السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بين الإنصاف والإجحاف

20 يناير 2007 22:54
تلجأ كثير من المؤسسات الحديثة عند تقييم أداء عمل الموظفين والعاملين لديها إلى ما يعرف بتقارير تقييم الأداء والتي تعدها تلكم المؤسسات بنفسها أو تستعين بأصحاب الاختصاص والدراية والخبرة في إعدادها، وكثيراً ما تختلس بعض المؤسسات نماذج لتقارير تقييم الأداء من مؤسسات أخرى لتطبقها في بيئة عملها التي تختلف كل الاختلاف عن بيئة عمل المؤسسة المختلس عنها، ونادراً ما تكون هذه التقارير قائمة على معايير علمية صحيحة وعلى ضوء ما يأتي في هذه التقارير وبحسب الأنظمة المتبعة في كل مؤسسة يقيم أداء الموظف والعامل فهل ما يأتي من تقييم في هذه التقارير هو الصورة الصادقة والناصعة عن أداء الموظف والعامل؟ أم انها خلاف ذلك ومجرد شيء عادي جرت عليه سنن هذه المؤسسات في تقييمها لأداء عمل الموظفين والعاملين؟· يرى بعض الناس أنها أداة مهمة في تقييم عمل الموظف والعامل لا يمكن التخلي عنها بأي حال من الأحوال كونها تدل على وجاهة المؤسسات الحديثة في السير على أحدث النظم الإدارية - وكثيراً ما يؤيد هذا الرأي رؤساء الأقسام ومديرو الإدارات والمسؤولون عن العاملين - أما بعضهم الآخر فيرى أنها وسيلة مضللة لا تعطي أي معنى حقيقي عن أداء الموظف والعامل، وبدلاً من أن تكون معه فهي ضده - وهذا الرأي كثيراً ما يصدر عن عامة الموظفين والعاملين ومن هم دون ذلك - هذا الاختلاف بين الآراء يطرح بين الموظفين والعاملين في أروقة الأقسام والإدارات المختلفة بالمؤسسات الحديثة، وقبل أن نميل في رأينا إلى أحد الأطراف في نظرتهم إلى تقارير أداء الموظفين، تتمخض بعض الأسئلة المهمة: من هو الإنسان الجدير بتقييم الآخرين من الموظفين والعاملين؟ وهل تقييمه للموظف والعامل أقيم بناءً على رأي شخصي وهوى وميل منه؟ أم أنها حقيقة ينظر إليها بعين الاعتبار؟ وماذا عن تلكم المعايير الموضوعة سلفاً في تقرير تقييم الأداء قبل أن يخط عليها القلم فيصيب أو يخطئ؟· إن الموظف بطبيعة الحال إنسان يجري عليه ما يجري على الطبيعة البشرية، وكذلك المقيم له إنسان مثله - لا يظن أنه دون ذلك في المنزلة - يقصران ويفلحان، يخطآن ويصيبان ولكن الخطأ العمد عند التقييم مما أؤتمن بتقييم الآخر أعظم ذنباً وأشنع جرماً والذين يباركون هذا التقييم المغلوط دونما أخذ ورد لما جاء فيه لا يقلون شأناً عمن قد أؤتمن بالتقييم في الاشتراك بالذنب والجرم إذا ما رضوا بخلاف الحق دون أخذ على يد المؤتمن بالتقييم إذا ما أراد خلافه· وحتى تكون تلكم التقارير منصفة إلى أبعد الحدود موضوعية واقعية فيما وجد فيها من معايير للتقييم أمينة ونزيهة فيما ذهبت إليه مبتعدة عن أكثر الآراء والأهواء والتضليل في شأن الموظفين والعاملين، طاغية فيها أكثر الحقائق عنهم، متحرية للدقة لصالحهم فإن المؤتمن عليها والخاط بيده فيها ينبغي أن تتوافر فيه ما يتوافر في معايير تقارير تقييم الأداء نفسها، من ذلك أن يكون منصفاً في تعامله مع الآخرين صادقاً في حديثه إذا ما حدث، أميناً فيما أوكل إليه، أداؤه على ما يرام نزيهاً لا يهمه درهم ولا دينار الا ما كان حلالاً طيباً، فإذا ما فقدت أي واحدة من أهم تلكم الصفات في شخص المقيم - كائناً من كان - فإن تلكم التقارير صارت إذا ما أخبرت كذبت، وإذا ما أؤتمنت خانت، وبهذا فقدت الهدف الذي من أجله وجدت بعدما كانت أداة طيبة لتقييم أداء الموظف والعامل فخبثت لتتحول بعد ذلك من تقارير تقييم أداء إلى طلاسم سحرية وأحاج هزلية، وألعوبة طريفة بأيدي السفهاء في حق إنسان كريم وشريف ينشد العدل والإنصاف بحق ونزاهة وأمانة لا يرضى بالظلم والإجحاف· إن تقارير تقييم الأداء هذه مسألة هينة من مسائل الدنيا تؤخذ وترد بين مؤيد لها ومختلف عليها، أما المسألة العظيمة لا أخذ ولا رد عليها - إلا برحمة من الله - فهي في تلكم الصحف المطهرة المرفوعة المكرمة التي لا يمسك بها إلا السفرة ولا يخط عليها إلا الكرام البررة، فما يلفظ من قول إلا سجل فيها فأين نحن عنها؟ ما أظن عاقلاً يدرك أن عليه رقيباً لأقواله وأفعاله تغيب عن ذهنه تلكم اللحظة، عندما يتناول كل منهم كتابه فمنهم من يأخذه بيمينه ومنهم من يأخذه بشماله عندها سيرى كل منا ما جنته يداه - أنصف أو أجحف - وعندها سيوفي كل شخص الجزاء الأوفى - أحسن أم أساء - وان ضاع حق وغاب في تقييم أداء دنيء دنيوي فإنه لن يضيع حق لأحد عند حجم عدل·· فصبر جميل· منصور محمد المهيري
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©