الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سمير القنطار يخرج من 540 سنة سجنا

سمير القنطار يخرج من 540 سنة سجنا
15 ديسمبر 2010 19:40
في رواية “قصتي”، لحسان الزين، ولكثرة الذاكرة، يمكن الجزم بأنه ليس هناك مشاهد غير منجزة. ربما، سقطت بعض اللحظات، عمداً، لتبقى هناك، في الأراضي المحتلة، وتلازم يوميّات ثلاثة عقود متتالية، قضاها سمير القنطار، عميد الأسرى العرب، متنقلاً بين السجون الإسرائيلية. القنطار يتذكر، والزين يكتب ويوثق، تحت عنوان “قصتي”. تحدث أشياء كثيرة في 30 عام. هكذا، يفرض هذا الكم الهائل من الوقت إيقاعه على السياق العام. البداية بالمقلوب. في 12 تموز 2006 تحديداً، بعد الدقائق الأولى التي تلت عملية “الوعد الصادق” التي نفذها “حزب الله” على الحدود اللبنانية الفلسطينية، قبل أن يصبح إسمها، لاحقاً، “عملية الرضوان”. دقيقة بدقيقة، تشعل الوقائع شغف قارئها. مشاهدة خطاب حسن نصرالله، على التلفاز، من منزل عربي، لا تحدث الوقع نفسه، في سجن هداريم. المتفرجون مختلفون. وتتوالى الأحداث، بوتيرة تنازلية، تنتهي في الضاحية الجنوبية لبيروت، على حافةٍ تشبه المسرح، تجمع عميد الأسرى العرب، مع نصرالله، أمام جمهور غفير، لم يكن الإسرائيليون، هم أيضاً، سوى جزء منه. وبين البداية في عملية جمال عبد الناصر، والنهاية في ملعب الراية، شريط بطول ثلاثين عاماً، يسير عليه كاتب الرواية، متسلحاً برغبة الباحث، وأمانة المؤرخ. لا، لم يقتل سمير القنطار طفلة العالم النووي. ولا، لم يعتذر يوماً عن صورة الشر المطلق التي روجها الإسرائيليون عنه. حكمت عليه محكمة إسرائيلية، لا يعترف بوجودها أصلاً، بأكثر من خمسمئة وأربعين سنة من السجن، لكنه سخر منها. يستعيد حسان الزين، في 512 صفحة، من القطع المتوسط، أياماً من وقع ثقيل، تذيبها سلاسة اللغة، وانسياب الأحداث بين الفصول الموضبة بشكلٍ يوغل في الوصف ولا يفرّط بالتوثيق. للتعذيب حصة الأسد من الأجزاء الأولى. أساليب لم نسمع عنها بعد. الكهرباء، والكيس الأسود، والزنزانة الضيقة، أمور عادية. اعتادها القنطار. تخطاها. التنقلات الدورية بين المعتقلات باتت روتيناً، لم يقتنع به يوماً، من دون أن ينسى جميع التفاصيل. لكن، ورغم كل شيء، ليس بالضرورة أن يؤخذ إصرار سمير القنطار بالعودة إلى فلسطين، الذي أشهره جهاراً، وفي أكثر من مناسبة، على محمل التعند الأيدولوجي. فوفقاً لم تشير إليه يوميّات العميد في 22 سجناً مختلفاً، الأمر لا يتوقف على الشعار السياسي. لا مفر من استنتاج نوستالجي فريد: سمير القنطار أقام علاقة طبيعية مع المكان. والكاتب، تواطأ معه، في تطعيم الصخب العقائدي اليومي، داخل أسوار المعتقل، بالعاطفة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©