الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صحراء المجد والوجد والتنهيد والمهد

صحراء المجد والوجد والتنهيد والمهد
13 سبتمبر 2012
قاب قوسين أو أدنى، صحراء في القلب تبحث في المعنى، تحثو حبات الرمل في وجه الريح، وترفع النشيد الأممي والمغنى، تحض التضاريس على خفض جناح الذل من الرحمة، ثم تفض سامرها الأبدي وتنهض ترنو إلى وجه امرأة كانت في جلجلة تصبو إلى حب جديد فريد عتيد تصبو إلى قلب عنيد لا تثنيه ريح، الصبابات المؤجلة ولا أنهار الماء حين تؤم الكثبان فراشات التوق مشتاقة للتحليق والتحديق في عيون النساء اليافعات والكواعب النهد. هذه الصحراء منذ الأزل تحصي أعداد العاشقين وتقتفي أثر النوق الشوارد، ومكحلات العيون بأثمد الشجون، والليل المجنون يعصب العينين بمنديل امرأة خؤون يقول للصحراء يا أنثى الكائنات هذا خصر وذاك نحر وما بعدهما نجمتان وقمر وأنت السحر والسهر، وأنت الصبر والثغر، أنت الأمر الأمرّ من الصبر، وأنت الحبر وقامة الشجر، وأنت القَدر وقيامة البشر، أنت المدى المستمد وجوده من شهقة القابع المستتر، أنت النهار المحدق في عيون النجوم، وأنت العِلة والمعلول، والسفر، أنت الصرخة المدوية، أنت الدم المنهمر، أنت رعشة الأغصان حين تهزها أجنحة الطير المحتضر، أنت كبرياء بلقيس، وتعويذة سليمان والهدهد الخارق، المتجبر، أنت النعيم المقيم، المديم النديم، القويم، الحليم، الكريم، الرحيم، أنت راهبة المكان، أنت السيف والغضنفر، أنت الحوار الكوني، أنت السرد المتطور، أنت يا صحراء غيد وغيداء، أنت النغم الرهيف، والهيفاء، أنت من نعيم نجلاء وعفراء وكل من أنجبتهم حواء. أنت يا صحراء بارعة رائعة مبدعة في صياغة مغردة الرمل وتشكيل الألفة في المقل، أنت يا صحراء مداهمة مباغتة، حين يكون السكون مجنوناً، فتكونين أنت الجنون، والفنون، والنهار المؤدلج بنيران قيظ مستفيض باللظى والتشظي. قبل العلّة أنت يا صحراء جئت قبل الوجود قبل العلة والموجود، جئت من قديم العهود، جئت بالذرات نجوماً، وبحبات الرمل غيوماً، وبآهة البدوي هموماً، وبلهفة النوق رجوماً، وبشهقة الطير سقوماً.. جئت يا صحراء يا حبيبة غاية وغواية، راية ورواية، نهاية وبداية، وصية ووصاية، أنت يا صحراء، النبرة والنفرة والعِبرة، والسيرة والسيرورة والعَبرة، والحتمية والضرورة، أنت الأشياء حين تفيض من ناهل وكاحل، ونبض متأصل متواصل، وحض خصائصه الحفيف والرهيف والرفيف، وغصن يخضه بوح شفيف.. أنت يا صحراء الحارس والمحروس، والتعويذة والطقوس، أنت نفحة الحي القيوم الملك القدوس، أنت صبوة المطر ونخوة الشجر، والسفر الطويل في محاريب الذاكرة، أنت السحر والأسيل، في الليال المجاهرة، بعنفوان، وصبايات مغامرة.. أنت يا صحراء، في غيك وفيئك، ووعيك وقربك ونأيك وفيحك وويحك، وحيفك وحتفك، وصخبك، ونخبك وسكرة الغاف المبجل حين يكون النخب عطر امرأة تضمخت بعبق الاشتياق، لعناق النوق للنوق، واشتداد الشوق لنافلة تشفي الغليل وتملأ وعاء القلب بنبضة وخضة.. أنت يا صحراء، يا أصل