السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلماء: تجسيد الأنبياء فنياً يفتح باب الفتنة

العلماء: تجسيد الأنبياء فنياً يفتح باب الفتنة
9 أكتوبر 2014 22:45
أثار وزير الثقافة المصري الدكتور جابر عصفور، مجدداً قضية تجسيد الأنبياء في الأعمال الدرامية، حيث طالب علماء الدين بمراجعة مواقفهم حيال تلك القضية، والتراجع عن فتاواهم التي تحرم تجسيد الأنبياء، معتبراً أن التطور الذي تعيشه الإنسانية اليوم لابد أن يواكبه تطور في الآراء الفقهية والدينية بحسب قوله. وترصد «الاتحاد» آراء علماء الدين فيما قاله الوزير، خاصة وأنه بحكم وظيفته هو المسؤول عن رقابة الأفلام العربية والأجنبية التي تعرض في دور العرض السينمائية، وهو ما يعني أنه قد يسمح مستقبلاً بعرض أفلام ومسلسلات تجسد الأنبياء. حرام بالإجماع يقول فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر: إن تجسيد الأنبياء والرسل في الأعمال الفنية بكل أشكالها لا يجوز شرعاً، وقد اتفق كل العلماء القدامى والمحدثين على تلك الرؤية الفقهية لأن الأعمال الفنية، إنما تسعى لتجسيد الواقع، بينما حياة الأنبياء وسِيَرُهم فيها من الوحي والإعجاز والصلات بالسماء ما يستحيل تجسيده وتمثيله، ومن ثم فإن تجسيد الأنبياء والرسل فيه إساءة محققةٌ إلى سيرتهم وحياتهم، ورغم أن الأزهر ليس سلطة منع ولا مصادرة، وليس ذلك من صلاحياته ولا اختصاصاته، فالأزهر يقوم بواجبه في إبداء الرأي الشرعي، وفاء لرسالته، واستجابة لتطلع الأمة إليه كمرجعية أولي للشريعة في عالم الإسلام، وهناك قرار بالإجماع لدى مجمع البحوث وهيئة كبار العلماء بعدم ظهور وتجسيد الأنبياء في أشخاص. وقال «الشخص» الذي يقوم بالتمثيل قد يكون تاركاً للصلاة وغير مسلم، فكيف يجسد شخصية أحد الأنبياء؟ ونحن عندما نفتي بعدم التجسيد، فإننا لا نحجر على حرية الفكر والإبداع، وإنما نسعى فقط إلى الحفاظ على مقام الأنبياء، والحكمة من منع تجسيد الأنبياء هي أن الممثل مهما أتقن دوره، ومهما كان العمل الفني يتميز بأعلى درجة من الجودة، فلا يستطيع أن يظهر هذا الممثل بالصورة نفسها التي كان عليها الأنبياء. ويضيف أن دور الأزهر يتوقف عند الفتوى، أما أن يعرض العمل أو لا يعرض، فهو متروك للمسؤولين والقائمين على الإعلام والسينما، «لكن ندعو الناس ألا يشاهدوا تلك الأعمال الفنية، لأنها غير جائزة شرعاً». أفضل البشر ويؤكد الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية أن تجسيد الأنبياء مرفوض تماماً، وقد اتفقت كل المجامع الفقهية المعتبرة على حرمة تجسيد الأنبياء والصحابة في الأعمال الفنية وحرمة ما تقوم به بعض شركات الإنتاج السينمائي من إخراج أفلام ومسلسلات يجسد فيها شخصيات الأنبياء في أي فترة زمنية من عمرهم المبارك مراعاة لعصمتهم ومكانتهم فهم أفضل البشر على الإطلاق، ومن كان بهذه المنزلة، فهو أعز من أن يمثل أو يتمثل به إنسان، بل إن الشرع نزه صورهم عن أن يتمثل بها حتى الشيطان في المنام، مشيرا الى أن ما يؤكد حرمة هذا العمل أنه ينطوي على مجموعة من المفاسد، مثل كونه ليس مطابقاً لواقع حياة الأنبياء من أن أفعالهم تشريع، وأن التمثيل يعتمد على الحبكة الدرامية مما يدخل في سيرتهم ما ليس منها، والمقرر أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح. ويضيف أن كل هذا يتسق مع كوننا نربأ بالشخصيات الدينية التي لها الإجلال والاحترام أن تقع أسيرة رؤية فنية لشخصية الكاتب يفرضها فرضا على المتلقي لها، بما يغير حتماً من تخيل المتلقي لهذه الشخصيات والصورة الذهنية القائمة عنده حولها، ويستبدلها بالصورة الفنية المقدمة، مما يكون له أثره البالغ في تغيير صورة هذه الشخصيات. ويعبر عن رفضه لمحاولات نزع القداسة عن الأنبياء والشخصيات الدينية الأخرى ذات الإجلال والتقدير. الدراما ومقام النبوة ويقول الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، والأمين العام لهيئة كبار العلماء، إن تجسيد الأنبياء في الأعمال السينمائية، أمر محرم شرعاً والمشكلة في تجسيد الأنبياء من قبل ممثلين ترتبط أذهان الناس بأدوارهم في أعمال أخرى أبعد ما تكون عن اللائق بمقام الأنبياء والصحابة الكرام، وفي بعض الأحيان يغلب اسم الشخصية التي لعبها ممثل، واستطاع إقناع الناس بأدائه على اسمه الفني الذي يحمله، فيطلقون عليه لقب العمدة، أو الناظر وربما الخط، أو السفاح، فماذا لو نجح ممثل في إقناع الناس بدوره في أداء شخصية نبي من الأنبياء؟ ويؤكد أن الأنبياء الكرام عليهم السلام فئة من خلقه اصطفاهم على سائر البشر، ولا يمكن لإنسان أن يماثلهم في خلقهم ولا سلوكهم لا حقيقة ولا تمثيلاً، وتأدية الممثل لدور يجسد فيه شخصية نبي لا يخلو من الكذب والافتراء لعجزه عن الأداء أو قصور في السيناريو والحوار، وربما المغالطات التاريخية، ولهذا استقرت المجامع الفقهية كلها بلا استثناء على تحريم تجسيد شخصيات الأنبياء عليهم الصلاة السلام لأن الله تعالى فضل الأنبياء والرسل على غيرهم من العالمين، كما قال سبحانه: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ)، «سورة الأنعام: الآيات 83-86»، وفي قوله: (وكلاً فضلنا على العالمين) تفضيل الأنبياء على سائر الخلق، ومحمد صلي الله عليه وسلم هو خير الأنبياء وأفضلهم، كما قال: «أنا سيد ولد آدم ولا فخر، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع، وأول مشفع»، وهذا التفضيل الإلهي للأنبياء الكرام - وفي مقدمتهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم - يقتضي توقيرهم واحترامهم، فمن ألحق بهم أيّ نوع من أنواع الأذي فقد باء بالخيبة والخسران في الدنيا والآخرة، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا)، «سورة الأحزاب: الآية 57». ويضيف الدكتور شومان أن تجسيد الأنبياء حرام شرعاً، وقد حرم العلماء من قبل هذا العمل التشخيصي، سواء من الممثلين أو المنتجين أو المصورين، وكل هؤلاء آثمون شرعاً، بالإضافة إلى أن الترويج والدعاية لهذه الأفلام معصية لا يرضى الله عنها وأيضاً سيقع الإثم على كل من يشاهد مثل هذه الأفلام، ومن سيقوم بعرضها فكل الآراء الفقهية، كما قلنا اتفقت على حرمة تجسيد الأنبياء والرسل لأن الأنبياء لا يمثلون ولا تحاكى أصواتهم ولا ترى خيالاتهم وإنهم من المصطفين الأخيار، فمن غير المعقول أن يأتي ممثل وقد يكون في حياته فاسداً ويجسد شخصية سيدنا نوح أبي البشر الثاني، ولا يجوز تمثيل العشرة المبشرين بالجنة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويقول الشيخ محمد زكي رئيس اللجنة العالمية للدعوة الإسلامية بالأزهر، إن الأنبياء في منزلة ومرتبة واحدة وهي منزلة النبوة والرسالة، وإن تفاوت فضلهم عليهم الصلاة والسلام، وإذا كان الشيطان لا يتمثل بهم صوناً من الله لهم وعصمة لسيرتهم، بعد أن عصم ذواتهم ونفوسهم فمن يتقمص شخصيتهم بالتمثيل يفتري عليهم وينسب إليهم الكذب بحاله ومقاله ويشوه سيرتهم ولما حرم التمثيل، فقد حرمت المشاهدة، وذلك لما يترتب عليهما من ترويج هذه الأفلام، مما يعد عوناً لأصحابها على ما هم عليه من الإثم. سد الذرائع ويؤكد الدكتور محمد كمال إمام رئيس قسم الشريعة بجامعة الإسكندرية وعضو مجمع البحوث الإسلامية: ما قاله وزير الثقافة مرفوض تماماً وعليه أن يعيد النظر في تصريحاته الصادمة ونربأ به أن يبدأ بهذا الصدام مع علماء الدين وسيكون الخاسر في حال إصراره على خوض تلك المعركة، وعليه أن يدرك أن العلماء لم يصدروا فتواهم بحرمة تجسيد الأنبياء إلا بعد دراسات وافية ولهذا، فقد اتفقت كل المجامع الفقهية دون استثناء على هذا الرفض فتجسيد الأنبياء خط أحمر. وعليه أن يدرك أن هناك ما يقرب من الملياري مسلم يرفضون النيل من مكانة الأنبياء. التجسيد إساءة للأنبياء ويقول الشيخ محمد زكي رئيس اللجنة العالمية للدعوة الإسلامية بالأزهر، إن تجسيد الأنبياء، إنما هو محاولات للإساءة لهم صلوات الله عليهم وسلامه وللأسف، فإن الإساءة هذه المرة ستأتي من الداخل الإسلامي، والشخص مهما كان في الصلاح والتقى، فلن يبلغ منزلة الرسول، ولا يوجد شخص يستحق أن يجسد دور أي نبي، وأؤكد للجميع أن أي تجسيد لنبي في شخص، مرفوض جملة وتفصيلاً برغم الحجج المزعومة التي يقدمونها بأن هدفهم نبيل، ولا بد أن نعي أن تمثيل الأنبياء والرسل في الأفلام والمسلسلات ونحوها أمر تنكره الشريعة الإسلامية لأن الممثل عندما يجسد شخصية نبي، إنما يجسد شخصية من أفضل الشخصيات وأفضل البشر على الإطلاق وخيريتهم وفضلهم هو ما أهلهم لأن يختارهم الله عز وجل لحمل رسالة النبوة، لما علم فيهم من فضل ونقاء وكمال، لكل هذا، فإن لهم من المكانة السامية التي لم يصلها بشر من قبلهم أو من بعدهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©