السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

صعوبة إندماج المواطنين في القطاع الخاص أبرز التحديات بدول «التعاون»

صعوبة إندماج المواطنين في القطاع الخاص أبرز التحديات بدول «التعاون»
17 فبراير 2010 21:07
أكدت دراسة أن صعوبة إندماج المواطنين في سوق العمل بالقطاع الخاص تُعتبر واحدة من التحديات الكبرى التي تواجه دول مجلس التعاون الخليجي، لافتة إلى أن الفئات العمرية دون سن 25 سنة تشكل نسبة عالية من التركيبة السكانية في المنطقة. وطالبت الدراسة التي قدمها معالي صقر غباش وزير العمل أمام المؤتمر الخامس عشر لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية حول “مخرجات التعليم وسوق العمل في دول مجلس التعاون” والذي عقد مؤخراً بأبوظبي ، بتوفير فرص عمل لهذه الشريحة وغيرها من شرائح المجتمع التي لا ترتقي نسبة مشاركتها بسوق العمل إلى المستويات المنشودة كالنساء الراغبات بالتوظيف. وأشار معالي وزير العمل إلى أن القطاع الخاص لم يعد قادرا على استيعاب المزيد من الموارد البشرية، ما أدى إلى بروز مشكلة آخذة في التفاقم، وهي مشكلة البطالة بين شرائح متعددة أهمها شريحة الشباب. وذكر أن نسبة مواطني دول المجلس في العمالة بالقطاع الخاص منخفضة في معظم الدول في 2008، حيث تراوحت ما بين 20%، كما هو في مملكة البحرين، و0.4%، كما هو في دولة الإمارات. وأرجع هذا الانخفاض إلى طبيعة العرض والطلب في أسواق العمل، فمن جهة يتركز الطلب الصادر عن القطاع الخاص في نوعية العمالة غير الماهرة ذات الأجور المنخفضة، والتي لا تحفز المواطنين على الانخراط في القطاع الخاص. من الجهة الأخرى، يتجه المواطنون الخليجيون على الالتحاق بالعمل في القطاع العام، حيث تتوافر الأجور المناسبة، وظروف العمل الملائمة، وضمانات معاشات التقاعد، وبالإضافة لِما توفره المؤسسات الحكومية من مزايا مازالت تجذب مواطني دول المجلس نحو القطاع العام وتجعل من هذا القطاع الوجهة الأكثر تفضيلاً للمواطنين. وذكرت أن دول المنطقة، كشأن الاقتصادات الحديثة الأخرى، تتجه نحو تقليص وتحديد دورها في غالبية الأنشطة الاقتصادية وفسح المجال أمام القطاع الخاص للعب الدور الأساس في هذه الأنشطة. وأشارت الدراسة إلى تفاقم البطالة رغم إقبال المواطنين على الاستفادة من خدمات التعليم والصحة بدولة الإمارات وسائر دول مجلس التعاون على امتداد العقدين المنصرمين والذي جاء نتيجة لمستويات الإنفاق المرتفعة على تطوير هذين القطاعين. وشددت على أن مواطني دول المجلس يتمتعون حاليا بدرجات عالية من التحصيل العلمي وبرعاية صحيـة متقدمـة مقارنـة بالجيل السابق ممن التحقوا بأسواق العمل، إلاَ أن نوعية التعليم لا تلبي متطلبات سوق العمل. وأضافت الدراسة أن متطلبات السوق اتجهت نحو العمالة غير الماهرة، ما أعاق الاستفادة من الاستثمارات الضخمة التي خصصت لتطوير رأس المال البشري. إلحاق المواطنين في العمل ولاحظت أن السياسات الرامية إلى إلحاق المواطنين بالعمل في القطاع الخاص، والقائمة أساسا على تحديد حصة أو نسبة معينة يشغلها المواطنون ضمن مؤسسات هذا القطاع، ما زالت تثير جدلاً حول فعاليتها ما لم ترتبط بسياسات أخرى تحفيزية. وأشارت إلى ضرورة تحسين وتكامل مخرجات التعليم مع برامج التدريب والتأهيل، بحيث تُساعد تلك المنظومة المتكاملة في تسهيل التحاق الخريجين بسوق العمل بالقطاع الخاص. وذكرت أن دول مجلس التعاون الخليجي شهدت خلال العقود الماضية نمواً غير مسبوق في اقتصاداتها وتداخلها مع الاقتصاد العالمي، وقطعت شوطا في بناء مؤسساتها