الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لاجئون سوريون.. في محطة «ميلانو»!

6 أكتوبر 2014 23:40
ماركو بيرتكه كاتب صحفي ابتسامة العارضة كلوديا شيفر الجميلة وأناقتها المترفة في زي أميرة من العصور الوسطى في لوحة إعلانية شاخصة هنا لا تخفف شيئاً من بؤس أسرة سورية تجلس قبالتها وقد تقطعت بها السبل في محطة للسكة الحديدية في مدينة ميلانو الإيطالية. ومحطة القطارات الرئيسية هذه «ميلانو سنترالا» زاخرة بالمنحوتات التي تصور تاريخ الرومان وعلامات دائرة البروج. وأفراد الأسرة السورية البائسة من بين 28 ألف سوري توافدوا على المحطة في الاثني عشر شهراً الماضية وجعلوا من عاصمة الموضة والتجارة في إيطاليا معبراً حدودياً غير متوقع لآلاف الفارين من القتال في سوريا. ووالد هذه الأسرة المؤلفة من ستة أفراد يدعى أحمد ويبلغ من العمر 42 عاماً. وقد انتهى الحال بأحمد، وهو مهندس ديكور لم يعلن إلا عن اسمه الأول لأن وضعه غير قانوني في البلاد، إلى هذه المحطة ولا يعرف متى ولا أين المفر، بعد الآن؟ وقد بدأت رحلة أحمد قبل عامين عندما خرج مع زوجته وأطفالهما الأربعة واستقر في ليبيا، ثم تدهورت الأوضاع هناك واضطر في الشهر الماضي إلى دفع 2500 دولار ليجد مكاناً في مركب يكتظ بحمولة 250 شخصاً ليصل إلى جزيرة صقلية التي تبعد أقل من 160 كيلومتراً من ساحل شمال أفريقيا في أضيق نقطة. وقد أنقذتهم البحرية الإيطالية بعد 16 ساعة من الإبحار. ووصف أحمد وصوله إلى إيطاليا والتقاءه بأناس غرباء عليه قائلاً إن الجبال لا تلتقي ولكن البشر يجدون دوماً طريقة للتلاقي. أما محمد البالغ من العمر 49 عاماً والقادم من إدلب في شمال سوريا فقد نعى حظه قائلاً «ذنبنا أننا طالبنا بالحرية». ومحمد، الذي كان طياراً عسكرياً ثم ترك الجيش، غادر مع زوجته وأطفاله الأربعة قبل عامين إلى أنطاليا في تركيا، ثم إلى إسطنبول والجزائر وهناك دفع لتجار تهريب البشر ألفي دولار لنقله عبر الصحراء إلى تونس ثم إلى ليبيا بالسيارة. ودفع 3500 دولار للرحلة البحرية إلى إيطاليا. وأثناء رحلة أخرى من ليبيا إلى إيطاليا التقطت سفينة يونانية مهاجراً آخر يدعى مصطفى، وهو نجار يبلغ من العمر 35 عاماً، فر من حلب في عام 2012. ونجح في نهاية المطاف في أن يشق طريقه إلى محطة ميلانو هذه التي التقينا فيها جميعاً. وينتظر المهاجرون الحصول على المال من أقاربهم لشراء تذاكر قطارات أو لتغطية رحلة تتكلف ما قد يصل إلى 1500 يورو لنقلهم عبر الحدود. وكثيرون منهم يعادون أدراجهم عند الحدود الفرنسية أو النمساوية. والرجال أكثر عدداً من النساء في المحطة. وهناك عدد قليل من الحقائب لأن مهربي البشر يلقون بالمتاع في البحر. ويوجد نحو 1400 سوري في اليوم في المتوسط في محطة «ميلانو سنترالا» في الصيف مما جعل واحدة من أكبر محطات الربط في أوروبا نوعاً مختلفاً من بؤر الاتصال ومحطة من محطات اللاجئين السوريين. ومعظمهم ينتظرون المرور إلى شمال أوروبا أي إلى دول مثل ألمانيا والسويد لأنهم يقولون إن أفراداً من أسرهم يعيشون بالفعل هناك. وأفراد هذه الأسر، الذين أنقذتهم قوات البحرية الإيطالية بعد أن تخلى عنهم مهربو البشر في قوارب مكتظة في البحر المتوسط، وجدوا أنفسهم وقد تقطعت بها السبل في طريقهم لدول المقصد ضمن مكابداتهم للحصول على حق اللجوء في الاتحاد الأوروبي. وفي المحطة يوجد إعلانان عن رجال مفقودين، وأحد الإعلانين باللغة العربية. وبعض المهاجرين يسيرون حفاة وآخرون ينامون ملتحفين بطانيات تقيهم البرد. ويعلق بيير فرانشيسكو ماجورينو المسؤول الحكومي في ميلانو على المشهد قائلاً: «هؤلاء الناس في منطقة غامضة نوعاً ورمادية يسمح فيها القانون بنفاق عام... والحكومة تنأى بنفسها وتتركهم يعبرون». وذكر «ماجورينو» أن السلطات تركت معظم السوريين يصلون إلى مركز القطارات الدولي في ميلانو بدلاً من تسجيلهم كمتقدمين بحق اللجوء السياسي وهو ما يربطهم ببلد الوصول حسب قواعد الاتحاد الأوروبي. وبدوره صرح وزير الداخلية الإيطالي أنجيلينو الفانو بأن إيطاليا لا يمكن أن تكون سجناً للساعين للحصول على حق اللجوء الذين يريدون أن يذهبوا إلى مكان آخر، وتعهد بأن يعجل بالإجراءات الخاصة بالسوريين لمساعدتهم على المغادرة. وتدفع الحكومة 30 يورو (37,90 دولار) لكل لاجئ تأويه في اليوم. وتوضح بيانات لوزارة الداخلية في روما أن 138300 مهاجر وصلوا إلى سواحل إيطاليا هذا العام ربعهم تقريباً من السوريين الذين فروا من الحرب. وكان 400 مهاجر تقريباً لقوا مصرعهم في أكتوبر الماضي قبالة جزيرة «لامبيدوزا». وذكرت المنظمة الدولية للهجرة ومقرها لندن أن أكثر من ثلاثة آلاف مهاجر غرقوا هذا العام. وبدورها أكدت وزارة الداخلية الإيطالية أنه لم يتقدم من السوريين الذين وصلوا للبلاد إلا 400 شخص للحصول على حق اللجوء في إيطاليا. وهناك أكثر من ثلاثة ملايين سوري فروا من بلادهم منذ بداية أعمال العنف التي بدأت في مارس 2011. واستقر معظم الفارين في دول مجاورة مثل لبنان والأردن وتركيا. وتصاعدت أعمال العنف في سوريا في الأسبوعين الماضيين بعد ان شنت قوات بقيادة أميركية ضربات جورية على أراض تسيطر عليها جماعة «داعش» الإرهابية. وفي الوقت ذاته تسعى الحكومة التركية للحصول على موافقة برلمانية لشن عمل عسكري في سوريا والعراق. ويثور الجدل بين سلطات المدينة هنا والحكومة المركزية بشأن المسؤول عن التعامل مع المهاجرين. ويساعد متطوعون وأطباء المهاجرين نهاراً بينما تؤويهم ليلاً جمعيات خيرية ومؤسسات معترف بها. وقد ضعف تدفق السوريين في الآونة الأخيرة مع نقل اللاجئين بشكل قانوني إلى مخيمات يديرها الصليب الأحمر منها مخيم في مطار صغير خارج ميلانو مباشرة. والآخرون ما زالوا في ظلمات قانونية في المحطة وينتظرون. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©