في تنفيذها على جدول زمني محدد يسعى إلى إعادة بناء الاحتياطي في غضون ثلاث سنوات بحيث يغطي هذا الاحتياطي احتياجات البلاد من الواردات لمدة تسعة شهور حسب حد الامان المتعارف عليه دوليا اخذا في الاعتبار تزايد الاحتياجات الاستيرادية من الخارج بفعل تزايد عدد السكان. وهو ما يعني أن الاحتياطي الآمن لمصر يجب أن يكون في حدود 50 مليار دولار على الأقل خاصة في ظل تزايد أعباء خدمة الديون الخارجية بعد عمليات الاقتراض المتوالية التي تقوم بها الحكومة حاليا وسوف يتم تتويجها بقرض من صندوق النقد في حدود 4,8 مليار دولار مما قد يرفع حجم المديونية الخارجية للبلاد إلى نحو 40 مليار دولار مقابل 34 مليارا حاليا. ويعني هذا الجدول الزمني ضرورة توفير نحو عشرة مليارات دولار تضاف إلى الاحتياطي النقدي كل عام بمتوسط 800 مليون دولار شهريا سوف تكون البنوك مسؤولة عن توفير 400 مليون دولار منها شهريا عبر خفض الاعتمادات الاستيرادية وزيادة ودائع العملاء بالدولار. بناء الاحتياطي ويرى خبراء اقتصاديون ورؤساء بنوك أن خطة إعادة بناء الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي متفائلة الى حد كبير وإن كان من الممكن تطبيقها بشرط توافر مجموعة من العوامل الموضوعية المتعلقة ببنية الاقتصاد المصري واتباع سياسات عامة اكثر رشدا وكفاءة من السياسات المطبقة حاليا والتي تصب جميعها في خانة استمرار تدهور قيمة الاحتياطي النقدي حيث لم نجد حتى الآن أي تراجع لعمليات المضاربة على الدولار بل يحدث العكس حيث زادت هذه العمليات بعد إطلاق الآلية الجديدة الخاصة بعروض شراء وبيع الدولار بين البنوك. وقال الخبراء إن استراتيجية إعادة بناء الاحتياطي النقدي أمر مطلوب ويستلزم الحزم السياسي لان الوضع دخل مرحلة الخطر وعلى سبيل المثال فإن البنك المركزي مطالب خلال شهر يناير الجاري بسداد 800 مليون دولار قسطا للمديونية الخارجية وهو مبلغ سوف يجري استقطاعه بالفعل من رصيد الاحتياطي لينخفض من 15 إلى 14,2 مليار دولار وبالتالي سوف يمثل الاعلان عن انخفاض رقم الاحتياطي دافعا لمزيد من المضاربة في السوق وبالتالي حدوث مزيد من الانفلات السعري للدولار في مواجهة الجنيه. ويؤكد الخبير المصرفي محمود عبداللطيف رئيس بنك الإسكندرية السابق أنه لابد من إعادة النظر في مجمل السياسات المالية والنقدية المطبقة في البلاد حيث ثبت عدم جدوى هذه السياسات في الفترة الماضية وكانت النتيجة سلبية وعلى سبيل المثال سياسة الدفاع المستمر عن الجنيه والتي اتبعها البنك المركزي منذ اندلاع ثورة 25 يناير وحتى الآن لم تسفر عن نجاح ملموس ووصلنا في نهاية المطاف الى فقدان 20 مليار دولار من الاحتياطي والسماح بخفض الجنيه في عملية تعويم سوف يحتاج الى كثير من الوقت والجهد. وأضاف «لنجاح هذه الاستراتيجية لابد من اتباع سياسات قصيرة الأجل وأخرى طويلة الأجل بمعنى انه لابد أن نبدأ الآن في مواجهة عمليات المضاربة الواسعة على الدولار في السوق الموازية واتباع إجراءات لجذب هذه السيولة الدولارية من خارج الجهاز المصرفي الى داخل وحدات الجهاز المصرفي حتى يمكن الاستفادة بجزء منها في إعادة بناء الاحتياطي وجزء آخر في سداد قيمة الواردات الضرورية وفي مقدمتها منتجات البترول وغيرها». وأوضح عبداللطيف انه لابد ان يتواكب مع كل ذلك ضرورة تحفيز المصادر المتدفقة والناتجة عن عمل اقتصادي حقيقي من موارد النقد الأجنبي أي يجب أن نعمل على استعادة نقاط القوة في الاقتصاد المصري ومنها السياحة والصادرات وغيرها حتى نضمن عودة هذا التدفق الدولاري الذي كان متاحا من قبل حتى يمكن إعادة بناء الاحتياطي على موارد حقيقية وذاتية بدلا من اللجوء إلى سياسات الاقتراض المستمرة التي قد تزيد المشكلة تعقيدا مع الوقت الحالي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©