الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«شمس 1» يعيد صياغة تاريخ الطاقة المتجددة في المنطقة

«شمس 1» يعيد صياغة تاريخ الطاقة المتجددة في المنطقة
28 سبتمبر 2011 00:03
عندما يكتمل بناء مشروع الطاقة الشمسية العملاق “شمس 1”، لا يمكن للعين رؤية أكثر علاماته المميزة، حيث إن وراء صفوف الألواح التي تغطي مساحة كبيرة من الرمال أكبر قرض لتمويل الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط البالغ نحو 600 مليون دولار “2,2 مليار درهم”. ويعكس المشروع المدعوم من قبل الحكومة والذي يشكل ثلاثة أرباع التمويل الكلي للطاقة المتجددة في المنطقة، ما آلت إليه قروض الطاقة النظيفة في المنطقة والتي لا يتوافر الكثير منها مما يستدعي مساعدة الحكومة. ويقول لوجان جولديز كوت كبير المحللين للشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى “بلومبيرج لتمويل الطاقة الجديدة” في لندن: “تعتبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مراحلها الأولية في ما يتعلق بنشاطات الطاقة المتجددة، حيث إن جميع المشاريع الكبيرة التي يجري العمل فيها مدعومة من قبل الحكومات”. ومن المعروف أن تكلفة تسيير محطات الطاقة المتجددة ليست بالكبيرة مقارنة مع تشييدها، وبذلك فإن مستقبل الطاقة النظيفة مرتبط بقيام العديد من مثل هذه المشاريع عبر شركات القطاع العام أسوة بالخاص. وربما تكون مواجهة التكاليف المبدئية صعبة بالنسبة للمالك المحلي الذي يطمح لإنشاء الألواح الشمسية في الأسقف أو لرجل الأعمال الذي ينوي إقامة مزرعة شمسية. ويقول كاريل دي وينتر المدير في شركة “ألسا سولار” للطاقة الشمسية بالدولة: “من الصعب تحمل كل هذه التكلفة في السنة الأولى، حيث من الممكن تقسيمها على مدى عشر سنوات لتكون ذات جدوى اقتصادية مما يجعل مسألة التمويل القضية الأساسية في هذا القطاع”. وطريقة واحدة لجذب المستثمرين هي أن تعد الحكومة بدفع تكلفة كل كيلوواط لشركات الإنتاج يتم إنتاجه من الطاقة النظيفة. وتساعد مثل هذه الضمانات الحكومية في مساواة سعر الطاقة المتجددة بسعر الوقود الأحفوري، مما ساعد ألمانيا وإسبانيا على قطع خطوات كبيرة في هذا الاتجاه. وفي حالة مشروع “شمس 1”، كان لتعرفة التغذية الجمركية التي أعدتها حكومة أبوظبي خصيصاً لهذا المشروع، الفضل في جذب التزامات مالية بلغت نحو 900 مليون دولار. ويقول كريم ناصف، محلل الائتمان لدى “ستاندرد آند بورز” في دبي، “يطالب معظم المصرفيين الراغبين في دخول مثل هذه المشاريع غربيين أو غيرهم بتوفير “تعرفة التغذية الجمركية” لهم كضمان للاستقرار”. ومن المتوقع أن تقوم حكومة أبوظبي، التي تخطط لتوليد 7% من طاقتها الكهربائية من الطاقة المتجددة بحلول 2020، بتبني سياسة خاصة بالطاقة المتجددة نهاية العام الحالي. ويعني ذلك أن جهات التمويل التي تفضل المشاريع الكبيرة التي تقوم بها الشركات المملوكة من قبل الحكومة، فتح الباب واسعاً أمام شركات القطاع الخاص أو للأفراد الذين يرغبون في إنشاء ألواح للطاقة الشمسية داخل منازلهم. وفي غضون ذلك، جذبت المنطقة عدد من صناديق الأسهم التي لا تمانع من الدخول