الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تايلاند واتفاقية الشراكة عبر الهادي

21 سبتمبر 2015 22:29
أفادت صحيفة «بانكوك بوست»، يوم الاثنين الماضي، أن نائب رئيس الوزراء التايلاندي «سومكيد جاتوسريبيتاك» قال إن بلاده ستكون مهتمة بالانضمام لاتفاقية «الشراكة عبر الهادي» (TPP) التي تقودها الولايات المتحدة. «نحن مهتمون جداً، ولكن يجب علينا موازنة المزايا والعيوب بعناية». كان هذا ما قاله «سومكيد» عن اتفاقية التجارة الحرة فائقة الأهمية، التي يشكل حجم اقتصادات دولها الاثنتي عشرة الحاليين 40 في المئة من حجم الاقتصاد العالمي. وتعبير تايلاند عن اهتمامها بالانضمام للاتفاقية، سيضعها كما قال «سومكيد»: «على شاشة راداراتهم». وهو يقصد بذلك الدول الأعضاء في الاتفاقية. وبأكثر المعاني عمومية، يمكن القول إن تفاؤل «سومكيد» الحذر ليس بالشيء الجديد. فالمسؤولون الأميركيون، طالما تبنوا اعتقاداً مؤداه أن تايلاند، بالإضافة إلى دول أخرى مثل الفليبين، ستكون على الأرجح واحدة من الدول التي ستوقع في نهاية المطاف على اتفاقية «الشراكة عبر الهادي» لتنضم بذلك إلى الشركاء الحاليين في منظمة «الآسيان» وهم بروناي، وماليزيا، وسنغافورة، وفيتنام. ونظراً لأن هذه الاتفاقية تعتبر «اتفاقية حية»، فإنه سيكون بمقدور دول إضافية الانضمام إليها بمجرد أن ينتهي أعضاؤها الاثني عشر الحاليون من المفاوضات. وما يبقى غير واضح بعد ذلك هو التفاصيل، مثل متى، على وجه التقريب، يمكن لتايلاند مثلاً الانضمام للاتفاقية، وكيف يمكنها التغلب على التحديات الداخلية التي ستواجهها عند إقدامها على ذلك. ففي عهد الحكومة السابقة بقيادة «ينجلوك شيناواترا» عبرت تايلاند صراحة عن نيتها الانضمام للاتفاقية المذكورة تحديداً عام 2012. وحينذاك قالت «شيناواترا» في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الأميركي أوباما في بانكوك خلال زيارته لبلادها: «ستبدأ تايلاند المفاوضات بشأن الانضمام للشراكة عبر الأطلسي... وستتخذ الإجراءات التشريعية الداخلية الضرورية التي ستحول هذا الانضمام إلى حقيقة واقعة». ولكن الحكومة الجديدة التي يقودها المجلس العسكري الحاكم الذي أطاح ب«شيناوترا» في مايو الماضي، تعاملت مع الموضوع بقدر كبير من التحفظ. ففي منتصف شهر أغسطس الماضي، ألمح نائب وزير التجارة التايلاندي «أبيرادي تانترابورم» إلى أنه، وإن كان يمكن لتايلاند الانضمام في نهاية المطاف لاتفاقية الشراكة عبر الهادي، إلا أنها يجب أن تركز في المقام الأول على مفاوضات «اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة» (RCEP) الجارية، إلى أن يتم الانتهاء من مفاوضات اتفاقية الشراكة عبر الهادي. وأضاف «أبيرادي» إلى ما سبق قوله إن الوضع الراهن يمكن تلخيصه في أن اتفاقية الشراكة عبر الهادي إن كانت ستفيد تايلاند من بعض النواحي، إلا أن موضوعي براءات الاختراع الدوائية، والتنوع الحيوي، يظلان موضوعين رئيسين بالنسبة لبلاده. وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال رئيس الوزراء التايلاندي «برايوت تشان أوتشا» في أعقاب اجتماع مع وفد «مجلس أعمال الآسيان- الولايات المتحدة» في بانكوك، إنه «كان يتعين عليه أن يكون حريصاً عند التعليق علناً على مثل هذه الاتفاقية فائقة الأهمية والحاسمة بالنسبة لمصير بلاده». وقال أيضاً: «يجب استشارة جميع الأحزاب في هذا الأمر، وخصوصاً وزارة الصحة العامة». فيما وراء هذه المخاوف، ما زال أيضاً من غير الواضح، كيف يمكن لموقف تايلاند أن يتطور بمرور الوقت، مع الوضع في الاعتبار أن السياسة في تايلاند في حالة سيولة. ففي الوقت الراهن، ما زالت حكومة «برايوت» المؤقتة متشبثة بالسلطة، وهناك احتمال تأجيل الانتخابات حتى عام 2107، وخصوصاً بعد رفض مسودة الدستور مؤخراً. وقد أكد بعض الخبراء أن تايلاند يمكنها مع ذلك الاستفادة بشكل هائل من تلك الاتفاقية بالمعنى الشامل، على رغم التحديات المتعلقة بالقطاعين المذكورين، براءات الاختراع والتنوع الحيوي. ويشار في هذا السياق إلى أن دراسة أجراها في عام 2012 «مركز الشرق والغرب ومعهد بيترسون للاقتصاد الدولي»، قدرت أن تايلاند ستكون لديها ثاني أكبر نسبة من المكاسب مقارنة بالأعضاء المحتملين عند انضمامها لاتفاقية الشراكة عبر الهادي، حيث سترتفع الدخول فيها بنسبة 7,6 في المئة، بعد فيتنام مباشرة. وإذا ما تجاوزنا هذه الأرقام والمؤشرات الإحصائية، فإن الساسة في تايلاند، يبدون وكأنهم يدركون التكلفة التي ستتحملها بلادهم في حالة بقائها خارج اتفاقية، انضمت إليها اقتصادات إقليمية قريبة منهم، أو ستنضم إليها مستقبلاً. وحتى الآن، يمكن القول إن الافتقار إلى البيانات التفصيلية، يجعل من الصعب القول ما إذا كانت تايلاند ستوقع على اتفاقية الشراكة عبر الهادي في نهاية المطاف، أم لا؟ فالمسؤولون التايلانديون بما فيهم «سومكيد» لم يحجموا خلال الفترة الماضية عن الإدلاء بتصريحات فاترة تغلب عليها كلمة «ربما». والشيء الذي يبقى غير واضح، مع ذلك، هو ما إذا كان بمقدور هؤلاء المسؤولين عمل ما هو ضروري للانتقال سريعاً من «ربما» إلى «نعم». وهذا هو القرار لصعب، في النهاية. براشانث باراميسواران* *صحفي متخصص في الشؤون الآسيوية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تربيون نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©