الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المائدة اليمنية تجمع الطهي التقليدي بالطرق الحديثة

المائدة اليمنية تجمع الطهي التقليدي بالطرق الحديثة
17 ديسمبر 2010 20:43
يشتهر اليمن السعيد بتنوعه وتعدد عاداته وتقاليده الشعبية والثقافية داخل الإطار الوطني العام، ويتميز المطبخ اليمني عن مطابخ الشرق الأوسط بخصوصية مختلفة، كما تختلف أطباقه من إقليم إلى آخر داخل البلد نفسه، تتعدد أصناف الطعام بتعدد الجهات والمناطق اليمنية واختلافها. يكاد يكون للطعام اليمني بصمة ثقافية تميز هذه المنطقة عن تلك، فأحيانا يقال لمن يسافر إلى صنعاء “إيش طالع تأكل سلتة”، ولمن يتوجه إلى الحديدة “أكيد نازل تأكل ربيص وفتة بالعسل والموز”، ويصنع “الربيص” من سمك القرش بعد أن يغلى ويُفرم، إلا أن كرم الضيافة اليمني، يعد طابعا عربيا أصيلا، وتذكر بعض الأخبار الطريفة أنه منذ سنوات عديدة في الجزء البعيد من حضرموت في جنوب اليمن، صرح مضيف يمني بأنه سيطلق النار فوق رأس كل عابر سبيل لا ينزل ضيفا عنده! عشق الأطعمة الحارة على صعيد نكهات الطعام اليمني، فإن اليمنيين يحبون الأطعمة الحارة الكثيرة التوابل بصورة خاصة، حيث تحتوي العديد من وصفاتهم على الكثير من الفلفل الحار والذي يسمونه في اليمن باسم “البسباس”، لكن ليست كل الأكلات اليمنية حارة بهذه الصورة وهو ما يفسر الانتشار الساحق للمطاعم اليمنية في مختلف مناطق العالم وبخاصة في دول الخليج العربي ومصر ولبنان ودول شرق آسيا وغيرها. ونكهة الطبق الحار تنطلق مع الفلفل الحار والفلفل الأسود وحب الهال والكزبرة الطازجة و”الحومر/التمر الهندي” والثوم الذي يستعمل مع الخبز، حيث يعد الخبز والحبوب قوام الغذاء والنكهة الحارة جنبا إلى جنب، مع خليط يدعى “الحِلبة” يضيف النكهة والاهتمام لهذه الأطعمة، و(الحلبة بكسر الحاء) عبارة خليط يستعمل في اليمن الجنوبي، بينما يدعى خليط آخر الحُلبة بضم الحاء) ويستعمل في الشمال. مع كل ما يمتاز به المطبخ اليمني عموما من تنوع وتعدد أطباقه وفرادة مذاقها تبعاً للتعدد والتنوع الثقافي التقليدي لمختلف مناطق البلاد، إلا أن هذا التميّز ما كان ليعرف بهذا المستوى لولا سلسلة المطاعم الحديثة التي انتظمت في صنعاء ومدن يمنية أخرى خلال العقد الماضي، والتي أحدثت قفزة نوعية في طريقة إعداد الأطباق اليمنية وتقديمها، ما جعلها مطلب زوار اليمن من العرب والأجانب، وأكسبتها شهرة سياحية واسعة جعلت منها منتجا سياحيا بامتياز. تحديث الأسلوب لقد عملت المطاعم الجديدة على تقديم الأطباق اليمنية بمذاقات تجمع بين الخصائص التقليدية للمطبخ اليمني وطرق الطبخ الحديثة، موظفة ببراعة الإرث الممتد للمطبخ اليمني الذي في محصلته النهائية خلاصة تأثيرات ثقافية مرجعيتها المطبخ التركي في الشمال والمطبخ الهندي في الجنوب بحكم العلاقات التاريخية التي جمعت اليمن بهذه الشعوب الى جانب تأثيرات أخرى تعود إلى المطبخ الفارسي. وبإمكان الزائر لليمن اليوم التمتع بالوجبات اليمنية التقليدية المعدة بأشهى المذاقات وأمتعها، كما أن هذه الأطباق تمثل قواسم مشتركة بين مختلف الأمزجة والأذواق في اليمن، ولعل ذلك ما يفسر إقبال اليمنيين كأفراد وأسر على تناول وجباتهم خارج البيت وفي هذه المطاعم بعد أن أخذت الأطباق التقليدية تجد لها مكانا خاصا في المطاعم السياحية الفاخرة. أشهر الأطباق اليمنية أما أشهر الأطباق