وتطوير مجتمعاتها مما مكن مواطنيها من جني ثمار هذه الطفرة من خلال الزيادة الكبيرة في معدلات دخل الفرد، وتحسن كافة مؤشرات التنمية البشرية. وزادت: بالمقابل، لم تكن الإنتاجية من المرتكزات التي تمكَنت اقتصادات المنطقة من المحافظة عليها، فاعتمد الإنتاج على العمالة الرخيصة وغير الماهرة في معظم القطاعات، مما تسبب في تراجع الإنتاجية في سوق العمل، مما يشير إلى خلل هيكلي قد يهدد مستقبل التنمية إذا لم نبادر إلى معالجته، وكنتيجة طبيعية لما سبق، لم تكن مكتسبات العمالة المواطنة مشجعة مقارنة بمعدلات نمو إجمالي الناتج القومي. الأزمـة الاقتصادية ورجحت الدراسة أن يُمثل عام 2010، إسوة بالعام الماضي، عاماً آخر من أعوام التحديات بالنسبة لأسواق واقتصادات دول الخليج بسبـب تداعيات الأزمـة الاقتصادية العالمية وآثارها على المنطقة وأسواقها. وقالت إن ذلك يؤثر بدوره على ظروف العمالة بشكل عام في المنطقة، وعلى وجه الخصوص في القطاعات الأكثر تَعرُضاً لتبعات وتداعيات الأزمة (قطاعي الإنشاءات والتجارة). ومع تجاوز تلك التداعيات، واتجاه الاقتصاد العالمي نحو التعافي، أكدت الدراسة استمرار التحديات البنيوية المتعلقة بسوق العمل في الخليج ما لم نضع خُطة لمعالجة جذورها. ونبهت إلى أن الأمر يستوجب النظر في الانتقال من نمط النمو الحالي الذي يعتمد على تراكمية عناصر الإنتاج إلى نمو يعتمد على القيمة الحقيقية المُضافة للاقتصاد، أوالإنتاجية العالية والمتطورة. سياسات جديدة وأكدت ضرورة استحداث سياسات جديدة على درجة من التكامل والمرونة والعمق والاستمرارية تسهم في تحقيق هذه النقلة،لافتة إلى أن الحاجة إلى التحول النوعي إلى الاقتصاد المنتج لا تنفرد بها اقتصادات دول مجلس التعاون، حيث إن تجربة الاقتصادات النامية بشكل عام تشير إلى أن مردود تراكم عناصر الإنتاج يبدأ بالتراجع عند نقطة معينة وبشكل تدريجي ولهذا تضطر اقتصادات هذه الدول إلى اعتماد أنماط مختلفة للنمو وغالبا ما تعتمد الأنماط البديلة على عنصر الإنتاجية لضمان استمرارية النمو، فتنتقل إلى مرحلة التركيز على زيادة معدلات الإنتاجية عبر اعتماد أساليب الإنتاج المتطورة وتخصيص أكثر عقلانية للموارد وتطوير قطاعات النشاط الاقتصادي ذات القيمة المضافة العالية وتشجيع التحديث من خلال استعمال التقنيات الجديدة. تعزيز التنافسية وقالت الدراسة إن الأطر المنظمة لأسواق العمل في الخليج قد أسهمت في تعزيز التنافسية لاقتصادات المنطقة ونموها، كما تسهم إيجابياً بالانتقال نحو اقتصاد منتج في المستقبل. ولفتت إلى أن هذه الأطر تتسم بمرونة فائقة عندما يتعلق الأمر باستخدام، إبرام العقود، تكلفة العامل، وتسريح العمالة. وذكرت أن البنك الدولي صنف في تقاريره السنوية عن بيئة الأعمال في 183 دولة في العالم، دول مجلس التعاون الخليجي ضمن المراكز المتقدمة للدول التي توفر تشريعات وإجراءات مرنة في استخدام العمالة. تطورات السوق وأكدت الدراسة أن مؤسسات سوق العمل تلعب دوراً إيجابياً بتسهيل قدرة أصحاب العمل على التفاعل مع تطورات السوق السريعة وفي الحالات الاستثنائية كما تبين مؤخراً في مواجهة الأزمة المالية العالمية وانعكاساتها على أسواق دول المجلس. وقالت إن غياب المرونة في السوق الداخلية وتقييد انتقال العمالة، بالإضافة إلى انخفاض كلفة العمالة التي يتحملها أصحاب العمل قد يصعب الانتقال إلى المرحلة التالية من التنمية الاقتصادية. وأضافت أن مثل هذه القيود تتسبب في في استفحال ظواهر سلبية متعددة منها الحد من فرص انتقال العامل إلى وظائف تتناسب مع الزيادة