الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الصين توطد علاقاتها في آسيا الوسطى بحثاً عن الطاقة

الصين توطد علاقاتها في آسيا الوسطى بحثاً عن الطاقة
11 أكتوبر 2013 21:53
في الطرف الشمالي لبحر قزوين وليس بعيداً عن مدينة أتيرو في كازاخستان الجمهورية، التي كانت ضمن الاتحاد السوفيتي سابقاً والشهيرة بنفطها وسمك الحفش، يقع اكتشاف نفطي جديد كبير يعد الأضخم خارج الشرق الأوسط، وكانت الصين قد رفض طلبها حين طلبت الحصول على حصة 10% في هذا الاكتشاف منذ عشر سنوات مضت. غير أنه حين بدأ إنتاج النفط أخيراً في شهر سبتمبر الماضي حصلت شركة الصين الوطنية للبترول على حصة في المشروع المعروف باسم كاشاجان وحضر الرئيس الصيني شي جيان بينج إلى المنطقة مؤخراً للاحتفال في إشارة أخرى إلى أن نفوذ الصين قد فاق حتى نفوذ روسيا في بعض الجمهوريات السوفيتية السابقة في وسط آسيا. يعتبر بحث الصين عن الطاقة الدافع الرئيسي لمصلحتها الاستراتيجية في منطقة يسمح قربها بنقل احتياطيات هائلة من النفط والغاز براً عبر خطوط أنابيب بناها الصينيون بدلاً من نقلها بحراً عبر الخطوط البحرية الخاضعة للنفوذ الأميركي من الشرق الأوسط. وفي الأجل الطويل، يقول محللون: إن روابط الصين مع آسيا الوسطى من شأنه تحريرها من أي قلق من إمكان استخدام الولايات المتحدة قوتها البحرية العظمى في فرض حظر بحري لو حدث أن تدهورت العلاقات إلى درجة المواجهة. في كازاخستان التي تعد أكثر جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق رخاءً أقر الرئيس الصيني اتفاقية كاشاجان بحجم 5 مليارات دولار التي تضع الصين للمرة الأولى في اتحاد تجاري بجانب كبار الفاعلين الدوليين، مثل إكسون موبل وشل وتوتال وإيني. وفي تركمانستان افتتح الرئيس الصيني حقل غاز ساحلياً من أكبر الحقول في العالم وأحد الحقول التي طالما سعت شركات الطاقة الغربية إلى بلوغه، إلا أنه سينقل الغاز حالياً عبر خط أنابيب مصنع على يد الصينيين يمتد 1770 كيلو متر أو 1100 ميل إلى شنجهاي. وفي أوزبكستان الأقل ثراءً أضحت الصين أحد أكبر شركاء الدولة التجاريين، وفي قرغيزستان المفتقرة للطاقة كان الرئيس الصيني محط الأنظار في الاجتماع السنوي لمنظمة تعاون شنجهاي جماعة الأمن المتعددة الجنسيات، بينما كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتن في أقصى جانب الصورة الرسمية التي التقطت للمجتمعين. وقال محللون: إن دور الصين المتصاعد في المنطقة لم يتعد فقط دور روسيا، بل تعاظم نتيجة أفول نفوذ الولايات المتحدة بسبب انسحابها من أفغانستان، ذلك أن واشنطن التي كانت في السابق طامحة في تعضيد وجود شركات النفط الغربية كسبيل إلى تقليص النفوذ الروسي، قد تراجع نفوذها في تلك الجبهة أيضاً. وقال دوسيم ساتباييف، مدير مجموعة كازاخستان لتقويم المخاطر البحثية: «لدى الصين أداة جيدة جداً في كازاخستان، الكثير من المال وشروط ائتمان جيدة جداً، بينما ليس لدى روسيا هذه الميزة، ولذلك تقلص النفوذ الروسي هنا في السنوات الخمسة عشر الماضية». تعتبر كازاخستان عضواً مؤسساً في الاتحاد الجمركي الذي خطط له الرئيس بوتن عام 2010 سعياً إلى تجميع الدول السوفيتية السابقة معاً في كيان اقتصادي واحد. غير أن ضغوط بوتن لم تفلح في الحد من بروز الصين، حسب ساتباييف. وفي كازاخستان تعتبر الصين حالياً أكبر منتج نفط أجنبي، بحسب إيريكا داونز محللة الطاقة في معهد بروكنجز في واشنطن. إلى أن تم افتتاح خط أنابيب آسيا الوسطى الصيني عام 2009 كانت روسيا أكبر عميل غاز طبيعي لتركمانستان. أما الآن، فتستمد الصين الطاقة من حقلين في تركمانستان متجاوزة شيفرون وإكسون موبل لبلوغ موقع وفير يسمى