اليمنية التي تحظى باهتمام الزوار، فهو طبق (السلتة)، ويعد سيد المائدة اليمنية، خاصة في الشمال، مع انه أخذ ينتشر في مختلف المناطق، ويتكون من طبخ اللحم المفروم مع البصل والزيت والصلصة والبيض، يضاف إليه مرق اللحم وبعض الخضروات كالبطاطس والباميا، وتصب على سطح الطبق الحلبة المسحوقة السائلة على هيئة كريمة، ويقدم في أوانٍ فخارية تسمى (الحرضة)، تمتاز بحفظ الطعام ساخنا طوال فترة الأكل، وتؤكل السلتة بخبز بلدي خاص يسمى (الملوج)، ويمتاز هذا الطبق بكونه طبقا ساخنا لكم البهارات الوافر فيه وهو أساسي في وجبة الغداء. وهناك طبق (الشفوت)، ويعد من المقبلات ويتكون من أقراص رقيقة معدة من عجينة الذرة المخمرة، يضاف إليها الزبادي المخفف بالماء والمخلوط مع الكزبرة الخضراء والبقدونس والفلفل الحار، هذا الى جانب كوب الحساء المعد من مرق اللحم أو الدجاج يضاف إليه الليمون كمقبل آخر. أطباق للإفطار والعشاء الأطباق المخصصة للإفطار والعشاء تشمل (الشكشوكة)، وتعد من البيض المطبوخ مع الطماطم والبصل والبهارات، طبق (الفاصوليا) المطبوخة مع البيض والطماطم وطبق (العقدة) ويتكون من شرائح اللحم الرقيقة المطبوخة مع البطاطس، ثم (المطبق) وهو فطيرة محشوة بالبيض والخضروات. اللحم و”الزوربيان” أما أطباق اللحم فهي متعددة اللحم وتقدم عادة مع الأرز الأبيض أو المطبوخ بالصلصة والبهارات، واللحم المسلوق هو الغالب على هذه الأطباق، ويقدم على هيئة وصلات كبيرة الى جانب اطباق الأرز والصلطة بأنواعها المختلفة، كما تتعدد طرق طبخ الأرز بإضافة الهيل والقرفة والقرنفل والبصل المحمر وصلصة الفلفل الأحمر. ومن أشهر أطباق اللحم طبق اللحم (الحنيذ) و(المندي) و(المظبي) و(الزوربيان)، وتعد هذه اشهر الأطباق التقليدية في المناطق الجنوبية والشرقية من اليمن، وتتكون من اللحم المطبوخ مع الصلصة والبصل والبهارات وتقدم من الأرز المحلى بالبصل المحمر واللوز والزبيب. السمك بالحطب بالنسبة لأطباق السمك فمتعددة هي الأخرى، وأبرزها “سمك المخبازة/ موفا”، الذي يطبخ في أفران توقد بالحطب بعد شق السمكة إلى نصفين متلاصقين ويطلى سطحها بصلصة الفلفل الأحمر (بسباس عدني) والبهارات، وتمسح بالزيت قبل ادخالها الفرن وتقدم مع الأرز أو الخبز، فيما تطبخ أطباق الجمبري والشروخ والروبيان والاستكوزا وغيرها من المأكولات البحرية التي تزخر بها بحار اليمن، بقليها في الزيت بعد إضافة البهارات والليمون، كما تتضمن الأطباق المعدة من الاسم طبق (الصيادية) وتشتهر به المدن الساحلية، ويتكون من قطع السمك المقلي مع الأرز المطبوخ والمشبع بالبهارات بجانب مخللات عديدة منها (العشار)، وهو الليمون المخلل في صلصلة الفلفل الأحمر. الحلويات التقليدية على رأس أهم أنواع الحلويات التقليدية في اليمن، يأتي وصفة (بنت الصحن) ذات الجذور الفارسية التي تتكون من فطيرة متعددة الطبقات قوامها من الدقيق والسمن والبيض وحبة البركة، وتدخل إلى الفرن في صحون واسعة ويرش سطحها بالسمن والعسل، ثم تأتي (الفتة) بأنواعها المختلفة وتتألف من الخبز البلدي المفتوت بشكل دقيق مخلوطا بالموز والتمر، وتصب على هيئة قوالب تغطى بالعسل، بالإضافة إلى أصناف تعد من الدقيق أو السميد منها (المعصوبة) وهي فطيرة سميكة القوام تؤكل مع العسل والسمن و(الرواني والشعوبي والمشبك)، وهي فطائر مسقاة بمحلول السكر. نكهة متنوعة للطعام اليمني نكهة متنوعة وذوق متميز