السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

متخصصون:الطلاق لا يعني الفشل في الحياة العملية وتربية الأبناء

16 ديسمبر 2006 00:53
المطلقات: المرأة قادرة على العطاء بعد الرسوب في الزواج تحقيق - سميرة أحمد: يشكل الطلاق نقطة تحول كبير في حياة الزوجين والأبناء، ويلقي بظلال تأثيراته على المجتمع عندما تستفحل الظاهرة· وغالبا ما تكون المطلقة والأبناء هما أكثر الأطراف تضررا من حلِّ رابطة الزواج بين الشريكين· وتتعرض المطلقة لمجموعة من الضغوطات النفسية والاجتماعية، وتوصف من قبل أسرتها بأنها فاشلة في الزواج أو ''راسبة'' في امتحان الزواج وتتباين طرق تكيف وتجاوب كل مطلقة مع هذه الضغوطات، حيث أن بعض المطلقات يتجاوزن كل العقبات التي تواجههن، ويثبتن كفاءتهن في العمل ووسط المجتمع·· فهل نجاح المطلقة في عملها وإدارة شؤون البيت والأبناء نابع من غريزة التحدي والقدرة على تجاوز الصعاب، أم أن الأمر مرتبط بالقدرات الذاتية للمرأة، بغضِّ النظر عن الحالة الاجتماعية التي لا تشكل الدافع الأكبر للنجاح في العمل ؟ وهل فشل المرأة في الحياة الزوجية لأي سبب يعني فشلها في العمل وتربية الأبناء وأمور حياتها الأخرى؟ تقول ''أم محمد'' إنها تعرضت لصدمة كبيرة حين حصلت على تلك الورقة التي ''وسمتني بالعار'' في مجتمع لا يفهم ولا يحاول أن يتفهم ظروف الطلاق أو حال المطلقة، وكأن ورقة الطلاق التي تستلمها المطلقة أشبه بشهادة دراسية لطالب كسول ختم عليه بختم ''راسب''· وأوضحت أنها عانت من اضطرابات وانتابتها حالات من القلق النفسي والاكتئاب والانطواء وعدم الثقة بالنفس أو الرغبة في العيش، مؤكدة أن للطلاق آثاره السلبية على الأسرة والأبناء· وقالت أم محمد التي تطلقت من زوجها بسبب انعدام التفاهم لاختلاف المستوى التعليمي: ''بعد أن تخطيت الأزمة النفسية والتوتر بعد الطلاق لم أتوقع أنني سأصدم بواقع أكثر مرارة وهو تحمل مسؤولية وأعباء الأبناء واحتياجات الأسرة بمفردي، خاصة وأن طليقي كان يقوم بكل واجباته المنزلية في السابق·'' وتضيف: ''بعد فترة تعودت واستطعت أن أتخطى هذه العقبة وذهبت إلى السوق والمستشفى·· كما أنني أشارك في دورات تدريبية لأطور من نفسي وأدائي في العمل·'' وأكدت أم محمد أنها تستطيع أن تعطي الكثير لعملها وأثبات كفاءتها وقدرتها على أداء المهام الوظيفية بجدارة، إلا أنها لا تنكر أنها في حاجة إلى نصفها الآخر وتغبط المتزوجات حين تراهن سعيدات مع أزواجهن· من جانبها أوضحت ''أم فهد'' أنها تطلقت من زوجها لأنه لا يستحق أن يكون زوجا أو أبا لأبناء، لأنه عاصٍ ويجاهر بالمعصية دائما · وقالت: ''اضطررت لأن أُقدم على الطلاق·· وعانيت في بداية الأمر نفسيا ووجدانيا كأي مطلقة كما أني شعرت لحظتها بالفشل وخاصة مع نظرة المجتمع والإخوان والأخوات إليّ··'' وأكملت أم فهد تعليمها الجامعي وتعمل حاليا بوظيفة محترمة وتعيل أبناءها الثلاثة، إلا أنها لا تريد أن تخوض تجربة الزواج مرة أخرى، ''كي لا أتجرع كأس السم ثانية'' حسبما تقول· وأضافت: ''استطعت أن أتخطى كل العقبات وأعيش الآن أسعد أيام حياتي مع أبنائي الذين يقدرون ما أقدمه لهم من رعاية وتربية والحمد لله على كل حال·'' آراء متباينة يظهر المثالان السابقان مدى قدرة المطلقة على إثبات نفسها وكفاءتها في مواجهة الصعاب بالرغم من الظروف التي واجهتها· كما يرى أهل الاختصاص أن غالبية المطلقات يستطعن دخول معترك الوظيفة وتولي أمور الأبناء بكفاءة· واختلفت آراؤهم في ما إذا كان الطلاق وما يشكله من تحدّ للمرأة هو الدافع الأكبر لزيادة الفاعلية في الوظيفة، في حين يرى آخرون أن الفاعلية الوظيفية وزيادة الإنتاج يتوقفان على شخصية المرأة والفوراق الفردية بغض النظر عن حالتها الاجتماعية· يقول المحامي إبراهيم التميمي: لا أعتقد أن المرأة المطلقة أكثر عطاءً من الأخريات، فكلهن سواء ولكن تختلف النساء عن بعضهن - كما الرجال - في القدرات الذهنية والعملية والاستيعابية والصبر والاعتماد على النفس وعدم الانشغال بأمور الدنيا والقيل القال، معتبرا أن عطاء المطلقة للأبناء هو