الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جزيرة دلما.. قصص إنسانية يرويها السكان

جزيرة دلما.. قصص إنسانية يرويها السكان
11 أكتوبر 2013 20:09
تشهد جزيرة دلما حركة تنموية ضخمة ونهضة شاملة في مختلف القطاعات والمجالات، فضلا عن التطور في قطاع النقل البحري والقطاع العام، وذلك في إطار الجهود الحكومية. وتشهد الجزيرة حراكاً كبيراً في مجال النقل الذي يشكل هاجساً للسكان، بحيث اختصرت الطائرة المسافة بين الجزيرة وأبوظبي، وكذلك العبارة التي تشكل حلقة وصل بينهما. وبالرغم مما تحقق وينجز يوميا من مشاريع، إلا أن الجزيرة تبقى بحاجة إلى المزيد من المرافق التي تجلب إليها السياح وترضي السكان وتساعد على إيجاد فرص عمل للجميع. وذلك من خلال قيام المشاريع الصغيرة والمتوسطة بما يضمن استقرار الشباب وتأسيس الجامعات والمعاهد العليا بما يتناسب مع تطلعات الشباب برفع مستوى التعليم. «الاتحاد» زارت جزيرة دلما والتقت بعدد من الأهالي الذين عبروا عن سعادتهم بما تشهده الجزيرة من تنمية شاملة، فيما أظهروا قلقهم تجاه مجالات عدة، مطالبين بالإضاءة على قطاعات التعليم والصحة والترفيه والمرافق العامة، وسواها من القضايا الأساسية. وتوجد داخل كل بيت على الجزيرة المعروفة بجزيرة اللؤلؤ، قصص وحكايات عن الأمراض والعاطلين عن العمل والمتأخرين عن الدراسة. والسكان لا يجدون فرصة للنزول إلى أبوظبي مدينة الأضواء إلا عبر البحر أو الجو. وخلال الحديث معهم عبر السكان عن حبهم لجزيرتهم وعدم ممانعتهم من العيش فيها مع التمني بتوفير الشروط اللازمة لإنشاء جامعات ومعاهد ومرافق ترفيهية ومسارح ونوادٍ تعمل على تثبيتهم في الجزيرة. وتمكين أبنائهم من الدراسة الجامعية وتوفير مجالات العمل ودعم المشاريع لإيجاد بيئة جاذبة. وكشف بعض السكان عن الحاجة للمستشفيات ولاسيما أن الجزيرة تعاني هجرة سكانها الذين لا يتعدون الـ 4800 نسمة، موضحين أن رحلاتهم إلى العاصمة أبوظبي مستمرة بمعدل 40 رحلة سنوياً، هذا إن لم تكن هنالك حاجة إلى العلاج المستمر، مما يتطلب حجز الفنادق أو الشقق الفندقية القريبة من المستشفى. طائرة وعبارة للإضاءة أكثر على واقع جزيرة دلما التي تبعد 42 كيلومترا شمالي غربي جبل الظنة عن طريق البحر، و210 كيلومترات عن أبوظبي، فإن سكانها يمارسون النشاط الزراعي والصيد، وهي تضم 102 مزرعة، ويعمل فيها 162 صياداً على 85 سفينة. وكانت الظروف الصعبة للجزيرة سبباً في هجرة البعض منها. وتذكر عفراء، التي تحمل شهادة الثانوية العامة، أنها عاطلة عن العمل لانشغالها برعاية والدتها التي لعبت دورا مهما في خدمة نهضة المرأة على الجزيرة. وتقول إن الصعوبة تكمن في التنقل بين المستشفيات، مشيرة إلى أن وضع والدتها صعب مما يستدعي تفرغها للاعتناء بها وبوالدها في آن. ووالدتها تعاني أمراضاً عدة، بينها التهاب اللسان وآلام في المعدة مع تقدمها في السن، وهي تتابع حالتها ما بين مستشفى دلما والبيت. وتضيف عفراء «إذا اشتد عليها المرض أو طرأ عليها أي انعكاسات، نطلب لها طائرة بالتنسيق مع طوارئ المستشفى التي تنقلها إلى أبوظبي. والأمر نفسه بالنسبة لوالدي الذي يصاب أحيانا بوعكات صحية تلزمه العلاج في أحد مستشفيات العاصمة». وتذكر عفراء أن وسائل النقل من وإلى أبوظبي تتلخص في وسيلتين، الطيران الداخلي الذي يستغرق 45 دقيقة، أو الرحلات البحرية التي تتوقف عند جبل الظنة، ومن عبر البر إلى أبوظبي ما يقارب 230 كيلومترا. وتوضح أن الطائرة يجب حجزها منذ الصباح الباكر قبل