النوى، والهوى، وألوان، وأشجان، وألحان، وأفنان، وأوزان، وأزمان، وأطوار، وأدوار، وأسرار، وأخبار، وأبحار، ودوار، وسوار، ومدار، نحن فيه الفراشات الحائرة والنجمة الساهرة، الدائرة، في محيط خصر ونحر. أنت يا صحراء المجد، والوجد، والجِد، والتنهيد، والنهد، والقدُ، والحدُ، والسدُ، والعهد، والود، والسعد، والوعد، والنِدُ، والفرد، والصمد، والمدى، والمداد، والأمد، والرعد، والشعر، والسردُ القصصي، والقصد، والبرْد، والبَرَدُ، والخل الوفي، والحصد، والشوق المرتل، والصَفُد، واليوم المؤمل، والغد، والرمل المذهب، والشهد، وحناء الناعسات، والأثمد، والفيض الوسيع، والسرمد، وكبرياء النوق، والخيل المستبد، والنخلة الفارعة، والعشب والمدد، والدهر المقيم، والسُهد أنت يا صحراء كل ذاك ومنك يستلهم ويستمد، ومن يمد خيوط الحرير طوقاً على عتق واليك تصبو الجامحات الراجحات عشقاً وألقاً. أنت يا صحراء، يا شوق الكثيب إلى الكثيب، ولوعة الرمل إلى الوجيب، وصبوة الحبيب إلى الحبيب، أنت ذاك المنفى المستحب واللبيب، أنت الهديل في صمت الجهات، وحومة النخيل، وأنت الصوت الجليل في خفوت الحناجر وانتحار الخل والخليل.. أنت يا صحراء، النقطة والنطفة والخطوة، والخطوة، واللحظة المتشظية في باكر الناس، وحاضرهم في حضور أو ضمور لا تختزلين الزمن ولا يحاصرك حلم اليقظة، أنت يا صحراء من سمرة السواعد لونت جذوع الشجر، ومن اختمار الحلم شيدت الأغصان، ومن عرق الأقدام أسقيت الفصول الأربعة وزرعت عشب الذاكرة على تربة الأمل، وهفهفت على الأوراق الخضراء بقماشة القلوب اليانعة، وقطفت من اللواعج أثمار النضوج، ونهلت من دموع الحور العين رضاباً عِذاباً، وشربت وسكرت حتى ثملْت القارات الخمس صيتاً وصوتاً، وحبلتِ أنت بغرور الشامخات الراسخات السامقات الباسقات المتألقات المبهرات المذهلات الهائلات بذخاً وعطاءً، وسخاء.. خارق ماحق يا صحراء يا أنت.. كائن خارق، يخطف، ويقطف، ويلطف، ويقصف، ويعصف، ويشنق، ويشظف، ويعسف، ويخسف، ويَكْلف، ويرجف، وينسف، ويعطف، ويردف، ويكنف، ويهتف، ويدنف، ويغرف، ويعزف، وينزف، ويرسف، ويسرف، ويأنف، ويألف، ويدلف، ويطرف، ويقذف، ويحذف، ويكشف، ويشرف.. يا صحراء يا أنت كائن حارق يغدق، ويغرق، ويطرق، ويسرق، ويمرق، ويبرق، ويحدِّق، ويعشق، ويرفق، ويغرق، ويدلق، ويزلق، ويغسق، وينزق، ويقلق، ويعتق، ويغرب، ويشرق، ويكذب، ويصدق، ويشبق، ويصمت، ويزعق، ويدفق، ويحرق، ويخرق، ويغلق، ويفتح، ويغلق، ويكرب، ويرزق، ويسحق، ويمحق، ويرهق، ويكتم، وينطق. يا صحراء يا أنت كائن ماحق، أنت الشيء والفيء والوطء، وأنت القصة المثلى، وأنت الوجهة الأولى، وأنت البسمة الأجلى، وأنت النظر النجلا، وأنت القامة الأطلى، وأنت الفوحة الأسلى، وأنت المهرة والقبلا، وأنت قُبلة النوق، وأنت قِبلة الملأ، وأنت صهوة الفرسان، وأنت نخوة الشجعان، وأنت راحة لدنة، وأنت وجنة حسنة، وأنت الخصلة والخصال، وأنت النصل والوصال، وأنت الفصل، وأنت الجذل، وأنت البلل، وأنت الجدل، وأنت النهل، وأنت العذل، وأنت الجزل، وأنت العدل، وأنت القُبل، وأنت النقل، وأنت الحقل، وأنت النِّحل، وأنت الملَّل، وأنت البذل، وأنت