السبت 11 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أسبوع أبوظبي للاستدامة يدعم جهود التنمية بقطاع الطاقة النظيفة

أسبوع أبوظبي للاستدامة يدعم جهود التنمية بقطاع الطاقة النظيفة
29 يناير 2014 22:26
على مدى الشهرين الماضيين، اطلعنا على آراء عدد من قادة قطاع الطاقة والشركات في مختلف أنحاء العالم. وكان القاسم المشترك بينها جميعاً هو ضرورة تكثيف الجهود الهادفة إلى بناء مستقبل أكثر استدامة. ومع ختام فعاليات أسبوع أبوظبي للاستدامة، من المفيد التوقف عند أهم الأفكار التي جرى تداولها خلال جلسات ومؤتمرات الأسبوع. ومن أهم متطلبات تحقيق التنمية المستدامة التي تمت مناقشتها هي ضرورة تركيز القطاعين العام والخاص على إيجاد حلول تراعي الترابط بين أمن الطاقة، وندرة المياه، وتوفير الغذاء، وتعزيز إدارة النفايات. كما اتفق المفكرون والمشاركون أنه على الرغم من وجود تحديات كبيرة تواجه تحقيق التنمية المستدامة على المستوى العالمي، إلا أنها تتيح الكثير من الفرص المجدية لتطبيق تقنيات جديدة، وتنمية قطاعات جديدة. أما الفكرة الثانية فتتمثل في ضرورة وجود رواد من الأفراد والشركات والحكومات الذين يمتلكون بعد النظر للإقدام على الخطوة الأولى، حيث يقوم هؤلاء الرواد بتمهيد الطريق أمام المجتمعات من خلال أفكارهم الجديدة التي تساهم في تقديم الخدمات لأعداد أكبر من الأفراد مع الحد من التأثير السلبي على البيئة. ويكتسب هذا الموضوع أهمية كبيرة لأن إيجاد حلول مستدامة في المدن العالمية الضخمة يعتبر من أهم الأولويات لضمان مستقبل آمن وتحقيق التوازن بين الاحتياجات المتزايدة للطاقة والمياه والغذاء. وإلى جانب كونها تجمعات سكانية كبيرة، تعد المدن مراكز مهمة لتشجيع الابتكار وإلهام المبدعين. وهو ما نراه جلياً في العاصمة أبوظبي التي تقدم من خلال «مدينة مصدر» نموذجاً مثالياً للمجمعات العمرانية التي تدعم الابتكار والنمو، حيث تم تطبيق التصاميم الذكية في هذه المدينة المستدامة التي تثبت أن المدن الصديقة للبيئة يمكنها استيعاب كثافة سكانية عالية مع الحد من معدلات استهلاك الطاقة والمياه، وخفض إنتاج النفايات وإدارتها بطريقة سليمة بيئياً. والأهم من ذلك كله، هو أن مدينة مصدر تؤكد الجدوى الاقتصادية للتنمية المستدامة، وذلك من خلال تطبيق حلول الطاقة المتجددة ومبادئ التنمية المستدامة على نطاق واسع بما يضمن تحسين جودة حياة الناس، والحد من الآثار الضارة لأنشطتنا على البيئة. وشهد أسبوع أبوظبي للاستدامة في دورته الثانية تقدماً مهماً في مسيرة تطور «مدينة مصدر»، فقد انضمت إليها شركات عالمية، بما في ذلك «سيمنس»، و«جنرال إلكتريك»، و«شنايدر إلكتريك»، ونحن على ثقة بأن وجودهم سيساهم في تطور المدينة وترسيخ مكانتها كمجمّعٍ رائد للتقنيات النظيفة. ومع مرور الوقت، سيساهم هذا المجمع التكنولوجي، الذي يحتضن معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا، في توفير بيئة فريدة من نوعها تدعم التعاون، وتشكل منبعاً للأفكار الخلاقة التي يمكن تطويرها وتحويلها إلى ابتكارات عمليّة جاهزة للإطلاق في الأسواق. وعلى مدى أيام «أسبوع أبوظبي للاستدامة»، شدد الخبراء والمشاركون على أن تحسين اقتصاداتنا الصناعية لا يعني إغفال العمل على تسريع عجلة نمو الاقتصادات النامية التي تزخر بفرص كبيرة لتحقيق نقلة نوعية تستغني من خلالها عن التقنيات القديمة التي تفتقر إلى الكفاءة، وتتحول إلى أحدث التقنيات المتقدمة المتاحة. وكانت نقاشات «أسبوع أبوظبي للاستدامة» ذات أبعاد عالمية، حيث تم تنظيم «قمة الاقتصاد الأزرق»، بحضور عدد كبير من رؤساء الدول والحكومات المعنية، لبحث تحديات تغير المناخ والتنمية المستدامة التي تواجه البيئات البحرية والدول النامية المكونة من جزر صغيرة. وأكدت هذه القمة على ضرورة الحفاظ على استدامة مياه البحار والمحيطات على المدى الطويل، فضلاً عن