السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خالد أبو النجا: مهرجان أبوظبي السينمائي يواكب التحولات

خالد أبو النجا: مهرجان أبوظبي السينمائي يواكب التحولات
15 أكتوبر 2011 22:39
(أبوظبي) - يبدو النجم السينمائي المصري خالد أبو النجا دائم الانشغال في أروقة الفندق الذي يحتضن فعاليات مهرجان أبوظبي السينمائي الخامس، فهو اليوم، كما كان على امتداد الدورات السابقة، أحد العناصر المفصلية التي يتشكل منها المهرجان، وضيفا دائما ومميزا، وعضوا في لجنة تحكيم لدورة سابقة، وقد سبق له أن استغل مواهبه التقديمية في تقديم الحفل الختامي للدورة الماضية من المهرجان، وإضفاء الكثير من سمات الحبور والبهجة على أجوائها. يقول أبو النجا لـ”الاتحاد” إن المهرجان السينمائي هو في جوهره احتفاء مكاني بالمنجزات الإبداعية، لهذا من الضروري أن يكون متناغماً مع المدينة التي يقام على أرضها، هكذا يمكن استخلاص الكثير من ملامح التشابه بين أبوظبي وبين مهرجانها السينمائي: رحابة الصدور وكرم الضيافة ودقة التنظيم، هذه العوامل باتت، وفق أبو النجا، ملامح مكونة لمهرجان أبوظبي في دوراته المتعاقبة. من موقع رصده لنقاط التحول التي شهدها المهرجان يلاحظ خالد تطوراً ملحوظاً في سياق الرؤى الناظمة لبنيته التنفيذية، خاصة لجهة التغييرات التي تشهدها ملامحه عاماً بعد عام، وهي تجعله أكثر التصاقاً بوجدان الجمهور الذي يقبل على متابعة فعالياته، توصيف الجمهور لا يقتصر على المشاهدين وحدهم، بل يتعداهم نحو أهل السينما وصناعها ونجومها ونقادها كذلك، هذه التعديلات التي أرساها القيمون على المهرجان، والتي يمكن لمتابع مخضرم، كما هو حال ابو النجا، أن يلاحظها بيسر وسهولة، من شأنها أن تجعل المناسبة السنوية أكثر من مجرد تقليد روتيني يغلب عليه طابع الاحتفاء بالسينما، ليحيلها إلى إحدى وسائل توجيه الحراك السينمائي على الصعيد العربي، وترسيم سبل تفاعله مع المنجزات العالمية في هذا السياق، اعتماداً على هذه القراءة يشير أبو النجا إلى العديد من التغييرات المدروسة التي خضع لها مهرجان أبوظبي والتي جعلته أكثر تواصلاً مع المحيطين به من سينمائيين محليين وعرب، وأشد استجابة لهواجسهم المهنية ولتطلعاتهم المستقبلية أيضاً، وهذا بعض ما يتسم به المهرجان الذكي، على حد تعبير خالد، الذي يرى في التغيير المتقن وسيلة مثلى لبلوغ الأفضل، وهي الغاية التي يسعى اليها المهرجان، والتي يقترب من إدراكها دورة بعد أخرى. تغييرات جوهرية يأتي خالد إلى الدورة الخامسة من مهرجان أبوظبي السينمائي بعد سلسلة من الأحداث الجذرية التي شهدتها الساحة المصرية، والتي سيكون لها أثر بالغ على الواقع العربي بمختلف مناحيه، وسيكون للسينما منه نصيب كبير، إنه زمن التغيير، يقول خالد، ولا بد للسينما من أن تكون مواكبة له، بل ومؤثرة في صميمه أيضاً، يلحظ محدثنا بأسى لا يسعى لإخفائه، غياب الدورة الحالية لمهرجان القاهرة السينمائي، والمسألة تكاد تشبه “عملية اختطاف” تتعرض لها أم الدنيا، وفق تعبيره، لكن الأمر لا يدرك مرحلة الإحباط، فثمة موعد لا ريب فيه مع انبعاث السينما المصرية وفق ملامح متجددة تلحظ التحولات الحاصلة وترتقي إلى