الخميس 9 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الصين تفرض عقوبات اقتصادية على دول تتجاوز «الخطوط الحمراء»

الصين تفرض عقوبات اقتصادية على دول تتجاوز «الخطوط الحمراء»
30 يناير 2014 22:25
بكين (أ ف ب، رويترز) - تحاول الصين، العملاق الاقتصادي، تلميع صورتها باعتبارها «قوة عظمى مسؤولة» على صعيد السياسة الدولية، وتعزيز نفوذها الثقافي عبر شبكتها من معاهد كونفوشيوس. لكن خبراء يحذرون من أن هذه الاستراتيجية الواسعة، تعرضها لخطر تصرفات عدائية حيال بلدان «صغيرة»، تتخذ ضدها تدابير ثأرية اقتصادية، لأنها اتخذت مواقف لم ترض الصين. ولا تتردد الصين في معاقبة البلدان التي تتجاوز «الخطوط الحمر»، التي حددتها، اقتصادياً، من خلال حجز أطنان من سمك السلمون في مرافئ، إلى التخلي عن منتجع ساحلي في أوج عملية بنائه، أو تقديم حد أدنى من المساعدات بعد إعصار، حتى لو أدى ذلك إلى تشويه صورتها. فمنذ ثلاث سنوات، تواجه النرويج غضب بكين بعد منح المنشق الصيني المسجون ليو شياباو جائزة نوبل للسلام، علماً بأن لا علاقة لأوسلو على الإطلاق بقرارات لجنة نوبل. ولم تبال بذلك السلطات الصينية التي سارعت إلى اتخاذ قرار بحجز شحنات من سمك السلمون النرويجي حتى تعفن في المستودعات. وفيما كانت النرويج تستورد 92% من السلمون من السوق الصينية، تراجعت هذه النسبة إلى 29% العام الماضي. وحتى الثقافة الشعبية لم تنج من تلك التدابير. فقد ألغي عرض مسرحية موسيقية في الصين للنجم النرويجي الشاب الكسندر ريباك، الفائز بمسابقة يوروفيجن 2009. وما زالت بكين تستثني النرويجيين من التدابير التي تتيح الحصول على تأشيرات ترانزيت فترة 72 ساعة لدى وصولهم إلى الصين. وقال فيل ماد، رجل الأعمال البريطاني، الذي يساعد الشركات الصينية على تطوير أنشطتها في أوروبا: إن «هذه التصرفات التخويفية، نموذجية لنوع من التصرف السلبي - العدواني». وأضاف أن هذا التصرف يعطي عن بكين «صورة تافهة وحقودة». كما أن الفلبين التي تواجه نزاعاً حدودياً حاداً مع الصين، دفعت الثمن أيضاً. فبعد الإعصار هايان الذي اجتاح الأرخبيل في نوفمبر الماضي، لم تعلن بكين في البداية سوى عن مساعدة تبلغ 100 ألف دولار، وهو مبلغ مثير للسخرية من جانب ثاني اقتصاد في العالم. وحيال الجدل الذي أثاره هذا المبلغ، زادت الصين مساعدتها إلى 1,8 مليون دولار، لكن حتى هذا الرقم يبدو هزيلاً حيال عشرات ملايين الدولارات التي دفعتها الولايات المتحدة أو اليابان. وكانت الصين فرضت قبل سنة مجموعة من القيود على عمليات استيراد الموز من الفلبين، مؤكدة أنها وجدت اثار مبيدات في بعض الكميات، ما أدى إلى خسائر قدرت بحوالي 23 مليون دولار. و«الخطوط الحمراء» التي تحمل الصين على توجيه تهديدات أو اتخاذ تدابير انتقامية، تقتصر على عدد من المسائل التي تعتبرها بكين «حساسة». ومنها وضع تايوان وشينجيانج (منطقة غرب الصين، تسكنها أقلية مسلمة من الاويجور تتمرد على وصاية بكين)، وانتقاد وضع حقوق الإنسان في البلاد، وكل ما له علاقة بالدالاي لاما الزعيم الروحي للتيبت في المنفى. وقال جيمس ريلي، أستاذ سياسة شمال آسيا في جامعة سيدني: إن الصين «تولي الموضوع اهتماماً خاصاً جداً، ولاسيما ما يتعلق برحلات الدالاي لاما». وحيال هذا الأمر، قام باحثون ألمان باحتساب «تأثير الدالاي لاما» في 2010. فالبلدان التي استقبل رؤساؤها الدالاي لاما الحائز جائزة نوبل للسلام، شهدت صادراتها تراجعاً بلغ متوسطه 12,5% في السنتين التاليتين. وكان أرخبيل بالاو في المحيط الهادىء وافق من جهته في 2009 على استضافة ستة من الاويجور الذين أفرج عنهم الأميركيون من سجن جوانتانامو العسكري. ولم يتأخر رد بكين التي قررت وقف بناء مجمع بحري من مئة غرفة يدعمه مستثمر صيني في هذا البلد. لكن هذه التصرفات لا تمر من دون أن تؤثر على صورة الصين. ففي استطلاع للرأي شمل 14,400 شخص في 14 بلداً، ونشرت نتائجه صحيفة جلوبال تايمز الرسمية الصينية، وصف 29% من المستطلعين الصين بأنها «عدوانية» على الصعيد الدولي. والمسألة، كما يقول جوزف ناي أستاذ السياسة في جامعة هارفرد الأميركية، هي أن ليس لدى بكين نظرة واضحة جداً عن تأثير تصرفاتها. وأضاف أن «الصين تميل إلى حصر (القوة الناعمة) في المجال الثقافي، بدلاً من ترجمتها على الصعيد السياسي» أيضاً. ومن ناحية أخري، أظهر مسح للقطاع الخاص أمس، تدهوراً في نشاط المصنعين في الصين في يناير الجاري، مع ضعف نمو الإنتاج والطلبيات الجديدة، ما يشير إلي بداية ضعيفة للاقتصاد في 2014. وانخفضت القراءة النهائية لمؤشر «ماركت اتش اس بي سي» لمديري المشتريات لشهر يناير الجاري إلي 49,5 نقطة من 50,5 في ديسمبر الماضي، وهو أول تراجع في ستة أشهر. ويتماشى الرقم مع القراءة الأولية للمؤشر البالغة 49,6 نقطة التي صدرت قبل أسبوع. ويفصل مستوى 50 نقطة بين انكماش ونمو النشاط. ووجد المسح، وهو مؤشر أولي للمعنويات في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، البالغ حجمه 9,4 تريليون دولار، ضعفاً في معدلات نمو الإنتاج والطلبيات الجديدة، بينما خفضت الشركات الوظائف بأسرع معدل منذ مارس 2009. وقال هونجبن تشو، كبير الخبراء الاقتصاديين للصين في «ماركت اتش اس بي سي»، في بيان: “هذه بداية رخوة لقطاعات التصنيع في الصين في العام الجاري، ترجع جزئياً إلي ضعف طلبيات التصدير الجديدة، وتباطؤ أنشطة الشركات المحلية أثناء يناير. ويجب على صانعي السياسة أن يعطوا اهتماما للمخاطر النزولية، ويحدثوا تعديلات وقائية في السياسات لتحقيق استقرار وتيرة النمو إذا كان ذلك ضرورياً. وكانت القراءة الأولى لمؤشر مديري المشتريات الأسبوع الماضي، التي تزامنت مع تجدد العلامات على ارتفاع أسعار الفائدة في الأسواق المالية في الصين، قد ساهمت في هبوط في أسواق الأسهم العالمية، مع قلق المستثمرين من الاثار العالمية لتباطؤ في الصين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©