في مثل هذه المغامرات. وفي يونيو الماضي نجحت شركة “زوك كابيتال” الخاصة لإدارة الأسهم في لندن، في إنشاء صندوق للطاقة النظيفة قوامه 230 مليون يورو “1,15 مليار درهم”. ودخلت موارد هذه الشركة إلى أبوظبي من خلال شركة “إنفيرومينتا” الإماراتية للطاقة الشمسية والتي تستثمر فيها الشركة نفسها. وتستعين حلبة فورمولا - 1 في جزيرة ياس ومدينة مصدر بألواح الطاقة الشمسية التي تنتجها “إنفيرومينتا” لمدها بالكهرباء، وهو المشروع الخالي من الكربون الذي تخطط العاصمة لإقامته في أطرافها. وربما تكون أزمة الديون الأوروبية أحد مصادر الأمل للطاقة المتجددة. كما من المنتظر أن تصبح الصناديق التي تستثمر في الطاقة النظيفة والتي كانت تنظر في الماضي إلى أوروبا على أنها ملاذ استثماري، أكثر ميولاً لتحويل استثماراتها نحو الخليج. ويقول مارك فيفيري الشريك في مؤسسة “بيكر آند ماكينزي” القانونية “ربما تأثرت الأسس التي تقوم عليها الطاقة المتجددة في الكثير من الدول الأوروبية جراء أزمة الديون التي اجتاحت القارة مما حدا بالكثيرين إعادة التفكير في استراتيجياتهم الاستثمارية. وتبدو مشاريع الطاقة الشمسية في دول الخليج أكثر جاذبية من بعض الدول الأوروبية”. نقلاً عن “ذي ناشونال” ترجمة: حسونة الطيب البحث عن مستثمرين ? ليس من المتوقع أن تتضمن الأسماء التي ترغب الاستثمار في الطاقة النظيفة شركات مثل “هاليبورتون” و”بي بي”. ويوجد عدد قليل من الشركات الخليجية الناشطة في مجال التقنية النظيفة مما يعقد جمع الأموال من مستثمري التجزئة الذين يمثلون الأغلبية العظمى في سوق تداول الأسهم في دولة الإمارات. ومما يزيد المشكلة تعقيداً عدم وضوح الشركات التي تستثمر في الطاقة النظيفة في المنطقة، وذلك حسبما ذكره إينيس ريماوي المدير الإداري والمؤسس لشركة “كاتاليست” للأسهم الخاصة والمتخصصة في مشاريع الطاقة والمياه في العالم العربي. وقامت “بي بي” بضخ أموال كثيرة في تقنيات الطاقة الشمسية في المنطقة، بينما استثمرت “هاليبورتون” بشدة في الارتقاء بكفاءة الطاقة في قطاع النفط والغاز، وذلك من خلال إدخال أجهزة حفر أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة. ولم يعرف عن أي من الشركتين استثماراتهما في الطاقة النظيفة في أعقاب حادثة تسرب النفط في خليج المكسيك، لكن إسهاماتهما في مجال نظافة النفايات في القطاع واضحة للعيان. وعلى عكس الأسواق الأميركية والأوروبية التي تعج بالشركات المدرجة في مجال التقنية النظيفة مثل “فيوليا للخدمات البيئية” العاملة في مجال إدارة النفايات، أو “فيستاس” التي تعمل في صناعة توربينات الرياح، هناك فرص ضئيلة متاحة للمستثمرين من دول الخليج. وعلى الرغم من أن هناك شركات تركز على منطقة الخليج، وتؤكد كفاءة الطاقة في مجال النفط والغاز مثل شركات خدمات حقول النفط “بيتروفاك” و”لامبريل”، إلا أن مثل هذه الفرص أقل ندرة في الخليج منه في أميركا، حيث يرتبط ذلك بحجم إنتاج النفط في تلك المنطقة. ويقول إينيس ريماوي “نجد أن رسملة السوق للشركات التي تخدم القطاع في دول مجلس التعاون الخليجي أحد المنتجين الكبار للنفط والغاز، لا تتعدى