المكتسبة في إنتاجيته، والحد من عملية تراكم رأس المال البشري، والضغط باتجاه الإبقاء على مستويات منخفضة في الأجور، وعرقلة استقطاب المهارات العالية. التحديات الرئيسية وتناولت الدراسة التحديات الرئيسية التي تواجهها أسواق العمل بدول مجلس التعاون، وفي مقدمتها التحدي المتمثل بتوفير فرص العمل في القطاع الخاص لمواطنيها، من خلال تسليط الضوء عل جذور هذه التحديات الكامنة في خيارات التنمية الاقتصادية، وما تفرزه من فرص عمل، محددة بذلك السمات الرئيسية لجانب الطلب في سوق العمل، مما يتيح لنا حتى استكمال معالجتنا لمخرجات التعليم كعنصر من العناصر المحددة لخصائص العرض، ورسم صورة متكاملة لمتطلبات الإصلاح. أسواق العمل الخليجية وأفادت الدراسة بأن دول مجلس التعاون الخليجي شهدت، تطوراً غير مسبوق في عملية التنمية الاقتصادية والمؤسساتية والبشرية، ما أدى إلى ارتفاع ملحوظ في معدل دخل الفرد، كما أدى إلى تحسين الخدمات الاجتماعية وفي مقدمتها التعليم والصحة لدى المواطنين الخليجيين. وأشارت إلى انفتاح دول المجلس على الاقتصادات المتقدمة، والناشئة، على حد سواء، وأصبحت تلك الدول أكثر اندماجاً وتلاحماً مع الاقتصاد العالمي، وذلك بمقياس حركة التبادل التجاري، وانتقال رأس المال، وتدفق العمالة الخارجية. وضربت مثلا أنه خلال الفترة الممتدة بين 2000-2008، بلغ نمو الناتج المحلى الإجمالي الفعلي في دول الخليج 5.8% سنوياً، متفوقاً بذلك على معدل النمو السنوي العالمي (4.3%)، وعلى معدلات نمو الدول المتقدمة (2.3%). وزادت: واكب هذا النمو تحولات اقتصادية واجتماعية هامة في جميع دول مجلس التعاون الخليجي، حيث عمدت هذه الدول إلى تنويع اقتصاداتها حتى لا يظل اعتمادها قاصراً على قطاع النفط ونمت مدنها الرئيسية بشكل غير مسبوق. وذكرت أن نمط النمو الذي ساد في منطقة الخليج، اعتمد على الاستثمار في قطاعاتٍ تتطلبُ عمالة مُكثفة بالإضافة إلى قدرة تمويلية كبيرة ومنها، القطاعات المعنية بتطوير البنية التحتية والمشاريع العقارية العملاقة، ما أدى إلى معدلات نمو مرتفعة بفعل تراكم وسائل الإنتاج (أي العمالة ورأس المال) وليس بفعل القيمة الحقيقية المُضافة للاقتصاد، أي بفعل زيادة الإنتاجية. وأضافت أن طبيعة المنطقة الغنية بمواردها المالية ساعدت على تشجيع الاستثمار في تلك المشاريع، ولكن في ظل محدودية أعداد القوى العاملة المواطنة في دول المجلس، ما أدى بدوره إلى اعتماد القطاع الخاص الخليجي اعتمادا مكثَفا على استقدام واستخدام العمالة الوافدة المؤقتة لتلبية الطلب المتزايد على عمالة في غالبيتها الكبرى ذات مهارات متدنية وإنتاجية منخفضة. وتشيرُ الإحصاءات المتوافرة إلى أن معدلات استقدام واستخدام العمالة الوافدة بالقطاع الخاص سجلت ارتفاعاً ملحوظاً في معظم دول المنطقة خلال السنوات من 2000-2005. كما ازدادت تلك المعدلات بوتيرة مُتسارعة في السنوات التي تَلَت ذلك، لِتصل إلى مستويات غير مسبوقة في كل من دولة الإمارات (31%) ومملكة البحرين (17.8%) في عام 2008. ومن حيث النوعية، أفادت الدراسة بأن العمالة بمعظمها تشكلت من الفئات ذات المهارات المتدنية ،حيث لم تتجاوز نسبة الجامعيين من العمالة الوافدة في القطاع الخاص في سنة 2008 ما نسبته 10 في المئة في كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات. بالمقابل بلغت نسبة من هم دون المستوى الثانوي من العمال الوافدين 51% في الإمارات و86% في السعودية، لذا، ووفق الإحصاءات الموثقة لدولة الإمارات على سبيل المثال، فإنَّه لم يصاحبْ الوتيرة