أهمية تعزيز التعاون العالمي لصياغة أطر العمل السياسية المناسبة، وتحديد أفضل الفرص لخلق التوازن بين الاحتياجات التجارية، والحفاظ على سلامة المحيطات والبيئة البحرية. وشهدت جائزة زايد لطاقة المستقبل خلال هذا العام لفتة كريمة، فبعد تشريفها بحضور حفل تكريم الفائزين، وجهت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، بتقديم مبلغ 50 ألف دولار لتكريم المدارس التي كانت مرشحة ضمن فئة المدارس الثانوية، ولم يحالفها الحظ بالفوز. وعكست هذه المكرمة تشجيع أم الإمارات «حفظها الله» لقطاع التعليم ولابتكارات وطموحات أجيال المستقبل، واهتمام سموها بمواصلة دعم إرث المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في بناء الإنسان، والارتقاء بالكوادر البشرية، والحفاظ على استدامة الموارد الطبيعية، بما يخدم جهود التنمية الشاملة. وكانت مشاركة عدد كبير من الزعماء والقادة الأفارقة في أسبوع أبوظبي للاستدامة فرصة مهمة لتسليط الضوء على الإمكانات الكبيرة التي تختزنها هذه القارة، والتي تتيح لها التحول سريعاً إلى التقنيات النظيفة عالية الكفاءة. وعلى الرغم من أن إفريقيا تحتضن ستة من بين أسرع عشرة اقتصادات نمواً في العالم، لا يزال 600 مليون شخص فيها يفتقرون إلى إمدادات موثوقة من الطاقة الكهربائية. وإذا دققنا في دراسة هذه الحقائق، ندرك الكمَّ الكبير من الفرص الاقتصادية المتاحة فيها. وخلال جلسة النقاش التي شارك بها الرؤساء الأفارقة في حفل افتتاح «أسبوع أبوظبي للاستدامة»، أكدوا جميعاً أن القارة تشهد تغيراً متسارعاً، فهي تتميز بتركيبة سكانية ديناميكية، فضلاً عن غناها بالموارد المعدنية، والأراضي الصالحة للزراعة. ولكن يبقى هناك الكثير من المعوقات أمام مسيرة النمو في إفريقيا، وبخاصة عدم توافر البنية التحتية اللازمة التي تتيح لها الاستفادة من كامل طاقاتها الكامنة. والواقع هو أن الافتقار إلى بنية تحتية تقليدية لشبكة الكهرباء يفتح الباب أمام فرص واسعة لاعتماد تقنيات الطاقة المتجددة، وخفض تكاليف إنتاجها وتطويرها، وهو ما يجعل إفريقيا في موقع مثالي يتيح لها اعتماد التقنيات النظيفة فوراً من دون الحاجة إلى استخدام مصادر الطاقة التقليدية. ومن الضروري البدء بتطبيق مشاريع وحلول الطاقة المتجددة في إفريقيا بأسرع وقت ممكن، إذ يشكل هذا الموضوع عبئاً كبيراً على اقتصادها، لأن تكرر انقطاع الكهرباء، والاعتماد على وقود الديزل مرتفع الثمن، يكلف بعض الدول الأفريقية ما يصل إلى 5% من ناتجها المحلي الإجمالي السنوي. وبالتالي، فإن مصادر الطاقة المتجددة لن تساهم فقط في تعزيز الاقتصاديات المحلية، بل سيكون لها أثر كبير على تطوير المجتمع ككل. ومع توافر الطاقة والكهرباء، يمكن تحقيق أثر مضاعف في أفريقيا إذ سيستطيع الكثير من الطلاب الدراسة أثناء الليل، فضلاً عن إتاحة المجال أمام الشركات والمصانع العملَ لفتراتٍ أطول من دون انقطاع، كما يمكن للنساء الطهي باستخدام وقود أكثر نقاءً وأماناً من الكيروسين والفحم. ومما لا شك فيه أن إدخال هذه التغييرات على الحياة اليومية من شأنه توفير أرضية خصبة لدفع عجلة التنمية الاقتصادية التي ستقود بدورها إلى التنمية الاجتماعية المستدامة. إن المضي قدماً نحو بناء عالم يتمتع بإمدادات مستقرة من الطاقة والمياه ليس بالأمر السهل، لكن ما حققناه في أبوظبي من تقدم في مجال اعتماد حلول الطاقة المتجددة وتعزيز التنمية المستدامة يعد خطوة مهمة للأمام. وسيستمر «أسبوع أبوظبي للاستدامة» في العمل على حشد الجهود وتعزيز التعاون بهدف التصدي لتحديات تحقيق التنمية المستدامة وتطبيق الحلول الجديدة والتقنيات النظيفة بما يساهم في بناء اقتصاد عالمي يتسم بالاستقرار والمرونة. بقلم معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر وزير دولة والرئيس التنفيذي لـ«مصدر»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©