السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خيمة الإبداع العُماني

خيمة الإبداع العُماني
26 يناير 2011 19:49
تنتظم للحوار أصول متبعة، وللحديث قواعد معينة، ينبغي مراعاتها لبدء الحوار، وكما يقال لكل مقام مقال، فعلى المُحاوِر أن يكون على إطلاع بيِّن ومعرفة بالمُحَاوَر ـ الضيف ـ من نفسيّة، أو حُسن الخطاب، أو حُسن الاستماع لأقوال الطرف الآخر، والتراجع عن الخطأ، والابتعاد عن اللجج أو الجدل العقيم، والبعد عن التنطع في الكلام، والإعجاب بالنفس، وحبّ الظهور ولفت أنظار الآخرين، وكذلك التروي وعدم الاستعجال، وعدم إصدار الكلام إلاّ بعد التفكر والتأمل في مضمونه، وما يترتب عليه، وعدم المبالغة في رفع الصوت، إذ ليس من قوة الحُجة المبالغة في رفع الصوت في النقاش والحوار بل كل ما كان الإنسان هادئاً كان أعمق، من أجل أن يرمي شبكته في مياهِ الضيف ليلتقط في ختامها لآلئ لامعة يخرج من خلالها بفيض من المعلومات ليعرّف به القارئ أو السامع حسب طبيعة الحوار. والشاعر العراقي عبدالرزاق الربيعي المُقيم في سلطنة عُمان حفظ لنا في كتابه الجديد “خيمة فوق جبل شمس” حوارات مختلفة للمشهد الثقافي دونها مع نخبة من الأدباء العُمانيين، ناقش فيها بأن النخبة المثقفة تمثل سنام الجَمل في أيّ مجتمع يسعى للرُقِي، من خلال اتخاذه عنوان الكتاب “خيمة على جبل شمس”، وجبل شمس يُعدّ أعلى جبل في سلطنة عُمان. أفرد الربيعي ثلاثة أبواب لكتابه الحواري، خصّ الأول “أفق الشعر” لحوار ل14 شاعراً وشاعرة، في حين خصص الباب الثاني “أفق القصة والرواية والمسرح” ل13 قاصاً ومسرحياً وكاتباً وكاتبة، وختم أبواب الكتاب بالثالث” أفق النقد والثقافة والفنون”، حاور فيه سبعة من النقاد والمثقفين والفنانين العُمانيين. حاور المؤلف في هذا الباب كلا من الشعراء والشاعرات: سيف الرحبي “حين رأيت القصيدة أحسست من خلالها أنني عشت ألف عام”، هلال العامري “لا مفر من القصيدة الأنثى”، سعيد الصقلاوي، ود. سعيدة بنت خاطر الفارسي “تجربتي النقدية بدأت بلوح من الشوكولاتة!”، زاهر الغافري “الكتابة فعل إنصات، للذات وللآخر”، طالب المَعمري “الكتابة اختيار مفتوح ومتاح للجميع”، فاطمة الشيدي “القصيدة نزهتي الكونية في بحيرة من الموسيقى”، ناصر العلوي، حسن المطروشي “خلوة الزهاد لا تصنع شاعراً حقيقياً”، عمر محروس “الحُلم ملاذي الأخير”، صالح الفهدي “الشعر بالنسبة لي انطلاق نحو فضاء لا محدود”، إبراهيم السالمي “أحلم أن أبقى حياً بعد مماتي”، عائشة السيفية “آن أنْ نَكوِّن أنفسنا”، والشاعرة بدرية الوهيبي “نحن الشعراء نقتات على الأم واليأس بشكل غرائبي”. تجربة نقدية أما حوار الربيعي مع د. سعيدة بنت خاطر الفارسي في الباب الأول، فحملت عنوان “تجربتي النقدية بدأت بلوح من الشكولاته!” وهي صاحبة أول ديوان شعري نسوي يصدر في سلطنة عُمان هو “مدّ في بحر الأعماق” سنة 1986م، وأول مبدع عُماني تصدر ديوان شعر للطفل. ودارت أسئلة المؤلف ـ المُحاوِر مع الناقدة على تلمذتها علي يدّ الشاعرة العراقية الراحلة نازك الملائكة التي اكتشفت موهبتها عندما كانت تدرسها مادة العَروض في جامعة الكويت، ثم دارات الأسئلة عن علاقتها بالملائكة أثناء الدراسة، وتجربتها مع النقد، وسردت حكايتها، عندما كانت معلمة اللغة العربية تعطي لوح شوكولاتة لمن تبهرها في الحفظ أو الكتابة أو الشرح، وقد حدث ذلك لسعيدة بنت خاطر الفارسي وهي في الصف الثالث الإعدادي عندما شرحت للطالبات الصورة التي سجلها الشاعر المتنبي، عن “شعب بوان”، حيث وصف أشعة الشمس وهي تتخلل الأشجار الكثيفة فتسقط أمامه وعلى حصانه بقوله “دنانير تفِرُ مِن البَنَان”، وعندما اقتنصت الصورة