الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المُخرج برلسكوني... دراما إيطالية جديدة

4 أكتوبر 2013 23:23
يحتمل أن تفسد العاصفة السياسية التي تختمر في إيطاليا الهدوء الذي يسود منطقة اليورو. ولا يسع زعماء أوروبا إلا أن يأملوا في أن تمنع الأسواق على نحو ما ثالث أكبر اقتصاد في الاتحاد من التراجع بعيداً في مسعى لإبقاء ديونه تحت السيطرة. وكان رئيس الوزراء الإيطالي السابق سيلفيو برلسكوني قد بدأ أحدث دراما يوم 27 سبتمبر عندما سحب دعمه لحكومة الائتلاف. وقد استقال خمسة وزراء من حزب «شعب الحرية» الذي يرأسه برلسكوني، ما دفع رئيس الوزراء أنريكو ليتا لأن يقترح إجراء تصويت بالثقة. ولذا فهناك فرصة كبيرة لأن تجد إيطاليا نفسها دون حكومة في وقت يتعين فيه إقرار ميزانية العام المقبل. والأساس المنطقي الذي يعلنه برلسكوني هو أن الائتلاف فشل في شطب زيادة في ضريبة القيمة المضافة كانت حكومة التكنوقراط السابقة تزمع فرضها. وفي الواقع فقد طالب برلسكوني وزراءه بالاستقالة ليستبق أيضاً طرده من البرلمان عقب إدانته في قضية تهرب ضريبي. وإذا كان لنا أن نعول على شيء واحد في إيطاليا فهو حرص برلسكوني على الظهور في الصفوف الأولى بشكل دائم. ومهما يكن من الحافز الذي يحرك برلسكوني، فمن شبه المؤكد أن يؤدي مسعاه إلى انتخابات جديدة -ولكن السؤال الواقعي الوحيد هو موعد حدوث ذلك. ويسعى رئيس الوزراء «ليتا» جاهداً لتوفير دعم ما يكفي من أعضاء حزب «شعب الحرية» ليتفادى الاضطرار إلى تصويت الثقة وحتى تواصل حكومته العمل إلى العام المقبل على الأقل. ويبدو أنه قد أحرز بعض التقدم، فأعضاء كبار من حزب «شعب الحرية» باتوا يقولون إنهم لا يريدون الإطاحة بالحكومة. وحتى الآن، فلا رد من السوق على طرائف برلسكوني فلم ترتفع العائدات على سندات الحكومة الإيطالية إلا قليلاً. وإذا كانت هناك انتخابات مبكرة فمن الصعب تخيل أن تكون ردود الفعل إيجابية. وسيتساءل المستثمرون محقين عما إذا كانت إيطاليا ستستطيع إقرار ميزانية عام 2014. وهذا سيلقي في النهاية بظلال من الشك على فضيلة إيطاليا الأولى في الادخار: وهي قدرتها على الإبقاء على عجز صغير في الميزانية يكفي لمنع عبء دينها الكبير للغاية من الخروج عن نطاق السيطرة على رغم النمو الاقتصادي مزمن الانخفاض. ومن المفترض ألا تستطيع البلاد بالفعل تحقيق هدف ميزانية عام 2013 الذي اتفقت عليه مع الاتحاد الأوروبي. وقد تتفاقم مخاوف السوق بسبب شركات التصنيف الائتماني وجميعها عازمة على خفض تصنيف إيطاليا بسبب عدم الاستقرار السياسي. وقد يضطر مستثمرون ملتزمون بألا يحتفظوا بديون إلا عند معدل تصنيف معين، إلى بيع سندات الحكومة الإيطالية. وقد تواجه البنوك الإيطالية أيضاً قيوداً أشد على مقدار النقد الذي يمكنها أن تقرضه في مقابل ضمان السندات الحكومية، ما يؤدي إلى تعقيد جهودها لتحسين ميزانياتها قبل جولة جديدة من اختبارات البنك المركزي الأوروبي العام المقبل. وقد تغوص انتخابات مفاجئة أيضاً بإيطاليا في فوضى إجرائية. ففي الثالث من ديسمبر، من المقرر أن تقضي المحكمة الدستورية بشأن مشروعية النظام الانتخابي الإيطالي، وهو قرار قد يتطلب أن تعدل الحكومة قوانين الانتخابات. وبحسب توقيت التصويت فقد ينتهي الحال بإيطاليا إلى عدم وجود حكومة لإجراء تعديلات مطلوبة كي تكون الانتخابات مشروعة. ومن جانبها اتصلت ميركل بـ«ليتا» يوم الاثنين الماضي مذكرة بأهمية الاستقرار السياسي في إيطاليا بالنسبة لأوروبا. وإذا تعرض السياسيون الإيطاليون لضغط كافٍ من الدول الأوروبية الأخرى والأسواق يمكن تفادي إجراء انتخابات مبكرة. ويعتزم الرئيس الإيطالي جيورجيو نابوليتانو، وهو المسؤول عن حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات جديدة، استكشاف كل البدائل قبل أن يسمح بإجراء تصويت مبكر. وقد يكون أفضل البدائل أن يؤيد الأعضاء المعارضون في حزب «شعب الحرية» وحركة خمس نجوم المناهضة لإجراءات التقشف الحكومة الحالية وأن يكون ذلك مع تغيرات وزارية. وبدون عمل هذا فقد يظل «ليتا» يتزعم حكومة أقلية إذا قدم أعضاء حزب «شعب الحرية» وحركة خمس نجوم دعمهم لإقرار ميزانية عام 2014 والقانون الانتخابي الجديد. وقد أشار برلسكوني نفسه إلى أنه قد يدعم مثل هذه الحكومة فيما يتعلق بالميزانية إذا تضمنت إجراءات يوافق عليها. ويتمثل الخيار الثاني في تنصيب حكومة تكنوقراط مؤقتة كما حدث عام 2011 عندما أصبح ماريو مونتي رئيساً للوزارة. وبالتأكيد فإن تجنب انتخابات مبكرة ليس إلا تأجيلاً لما لا مفر منه. ويبدي برلسكوني بالفعل رغبته في سحب دعمه بمجرد أن تجري الأمور بما لا يشتهي. والحكومة ستظل غير مستقرة إلى حد كبير وغير قادرة على تطبيق أنواع من التعديلات في الإنفاق العام والعمل والسوق التي يطالب بها المستثمرون والاتحاد الأوروبي معاً. ويجب على الاتحاد الأوروبي ان يواصل الضغط على إيطاليا للحفاظ على تماسك حكومتها إلى حين اقرار ميزانية عام 2014 وقانون الانتخابات. ومع توافر مساحة قليلة من القدرة على الحركة يجب على زعماء أوروبا أن يمضوا في العمل لترسيخ الاتحاد المصرفي والسياسي والاقتصادي والمالي المطلوب حتى تعود إيطاليا إلى مسار قابل للاستمرار على المدى الطويل فيما يتعلق بالديون. ميجان جرين كبيرة الباحثين الاقتصاديين في مركز مافريك إنتلينجنس للأبحاث الاقتصادي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©