الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الله حث عباده على الإكثار من أفعال الخير والبر

الله حث عباده على الإكثار من أفعال الخير والبر
22 سبتمبر 2011 21:46
خلق الله سبحانه وتعالى الخلق وأحصاهم عددا، ورزقهم من فيض فضله وخيره فلم ينس من فضله أحدا، وأمرهم سبحانه وتعالى بطاعته وتنفيذ أوامره، كما حثهم على الإكثار من أفعال الخير والبر، حيث جعل الإسلام تبسمك في وجه أخيك صدقة، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة، وإسقاؤك الماء على الماء صدقة، فقد ورد في كتب الحديث أن رجلا، وفي رواية امرأة، قد دخلا الجنة، لأن كلا منهما سقي كلباً وجده يأكل الثري من العطش. ومن أفعال الخير مساعدة المحتاج، وإغاثة الملهوف، فقد ورد أن رجلاً جاء إلى الحسن بن سهل كي يساعده ويشفع له في حاجة، فيسر الله الأمر للحسن فقضاها والحمد لله، فجاءه الرجل يقدم له الشكر على صنيعه، فقال له الحسن: علام تشكرنا؟ نحن نرى أن للجاه زكاة كما أن للمال زكاة، ثم أنشد قائلاً: فُرضت عليّ زكاة ما ملكت يدي وزكاة جاهي أن أعين وأشفعا فإذا ملكتَ فجد فإن لم تستطع فاجـهد بوسعك كله أن ينفعا إن هذه الحادثة ترشدنا إلى ضرورة الحرص على الشفاعة واستخدام الجاه في خدمة المحتاج، فمن فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة. أداء الأمانات ومن أفعال الخير أيضاً أداء الأمانات، فأداء الأمانات يختلف بحسب كل أمانة، فأعلى الأمانات أمانة التكاليف الشرعية التي ائتمننا الله تعالى عليها وقبلنا حملها بعد أن ناءت بحملها السموات والأرض والجبال، وأبين أن يحملنها وأشفقن منها، قال تعالى : “إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ” (1 )، فالصلاة أمانة، والصوم أمانة، والحج أمانة، وأداء هذه الأمانات يكون بالمحافظة عليها وعدم التفريط فيها . ثم تليها أعضاء الإنسان، فالسمع أمانة، واللسان أمانة، وهكذا سائر الأعضاء كلها أمانات لديه، وأداء هذه الأمانات باستعمال هذه الأعضاء فيما خلقت له في صورة مشروعة، أما الانحراف بها إلى ما حرم الله فهو خيانة لهذه الأمانات . هذا وكل مال تحت يد الفرد عام أو خاص أمانة لديه، واجبه المحافظة عليه وعدم إساءة استعماله، ويدخل في الأمانة ما يستودعه الأفراد بعضهم البعض من ودائع . حفظ الودائع وليست الأمانة مقصـورة على حفظ الودائع، وردها إلى أصحـابها كاملة، فذلك هو أحد مظاهرها، واللـه تعالى أمرنا برد الأمانات، وأداء الودائـع إلى أصحـابها، فقال: «إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُـمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا...» . كما وروي عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال : (من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله” (2 )، بل إن الأمانة أعم من ذلك وأشمل ، فهي تكون على السر بالكتمان ، وعلى المال بالحفظ، وعلى العرض بالصيانة ، إنها تشمل أمانة الإنسان على نفسه ، وعلى كل عمل يليه ، والله تعالى سمى التكاليف والشرائع أمانة ، حيث قال : “إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الانسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا”(3) ومن الأحاديث الدالة على وجوب أداء الأمانة ما روي عن أبي بن كعب قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : “أدِ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك” (4) . والأمانة هي الخلق الذي يتواصى المسلمون برعايته، ويستعينون الله على حفظه، فإذا ما أراد أحد أن يودع صديقه المسافر لم يجد خيراً من الدعاء له بأن يحفظ الله له نعمة الأمانة، حيث علَّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا الدعاء بقوله للمسافر: “استودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك)(5)، كما روي عن أنس رضي الله عنه قال : (ما خطبنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم إلا قال : لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له ) (6 ) الحكم بالعدل ومن أفعال الخير أيضاً الحكم بالعدل في كل مايعرض علينا من خصومات، وأول ما يجب توافره للعدالة عدم ميل قلب الحاكم إلى أحد المتخاصمين عند التقاضي، خشية أن يؤدي به ميله هذا إلى الانحراف في الحكم وهو لا يشعر . وينبغي للقاضي أن يسوي بين الخصمين في خمسة أشياء : في الدخول عليه، والجلوس بين يديه، والإقبال عليهما، والاستماع منهما، والحكم فيما لهما وعليهما، وأن يكون مقصود الحاكم إيصال الحق إلى مستحقه. وليس القاضي هنا هو من يشغل وظيفة القضاء بين الناس فحسب، بل كل من حكم بين اثنين قاض، حتى الزوج، الذي تضطره ظروفه أن يجمع بين زوجتين، يعدّ قاضياً، مطلوباً منه أن يحاول الاقتراب من العدل، وألا يحكم الهوى والميل إلى إحداهما ليظلم الأخرى:”وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ”(7)، “فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ”(8). ومن المعلوم أن العدل في الإسلام ليس قصراً على فض المنازعات أو الفصل في الخصومات، إنما هو معنى جامع وخلق إنساني رفيع، يتعامل به الإنسان في شتى مجالات الحياة ، فالإنسان مع نفسه? لا يثقلها بالمعاصي والذنوب، ولا يهمل إعداد نفسه وتأهيلها للحياة على شروط العصر الذي يعيشه ، فالطالب الذي يهمل استذكار دروسه وينصرف إلى اللهو والعبث هو ظالم لنفسه ومحاسب على هذا الظلم. والرجل في بيته مطالب بالعدل مع أولاده رعاية لهم وتأديباً ووفاء لاحتياجاتهم ، ومع زوجته ليحقق قول الله تعالى: “وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً”(9). كما ويجب علينا العدل في علاقاتنا الاجتماعية بحيث تكون مبنية على ما يرضي الله تعالى ، مثل رعاية حق الجوار ، وحق العمال ، وحق الأصدقاء ، وحق المجتمع الذي نعيش فيه ، لما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما- قال : قال -صلى الله عليه وسلم-: “إن المقسطين يوم القيامة على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا”(10 ). فعال الخيرات هذا هو ديننا الإسلامي ، يأمرنا بفعل الخيرات، واجتناب الموبقات، وأداء الأمانات، والحكم بالعدل، ويجعل ذلك شريعة لنا ، كما ويحرم علينا الظلم ، ويحذرنا من عواقبه ، لما روي عن النبي – صلى الله عليه وسلم – فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال : (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي ، وجعلته بينكم محرماً ، فلا تظالموا ) (11)، وكما قال الشاعر : لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً فالظلم ترجــع عقباه إلى ندم تنام عيناك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم الشيخ الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك www.yo sefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©