ليست الأجمل أو الأندر أو حتى الأسرع، لكنها تتمتع بميزة خاصة جدا. تلك المركبة الواهنة ذات المحرك والثلاث عجلات، والتي ظهرت للوجود في ألمانيا قبل 125 عاماً تعد أول سيارة عرفها العالم. نسخ من المركبة النادرة الرائدة ذات العجلات الثلاث التي قدمت لمكتب براءات الاختراعات الإمبراطوري في التاسع والعشرين من يناير عام 1886 بيعت بمبلغ 65 ألف يورو تقريباً (86800 دولار).
وكان المهندس كارل بنز قدم النموذج الأولي لتلك “الآلة” ذات المحرك البنزيني الأفقي والأسطوانة المنفردة المزودة بوحدة تبريد، ليحصل على براءة الاختراع الشهيرة رقم 37435 . وسلم بنز المستندات برسوم تفصيلية قبل عدة أسابيع من تحرك زميله جوتليب دايملر في اتجاه مماثل لنيل براءة اختراع عن “عربة تسير من دون حصان”. واختصرت الكلمة بعد ذلك لـ”سيارة”.
وحتى ذلك الحين، لم يكن هناك ما يربط بين أفكار الرجلين في مجال التوصل لتصميم وسيلة نقل ثورية كالتي نعرفها اليوم، والتي لا ترى الكثير يربط بينها وبين نموذجها الأول. وكان السائق يجلس على مقعد خشبي مبطن، ولم يكن يتمتع بحماية من أي نوع. ولأنها لم تكن تتمتع بسقف، فقد كان ذلك النموذج البدائي للغاية هو أول سيارة مكشوفة يعرفها العالم.
وكانت المركبة تسير على عجلات خشبية دائرية بمحرك يزن مئة كيلو جرام يدور بسرعة 400 لفة في الدقيقة فيما تبلغ سرعة دوران محركات سيارات السباق الحديثة عشرين مثل هذه السرعة. وكان المحرك يعمل بجهاز يدعى “الدولاب الحداف” وهو أداة ميكانيكية لها عزم قصور ذاتي معين تستخدم كمخزن للطاقة الدورانية، وتنتج قدرة تقل عن حصان واحد. وكانت السرعة القصوى للسيارة لا تزيد عن 16 كيلومتراً في الساعة.
وأجرى بنز أول تجاربه السرية للسيارة الأعجوبة في كانهايم عام 1885. ولتجنب نظرات الفضوليين من المنافسين المحتملين كان يتحرك بها في الطرق بعد حلول الليل. وفي أولى جولاته، تحركت العربة الثلاثية العجلات عدة مئات من الأمتار فحسب لكن التطور كان سريعاً.
وكتب المخترع العبقري في مذكراته :” كل رحلة (قطعتها آنذاك) زادت ثقتي وفي كل رحلة كنت أتعرف على مزيد من الثغرات في المحرك”. وجاءت ردود فعل العامة من الناس متشككة في البداية. وعلق بنز على هذه النظرات بالقول: “لقد تحولت نظرات الدهشة والإعجاب لشفقة ثم إهانة وازدراء”. وتساءل المعارضون والمنتقدون للسيارة عما يمكن أن يدفع الناس لركوب “هذه البدعة المزعجة والبدائية والتي لا يمكن الاعتماد عليها بينما هناك خيول أكثر من كافية في العالم!”.
ولم يفت كل ذلك في عضد المخترع الرائد، وجاءت الطفرة الأولى بعد سنوات عندما قامت زوجة بنز الجريئة بقيادة النموذج الثالث من منزل زوجها وحتى بلدة بفورزهايم في شهر أغسطس 1888. ولم تخبر زوجها بشأن الرحلة مسبقاً، وسجلت الدوريات السنوية المعنية بالسيارات تلك الرحلات بوصفها أول جولة بسيارة لمسافة طويلة في التاريخ.
عدد اليوم
