الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أردوغان: توجهات تركيا الجديدة

2 أكتوبر 2012
جوناثون برتش أنقرة افتخر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، أول من أمس الأحد، بمؤهلات تركيا كقوة ديمقراطية صاعدة، مشيراً إلى أن حزبه الحاكم ذا المرجعية الإسلامية أضحى نموذجاً للعالم الإسلامي بعد عشر سنوات من الحكم. وقال أردوغان، الذي كان يخاطب الآلاف من أعضاء حزبه إضافة إلى زعماء إقليميين في مؤتمر حزب العدالة والتنمية الحاكم، إن زمن الانقلابات العسكرية في هذا البلد البالغ عدد سكانه 75 مليون نسمة قد ولى. كما تعهد بصياغة دستور أكثر تنوعاً وبدء صفحة جديدة في العلاقات مع أكراد تركيا البالغ عددهم 15 مليون نسمة. وقد استمر خطاب أردوغان قرابة ساعتين ونصف الساعة وهدف إلى أن يرسم أجندة الحزب للعقد المقبل. وفي هذا الإطار، قال أردوغان للآلاف من أعضاء الحزب في المؤتمر الذي عقد في ملعب رياضي بالعاصمة أنقرة: "لقد وصفنا أنفسنا كديمقراطيين محافظين، وركزنا على الحقوق والحريات الأساسية"، مضيفاً "وهذا الموقف تجاوز حدود بلدنا وأصبح نموذجاً للبلدان الإسلامية". وكان زعماء مثل الرئيس المصري محمد مرسي، ورئيس قرغيزستان ألماظ بك أتامباييف، ورئيس منطقة كردستان العراقية التي تتمتع بحكم ذاتي مسعود بارزاني من بين ضيوف المؤتمر. وتحت قبضة أردوغان القوية، فاز حزب العدالة والتنمية في ثلاثة انتخابات منذ 2002، منهياً بذلك تاريخاً من الحكومات الائتلافية الهشة التي كانت تتخلل عهودها أحياناً انقلابات عسكرية، مسجلاً أطول فترة لحكومة حزب واحد في تركيا منذ أكثر من نصف قرن. وخلال هذه الفترة، تضاعف دخل الفرد ثلاث مرات تقريباً وأعادت تركيا تأسيس نفسها كقوة إقليمية، في وقت أخذ فيه حلفاؤها ينظرون إلى استقرارها الديمقراطي وثقافتها الإسلامية كنموذج ممكن في منطقة مضطربة. ولكن المنتقدين يتهمون أردوغان بتبني مقاربة سلطوية قائلين إنه يكبح المعارضين ويستعمل المحاكم لإسكات أعدائه. كما يقولون إنه فشل في جلب أي أمل فـي إنهـاء 28 عاماً من النزاع في الجنوب الشرقي الذي تعيش فيه أغلبية كردية. كما أن الأزمة في سوريا المجاورة دفعت تركيا إلى واجهة الدبلوماسية الدولية، حيث تنظر إليها واشنطن كلاعب مهم في دعم المعارضة السورية والتخطيط لمرحلة ما بعد نظام الأسد. وفي هذا الإطار، جدد أردوغان انتقاده لروسيا والصين وإيران، التي تدعم الأسد في وجه الانتفاضة التي بدأت قبل 18 شهراً قائلاً إن التاريخ "لن يغفر لمن يقفون إلى جانب الظالمين". ومن جانبه، كرر الرئيس المصري مرسي هذه المشاعر حيث قال للمؤتمر إن اللجنة الرباعية التي تتألف من مصر وإيران وتركيا والسعودية، وتمثل القوى الإقليمية، ستستمر في الدفع في اتجاه حل للنزاع. وقال في هذا السياق: "لن نهدأ ولن نستقر حتى يقف هذا الدم وحتى تتحقق إرادة الشعب السوري في أن يختار قيادته". وفي خطاب قوي خطابياً وضعيف من حيث التفاصيل، استعرض أردوغان النجاحات التي حققها حزب العدالة والتنمية خلال العقد الماضي ولكنه اعترف بأن تركيا ما زالت تواجه تحديات كبيرة، حيث قال إن بلاده في حاجة إلى دستور جديد يحل محل دستور كتب بعد انقلاب عسكري قبل ثلاثة عقود، ودعا أحزاب المعارضة إلى مشاورات في وقت لاحق من هذا العام. وقال أردوغان: "إننا سنواصل نضالنا من أجل دستور جديد يقوم على الحرية، دستور يسمح بالتنوع". يشار هنا إلى أن أردوغان يفضل الانتقال إلى نظام حكم رئاسي شبيه بالنظام الفرنسي. وليس سراً أنه يطمح إلى هذا المنصب، لأنه لا يستطيع حسب قوانين الحزب الترشح لولاية أخرى كرئيس للوزراء في الانتخابات البرلمانية في 2015. ولكن أردوغان لم يكشف عن معلومات بشأن مستقبله السياسي إذ قال: "إنني سأقوم بأي وظيفة توكل إليَّ". غير أن الخصوم يشعرون بالقلق من إحكام أردوغان لقبضته. ذلك أن بعض السياسيين والأكاديميين والصحفيين يحاكَمون بينما صدرت في حق أكثر من 300 ضابط في الجيش عقوبات سجنية طويلة هذا الشهر بعد أن أدينوا بتهمة محاولة مفترضة لإسقاطه قبل عشر سنوات تقريباً. كما يشكك المنتقدون في جدوى سياسته بخصوص النزاع مع المقاتلين الأكراد في المنطقة الجنوبية الشرقية الجبلية المحاذية للعراق. يشار هنا إلى أن المعارك الأخيرة التي اندلعت هناك كانت من بين الأعنف التي شهدتها المنطقة منذ سنوات. وقد تعهد أردوغان بفصل جديد في العلاقات مع أكراد تركيا، ولكنه دعاهم أيضاً إلى التنديد بعنف مقاتلي حزب العمال الكردستاني، الذي يعتبر منظمة إرهابية من قبل تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وقال أردوغان في هذا السياق: "من اليوم، نرغب في فتح صفحة جديدة ونرغب في جعلها صفحة سلام وأخوة مع إخواننا الأكراد"، مضيفاً "إننا نتوقع من إخواننا الأكراد أن يخطو خطوة نحونا ويرفعوا صوتهم ضد الإرهاب ويقولوا كفى". وكان أردوغان قال في مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي إن وكالات الاستخبارات قد تجري مفاوضات مع حزب العمال الكردستاني عندما يحين الوقت المناسب. ومن جانبه تحدث مسعود بارزاني، رئيس منطقة كردستان العراقية التي تتمتع بحكم ذاتي، حيث قال للمؤتمر: "كشعوب تعيش في هذه المنطقة، علينا أن نتعاون. فليست ثمة مشكلة يمكن حلها عن طريق العنف... إننا سنفعل ما في وسعنا لمساعدة أردوغان على إنهاء إراقة الدماء". يشار إلى أن أنقرة سعت على نحو متزايد إلى استمالة أكراد العراق واستيراد النفط من المنطقة، مما زاد من تدهور العلاقات مع الحكومة العراقية في بغداد. غير أن تركيا أرسلت أيضاً مقاتلات لقصف قواعد حزب العمال الكردستاني داخل كردستان العراق. يذكر أن النزاع الكردي حصد أرواح أكثر من 40 ألف شخص منذ أن قام المقاتلون بحمل السلاح في 1984؛ إلا أنه مع ازدياد حصيلة القتلى يزداد الضغط الشعبي على أردوغان من أجل إنهاء هذه المشكلة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©