الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

غياب الشفافية يوهن الروابط الأسرية

غياب الشفافية يوهن الروابط الأسرية
23 سبتمبر 2013 21:47
الكثير من الأسر باتت تُحسب على العالم الافتراضي، أكثر من الواقعي، تلك العائلات التي يظللها سقف منزل، وتحرقها برودة حوار، تضمها جدران بيت قبعت في وسطه فجوة من الكتمان والأسرار. فما الأسباب التي تقف وراء ذلك؟ منعاً للمشكلات تقول أم محمد «تزوجت منذ 18 سنة، ولدي ولدان وبنت، وصراحة خلال هذه السنوات أخفيت عن زوجي بعض الأمور كتلك التي تتعلق بمشكلات الأبناء؛ فمثلاً إذا ما قصر أحدهم في الدراسة أو أخفق فيها». وتضيف أخفي عنه ذلك لأنني لا أريد أكون أنا والأبناء عبئا إضافيا عليه فأحاول ألا أحمله ما لا يطيق فيكفيه هموم العمل وتأمين المعيشة. وتسترسل «أحاول أن أستوعب هذه المشكلات وأسعى لحلها بعيدا عنه وإذا ما اضطررت إلى إخباره أو علم من أحدهم أحاول قدر الإمكان أن أقدمها له بطريقة مبسطة كي لا يعتقد أنه آخر من يعلم». ولا يختلف أسلوب حياة فرح حبيب عن أم محمد بل وتوافقها الرأي فتقول «منذ أن تزوجت قبل ثماني سنوات فوض إلي زوجي مهمة حل الأزمات التي تعصف بالأسرة، لذا فأنا من يقيم المعلومات التي تصل إليه من الأمور التي قد تزعجه والتي أحبذ أن أقوم بحلها قبل أن يعرف بها». وتضيف «هي ليست بالأمور الخطيرة المصيرية فنحن نعيش باستقرار لا يشوبه سوى أمور عادية ومشكلات طارئة تحدث في كل بيت، فمثلاً مشكلات الأطفال مع الجيران والتقصير في المدرسة، وإذا صادفني ما أعجز عن حله لا بد أن أخبره وأشركه فيه، وهذا يعود إلى ترتيب الأولويات، فهناك أمور إذا لم أخبره بها وقت حدوثها ستترتب عليها مشكلات كبيرة». أما أم مصطفى فلديها كما تقول ما يدفعها لإخفاء الكثير من الأمور عن زوجها، توضح «خوفي من غضبه هو السبب، زوجي مبتلى بالعصبية الزائدة التي تفقده السيطرة على نفسه، وبالتالي على زمام الأمور التي تحل المشكلة بل إن ثورة الغضب التي تجتاحه هي مشكلة بحد ذاتها، وإذا ما أخبرته أكون قد طبقت المثل القائل (زدت الطين بله)، وبدلا من أن نفكر في حل للمشكلة أفكر في كيفية السيطرة على غضبه». وتضيف «فوجئت بذلك من السنوات الأولى لزواجنا، فالغضب من ما أمر كفيل بأن يفقده صوابه، فلا يفرق بين صغير أو كبير». وتضيف «الأسوأ أن كل فرد من أفراد العائلة سيناله من غضبه نصيب المذنب وغيره، لذا بتنا أنا وأبنائي فريق لحل المشكلات بسرية تامة من دون أن يعلم فقط كي نتقي شر غضبه». ضرورة ملحة لغالب رأي يخالف من سبقوه بل إنه يجد أن هناك ضرورة ملحة في إخفاء بعض الأمور عن النساء بشكل عام وليس زوجته فقط فيقول مبتسما «إذا أردت نشر خبر معين فنصيحتي إليك بإطلاعه على أنثى وهي ستتولى التأليف والنشر». ويضيف «المرأة لا تؤتمن على سر، وأعتقد أنها السبب الرئيس في انعدام الشفافية لدى الأسر العربية بالذات، وأنا أخفي عنها ما يتعلق بمشكلات أهلي كي لا تصبح هذه المشكلات الجلسة الحوارية لفنجان