الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

"عليا الطرب بالتلاتة" وجبة فاسدة من مجزرة "تاجر اللحوم"

"عليا الطرب بالتلاتة" وجبة فاسدة من مجزرة "تاجر اللحوم"
28 يناير 2007 01:14
القاهرة - إيمان إبراهيم: ''عليا الطرب بالتلاتة'' هو أبغض الحلال السينمائي، فالفيلم الذي حصل على تصريح الرقابة بالعرض العام، ونال حظا وافرا من الرواج والشهرة والإيرادات، هو نفسه الذي نال النصيب الأكبر من هجوم النقاد والصحفيين، وتحول إلى وصمة لم تقف عند حدود الجريمة الفنية، بل وصلت إلى درجة الجريمة الأخلاقية والاجتماعية، بعد اتهام ابطال الفيلم وخصوصا الراقصة دينا والمغني سعد الصغير بإثارة مئات الشباب في وسط القاهرة وتوريطهم فيما عرف اعلاميا بـ''حمى السعار الجنسي'' اثناء أجازة عيد الفطر الماضي، والتي شهدت موجة غير مسبوقة من التحرش العلني بالفتيات والسيدات مما دفع نقابة الممثلين الى التحقيق مع دينا فيما نسب إليها من اتهامات بالتحريض على الفجور داخل الفيلم وخارجه، حيث شاع انها رقصت مع عدد من ابطال الفيلم أمام بعض دور العرض للترويج لفيلمها! واكدت دينا أنها ليست مجنونة لكي ترقص في الشارع وهي ترتدي ''بدلة رقص'' إلا أنها لم تنف الرقص بملابسها العادية، وهي ملابس أكثر إثارة من ''بدلة الرقص'' ذاتها، كما ظهرت في بعض الصور المنشورة لحفل افتتاح الفيلم امام سينما ''مترو'' وسط القاهرة· كما ان الطريقة التي ظهر بها نجوم الفيلم في الفضائيات وتحديدا دينا وسعد وريكو، تعبر عن مستوى لايليق حتى بالنوادي الليلية الرخيصة، سواء من حيث الالفاظ الخارجة والتي وصلت إلى درجة متدنية لايمكن تخيلها، وكذلك من حيث نوعية الملابس، والحركات التي افتقدت أي احساس بالحياء والخجل، أو احترام الجمهور· بين الفن والعري ومصيبة فيلم ''عليا الطرب بالتلاتة'' انه فيلم أو يفترض ان يكون كذلك، فهو ليس مسرحية يمكن الحديث عن تجاوزات وخروج على النص فيها وليس مجرد فقرة راقصة في ملهى ليلي تحتمل التجاوزات، لكنه عمل سينمائي يفترض أن يكون له سيناريو وافقت عليه الرقابة، ويفترض ان يكون له منتج يفهم حدود مايقدمه، وله مخرج يعرف الفرق بين الفن والعري· لكن المشكلة ان السيناريست أحمد عبد الله لم يقف عند المستوى الذي قدمه من قبل في أفلام من نوع ''الناظر''، و''عبود على الحدود''، و''ابن عز'' و''ميدو مشاكل'' و''55 اسعاف'' و''غبي منه فيه''، و''اللمبي'' وغيرها· لكنه تحت تأثير المنتج أحمد السبكي القادم من مجال تجارة اللحوم فتح السيناريو لكل مكونات مايسميه النقاد ''خلطة السبكي'' التي بدأها معه عبد الله بفيلم ''لخمة راس'' الذي ضم أيضا المخرج أحمد البدري والمغني سعد الصغير· وراهن السبكي على تقديم أكبر قدر من الأغنيات والرقصات الغريبة والألفاظ المبتذلة، وانصاف النجوم القادرين على إثارة وجذب قطاعات من جماهير ''الفيديو كليب'' حولهم، ولذلك ضم لفريق العمل كلا من ريكو ومحمد عطية وسعد الصغير والراقصة دينا، واتفق بالفعل مع المغنية