مستواها، اعتماداً على استقرائه لمسارها المستقبلي ستكون السينما المصرية أكثر التصاقاً بهموم ناسها، لا سيما الشباب منهم الذين استعادوا قدرتهم على الفعل والتأثير، وامتلكوا فرصة القبض على زمام أمورهم. اعتزاز بالمنجز يبدي محدثنا اعتزازاً بالفيلم المصري “18 يوم”، الذي سجل يوميات الشارع المصري في فترة حاسمة، وقد حاز جوائز في مهرجانات عالمية، أيضاً يراهن على نتائج طيبة سيحققها فيلم “الطيب والشرس والسياسي” الذي رصد دقائق مفصلية من حياة الشعب المصري، وأمكنه أن يسجل بدقة وتجل مشاعر هذا الشعب الذي طالما اتسم بدافقية مذهلة، ويتوقف خالد عند إشكالية أثرت على المخاض الانتاجي السينمائي تتعلق بإبداء الحياد الابداعي حيال توثيق الأحداث المصيرية، هكذا كان على صناع السينما المصرية أن يمارسوا قدراً ملحوظاً من الكبح لمشاعرهم الشخصية، في محاولة لضبط الإيقاع الإبداعي وفق معايير مهنية متقنة، وقد يكون ذلك أثر سلباً على كمية النتاج السينمائي، لكنه سينعكس حتماً بطريقة إيجابية على نوعيته.. بالانتقال إلى انجازاته الفردية يتناول خالد أبوالنجا فيلمه الأخير “مايكروفون” الذي شهدت عملية انجازه الكثير من الارتجال والتسرع، لكن ذلك لم يحل دون أن يكون إحدى العلامات الفارقة في ملمح السينما المصرية، والعربية المعاصرة، فهو يسجل يوميات الهامش المصري، حيث ثمة مبدعين يقبعون تحت الأرض، ويمارسون إبداعهم في أزقة مقفرة ضيقة، بعيداً عن أي دعم أو تشجيع من أية جهة كانت. مبدعون في الظلمة موسيقيو الأقبية المظلمة أولئك هم الذين كانوا أبطال “مايكروفون” الذي حاز جوائز مميزة في مهرجانات عالمية ذات شأن، ولعل أهم ما في الخلاصة التي يمكن الخروج بها من التجربة، أن الفيلم تم تصويره بأدوات تقنية متواضعة، واعتماداً على وسائل متقشفة، لكن ذلك لم يحل دون امتلاكه خاصية التأثير على أصحاب القرار في كواليس تلك المهرجانات التي استضافته، وذلك اعتماداً على مقدرته الإقناعية، واحترافية القيمين عليه. ينطلق أبو النجا من تجربة “مايكروفون” ليشير إلى ظاهرة جديدة ومبشرة تشهدها السينما المصرية، عمادها السينما المستقلة التي لا تحتاج إلى شركات انتاج كبيرة، ولا إلى تكاليف باذخة لتعلن عن نفسها، فالفيلم الذي جرى انتاجه بظروف وشروط متواضعة أمكن تسويقه بأسلوب مماثل أيضاً. حيث تمت الاستفادة من تقنية الاتصالات الحديثة، كالانترنت والفيسبوك وسواها لتأمين حضور حاشد له، تميز بوفرة عدد الشباب الذين يعرف عنهم ابتعادهم عن مشاهدة السينما، وفي ذلك ما يمكن اعتباره أسلوباً جديداً للصناعة السينمائية المعتمدة على قدرات محدودة والقادرة بالرغم من ذلك على تحقيق التمايز والتفوق. رؤى تجريبية عن مشاريعه المستقبلية يقول أبو النجا إنه قد اجتاز مرحلة لا بأس بها نحو إنجاز فيلم “تحرير التحرير”، وهو لا يستطيع الحسم بهويته السينمائية حتى اللحظة، فبالرغم من سمته التسجيلية ليس ما يمنع أن يتحول عملاً روائياً إذا سمحت الظروف بذلك، وقد يكون فيلماً مركباً بمعنى أنه مزيج من توثيق ورواية، وفق رؤية تجريبية تبدو الظروف العامة مشجعة لها، ومحرضة عليها في الوقت الحاضر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©