القهوة الصباحي». ويتابع «أنا لا أظلم المرأة بذلك بل اعتدت على هذه الأحاديث عندما كنت في بيت أهلي وتواصلت معي في منزلي الخاص، فأنا على علم بالمشكلات الاقتصادية التي تعصف في بيت جاري وماذا سيتناول على الغداء الجار الثاني، وأرفض أن أكون حديث العمارة ومشاكلي تتنقل من شقة إلى أخرى، وللأسف ذلك يعود لانعدام الثقافة والفراغ اللذين تعانيهما بعض النساء». ولعبدلله وجهة نظر مغايرة، يقول «عليك أن تحسن اختيار الزوجة وتطبق قول رسولنا الكريم «اظفر بذات الدين»، وهذا من شأنه أن يجعل منزلك قلعة حصينة من الأمان تعيش بشفافية وطبيعية، حيث الدين هو الرادع القوي الذي يحصن أفعالنا، وقد أمرنا به ديننا الحنيف، وهو حرمة البيت والستر وكتمان الأسرار». ويضيف «منذ البداية وضعت قوانين لا يمكن تجاوزها لي ولأسرتي في أن نكون معا على الحلوة والمرة، نتقاسم الضحكة ونتشارك في الدمعة، وهذه هي الشراكة الحقيقية والأساس لاستمرار الحياة الأسرية»، مشيراً إلى أن الابتعاد عن الصدق والصراحة والحوار الشفاف يؤثر على استقرار الأسرة ويجرها نحو المشكلات. ويتحدث طارق العدلي عن الدور الذي تلعبه الأم في تفادي أو علاج هذه المشكلة التي بدأت تنهش في جسد معظم الأسر العربية. ويقول «ألقي باللوم على الأم بحكم دورها في احتفاظ الأسرة بمكانتها الطبيعية في المجتمع حيث الأمان، وهي بحكم قربها من أبنائها وجلوسها معهم أكثر من الأب الذي اضطرته حياتنا التي باتت أكثر صعوبة لقضاء معظم الوقت خارج المنزل لتأمين حياة كريمة، يجب أن تكون قدوة لأبنائها، فهي في المقام الأول يجب أن تضع زوجها أمام كل كبيرة وصغيرة، فيما يخص المنزل والأولاد». ويضيف «غياب الزوج لساعات عن البيت ليس حجة لإخفاء أي أمر يحدث في المنزل فما موقفه إن علم من الجيران والأصدقاء بما يحدث في منزله. وبالمقابل عليه أن يصارحها بما يحدث معه، ويشاركها الرأي في كل كبيرة وصغيرة، وإذا غاب هذا الحوار الشفاف بينهما لا يندرجان تحت اسم شريكين، فالشراكة لم تحدد بأمور وغيبت عن أخرى». جذور المشكلة يشير الأستاذ الدكتور أحمد العموش، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة الشارقة، إلى أن ظاهرة غياب الشفافية في الأسر العربية لها ارتباط وثيق بالتنشئة الاجتماعية للفرد قبل الزواج، كما أن لها تأثيراً على شخصية الطفل وضميره، الذي يتشكل في أول أربع سنوات من حياة الطفل، فإذا نشأ الفرد وتشكلت شخصيته على الشفافية ستستمر معه طوال حياته. ويقول «لابد أن نبدأ مع الأطفال منذ الصغر ونربيهم على الشفافية لتكون لهم شخصية واضحة وعلاقة شفافة مع الآخرين. وإذا ما أخفقنا في ذلك منذ الصغر فإن عملية تعديل السلوك لاحقاً ستكون صعبة جداً، وتحتاج إلى الكثير من الوقت». ويضيف «على الأم أن تربي أبناءها على ذلك، وألا تخفي أي أمر مهما كان عن زوجها، ومهما كانت الأسباب تحاول أن تتعامل مع الموضوع بعقلانية، وتطبق الاستشارة الأسرية».
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©