سوى 1% فقط”. وذكر جهانجير أغا كبير المديرين التنفيذيين في “أس إي آي للاستثمارات” العاملة في مجال الخدمات المالية وإدارة الثروات في دبي، أنه وفي الوقت الذي يصب فيه وجود صناديق الأسهم الأوروبية والغربية في مصلحة مستثمري الطاقة النظيفة، إلا أن بيع مثل هذه الاستثمارات ليس من السهولة بمكان. ويقول “نسبة لصفة الخضرة، كسبت هذه الاستثمارات شعبية واسعة، وهذه مسألة عاطفية لم تتوفر فيها قضية استثمارية حتى الآن، مما جعلها بالغة الصعوبة على صعيد قطاع التجزئة. وأنها تجارة محفوفة بمخاطر كبيرة ومردودها بعيد”. قصص تمويل ناجحة ? أوكلت الحكومة الألمانية مهمة كبيرة لبنك “كي أف دبليو” عندما قامت بإنشائه في العام 1948 كجزء من “خطة مارشال”. وساعد البنك عبر تقديمه لقروض ميسرة طويلة الأجل في النهوض بالاقتصاد ووضع ألمانيا في مسارها الصحيح بعد هزيمتها في الحرب. وبعد مضي نصف قرن من الزمان، سلك البنك مساراً جديداً ليتبنى قضية التغير المناخي، حيث يعتبر المحرك الفعلي للخطط الرامية إلى إقامة محطات ضخمة للطاقة الشمسية في كل من أبوظبي والبرازيل والهند. وذكر البنك مؤخراً أنه بصدد توفير 100 مليار يورو (494 مليار درهم) كقروض لمساعدة ألمانيا في التحول من استخدام الطاقة النووية والفحم، إلى الطاقة المتجددة. وربما في واحدة من قصص النجاح الكبيرة التي حققها البنك في تمويل الطاقة “الخضراء”، والتي بدأت من أسطح المنازل في ألمانيا، دروس تستفيد منها أبوظبي في مسيرتها للطاقة المتجددة. وبدأت الحكومة الألمانية خطة في العام 1999 تم بموجبها تزويد 100,000 منزل بألواح الطاقة الشمسية. ودعمت الحكومة المشروع من خلال “تعرفة التغذية الجمركية”، حيث تم تسعير الطاقة المتجددة بنفس أسعار الوقود الأحفوري وطالبت شركات الكهرباء بإدخالها ضمن شبكاتها. ومكن ذلك مالكو المنازل من بيع الفائض من الطاقة. كما ساعد في نشر سياسة “تعرفة التغذية الجمركية” التي بلغت دول بعيدة مثل الصين والجزائر. ولقي البرنامج شعبية واسعة في ألمانيا، حيث بلغ عدد الطلبات نحو 10,000؛ مما استدعى إيقافه لمدة ثلاثة أشهر. ولم تحظ قروض بنك “كي أف دبليو” الميسرة بقبول كبير من قبل السكان لمساعدتهم في شراء الألواح وتركيبها، الذين لديهم فترة قدرها عشر سنوات لتسديد تلك القروض. ويمكن لآلية التمويل الألمانية أن تمثل نموذجاً تحتذي به أبوظبي التي تأمل في أن تعم ألواح الطاقة الشمسية أسقف منازلها. كما تمثل خطة تزويد أسقف المنازل بطاقة قوامها 500 ميجا واط، جزءا من الخطة الإماراتية الرامية إلى توفير 7% من طاقتها الكهربائية من الطاقة المتجددة في غضون التسع سنوات المقبلة. وطرحت شركة مصدر المملوكة من قبل الحكومة الخطط في السنة الماضية، حيث إنها غير ملزمة من الناحية الرسمية بتنفيذ أهداف الطاقة النظيفة للدولة، كما دعت إلى “تعرفة التغذية الجمركية” وإلى خفض تكاليف التركيب بدلاً عن المطالبة بالقروض. ومن المنتظر أن تعلن الحكومة عن إستراتيجية خاصة بتحقيق أهدافها المتعلقة بالطاقة المتجددة، بما في ذلك “تعرفة التغذية الجمركية”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©