الرحلة بيوم من مطار دلما، أما العبارة فيتم انتظارها يومياً حسب التوقيت المخصص لها. وتورد أن سعر التنقل للفرد الواحد 20 درهما، فيما التنقل بالسيارة يكلف 100 درهم، وتستغرق الرحلة عبرها ساعتين، موضحة أن البعض يفضلون التنقل بالطائرة كالطالبات اللواتي يقطعن رحلتين أسبوعيا ذهابا وإيابا من الجزيرة إلى الجامعة. وتؤكد عفراء أنها تحضر معها من أبوظبي كل ما يمكن أن تحتاجه وأسرتها، مشيرة إلى أن الطلب على وسائل النقل يزداد خلال المناسبات، بحيث يصعب إيجاد مكان أحياناً. وتذكر أن شباب المنطقة يفضلون قضاء أوقاتهم في العاصمة، ولاسيما أن الجزيرة تكاد تخلو من وسائل الترفيه للكبار والصغار، معتبرة أن جانب البحر هو المتنفس الوحيد لسكان الجزيرة، أما الحديقة الوحيدة على الجزيرة فتخلو من الألعاب الإلكترونية. وتقول عفراء إن القادمين إلى جزيرة دلما أيام الأعياد لا يستطيعون المكوث فيها طويلاً، نظراً لافتقارها إلى وسائل الترفيه والحدائق والمهرجانات والتنوع ما يدفعهم للمغادرة. أحلام الشياب والشباب جلست فاطمة طارش الأم تتنفس بصعوبة وتتحدث بصوت خافت، وإلى جانبها ابنتها سلامة القبيسي التي كانت تتحدث بدلا عنها قائلة «إن والدتي تعاني نقص الأوكسجين في الدم، ويمنع عليها إجراء عمليات جراحية،على الرغم من حاجتها لاستئصال المرارة»، وتوضح أنه بعد تشخيص مرض والدتها بمستشفى خليفة تبين أنها تعاني من خمول قديم في الغدة الدرقية فاق 10 سنوات مع زيادة الوزن. وقد تم تزويدها بجهاز يساعدها على التنفس مما أحدث لها تجويفا بالحنجرة فضاعف حالتها الصحية، وعليه فإن والدتها تصاب بنوبات حادة أحيانا تستدعي الاتصال بطوارئ مستشفى خليفة الذي يرسل طائرة هيلوكبتر لنقلها إلى أبوظبي، لكن في بعض الحالات يستحيل عليها صعود الطائرة مما يضطرها للسفر عبر العبارة، وهي وسيلة النقل بالمواصلات البحرية. وتذكر سلامة أن والدتها التي تحتاج إلى عملية خارج الدولة تسافر إلى أبوظبي مرتين في الشهر أو أكثر، بحسب ما تستدعيه حالتها الصحية. وتعمل الوالدة في إطار مشروع صغير من البيت، بحيث تجهز البهارات العربية والحناء وتبيعها لمعارفها ولسكان المنطقة منذ مدة طويلة، علماً بأن معظم الناس يفضلون اقتناءها من أبوظبي، بالرغم من حرص والدتها على الجودة في اختيار المواد الأولية. وهي تعمل على نفضها وغسلها من الأتربة، وتجهيزها وطحنها بطريقة تقليدية يدوية. وكما تحدث كبار السن عن هواجسهم على جزيرة دلما، فإن للشباب متطلبات أخرى تتعلق بتوفير مسارح وسينما ومرافق ترفيه أخرى وحدائق ومراكز ألعاب إلكترونية ومتاجر متطورة، ومطاعم للأكلات السريعة، إلى جانب إنشاء المعاهد ومراكز صقل المهارات وتزويدهم بمعارف إضافية كمعاهد اللغات. ويذكر محمد المحيربي، وهو معوق محب للحياة لا تفارق الابتسامة وجهه، أنه خريج ثانوية عامة وقد توقف عن الدراسة ولم يلتحق بالجامعة لأنه رسب في اختبار «سيبا»، وقد حصل قبل فترة على وظيفة بمؤسسة التنمية الأسرية مركز دلما. ويقول «نحن شباب المنطقة نرغب في توفير متطلبات تتعلق بتنمية مهاراتنا، وعلى سبيل المثال لي صديق يتعجل الحصول على الثانوية العامة، ليقدم على وظيفة في أبوظبي حتى يستقر هناك، فالعاصمة حلم بالنسبة للشباب». ويقضي المحيربي أوقات فراغه على البحر، شاكياً من عدم وجود أماكن للترفيه على الجزيرة مما يدعو إلى الملل، قائلاً «اشتريت دراجة نارية، فتسببت لي بحادث أقعدني بعدما كنت أمشي على عكازين». ويؤكد حبه لجزيرة دلما مع تمنيه بأن تتغير