الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأبواب التقليدية واجهة تراثية محفورة بإبداع الحرفيين

الأبواب التقليدية واجهة تراثية محفورة بإبداع الحرفيين
21 سبتمبر 2013 20:43
خولة علي (دبي)- الأبواب تحظى بأهميتها في تزيين واجهة المباني التقليدية، وتعد قطعة لا يمكن تجاوزها، وهي علامة بارزة في معرفة وقياس الحالة الاجتماعية والاقتصادية لأصحاب المنزل، فتاريخياً ظهرت أبواب منازل العائلات ميسورة الحال بنمط وأشكال وزخارف متميزة عن تلك الأبواب التي لم يكن بها شيء يذكر سوى أنها تؤدي وظيفة الخصوصية في بعض البيوت الأخرى. وتقف الكثير من الأبواب التراثية مرتكزة بصلابة وثبات في وجه المارة أو الزوار كأنها تحمى الداخل وتصونه عن أي مؤثر خارجي، ولم تبق تلك الأبواب مجرد حارس يقف على العتبة المؤدية إلى داخل المنزل، بل تشكل أحد أهم عناصر البنية الأساسية في التكوين المعماري والجمالي للمبنى التقليدي. عناصر فنية وحول تلك الأبواب التراثية التي ظلت محافظة على شكلها وزخرفتها ووجودها في بعض الأبنية التراثية، على الرغم من عوامل الزمن، يقول المهندس يعقوب يوسف آل علي من إدارة التراث العمراني ببلدية دبي إن الأبواب التراثية في دولة الإمارات عامة، وفي إمارة دبي خاصة، من أهم العناصر الفنية المعمارية المميزة للمباني الأثرية والتراثية، فهي تعبر عن أعرق الفنون، والصناعات التي عرفها الإنسان حين صنع الباب ليكون ساتراً لأمن البيوت، وفرض نوع من الخصوصية عليها، ومع تطور الحياة الاجتماعية أخذ النجارون يبدعون في هذه الأبواب سواء في أحجامها أو أشكالها وتفننوا بزخرفتها، ويمكن ملاحظة ذلك على الأبواب التقليدية في دبي. ويتابع: مما يميز هذا العنصر المهم في تكوين المبنى أنه يعبر عن أحد أهم جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية للإنسان، فنوعية الأخشاب المستعملة وجودتها وارتفاع ثمنها ودقة صناعتها وحرفيتها من حيث استخدام زخارف نباتية تخص الطبيعة أو أشكال هندسية أو كتابات دينية وغير ذلك من أمور، تمثل الحالة المادية لصاحب البيت، فكلما كانت الأبواب ملأى بالزخارف وتتميز بالدقة والإتقان والمهارات الواسعة والمتعددة والمتطورة دلت على ثراء وارتفاع مستوى المعيشة لصاحب البيت وبالعكس، فإن الأبواب البسيطة غير المكلفة التي لا تحوي الكثير من الزخارف تدل على تدنى مستوى معيشة صاحب البيت. «الفرخة» ولفت إلى أن التقاليد الاجتماعية لعبت دوراً مهماً في تصميم الأبواب، وذلك بوجود نظام بوابة «الفرخة»، وهو عبارة عن باب صغير في الباب الأصلي ذي ارتفاع منخفض، حيث يضطر الزائر لخفض رأسه عند الدخول والخروج، وبذلك تزداد خصوصية أهل البيت، وعادة ما تستخدم من دون الحاجة لفتح الباب بأكمله إلا للضرورة. ومن الجدير ذكره بحسب المهندس يعقوب يوسف أن هذا النمط من الباب الذي يطلق عليه «الفرخة» عادة ما يصمم للمباني ذات المداخل الكبيرة الواسعة، خصوصاً للحصون والقلاع، وكذلك لمداخل المنازل التي تفتح على فناء واسع، والتي لا تحتوي على نظام الممر المنكسر، وهو عبارة عن دهليز أو ممر يؤدي إلى فناء ما، يمنع أن يكون المنزل في واجهة البوابة، الأمر الذي يوفر الخصوصية لأصحاب المنزل من دون الحاجة إلى «الفرخة»، وعادة ما يسبب هذا النمط من المداخل ظلام هذه المنطقة، ولتجاوز تلك المشكلة وجدت الأبواب التي تعلوها فتحات مستطيلة الشكل تكون منفذاً للضوء والتهوية. زخرفة هندسية ولنتعرف عن قرب إلى أجزاء الباب، يشير آل علي إلى أن أغلب الأبواب في البيوت التقليدية