الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تداعيات اجتماعية لخطط التقشف اليونانية

8 أكتوبر 2011 22:32
لأربع وعشرين ساعة وطيلة يوم الأربعاء الماضي، دخل القطاع العام اليوناني في حالة من الغيبوبة التامة بعدما عمه الشلل وتوقفت الحكومة عن العمل. فقد تعطلت الرحلات الجوية وأغلقت المدارس الحكومية أبوابها ومعها الإدارات ومختلف المصالح والهيئات إثر خروج عشرات الآلاف من الموظفين إلى الشوارع تاركين مقرات عملهم للاحتجاج على الحزمة الجديدة من إجراءات التقشف الحكومية والخفض الكبير في النفقات التي تسنها الحكومة للتعامل مع أزمة الديون المستفحلة، والتي رغم كل التدابير القاسية للحكومة، لا يبدو أنها في طريقها إلى حل قريب. ويعد هذا الإضراب الشامل الذي هز اليونـان -بتنظيم من أكبر اتحادين للنقابـات في البلد- الأول من نوعه منذ أن أعلنت الحكومة الاشتراكية المتخبطة في الشهر الماضي عن حزمة جديدة من الإجراءات التقشفية التي تشمل هذه المرة تقليص أكثر للمعاشـات، وفرض ضرائب جديـدة على العقار والممتلكات، والكشف عن خطط لتسريح ما لا يقـل عن 30 ألف موظف في القطاع العام مع نهاية العام الجاري، وذلك كله في محاولة يائسـة للحيلولـة دون إشهار البلاد للإفلاس ودخولها مرحلة من الاضطراب الاقتصادي الذي ينذر بالانهيار الكلي. فقد تدفق أكثر من 15 ألف محتج إلى شوارع العاصمة أثينا، وتوجهوا إلى مبنى البرلمان الكبير في وسط العاصمة يدقون الطبول ويطلقون صفير الاحتجاج، مرديين شعارات وأناشيد تندد بالإجراءات التقشفية للحكومة وخططها لخفض النفقات. ومن بين الأوصاف التي أطلقها المحتجون على المسؤولين الحكوميين الذين يحملونهم مسؤولية ما آلت إليه أوضاع البلد:"اللصوص وناهبو المال العام والمحتالون". لكن الاحتجاجات التي كانت سلمية في بدايتها سرعان ما جنحت إلى العنف بعد ازدياد التوتر في الشارع وانطلاق مجموعة من الشباب ورشقهم لرجال الشرطة بالحجارة حيث دخلوا في صدامات معهم أمام مبنى وزارة المالية، الذي يعتبرونه أساس المشاكل التي تمر بها اليونان، والمكان الذي تقرر فيه الإجراءات التقشفية. وخلال المواجهات التي اندلعت بين الشرطة والمحتجين، تم اعتقال عشرة أشخاص بعدما اضطر رجال الشرطة لاستخدام القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين ودفعهم إلى الشوارع الخلفية بعيداً عن المباني الحكومية. وقد شوهد رجل ينزف من جرح في رأسه، فيما خضع اثنان من رجال الشرطة للعلاج بعدما تعرضوا لإصابات بسبب الحجارة التي قذفت عليهم. ولم تقتصر الاحتجاجات على خطط التقشف القاسية التي فرضها الدائنون من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي على العاصمة، بل امتدت أيضاً إلى مدن رئيسية أخرى بما فيها "تيسالونيكي" في الشمال، فيما دخلت البلاد حالة من الشلل العام أوقف جميع الخدمات. وجاء الإضراب العام الذي امتد ليوم كامل عقب إعلان الحكومة اليونانية أنها لن تتمكن من الوفاء بتعهداتها للدائنين وبلوغ الأهداف المسطرة بحلول عام 2012 كما كان يُعتقد في السابق، وهو الاعتراف الذي أدى إلى تأجيل دفع 11 مليار دولار من خطة الإنقاذ المقدمة إلى اليونان حتى شهر نوفمبر المقبل، ومن دون دفعة الإنقاذ التي تنتظرها اليونان لن تكون البلاد قادرة على دفع فواتيرها والوفاء بالتزاماتها المالية ما سيفضي إما إلى إعادة جدولة الديون البالغة حوالي 500 مليار دولار، أو إشهار الإفلاس التام والدخول في مرحلة أخرى أكثر سوءاً، ليس فقط على البلاد، بل على الاقتصادات الأوروبية كلها. ولتهدئة الأسواق المتخوفة من تخلف اليونان عن سداد ديونها واحتمال الإفلاس، أكد وزير المالية "إيفانجيلوس فينيزيلوس" أن بلاده ما زالت قادرة على دفع المعاشات والرواتب وتسديد فوائد السندات إلى المستثمرين. وحذر المراقبون من أن تخلف اليونان عن السداد وعجزها عن دفع مستحقاتها من الديون كما هو محدد سيلحق ضرراً فادحاً بالبنوك الأوروبية التي تتحمل أكثر من 60 مليار دولار من الدين اليوناني. لكن المواطنين في اليونان الذين يتحملون العبء الأكبر من الركود الاقتصادي وارتفاع كبير في معدلات البطالة لم يجدوا أمام هذا الوضع المتردي سوى النزول إلى الشارع للتعبير عن احتجاجهم ورفض الإجراءات التقشفية الآخذة في الازدياد مع عجز الحكومة عن سداد ديونها. وفي إشارة إلى رفضهم تحمل الأعباء الثقيلة أحرق المحتجون فواتير الضرائب ونظموا اعتصامات أمام المقار الحكومية، لا سيما وزارة المالية، كما أن إضراب يوم الأربعاء الماضي جاء ليؤكد حسب المراقبين خطورة الوضع في اليونان واحتمالات التفجر الاجتماعي في حال تنامت الضغوط على فئات الموظفين، وباقي الشعب لتسديد فاتورة الفشل الحكومي والإفراط في الإنفاق الذي ميز المرحلة السابقة. هذا الغضب الذي يشعر به اليونانيون عبر عنه "ديمتريس أجريو"، الموظف بوزارة الدفاع والبالغ من العمر 50 عاماً بقوله: "لقد أفلست عائلتي في غضون عامين وفقدنا كل ما نملك، فهل أهتم إذا أفسلت البلاد في هذه اللحظة؟" أنتي كراسافا - اليونان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©