الرِحلُ، وأنت السُبلُ، وأنت النُبل، وأنت النِبلُ، وأنت الجلل، وأنت الزلل، وأنت الخلل. يا صحراء يا أنتِ، أنتِ النار والحطب، وأنت الدار والكثب، وأنت الجارُ والعشب، وأنت السارِب الرطِب، وأنت الغصن والرطَبُ، وأنت الحلْم والعتب، وأنت الحُلُم والسعب، وأنت الصحو والسخبُ، وأنت اليقظة والغضب، وأنت النث والسحب، وأنت البث والرحب، وأنت الحث والشخب، وأنت القطر والسِكبُ، وأنت الحب والرغِبُ، وأنت الرمش والحُجبُ، وأنت الرشفة والنَخْب، وأنت الصفوة والنِّخِبُ، وأنت النخوة والصِّحب، وأنت الباحة الرِّحب، وأنت الفكر والرِّهب، وأنت المنح والوِّهبُ، وأنت الحسن والشغب، وأنت الماء والعذب، وأنت الموجب السلبُ، وأنت الأحمر الخضب، وأنت الأبيض النقب، وأنت الحل والرّكب، وأنت الشرق والغرب، وأنت الدمع والنحِبُ، وأنت الحدب والندب، وأنت النجم والشُّهب، وأنت الكوكب الرّهبُ، وأنت الغيمة الشَّحِبُ، وأنت الغيّ والنَّجب، وأنت النبل واللَّبُ، وأنت العقل والقلب، وأنت النهر والصبُبُ، وأنتِ الدهر والحِقَبُ، وأنت الكون والقطب، وأنت النيل والخصب، وأنت البحر والحِصَبُ، وأنت النطفة الأولى أنتِ العِقَبُ، أنت النخلة الفيحاء والعِنب، وأنت المرأة الهيفاء، أنتِ البعد والقرب، أنتِ الفانج الناهج أنت القطب، أنت الداخل الخارج، أنت الكربُ، أنت القارض الرافض، أنت النكبُ، أنت الناهض العارض أنت الكثب، أنت الغارض الراكض أنت السبب، أنت مكر الرمل أنت الجلبُ، أنت سكر التراب أنت العطب، أنت سحر الندى أنت القطب، أنت في النهاية يا صحراء صخرة القلب وأنت الطرب. يا صحراء يا هيفاء يا شهباء يا نجلاء يا نديمة العاشقين يا قصيدة الشعراء المؤجلة يا أول المرحلة وآخر الزلزلة يا نقطة تستدير على المهج يا نطفة مجلجلة عندما ساور البدوي الظن قال يقيناً لها إلاك سربله ولا أمامك ولا خلفك ولا حولك من تراب إلا تراب البلبلة يا صحراء القلقلة، والمرجلة، هاتيك عيون الماء والنساء عند ناصية القلب تهفو لا طلالة القمر وجلالة الشمس المزنجلة هاتيك قلوب بنات حواء تغفوا عند قارعة وضارعة وناصعة وحبلى مدللة. يا صحراء ما مادت أفئدة ولا مارت إلا لسويعات الجندلة، وأنتِ يا صحراء أنثى القديم القديم، والناي والعزف الأليم، أنتِ مقلة ونخلة وسنبلة ومجزلة، أنت لا سواك أنت يعجن الرمل طحيناً ويسفه دقيقاً أنيقاً ويعطي ويمتطي سبل التساقي والتلاقي لأجل مآقي حور ولمياء الثغور، لأجل من خضضن الأرض لهفاً وشغفاً وسرن في البطحاء يسألن عن الغاف بخصور نحاف، وقدود كأجنحة الطير، يشغفن ويشفين من سامة الوجد وأضناه التعب، هن الكاعبات بنات التراب النبيل، هن المسغبات كلفاً من لظى وتشظي، هن أخوات الرجال الناهمون عند رأس الكثيب، لأجل كتف وكف، لأجل سقف وردف لأجل ريق لا يجف لأجل شهقة يرقص لأجلها الغير ويغني الشجر وتقارع السماء، فطرة البشر، وتضارع الأرض، صبوة الفكر فيا صحراء سلام وألف سلام، على حبة رمل لا تنام تناغي المدنفين وتسهر على أرجاء ووئام .. سلام عليك وأنتِ السلام.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©