مكونة من مصراعين، وغالباً ما يحتوي مصراع الباب وإطاره على زخرفة هندسية ونباتية، وفي أحيان نادرة حيوانية، ويعتبر الجزء المسمى «الأنفة» أحد أهم القطع الفنية التي يتم نحتها وزخرفتها بعناية من قبل الحرفي الشعبي لمكانتها وتوسطها الباب الخشبي، ويتم في الغالب عمل نقوش ووحدات زخرفية في هذا الجزء بأسلوب متدرج، تناسب مساحة أنف الباب الطولية، ويمر عبر هذه القطعة المغلاق أو المزلاج الخشبي الذي نلاحظ وجود بعض أشكاله المميزة والمنحوتة بعناية، وهو يستخدم للتحكم في قفل الباب، ويقوم بوظيفة الجرس في وقتنا الحاضر. وعن المسميات التي اشتهرت بها أنواع الأبواب التقليدية آنذاك يقول آل علي: هناك مسميات عدة، منها باب «الفرخة» الذي تم تناوله والتعريض له مسبقاً، والباب المسماري الذي يتألف من مجموعة شرائح خشبية مصفوفة إلى جانب بعضها بعضاً، فيما تتعامد معها أضلاع خشبية متينة، وتثبت مع شرائح الباب بواسطة مسامير ذات رأس كبير، وعادة ما تظهر هذه المسامير بشكل جمالي لافت على وجه الباب. البيئة المحلية وأوضح يوسف آل علي من إدارة التراث العمراني ببلدية دبي أنه قد شاع استخدام هذا النوع من كأبواب خارجية نظراً لقوته ومتانته وتماسك أضلاعه، ونظراً لندرة الأخشاب في البيئة المحلية، اعتمد الحرفي على طريقة تجميع شرائح خشبية إلى جانب بعضها، لعدم توافر أشجار محلية تناسب شريحتها حجم الباب، وقد كانت تلك من أكبر المشكلات التي كانت تواجه النجار في صناعة الكثير من الأعمال التي تحتاج لقطع خشبية عريضة، كالأبواب والنوافذ والصناديق الخشبية، وكان التغلب على هذه المشكلة يتم بصف شرائح مناسبة إلى جانب بعضها من الأخشاب المتوافرة محلياً كخشب السدر والإثل، وكما كان يفعل في أسلوب بناء جسد السفينة، لكن هذه المشكلة بدأت تتضاءل تدريجياً بعد أن توافرت بعض الأخشاب المستوردة الأكثر جودة وفاعلية مثل خشب الساج أي «التيك» التي كانت تجلب من الهند ومن أفريقيا. ويتابع آل علي: تنوعت أيضاً أشكال الأبواب تبعاً للناحية الوظيفية للمبنى، حيث أبواب الحصون والقلاع التي تميزت بكبر حجمها وسمكها لتقوم بوظيفة الحماية، أما أبواب بيوت منطقة الفهيدي «البستكية» سابقاً، فتميزت بوجود الباب الصغير «الفرخة» الذي يوفر الخصوصية للمكان، إلى جانب وجود مزلاج خشبي لضبط عملية إغلاق الباب بإحكام، فيما نجد الأبواب الداخلية شبيهة بالأبواب الخارجية، إلا أنها تصغرها حجماً، في حين نجد أبواب الأبواب والمربعات الدفاعية صغيرة نسبيا ومرتفعة عن سطح الأرض، لكي يصعب على العدو دخول البرج أو المربعة، ويتم الصعود إليها بواسطة حبل متدل من الباب. جهود للحفاظ على العناصر المعمارية أوضح المهندس يعقوب يوسف آل علي من إدارة التراث العمراني ببلدية دبي أنه تم جمع العديد من الأبواب التراثية من مناطق تراثية متفرقة في دبي، وأهمها منطقة الشندغة وحي الفهيدي ومنطقة بر دبي ومنطقة ديرة، بالإضافة إلى قرية حتا التراثية، حيث أولت حكومة دبي متمثلة في بلدية دبي، وتحديداً إدارة التراث العمراني اهتماما كبيراً بمواكبة ركب التطور الحضاري في هذا المضمار، وهو الحفاظ على عنصر من أهم العناصر المعمارية التي لها دور أساسي في تكوين عناصر المبنى التاريخي، كما أعدت الإدارة فريقاً متخصصاً ذا مهارة عالية للعمل على صيانة وترميم هذه الأبواب، لتكون منارة حضارية في التعرف إلى أحد أهم وأروع العناصر التراثية الغنية بالزخارف النباتية والهندسية التي خلفها لنا الحرفي الإماراتي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©