أوضاعها للأفضل، وهو يفضل كرفاقه وإخوانه قضاء الإجازات والأعياد في أبوظبي. احتياجات المعوقين «الاتحاد» زارت في جزيرة دلما عائلة كل أفرادها من المعوقين يعيشون ظروفا خاصة جداً. وفي حين تعاني البنت وخالتها من إعاقة جسدية، فإن الخال مصاب بمرض دماغي مما يجعل العائلة كلها تعيش تحت ضغط نفسي ومادي. وتقول أمينة عيسى، التي ترعى كل من ابنتها وأختها المعوقتين «توفيت أختي فجأة بسبب مرض غريب، وهي في الـ21 من العمر، في حين أن أخي يعاني مرضاً مشابهاً، وهو يصاب بنوبة كل 3 أشهر، إذ يمتنع عن الأكل ويصاب بالهزال ويلزم الفراش. وقد عرضناه على الطبيب، فقال إن مخه سليم، مع أنه يخرج مرات من البيت ويصعب احتواؤه». وتروي أمينة أن أختها الثانية أصيبت بحادث سيارة أقعدها في الفراش بسبب ضربة في الرأس نتج عنها شلل. وقد رزقت أمينة بطفلة مصابة بشلل دماغي بسبب تعسر في الولادة، مما حال دون وصل الأوكسجين إلى الدماغ، وهي تحتاج إلى متابعة يومية. وتضيف أمينة «كنا نتابع حالة ابنتي وهي صغيرة بمستشفى خليفة بأبوظبي، بحيث كانت تستفيد من العلاج الطبيعي، كما أجرينا لها عملية تطويل الأوتار، لأن عضلاتها كانت مشدودة. وهي ما زالت تحتاج إلى عمليات عدة، لكننا توقفنا عن العلاج الطبيعي نظراً لصعوبة التنقل بين دلما وأبوظبي، واقتصرنا على الذهاب إلى المستشفى خلال الإجازات السنوية». وهم يستأجرون شقة مفروشة لاستكمال العلاج ولاسيما أن البنت تخضع لجلسة ترويض مرة في الأسبوع في مستشفى دلما، مع أنها تحتاج إلى الترويض بشكل يومي. وتؤكد أمينة أن المستشفى يضم ممرضة واحدة فقط، ويفتقر إلى الأدوات اللازمة، وابنتها تحتاج إلى علاج للنطق، سبق وخضعت له بالمستشفى التأهيلي في أبوظبي، وانقطعت عنه بسبب ظروف التنقل. وتشير أمينة إلى أن ابنتها البالغة من العمر 21 عاماً، تواجه صعوبة في التحرك والتنقل عبر الطائرة التي تنقل الناس بين أبوظبي ودلما، وتحتاج إلى كرسي متحرك متطور، يغطي جسمها من الرقبة إلى المقعد، لصعوبة التحكم في رأسها. والمعاناة نفسها بالنسبة لأخت أمينة التي تحتاج إلى علاج طبيعي، الأمر الذي يفرض حالة طوارئ دائمة في البيت، خصوصاً أن الجميع يعاون أمراضاً جانبية، منها الالتهابات والحمى، مما يضطرهم إلى حجز الطائرة والتوجه إلى أبوظبي. رغبات الأطفال للأطفال على جزيرة دلما رغبات صغيرة، لكنها أساسية جداً بالنسبة لهم، منها وسائل الترفيه ومرافق الرياضة واللهو. إلى ذلك، تقول أم راشد إن زوجها يعمل سائقاً في حافلة مدرسية منذ 40 عاماً، وهو ينفق على بيتين، ويصعب عليه إعالتهما بالشكل المطلوب، مع أن أبناءها يحتاجون إلى وسائل الترفيه الحديثة كالألعاب الإلكترونية ومراكز الإبداع وتنمية المهارات. موضحة أن المنطقة تفتقر إلى مثل هذه المراكز التي تنمي قدرات الأفراد، وهي غالباً ما تقضي أوقاتها مع أولادها بجانب البحر. وتطالب أم غالية بتوفير العلاج على جزيرة دلما، موضحة أن الجزيرة تضم مستشفى واحداً، تنقصه التخصصات. وهي أم لطفلة مريضة تعاني ثقباً في القلب، وتحتاج إلى علاج مستمر ومتابعة في أبوظبي. ومع ظروف المواصلات في الطيران أو العبارة تضطر لتأجيل مواعيد المراجعة في المستشفى، مؤكدة أنها تجد صعوبة في التنقل بين أبوظبي والجزيرة مرة في الأسبوع. مرافق محدودة توجد في جزيرة دلما حديقة عائلية واحدة فقط، ومتحف يسمى متحف المريخي، ومسجد المهندي، وثلاث مدارس، روضة، وتأسيسي مشترك، وثانوية مشتركة، وفندق.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©