الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الحكومة المصرية تواجه مأزق بطلان عقود شركات الخصخصة

الحكومة المصرية تواجه مأزق بطلان عقود شركات الخصخصة
9 أكتوبر 2011 22:45
محمود عبدالعظيم (القاهرة) - كلف مجلس الوزراء المصري لجنة حكومية متخصصة لبحث ملف الشركات العامة التي جرى بيعها ضمن برنامج الخصخصة الذي كانت تنفذه الحكومات السابقة ومصير هذه الشركات حال صدور أحكام قضائية جديدة بفسخ عقود بيعها وإعادتها إلى الدولة. وتشمل مهام هذه اللجنة التي تضم خبراء قانونين واقتصاديين وعماليين ومندوبين عن وزارات المالية والقوى العاملة والاستثمار والتعاون الدولي والجهاز المركزي للمحاسبات والرقابة الإدارية وجهات حكومية أخرى، بحث واقتراح سيناريوهات تعامل الدولة مع الأحكام الجديدة في حالة صدورها. وتواجه الحكومة استحقاقات في حالة عودة بعض الشركات إلى ملكية الدولة، أهمها تحمل أجور العمال، وضخ استثمارات جديدة لتعويم هذه الشركات، وإعادتها إلى عجلة الإنتاج، إلى جانب تحمل الديون المستحقة للبنوك، وتعويض المشتريين لهذه الشركات، وسداد قيمة ما سبق أن دفعوه للحكومة عند شراء هذه الشركات قبل عدة سنوات. والمقرر أن تبدأ هذه اللجنة عملها خلال أيام، خاصة أن الحكومة تواجه مأزق الحكم الذي أصدرته دائرة الاستثمار في مجلس الدولة مؤخراً ويقضي بفسخ عقود بيع ثلاث شركات حكومية بارزة ضمن برنامج الخصخصة وإعادتها إلى الدولة، وهي النصر للمراجل البخارية التي تم بيعها لمستثمر أميركي بالشراكة مع الشركة الوطنية للصناعات المعدنية إحدى شركات مجموعة “أوراسكوم”، وشركة طنطا للكتان التي تم بيعها للمستثمر السعودي عبدالإله الكعكي، وشركة شبين الكوم للغزل والنسيج والتي تم بيعها لأحد المستثمرين الهنود “شركة أندوراما”. ورغم أن الحكومة المصرية لم تعلن حتى الآن عن كيفية التعامل مع هذه الأحكام، فإن اتجاهاً يشير إلى بدء اتخاذ خطوات تنفيذية لتسلم هذه الشركات الثلاث، وتعويض المستثمرين في حالة عدم لجوئهم إلى التحكيم الدولي أو الطعن على هذه الأحكام أو الدخول في منازعات مع الحكومة المصرية داخلياً أو خارجياً. ويأتي القرار الحكومي بتشكيل هذه اللجنة في ضوء ما تبين من أن هناك نحو 50 شركة حكومية قد تم بيعها مهددة بصدور أحكام بعودتها إلى الدولة، وفسخ عقودها، حيث يجري حالياً نظر العديد من الدعاوى القضائية بخصوص هذه الشركات أمام مجلس الدولة، وأحيل بعضها إلى هيئة مفوضي المجلس لصدور تقارير نهائية بشأنها تمهيداً لصدور أحكام في هذه الدعاوى خلال الشهرين المقبل. وتشمل هذه الدعاوى المنظورة أمام القضاء الإداري شركات شهيرة أثير جدل كبير عندما تم بيعها قبل سنوات بعد أن تردد وجود إجراءات غير قانونية شابت عمليات البيع واستنادها إلى تقييمات غير واقعية لا تتناسب مع الأوضاع المالية والإنتاجية لهذه الشركات، وهما النقطتان اللتان تم الارتكاز عليهما في دعاوى إبطال بيع هذه الشركات. وتشمل قائمة الشركات المهددة بفسخ عقود بيعها كل من شركة إسمنت بني سويف وشركة النيل لحليج الأقطان وشركة شيكوريل والشركة العربية لحليج الأقطان وبنك الإسكندرية، إلى جانب دعوى تطالب بإبطال اتفاقية التنقيب عن الذهب في منجم السكري التي وقعتها حكومة نظيف مع إحدى الشركات الأسترالية. القضاء الإداري وأحال القضاء الإداري دعوى بطلان بيع 95% من أسهم إسمنت بني سويف إلى شركة لافارج الفرنسية إلى هيئة مفوضي الدولة لإصدار تقرير نهائي بشأنها تمهيداً للفصل في الدعوى التي استندت إلى أن الدولة خصصت للشركة أراضي بسعر جنيهين فقط للمتر بما يمثل 13 مليون جنيه فارق سعر، وتم بيع الشركة بالكامل بمبلغ 530 مليون جنيه، بينما قدر الجهاز المركزي للمحاسبات قيمة الشركة في عام 1999 بنحو 1,5 مليار جنيه، كما جرى إعفاء “لافارج” من سداد بقية قيمة قرض ياباني كانت إسمنت بني سويف قد حصلت عليه بضمان الحكومة بمبلغ 760 مليون جنيه، وهو القرض الذي تم استخدامه في إنشاء المصنع على مساحة 478 فدانا بمدينة بني سويف الجديدة. كما تشمل القائمة دعوى بطلان بيع شركة النيل لحلج الأقطان، حيث كانت الدولة قد طرحت كامل أسهم الشركة في البورصة، وحصل العمال على 10% من