السبت 4 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

لماذا تحولت كوباني إلى معركة مصيرية بين الأكراد و«داعش» ؟!

لماذا تحولت كوباني إلى معركة مصيرية بين الأكراد و«داعش» ؟!
15 أكتوبر 2014 00:57
تحولت عين العرب (كوباني) خلال شهر من المعارك، من مدينة صغيرة مغمورة على الحدود السورية مع تركيا، إلى رمز لصراع بين حلم كردي بإقامة إقليم يتمتع بحكم ذاتي، و«دولة داعش» التي اعلنها تنظيم إرهابي يقاتل من اجل توسيعها وفرضها بالقوة. ومنذ 16 سبتمبر، تشهد المدينة الكردية الواقعة في شمال محافظة حلب السورية، هجمات ضارية يشنها تنظيم «داعش» في مواجهة مقاومة شرسة لمقاتلي «وحدات حماية الشعب» الكردية. وتعكس ضراوة هذه المعارك مدى تمسك التنظيم الذي يسيطر على مناطق واسعة من سوريا والعراق، والمقاتلين الأكراد بالمدينة التي تبلغ مساحتها ستة إلى سبعة كيلومترات مربعة، لأنها معركة مصير بالنسبة إلى كليهما. وقال الباحث في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى في عمان سيريل روسيل «إن الأكراد ينظرون إلى احتمال خسارة كوباني على أنها مأساة ستصيب في الصميم مشروع إقامة إقليم كردستان سوري يتمتع بحكم ذاتي». ورأى الخبير في شؤون الجغرافيا السورية فابريس بالانش أن خسارة عين العرب تعني استحالة تنفيذ مشروع «روج آفا»، أي اقليم كردستان سوريا، الذي يتطلع إليه نحو ثلاثة ملايين كردي. ويقوم مشروع إقليم كردستان سوريا على ثلاث مناطق رئيسية (كوباني في الشمال (حلب)، وعفرين الواقعة غرب كوباني (حلب)، والجزيرة في الشمال الشرقي، وابرز مدنها الحسكة والقامشلي (الحسكة). ويعني خروج عين العرب الواقعة في وسط المناطق الثلاث، عن سيطرة الأكراد، قطع الطريق على إمكانية وصل هذه المناطق ببعضها، بحسب بالانش الذي توقع أن تصبح عفرين الهدف التالي للمتشددين، وبالتالي سيجد الأكراد ملاذا لهم في الحسكة فقط حيث يمكن أن يتعرضوا لهجمات أيضا. وأضاف «إذا أُخرج الأكراد من كوباني، فهذا يعني انه قد يتم إخراجهم من مناطق أخرى كذلك». كما أن سقوط المدينة في ايدي تنظيم «داعش» سيشكل ضربة قوية لقوات «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تحولت بحكم الأمر الواقع مع تمدد النزاع في سوريا، إلى جيش في المناطق التي تسكنها غالبية من الأكراد في سوريا في محافظات الحسكة (شمال شرق) والرقة وحلب (شمال). وقال الباحث في الشؤون السورية في مركز كارنيجي ارون لوند «إن هذه المجموعة تتعرض لضغوط، وعليها أن تبرهن أنها لن تترك الأكراد، وأنها مستعدة لخوض المعركة حتى آخر رجل فيها، وآخر امرأة»، وأضاف «بالنسبة للأكراد، هذه هي المسألة الأساس التي تستند إليها شرعية وجود وحدات حماية الشعب». في موازاة ذلك، رأى روسيل أن المشروع الأيديولوجي السياسي الجغرافي للأكراد ينافس مشروع المتشددين ويشكل عقبة في طريق تنظيم «داعش» الذي يسعى إلى توسيع سيطرته الجغرافية من اجل إقامة «دولة كبيرة». وحسب لوند، فان السيطرة على عين العرب ستعبد الطريق أمام التنظيم للتنقل بحرية بين الغرب والشرق«، علما أن مقاتليه يسيطرون حاليا على نحو ثلث الحدود الشمالية لسوريا مع تركيا، أي نحو 150 كيلومترا من 500 كلم. وتحمل أيضا السيطرة على كوباني الفقيرة بالموارد الطبيعية والتي تشتهر بالزراعة، رمزية استثنائية، وفقا لروسيل، إذ أن السيطرة عليها تعني الانتصار على الأكراد الذين لطالما ألحقوا الهزيمة بتنظيم «داعش» (في إشارة إلى المعارك بين الطرفين في اكثر من منطقة في سوريا منذ نحو عام). وإضافة إلى ذلك، فان انتصار «داعش» سيمنح التنظيم زخما إعلاميا، إذ انه سيتعامل مع هذه المسالة على أنها انتصار على التحالف الدولي الذي يشن غارات جوية يومية على مواقعه في كوباني وفي مناطق أخرى في سوريا والعراق منذ 23 سبتمبر. وقال بالانش «إن التنظيم قد يدعي أن التحالف، ورغم تفوقه من حيث التقنيات العسكرية، غير قادر على التغلب عليه». وعمد «داعش» على حساباته على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي، إلى تغيير اسم مدينة عين العرب إلى «عين الإسلام». وتستمد عين العرب اسمها من ينابيع المياه التي اشتهرت بها في بداية تأسيسها في أوائل القرن العشرين، علما أن اسم كوباني الكردي يعود إلى كلمة «كومباني»، أي شركة، استنادا إلى شركة للسكك الحديدية انشئت في المدينة خط نقل يصل العراق بتركيا. ويقف المشروعان السياسيان للأكراد وتنظيم «داعش» على طرفي نقيض. فقد سعى الأكراد إلى إبقاء مناطقهم في منأى عن الصراع الدامي في سوريا، وأقاموا نوعا من الحكم الذاتي عبر مجالس محلية قدمت على أنها تمثل تجربة ديمقراطية في بلد يحكمه نظام يقوم على حكم العائلة الواحدة لنحو نصف قرن. وتعتبر «وحدات حماية الشعب» الفرع العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي النافذ، وهو حزب علماني ذو نزعة اشتراكية. بينما يتبنى تنظيم «داعش» نظاما متشددا، ولا يتوانى عن قطع الرؤوس والرجم بالحجارة وحتى صلب من يصنفهم أعداء. ورأى محللون أن وقف عجلة المشروع الكردي في سوريا سيصب في صالح تركيا المجاورة المتهمة بغض النظر عن دخول المقاتلين المتشددين إلى سوريا عبر حدودها، والتي تخوض منذ الثمانينات صراعا مسلحا مع الأكراد الانفصاليين على ارضها وعلى راسهم حزب العمال الكردستاني، أوقع 40 ألف قتيل. وقال روسيل «إن سقوط كوباني هو هدف المتشددين، لكنها عملية تبدو إلى حد كبير وكأنها خطوة نحو القضاء على المشروع الكردي بالتواطؤ مع انقرة». (بيروت - أ ف ب)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©