العمل الأول المقدس· ويعتقد التميمي أن المطلقة لا تختلف عن غيرها من النساء اللواتي لا يعانين من مشاكل أسرية ويؤدين أعمالهن بجد وإخلاص· ويرى التميمي أن المرأة المطلقة في الأغلب والأعم قادرة على تولي أمور أطفالها الذين تركهم لها زوجها خاصة إن لم تكن مرتبطة بالعمل ولأجل ذلك تم تقديمها على غيرها في حضانة الأطفال· عطاء للمجتمع من جانبها ترى المحامية معصومة الصايغ أنه ليس من الصعب على المرأة في هذه الأيام أن تقضي حاجيات منزلها، في ظل التطور الحضاري ودخول المرأة ميادين العمل ووصولها إلى منصب وزيرة· وقالت: ''لا أقول إن المطلقة أكثر عطاء من الأخريات، لأن المتزوجة تنشغل بزوجها وأبنائها وتوزّع عطاءها عليهم، أما المطلقة فقد تكون أكثر عطاءً للعمل وللمجتمع لأنها بطلاقها يتولد لديها فراغ تحاول أن تشغل نفسها في الوظيفة والعمل المجتمعي·'' واعتبرت الصايغ أن المطلقة التي تتفانى في عملها وتبذل جهدا مضاعفا، فإنها تحاول بذلك أن تثبت لنفسها وللمجتمع أنها ليست بحاجة للزوج وأنها ستتقدم في العمل أكثر مما كانت عليه قبل الطلاق· أما بالنسبة لتولي أمور الأطفال، فتعتقد الصايغ أن المطلقة تستطيع القيام بذلك لما أعطاها الله من حنان وصبر وعطف، مشيرة إلى أنه بمجرد بلوغ الأطفال سن المراهقة فهم بحاجة إلى رجل لإحداث التوازن بين الحنان والعطف وبين الحزم من قبل الجانب الآخر وبهاتين الطريقتين يصل الأبناء إلى بر الأمان· اختلافات فردية من جانبها تعتقد الدكتورة جميلة الطريفي الشامسي الخبيرة التربوية والاستشارية الأسرية أن حرية الحركة والعمل يعتمد على طبيعة الشخص ولا علاقة له بكون الشخص متزوجاً أو غير متزوج أو مطلقا· وترى الطريفي أن المطلقة ليست أقل عطاء من الفتاة أو المتزوجة، لافتة إلى أن المطلقة في بعض الأحيان تكون أكثر عطاء وتفاعلا حتى تثبت للآخرين بأنها ليست أقل من غيرها سواء في الكفاءة أو الإنتاجية· كما تطرقت الدكتورة جميلة إلى الحالة النفسية للمطلقة، مشيرة إلى أن الطلاق له تأثير سلبي كبير على نفسية المرأة، خاصة لو تعرضت لموقف يصف حالتها الاجتماعية، حيث أن الكثير من السيدات المطلقات يفضلن ذكر (غير مرتبطة) أو (أرملة) على لفظ (مطلقة) وأحياناً يخجلن من ذلك· وقالت الطريفي إن هذه التأثيرات النفسة والاجتماعية تؤثر على المطلقة وعلى خروجها وتعاملها مع المجتمع وتفضل أن تقر في بيتها، لافتة إلى أن هناك مطلقات لديهن القدرة على التكيف مع المجتمع والتعامل بشكل مباشر مع الآخرين· من جانبه أوضح خليفة محمد المحرزي المستشار الأسري بمركز الأسرة السعيدة أن المطلقات اللواتي يفتقرن لمهنة ذات قيمة فإن مستقبلهن غير واضح ومظلم، معتبرا أن انعدام المورد الاقتصادي يلعب دورا خطيرا في مآسي الأمهات المطلقات· وأوضح المحرزي أن من الآثار النفسية التي قد تتعرض لها المطلقة هو تشتت الأفكار إلى جانب القلق على مصير الأبناء وتشردهم ما بين عائلتي الأب والأم، وحرمانهم من أبسط حقوقهم وهي العيش في أمان واستقرار في ظل الوالدين· نظرة المجتمع للمطلقة أكد خليفة المحرزي المستشار الأسري بمركز الأسرة السعيدة أن نظرة المجتمع للمطلقة سلبية ومجحفة وغير عادية، حيث عندما كانت تخرج للعمل قبل الزواج لم يكن هناك معارضة من الأهل أو حتى من الزوج، لكن بعد الطلاق تكاثرت أحاديث وأقاويل الناس، وتغيرت نظرتهم لها لأنها مطلقة في حين أخريات نظرة المجتمع لهن تنم عن تعاطف وشفقة عليهن ولا يعني بالضرورة إنها نظرة إيجابية للمطلقة وتنبع من نظرة التعاطف هذه لكون المرأة أصلا تعتبر ضعيفة كما أنها مستغلة ومضطهدة في المجتمع· وأوضح المحرزي أن هناك من المطلقات من تعود إلى مقاعد الدراسة، سواء لإكمال التعليم الثانوي أو الجامعي، وان قسما آخر اتجه إلى التعليم المهني، بهدف تعلم مهنة ذات مردود اقتصادي، فيما تتوجه أخريات للبحث عن عمل ليعتمدن على أنفسهن اقتصاديا، وبعضهن لم يحالفهن الحظ في الحصول على وظيفة أو لم تتح لهن الفرصة لإكمال تعليهمن، حيث لم يكن لديهن مؤهل يساعدهن على ذلك·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©