اللبنانية ماريا ليحقق من خلالها ما حققته له مروة اللبنانية من دعاية وضجة في فيلم ''حاحا وتفاحة''، لكن نقابة الممثلين المصريين رفضت منح ماريا ترخيصا بالعمل بسبب الصور التي نشرت لها وهي ترقص بقدميها فوق تورتة عيد ميلادها· إسفاف غنائي ولم ييأس السبكي واستطاع تشكيل فرقة العوالم السينمائية الخاصة بفيلمه الجديد بقيادة جماعية تصدرتها على المستوى النسائي دينا التي بدت كما لو أنها تدافع عن ''شرف الرقص'' المصري في مواجهة اللبنانيات بعد غيابها عن شاشة السينما أكثر من خمس سنوات· ورغم انها لم تغن مثلما قامت مروة بالمهمة المزدوجة على طريقة ''الصراحة راحة''، فانها كثفت كل جهودها في الرقص على أغاني سعد الصغير وفرقته، وريكو وفرقته، بل ومن دون هذا ولا ذاك أيضا، ومن ''العنب العنب'' إلى ''البلح البلح'' إلى ''بحبك ياحمار'' مرورا بأغان من نوع ''يابلح يابلحلح أوعى حد يقبح''، و''خللي الكلام ع الهادي ياموز مضروب في زبادي''، و''احنا العيال البيئة الطحن·· على غرزة بلدي تلاقينا، وعلى عربية فول بطحينة·· دماغنا دايما معلينا ومش محتاجة شحن·· احنا العيال البيئة الطحن''· ومثل هذه الكلمات تعبير دقيق عن الفيلم ومستواه ''البيئة الطحن'' وهي أيضا تعبر عن مناخ تدخل فيه ''دينا'' معركة إثبات الذات من أجل تأكيد زعامتها لحزب هز الوسط، وأحقيتها بنظارة مدرسة الإثارة بالجسد· كما أنها مناخ يدخل فيه سعد الصغير معركة محو ذكرى ''علي سبايسي'' الشهير بـ''حكيم'' من ذهن آل السبكي ومن اهتمام الجمهور أيضا، لذلك بالغ في تقديم وصلات التنطيط والصراخ التي تنافست الفضائيات في عرضها بشكل هيستيري ضاعف من إقبال الجمهور المستلب والمستسلم على مشاهدة الفيلم الذي لم يرهق فيه السيناريست أحمد عبد الله نفسه بكتابة اي مشاهد درامية، وترك الأمور تمضي على طريقة الكوميديا الارتجالية وتوزيع الأغاني بين المطربين الثلاثة بالعدل، وإعطاء كامل الحرية لكل من يريد تصنيع وإلقاء ''الإفيهات'' بدون تحديد حد أدنى لمستوى الهبوط الأخلاقي واللغوي· فعلى سبيل المثال خسرت ريهام عبد الغفور في هذا الفيلم اعز ماتملك وهو لقب ''ممثلة السينما النظيفة''· هذا الفيلم لايحتاج إلى نقد فني، بل يحتاج إلى محاكمة أخلاقية واجتماعية، أو على أقل تقدير يحتاج إلى مرثية لأحوال الفن والفنانين الذين تدنوا إلى هذا المستوى بحثا عن مزيد من الشهرة والمال باسم المنافسة على أكبر حصيلة من إيرادات شباك التذاكر والتي أصبحت هي المعيار للنجومية والنجاح في سينما ''الجزارين'' و''تجار الأدوات الصحية''، ولذلك فإن أي حديث عن عناصر السينما السبعة من سيناريو وتصوير وتمثيل وديكور وموسيقى ومونتاج وإخراج، يصبح نوعا من التورط الاختياري في مثل هذه الجرائم السينمائية، أو على الأقل التستر على مرتكبيها، وفتح باب المناقشة فيما يجب رفضه من حيث المبدأ، وفي النهاية لايبقى أمامنا أي مدخل نقدي للتعامل مع تجار السينما الفاسدة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©