جالكينيش، حسب ستيف ليفاين، مؤلف كتاب «النفط والمجد»، وقال ليفايت: «لدى الصين الآن حقل غاز آخر في تركمانستان، وهناك علاقة وثيقة بين الرئيس التركماني والرئيس الصيني». وقال التاي أبيلولايف، متحدث جهاز الاتصالات المركزي لرئيس كازاخستان: إنه رغم أن الطاقة تأتي في أولوية اهتمامات الرئيس زاي، إلا أن الأمر لا يقتصر على الصين فقط. صحيح أن نمو الصين مذهل ولكننا نحاول تنويع الاستثمارات بحيث تكون مربحة لكلا الطرفين». وقال لي يوشنج سفير الصين في كازاخستان: إن كازاخستان تسرع في توسيع خدمات الإنترنت، وإن هواوي الصينية مصنع معدات الاتصالات الكبير وقعت اتفاقية مدتها عامان لتقديم شبكة اتصالات الجيل الرابع في هذه الدولة. وفي لهجة ودية للغاية تحدث الرئيس زاي في شهر سبتمبر في جامعة نزارباييف في أستانا عاصمة كازاخستان عن إنشاء طريق حرير جديد ممول من الصين يمتد من الصين عبوراً بآسيا الوسطى إلى أوروبا. وكانت الولايات المتحدة قد أثارت هذا الموضوع، حين تحدثت وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون عام 2011 عن بناء طريق حرير من الشمال إلى الجنوب يربط دول آسيا الوسطى بأفغانستان بسكك حديدية وطريق برية، غير أن هذا الموضوع بات في طي النسيان الآن. يرى الرئيس زاي أن طريق حرير من الشرق إلى الغرب تعتبر مقترحاً أفضل من فكرة كلينتون بسبب أن المسار الصيني يطابق طريق التجارة القديم. وقال الرئيس زاي، بينما كان رئيس قازخستان نور سلطان نزارباييف جالساً بجانبه في منصة جامعة نزارباييف: «هذا تعاون حقيقي لمصلحة كلا الدولتين». غير أن الأمر ليس كله ميسراً للصين في آسيا الوسطى، إذ يقول بعض الكازاك: إن هناك مخاوف مما يسمى ارهاب الأجانب إزاء الصين الكثيفة السكان والثرية، ويأتي هذا الشعور قوياً في كازاخستان الدولة، التي يبلغ عدد سكانها 16 مليون نسمة في مساحة أكبر من أوروبا الغربية. وكانت الصين قد أجبرت على قبول قيود حكومة كازاخستان على العمالة الصينية، وهو الأمر الذي يعيق مزيداً من الاستثمارات الصينية في كازاخستان. ويظل هناك سؤال بغير إجابة واضحة يتمثل فيما إن كان مشروع كاشاجان سيصبح مكسباً حقيقياً للصين، وكانت الصين قد استهدفت النفط في كاشاجان منذ استكشافه عام 2000. وكانت مساعي شركة الصين الوطنية للنفط البحري وساينوبك للانضمام إلى مجموعة الشركات بقيادة غربية، قد رفضت بسبب أن الشركات المؤسسة اعتقدت أن الحقل سيكون بالغ الإنتاجية لدرجة أنها أرادت الانفراد بفوائده كله لنفسها حسب إدوارد تشو، التنفيذي السابق في شركة شيفرون. أعاد الصينيون اهتمامهم العام الماضي حين قررت شركة كونوكوفيلبس إعادة بيع حصتها إلى كازاخستان. وفي بادئ الأمر، بدا أن شركة النفط والغاز الهندية ستشتري حصة كونوكو فيلبس. ولكن في اجتماع بين الرئيس زاي والرئيس نزارباييف في الصين خلال الربيع قال الرئيس الكازاخي: إنه يفضل الصين عن الهند، ومنح بكين دوراً رئيسياً في المشروع. ورغم بدء إنتاج النفط في كاشاجان، إلا أن شركات النفط الغربية لا تزال محبطة من الصعوبات الفنية البالغة بسبب عمق النفط في قاع البحر وارتفاع نسبة الكبريت في الخام، كما أن الشركات قلقه نتيجة أنه تم إنفاق 40 مليار دولار حتى الآن في إنتاج ابتدائي منخفض نسبياً يبلغ 375000 برميل نفط يومياً. ومع ذلك تعتبر الصين مؤهلة لدور أكبر، بما يشمل تصدير النفط إلى الصين بدلاً من الغرب حين يزيد الإنتاج. وفي إمكان الرئيس نزارباييف التعويل على علاقاته القوية بالرئيس الصيني لو تعقدت المفاوضات مع شركات النفط الغربية. عن - إنترناشيونال هيرالد تريبيون ترجمة - عماد الدين زكي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©