لنحافظ على النعمة

موقف يستحضرني دائماً ولا يغيب عن بالي، عندما رأيت والدي يجمع الأدوية المخصصة له، ويضعها في كيس، تقدمت إليه وسألته عما يقوم به، قال لي: ''سأعيد هذه الأدوية إلى المستشفى، لأنني لم أنتفع بها، ولقد وصف لي الطبيب أدوية غيرها، ولم يحن وقت انتهائها، فقررت أن أعيدها إلى المستشفى فربما غيري سيحتاج إليها''· قلت له: ''يا أبي، لا تقلق نفسك في هذا الأمر، إن الدولة تصرف الملايين لتوفير الأدوية للشعب، ونحن في نعمة وخير والحمد لله''· قال لي: الحمد لله لأننا في نعمة يجب علينا المحافظة عليها، وعدم التبذير قال تعالى: ''إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين''، وإن قمت بهذا العمل وقام غيري بمثله سوف نوفر على الدولة القليل من أقساط انتاج الدولة للأدوية، وسوف نستفيد من ذلك التمويل في مجالات أخرى كالصناعة والتجارة وتمويل الأبحاث العلمية، يا ابنتي كل الأمور تبدأ صغيرة، ثم تقوى وتزدهر، وهذه المباني التي تنظرين إليها عالية، كانت مجرد رسومات على الورق، انظري كيف أصبحت الآن ترتفع الأبصار لرؤيتها، وأحياناً لا تُرى من علوها· يا ابنتي، إن قول الحمد لله على النعم التي أنعم الله بها علينا صحيح، والأصح أن نحافظ على هذه النعمة، قد تتعجبين من تصرفي هذا الآن، ولكن سرعان ما يصلك قصدي مع الأيام· ثم اقترب مني ووضع يده على كتفي وقال يا ابنتي لا تنتظري أن تصفعك الدنيا لكي تتعلمي، بل كل لحظة في حياتك دعيها حصة تفهمين فيها الحياة، وتدبري عظمة الخالق في الوجود، واستجمعي الأدلة والبراهين من القرآن الكريم، وليكن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم لك باب اليقين· خديجة صالح محمد عامر اسحاق العين ـ السليمات