الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

اسمي أحمر لأروهان باموك·· قراءة في البناء الروائي (1 ـ 2)

18 ديسمبر 2006 01:11
يعد أورهان باموك الروائي التركي من الجيل الجديد في تركيا، وقد أصدر عدة روايات من مثل الكتاب ''الأسود وثلج'' و''اسمي أحمر''، نال مؤخرا جائزة نوبل للآداب، وسأتوقف لمقاربة روايته ''اسمي أحمر''، لما تميزت به الرواية من حيث البناء، و تمثيلات الذات والآخر - وهي ثيمة بارزة في أدب باموك- وفي الجزء الأول من المقالة سأتوقف عند البناء الروائي· بداية أقدم تلخيصا سريعا للرواية، فهي تدور حول زوج الخالة الذي يكتب ويرسم مع نقاشيه كتابا سريا للسلطان العثماني بمناسبة الاحتفال بالألفية الهجرية الأولى، ليقدمه إلى دوق البندقية، كي يظهر مقدرة السلطان، ويستفيد زوج الخالة من الفن الإيطالي والفن الإسلامي، في حين يرفض بعض الناس في اسطنبول الاستفادة من هذا الفن، ويعدّونه كفرا، وتبدأ الأحداث بمقتل المذهب ظريف أفندي؛ ليقوم قرة بالبحث عن قاتل ظريف أفندي و زوج الخالة ليحظى بالزواج من محبوبته شكورة· لعلّ أول ما يلفت الانتباه في رواية باموك أنها تعد من روايات وجهة النظر، حيث تتعدد شخصيات الرواية في تنوع مذهل وعجيب يلفت النظر، إضافة إلى أن أدوار هذه الشخصيات في متابعة الحدث وسرده قد يختلف أحيانا عند الشخصية الواحدة· وتتنوع هذه الشخصيات فهي: - بشرية: زوج الخالة، شكورة، أورهان، الأستاذ عثمان، ومن النقاشين: لقلق وزيتون وفراشة· - شخصيات الكتاب الذي يصنفه زوج الخالة: منها الحيوان: الكلب والحصان، والنبات الشجرة، والجماد: النقود واللون الأحمر· والموت والشيطان· وباموك يفاجئ القارئ في بداية الرواية بأن المتحدث ميت، ويتكلم من قعر البئر، ومن ثم يجعل القارئ مؤهلا للاستماع إلى كل شخصياته حتى لو كانت رسما، ولهذا تجد شخصية الكلب في الفصل الثالث مسوغا للكلام: '' أنا كلب، ولأنكم لستم مخلوقات معقولة مثلي تقولون: وهل يتكلم الكلب؟ ولكنكم تبدون أنكم تصدقون حكاية يتكلم فيها الأموات، ويستخدم أبطالها كلمات لاتعرفونها· الكلاب تتكلم، ولكنها تعرف كيف تستمع '' ص ·19 ويمضي القارئ مع الشخصيات التي تروي وتخاطب المتلقي مباشرة، طالبة منه تصديقها وأحيانا تعترف بكذبها، مثل قول شكورة: '' أنا جميلة وذكية، وأستمتع بفرجتكم علي، وإذا كذبت مرة أو اثنتين فلكي لا تأخذوا فكرة خاطئة عني'' ص ·64 وتوجه حديثها للمتلقي الذي قرأ فصلا عن مقتل أبيها '' انظروا أنا مدركة من صمتكم وبرودة أعصابكم أنكم عرفتم كل ما جرى في الغرفة ومنذ زمن، وإذا لم تعرفوا كل شيء فإنكم عرفتم أشياء كثيرة، ما تتوقون لمعرفته الآن هو ردة فعلي إزاء ما رأيته وما شعرت به '' ص ·263 إن باموك في روايته يضع القارئ ضمن الرواية، ليجعل الشخصيات تخاطبه، وتتوقع تصديقه أحيانا، وتعترف بكذبها أحيانا أخرى، وتشاركه ما يحدث من خلال توقع ردود أفعاله وما يتوقعه هو من الشخصيات· وبالرغم من هذا يقع القارئ في فخ أورهان باموك الروائي المحترف، ليكتشف أن الشخصيات التي تروي، ليس لها إلا راو واحد هو شكورة أم أورهان التي تطلب من القارئ في الصفحة الأخيرة من الرواية ألا يصدق كل ما قاله على مدى ستمائة صفحة، حيث تقول عن أورهان: '' إنه عصبي ومزاجي وتعيس دائما، ولا يخشى أبدا أن يظلم من يحب، ولهذا إذا قدّم قرة تائها أكثر مما هو عليه، وصور حياتنا أصعب، وشوكت أسوأ، احذروا أورهان، لأنه ليس ثمة كذبة لايقدم عليها لتكون حكايته جميلة ونصدقها '' ص 604-·605 وأورهان هنا ليس بصفته الحقيقية وهي المؤلف، وإنما أورهان بن شكورة الذي كان شخصية ضمن شخصيات الرواية· واكتشاف الراوي وهو أورهان يعني أن زمن الرواية ليس هو زمن الأحداث، لصغر أورهان، فلن يروي الأحداث إلا بعد أن يكبر من خلال راوية وحيدة هي والدته· وهذا أدى إلى تباعد الأزمنة بين زمن الأحداث وزمن روايتها· وربما يشير هذا إلى ما يدعو إليه باموك دائما، وهو قراءة الماضي بعيون معاصرة، قراءة تكشف العيوب وتساعد الأمة التركية على معرفة هويتها· والرواة في هذه الرواية يتباينون في طريقة السرد حتى عند الشخصية الواحدة· فقد تصف الشخصية الأولى ماحدث، لتأتي الشخصية الثانية وتروي الحدث من وجهة نظرها، مبينة ظروفها ومسوغة أفعالها، وأحيانا تواصل الشخصية الثانية رواية باقي الحدث· وما يلفت الانتباه أن باموك يطرح أسئلة لإعادة قراءة الماضي على ألسنة شخصيات الكتاب الذي يؤلفه زوج الخالة مثل الكلب الذي يناقش بعض مظاهر التدين الزائفة فيقول: '' السبب الوحيد للغلاء والوباء والهزائم هو نسيان الإسلام كما كان زمن حضرة نبينا، وانخداعنا بكتب أخرى، وأحابيل مختلفة على أنها الإسلام· ·····هل كان يقرأ القرآن الكريم حسب المقامات الموسيقية مثل الأغاني··'' ص 20 وينتقد أيضا من يذهب إلى المزارات ويطلب المدد· ثم يناقش نجاسة الكلب ومبالغة الناس في الطهارة فيقول:'' لماذا عندما يدخل كلب إلى بيتكم تغسلونه من سقفه إلى أرضه؟····وكذبة رمي القدر إذا لعقه كلب أوتبييضه لا يمكن أن يطلقها إلا مبيض أو قط '' ص ·22 وأما الحصان فيناقش مسألة الرسم هل هي حلال أم حرام، ويتساءل عن شعور المرسوم بكثرة مثل الحصان والشجرة، وهل لهما خصوصية أم أن هذه الخصوصية تتلاشى لكثرة الرسم وما فيه من تقليد؟ انظر 323 · üاستاذة في كلية العلوم الانسانية والاجتماعية قسم اللغة العربية بجامعة الامارت·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©