ومتفرد عن سائر الأطعمة ويتميز بكثير من الصفات التي تميزه عن غيره، مما يعكس ثقافة اليمن العريقة والعميقة عمق تاريخ اليمن وعراقة حضارته المدنية الإنسانية وتميزها، ويعتبر تقديم الخبز والملح عربون عرفان ووفاء، كما أن بهار الكمون يمني صرف حيث عرف عالميا عبر اليمن، وتعتمد الوجبات اليمنية على المكونات الطرية من لحوم وخضار وفواكه واللبان، كما عرفت اليمن بإنتاجها أجود أنواع البن ويطلق على مشروبه بالغرب قهوة (المخا)، و(المخا) مدينة على ساحل البحر الأحمر كانت تصدر القهوة اليمنية إلى أوروبا والعالم، وكانت اليمن شهيرة بإنتاج البن الممتاز قبل أن يقوم الإنجليز بزراعة نبتة البن بجزيرة (سانت هيلانة) ثم يعقب ذلك ازدهار زراعة البن بالبرازيل وغيرها، ورغم الإنتاج الهائل لزراعة البن ثم تدني أسعاره لكن البن اليمني لم يفقد شهرته، وإن فقد الكثير من ثمنه، وهناك منتج آخر تتفرد اليمن بجودته وهو العسل الطبيعي ومنه أنواع عدة يتصدرها (السدر والشهد) وتتميز مناطق عن أخرى في الجودة مثل (الدوعاني والوصابي والسلامي)، وبعد العسل والبن تطال الجودة النوعية في المذاق العنب اليمني والزبيب، وكذلك لحوم المواشي والأسماك، ومنها (الشروخ) العالي الجودة. « الموفى والمدفي» يتصدر التنور التقليدي أدوات صنع الطعام اليمني ويسمى أيضا “الموفى والمدفى”، والمنزلي منه هو الأعم حيث لا يخلو منه منزل حتى المنازل حديثة التشييد العصرية التصميم، والمادة التي يصنع منها هي الفخار حيث يبنى بشكل دائرة مجوفة أشبه بماسورة، وقد يتم تركيب أكثر من تنور وبأحجام مختلفة في المطبخ المنزلي الذي يطلق عليه اسم “الديمة”، حيث تشعل عيدان الحطب بداخل التنور لفترة تحددها ربة المنزل أو المستخدم وبعد أن يتم الوصول للحرارة المطلوبة يتم لصق رقائق العجين بجداره ثم مراقبتها حتى نضجها لتخرج أرغفة خبز لها أسماء ومواصفات مختلفة في قائمة أنواع الخبز اليمني، وهناك خبز آخر وهو “اللح “ الذي لا يخبز بالتنور وإنما على مقلاة مصنوعة من الفخار تسمى “المصلَة أو الملحَة” ويتم تركيبها على أعلى التنور وتوقد النار بداخل التنور لجعل “المصلة” ساخنة وجاهزة لعمل خبز “اللحوح” الذي تكون عجينته سائلة ويتم سكبها في المقلاة، وهناك التنور الخارجي المخصص لكميات الطعام الكبيرة ويطلق عليه “المحنذ” نسبة “للحنيذ”، وهذا التنور يبنى من أحجار الصوان حيث ترص بشكل متقن بحيث تكون أرضية “المحنذ” مرصوفة بالأحجار المصقولة والملتصقة، مع سد الثغرات بين الأحجار بمادة الفخار الطينية، ويوقد الحطب في الموقد حتى يتم الحصول على درجة الحرارة المطلوبة. مذاقات الوطن الأم لا تزال الجاليات اليمنية في دول أجنبية، مثل بريطانيا والولايات المتحدة، تحافظ على وجبات الوطن الأم، ويبدي اليمنيون الذين يعيشون في الخارج، إعجابهم بطعام البلدان التي زاروها، إلا أن الكثير منهم يبقى مشدودا إلى أكلات شعبية يمنية بذاتها. شهرة سياحية عربية دولية زاد من شهرة الأطباق اليمنية تزايد معدلات السياحة بين اليمن والدول العربية والسياحة الدولية، حيث يحرص الزوار على الاستمتاع بالأطباق اليمنية وطرق الضيافة التقليدية المرتبطة بقيم الجلوس على الأرض وتناول الطعام بالأيدي بدلا عن الملاعق والسكاكين، بالإضافة إلى انتشار سلسلة من المطاعم التي تقدم هذه الأطباق بمذاقات شهية ومدهشة.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©