تفاجأت المعلمة وطلبت منها الإعادة كلما دخل الصف زائر هام مثل موجه اللغة العربية، أو المديرة، وفازت بلوح الشوكولاتة، ومن ذلك الحين تقول الفارسي وذائقتي النقدية يقظة جداً وهذا ما قاله أستاذها الناقد الدكتور علي عشري، ثم أجابت عن واقع النقد الأدبي الحديث، وهل النقد موهبة، ودراستها بالقاهرة... جاءت حوارات عبدالرزاق الربيعي في الباب الثاني من كتابه لكل من: الروائي سعود المظفر “مشكلتنا أن العقل عندنا متقهقر”، القاص سليمان المعمري “طموحات القاص العُماني بلا اسقف”، الروائي محمّد عبد العريمي “مَكمَن قوتي في الكتابة رغبتي في الحياة”، القاص محمّد بن سيف الرحبي “أنا صاحب الكتاب الذي بحث عنه الرئيس بوتين”، القاصة بشرى خلفان “القراءات النقدية العربية تحاصر الكاتبة المرأة”، القاص سالم الحميدي، القاص محمود الرحبي “القصة العربية في خطر حقيقي!”، عبدالعزيز الفارسي “أريد من الكتابة كسر الحلقة المُفرغة من الموت”، الكاتبة آمنة الربيع “تربكني الأجوبة الجاهزة ولا أميل لليقين المُعلّب”، القاص هلال البادي “شعرية النصّ إشكالية يعاني منها أغلب كتّاب القصة”، الكاتب معاوية الرواحي “ينبغي للكتابة أن تكون بعيدة عن الأطُر الاكتئابية”، الكاتبة جوخة الحارثي “الشرارة الأولى كان صوت أمي”، والقاص عاصم الشيدي “النقد الانطباعي لا يخلو من نفاق وتسلّق”. وسليمان المعمري صوت عُماني لا يخطئه القلب كما يقول الربيعي، لأنه يكتب القصة بالروح قبل أي شيء آخر، وحاوره عن بداياته الشعرية وتحوله إلى كتابة القصة القصيرة، وتخرجه في قسم الفنون المسرحية، وعن لغته الساخرة، وغزو لغة الشعر للقصة القصيرة. كما تناول المُحاوِر عدم كتابة المعمري للرواية، وعمله في إذاعة سلطنة عُمان ومدى استفادته من التجربة الإذاعية على المستوى النصي، ورويته لواقع القصة العُمانية، ومشاريعه الجديدة في عالم الكتابة. النقد والثقافة والفنون ختم مؤلف الكتاب الباب الثالث حواراته ضمن “أفق النقد والثقافة والفنون”، مع كل من: “الكاتب أحمد الفلاحي” نتطلع إلى أفق ثقافي أكثر اتساعاً وأبعد مدى وأشد حيوية”، د. محمّد المحروقي “التجديد الذي طرأ على الشعر العربي أوجد هوّة بين الشعر ومُتلقيه المُفترضين لمصلحة الرواية”، د. محسن الكندي “الإبداع موهبة تحظى بها فئة دون سواها” د. شُبّر بن شرف الموسوي “حركة النقد في عُمان بطيئة جداً”، الباحث حميد الحجري “خصوصية لغة قصيدة النثر جعلتها تجربة مُغلقة على ذاتها”، رفيعة الطالعي “يكتنف الأدب الذي تكتبه المرأة، الكثير من المسكوت عنه”، والناقدة المسرحية عزّة القصابي “لا أصنِّف قلمي بأنه قلم نسائي، ولكني أكتب باعتبار أنني إنسان له رؤيته الخاصة، ومعالجته للمواضيع”. وللكاتب الدكتور أحمد الفلاحي إسهامات عديدة في المشهد الثقافي بسلطنة عُمان من خلال عمله بالملحقيات الثقافية للسلطنة في البحرين ومصر ودوره في مجلة” الغدير” التي كان يتولى إدارة تحريرها، وهو مرآة صافية يشعر الناظر إليها الاحترام والتقدير الشديد. وقد أفرد عبدالرزاق الربيع للفلاحي طائفة من الأسئلة بدأها بتقييمه للحركة الثقافية في عُمان، وتحديده لدور المؤسسات الثقافية في تفعيل الأنشطة الثقافية، ودور المثقف العثماني في الحراك الثقافي في السلطنة، وعن رضاه لأداء لجان التحكيم في المسابقات الأدبية للملتقى الأدبي الذي أنطلق منذ سنة 1995م بصورة عامة، وبيان دور وزارة التراث والثقافة للنهوض بالواقع الثقافي في عُمان، وعن العمل الجاري لبناء المَجْمَع الثقافي، ودور الإعلام المحلي في دفع الحركة الثقافية إلى الأمام، وعن علاقته بالكتاب والقراءة...
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©