هذه الأسهم، بينما احتفظت الشركة القابضة للغزل بنحو 37% والبقية تداول حر في بورصة الأوراق المالية، وسرعان ما قررت القابضة للغزل في عام 2001 بيع حصتها لتصبح الشركة حالياً مملوكة لنحو 9 آلاف مساهم. أما شركة شيكوريل - إحدى شركات التجارة الداخلية والتي كانت تحتل المرتبة الثانية بعد شركة عمر أفندي - فقد تمت تصفيتها وبيع أبرز أصولها إلى بنك فيصل الإسلامي المصري الذي يتخذ منها حالياً مقراً رئيسياً له في شارع 26 يوليو بوسط القاهرة. وتضمنت قائمة الشركات المهددة بفسخ عقود بيعها العربية لحلج الأقطان والتي تعد إحدى أبرز صفقات الخصخصة المثيرة للجدل، حيث جرى بيعها قبل عدة سنوات مجموعة من المستثمرين الأفراد على رأسهم وزير الزراعة الأسبق أمين أباظة الذي يحاكم حالياً بتهمة تسهيل استيلاء وبيع أراض في سيناء كانت مخصصة لشباب الخريجين لعمرو منسي نجل أحمد منسي أمين الفلاحين بالحزب الوطني المنحل. وفي هذه الدعوى، تقوم هيئة مفوضي الدولة حالياً بفحص وإعداد تقرير في ضوء محاضر تقويم الشركة والأسس التي اعتمدت عليها وجمعياتها العمومية وقرار اللجنة الوزارية للخصخصة الذي صدر منتصف التسعينيات من القرن الماضي وقرارات بيع محالج الشركة، بالإضافة إلى عقود البيع، حيث كانت الشركة تمتلك 14 محلجاً تم بيع أراضيها في ما بعد بمعرفة هؤلاء المستثمرين كأراض سكنية رغم أنها مخصصة للنشاط الصناعي. وفي عام 1995، تم إدراج هذه الشركة في البورصة برأسمال مرخص قدره 100 مليون جنيه، ورأسمال مصدر ومدفوع قدره 11,2 مليون جنيه، ثم جرى بعد ذلك بيعها لهؤلاء المستثمرين بنحو 11 مليون جنيه، بينما تمتلك 14 محلج قطن على مساحة 609 آلاف متر قيمتها الدفترية 136 مليون جنيه وقيمتها السوقية أكثر من مليار جنيه، وباع هؤلاء المستثمرون نحو 60 ألف متر مربع في محلج زفتى تقدر قيمتها الدفترية بنحو 13 مليون جنيه بمبلغ 85 مليون جنيه. أما الدعوى الأكثر أهمية، فهي تلك التي تأجلت إلى جلسة 14 أكتوبر الجاري لنظر بطلان صفقة بيع بنك الاسكندرية إلى مجموعة انتساسان باولو الإيطالية في عام 2006، حيث تدخل في الدعوى عدد كبير من موظفي البنك. وأكدوا أن الصفقة أهدرت نحو 3,5 مليار دولار من المال العام، حيث تم بيع 80% من أسهم البنك مقابل 1,6 مليار دولار بما يوازي 9,2 مليار جنيه في ذلك الوقت حسب القيمة الدفترية، بينما يؤكد خبراء اقتصاديون -حسب الدعوى المقامة- أن قيمة البنك السوقية لم تكن تقل عن 5,5 مليار دولار. وتشير أوراق الدعوى إلى أنه تمت إعادة هيكلة البنك وتنظيف محفظته من الديون الرديئة قبل البيع بتكلفة قدرها 9 مليارات جنيه وكانت أرباحه قد وصلت، وفقاً لأخر ميزانية قبل بيعه للمجموعة الإيطالية إلى 532 مليون جنيه سنوياً. وتشمل قائمة الدعاوى دعوى بطلان اتفاقية التنقيب عن الذهب في منجم السكري منذ عام 2004 مع شركة “سنتامين مصر” والتي تحصل بمقتضاها على 50 بالمئة من الذهب المستخرج، بينما تلتزم باستثمار نحو 430 مليون دولار. صيغة توافقية وأكد خبير التمويل والاستثمار رائد علام، ضرورة البحث عن صيغة توافقية بشأن هذا الملف الشائك نظرا لتداعياته الخطيرة على الأوضاع الاقتصادية والاستثمارية بالبلاد؛ لأن عودة الشركات السابق بيعها الى الحكومة تعني العديد من التساؤلات بشأن مستقبل هذه الشركات والعمالة القائمة بها والعمالة التي خرجت بنظام المعاش المبكر سواء كان ذلك قد تم بارادتها الحرة أو خرجت مجبرة. وكذلك مصير المديونيات على هذه الشركات والتزاماتها المختلفة تجاه مختلف الأطراف والسوق وماذا سيكون التصرف في حالة أن يكون مشتري هذه الشركات قد نقلوا بعض أصولها إلى شركات أخرى يملكونها أو رهنوا هذه الأصول مقابل مديونيات للبنوك وغيرها من الأمور التي ربما ستفاجأ بها الحكومة مع كل شركة يصدر بشأنها حكم قضائي بفسخ عقد بيعها. وقال إن اللجنة الحكومية يجب أن تضع في اعتبارها كل الاحتمالات وتكون مستعدة للتعامل معها وفق سيناريوهات بديلة بما في ذلك خيار لجوء هؤلاء المستثمرين الى التحكيم الدولي الأمر الذي يتطلب ضرورة اعداد فريق دفاع قانوني مؤهل ومدرب للتعامل مع هذا الملف.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©