المتزايدة في الاعتماد على العمالة الوافدة تسارع مماثل في نمو إجمالي الناتج المحلي الفعلي، مما يؤشر إلى تراجع الإنتاجية. وترتبت على اتساع الفجوة بين وتيرة تزايد العمالة الوافدة من ناحية، ووتيرة تنامي الإنتاج من ناحية أخرى، تداعيات سلبية مرشحة لأن تؤثَر سلبا على استدامة النمو الاقتصادي، و على فرص تشغيل مواطني دول المجلس في القطاع الخاص،بحسب الدراسة. خصائص النمو و لخصت الدراسة المسببات الرئيسية لخصائص النمو في الحاجة إلى تشييد البنية التحتية التي تتناسب مع تطلعات دول الخليج في هذه المرحلة من التنمية، والتي أسهمت في إنجازها الموارد المالية المرتفعة التي تنعم بها دول المنطقة والمتصلة بالثروة النفطية، التضخم في القطاعات التي تتطلب عمالة مكثفة مثل التشييد والبناء، لا سيما المشاريع العقارية التي تغذت من ارتفاع معدلات السيولة في المنطقة، خاصةً خلال الطفرة النفطية الأخيرة، العرض الكبير للعمالة الرخيصة المتوفرة في منطقة جنوب آسيا الذي تلاقى مع متطلبات السوق لهذه العمالة، مما دفع أرباب العمل في دول المجلس إلى التوجه إلى أسواق العمل الآسيوية الغنية بمواردها البشرية، وما واكب ذلك من استخدام تقنيات الإنتاج المتدنية بدلا عن الاستثمار في بناء قدرات ومهارات القوى العاملة الوطنية وزيادة معدلات الإنتاج، إن عدم تطبيق نظام ضريبي والذي غالبا ما تستخدمه الحكومات في تمويل الإنفاق العام مثل مشاريع البنية التحتية والتعليم والصحة، حتّم على الحكومات دعم هذه الخدمات المتوافرة لسائر المقيمين بالدولة، فنتج عن هذه المعادلة المختلة انخفاض التكلفة المباشرة للعمالة جنى ثماره أصحاب العمل، في الوقت الذي يتحمل المجتمع تكلفتها غير المباشرة والمتزايدة. سوق العمل والتنمية الشاملة تتمثل أهم الدروس المستفادة من تطورات السنوات القليلة الماضية في أن سوق العمل يظل انعكاساً حقيقياً لنمط وسياسات التنمية الاقتصادية الشاملة فهو يتأثر بها إلى حدٍ كبير، كما تأكد أنَّ سياسات وبرامج سوق العمل، مثل التدريب والتعيين ونظام الحصص، لن تكون ذات فائدة ونفع بمنأى عن منظومة متكاملة للتنمية الاقتصادية تأخذ في جوهرها ومظهرها طبيعة التركيبة السكانية لدول مجلس التعاون، وطبيعة التحديات التي أصبحنا نواجهها نتيجة للسياسات السابقة والحالية، ومن جانب آخر، فإن تحسين مخرجات التعليم سيعزز بالتأكيد من تأهل المواطنين للالتحاق بسوق العمل، إلا أن الاستفادة القصوى من تأهيلهم تتطلَب أن يفرز سوق العمل فرص عمل مؤاتية ومحفَزة للمواطنين وتتجاوب مع تطلَعاتهم وتقلل الفارق بين القطاع العام والقطاع الخاص. أي أن تصاغ السياسات والأنظمة التي من شأنها تشجيع تطوير رأس المال البشري ليس فقط في المؤسسات التعليمية فحسب بل من خلال التدريب والتعليم المستمر وتطوير المهارات، من جهة، وتسهيل استيعاب سوق العمل للعمالة المواطنة المؤهلة وتوفير المردود المناسب للاستثمار في الموارد البشرية من جهة أخرى. لذلك فأن الشرط الأساسي لتعزيز الاستخدام الأمثل يتطلبُ خطط تنمية تفرز نمواً يعتمد على تعزيز الانتاجية، ويتجنب الاعتماد على تراكم عمالة تفتقر إلى المؤهلات والمهارات العالية، وذلك حتى يُمكن تحقيق التنمية المستدامة التي تتطلع إليها دول مجلس التعاون الخليجي. ويجب أنْ نضع في الاعتبار أهمية أنْ تعملَ سياسات سوق العمل على استكمال هذا التوجه عبر المساهمة في تحسين بيئة الأعمال والتنافسية، وجذب المهارات والمحافظة عليها، وتسهيل المرونة في سوق العمل الداخلي.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©