الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تدريس الأبناء يفتح النقاش حول تخاذل الآباء عن أدوارهم

تدريس الأبناء يفتح النقاش حول تخاذل الآباء عن أدوارهم
14 سبتمبر 2013 20:22
مهمة تدريس الأبناء ومتابعة تحصيلهم الدراسي يومياً ليست سهلة، إلا أنها تشهد تخاذلاً وتقصيراً وربما غياباً تاماً من قبل الكثير من الآباء. وهم يعتقدون أن دور الأم وحدها يكفي ليكون بوابة تفوق الأبناء. وبالرغم من حرص وتفاني الأمهات، إلا أنهن يفتقدن مساندة أزواجهن خصوصاً عندما يكون الأبناء في المراحل الابتدائية. والتي تتطلب من الوالدين مجهوداً كبيراً وتخصيص وقت طويل لمعاونتهم في المذاكرة. هناء الحمادي (أبوظبي) - جرت العادة أن تقوم الأم وحدها بمعظم مهام تربية الأبناء مع متابعة دروسهم اليومية، بينما يوفر الأب متطلبات الحياة المعيشية. بيد أن الأمر تبدل منذ أصبحت المرأة مطالبة كذلك في توفير احتياجات الحياة جنباً إلى جنب مع الرجل. وأصبح التنازع على تقاسم الواجبات بينهما أحد أهم المشاكل الأسرية الحديثة. اتهامات متبادلة وتقول عند ليلى خميس (33 عاماً) وأم لـ 4 أطفال في مراحل تعليمية مختلفة إن متابعة الدروس المدرسية مع أبنائها تقع على عاتقها بالدرجة الأولى برغم مسؤوليات المنزل وعملها الحكومي. وهي لا تحمل زوجها المسؤولية، وإنما ظروف عمله وغيابه الطويل عن البيت، مشيرة إلى أنه يتابع أولاده بالسؤال عن أحوالهم الدراسية عبر زيارة دورية للمدرسة، ومن خلال تفقد دفاترهم بشكل أسبوعي وأوراق الاختبارات الشهرية. ولا تجد ليلى أي مشكلة في إلقاء هذه المهمة عليها دون أي مشاركة من الزوج، معتبرة أن الأم هي محور الحياة في العائلة، وبالتالي لا بد أن تواجهها المسؤوليات الضخمة المتعلقة بتفاصيل الأبناء. وهكذا يتكرر سيناريو تدريس الأولاد في كل بيت مع بداية كل سنة دراسية، حيث يتهرب أحد الأبوين من هذه المهمة، وغالباً ما يكون الأب. وعندما يحدث خلل في المستوى العلمي لأحد الأولاد تبدأ الاتهامات بين الآباء بأن أحدهما قد قصر.‏ لكن لو سألنا أنفسنا على من تقع المسؤولية الفعلية هل هي على الأم أم على الأب، أم هي مشتركة، لوجدنا أن الأمور تتفاوت من بيت لآخر بحسب عمل الزوج ومدى تحمله لمسؤولياته. واجبات ترفض هند راشد الدربي «25 عاماً» وأم لـ3 أبناء أن تكون مسؤولية تدريس الأبناء ومساعدتهم في حل واجباتهم المدرسية على عاتقها وحدها، قائلة «هم أبناؤه كما هم أبنائي، وأنا أعمل خارج البيت في دوام عمل كامل مثله، لذا وبدون نقاش أرفض وبشدة تحمل مسؤوليات إضافية وحدي». وتضيف إن زوجها كثيراً ما يبدى تذمراً من أمور أبنائهما وأكبرهم في المرحلة الإعدادية، ما يعني أن تدريسه بحاجة إلى متابعة «وطولة بال». وتقول إنها تساعده على مضض وسرعان ما تعلن فشلها في هذه المهمة ليعود زوجها ويقوم بتدريسه. وبالرغم من تعدد الواجبات المنزلية وصعوبة بعض المواد الدراسية العلمية لأبنائها تؤكد خلود عبدالله مروان وهي معلمة، أن زوجها لم يفكر ولو مرة بأن يتشارك معها في تدريس الأبناء. وبحسب قولها ليس لديه أسلوب للتدريس، مشيرة إلى أنها عندما تطلب من أبنائها الذهاب إلى والدهم لكي يساعدهم في حل واجباتهم، يبادر بالرفض بحجة أن هذه المسؤولية ليست من اختصاصه. ويكتفي بالتوجه لأبنائه بعبارة «ذاكروا لا تزعلوا أمكم»، ثم يغادر المنزل. وتقول خلود إن هذا هو حال كثير من الآباء الذين يتنصلون من واجباتهم تماماً اعتقاداً منهم بأنها مسؤولية الأم وحدها، وأنها أول من يحاسب على تدني المستوى الدراسي لأبنائها. وهي من يحاسب أيضاً على التقصير في الأمور المنزلية الأخرى. وترى أن الأزمة لا تقتصر على هذا الحد إذ إن بعض الآباء لا يعرفون أصلاً في أي الفصول الدراسية يدرس أبناؤهم. مسؤولية مشتركة تذكر أفراح حميد أم لـ 5 أبناء، أن مسؤولية تدريس الأبناء مشتركة، ولابد من أن يتقاسمها الأب والأم دون أي نزاع وكل بحسب ما يجيد وبحسب تخصصه، مضيفة أنها تدرس أبناءها اللغتين الإنجليزية والعربية والتربية الإسلامية، بينما تترك مادة الرياضيات والعلوم لزوجها. وتبين أفراح أن صعوبة المناهج الدراسية هذه الأيام تفرض متابعة الأبناء بشكل مستمر لجني محصول جيد نهاية السنة الدراسية. وتشير بروين حميد وهي معلمة، إلى أهمية تحمل الأب الجزء الأكبر من تلك المسؤولية، لأنه الأقدر على ضبط وتوجيه الأبناء ومتابعة دراستهم، لافتة إلى الخلاف الدائم بينها وبين زوجها بسبب التدريس. فهو يجد أنها الأجدر بالقيام بذلك لأنها معلمة وتملك الخبرة الكافية والمهارات التي تجعلها الأجدر لهذه المهمة. وتتساءل قائلة «لماذا يردد الآباء أن لا وقت لديهم ولا سعة صدر تحتمل أداء هذا الدور الذي يعد من أهم الأدوار التربوية والتعليمية معاً؟». وتؤكد من جهتها أن غياب المتابعة الجادة لا يشعر الأبناء بضرورة تفوقهم الأكاديمي عموماً لعدم أهميته عند آبائهم. التدريس للمرأة يخالفها الرأي سالم عيسى أحمد (29 عاماً) وهو أب لـ 5 أبناء في مراحل تعليمية مختلفة. إذ يعتبر أن تدريس الأبناء هو أمر خاص بالمرأة فهي لأنها تملك مهارات عدة وخبرة كبيرة في التعامل مع الأبناء أثناء تدريسهم. كما أن «طولة البال» هي صفة تلازم الأم أكثر من الأب. ويقول «حاولت مراراً تدريس أبنائي، لكن بمجرد عدم فهمهم لمعلومة ما أو عدم حلها بالطريقة الصح تنتابني موجة من العصبية، وأجد نفسي أرمي الكتاب على الأرض». وما أن يراه أبناؤه بهذا المشهد يسارعون لطلب المساعدة من أمهم لتدريسهم. ويتابع سالم بأن المرحلة الوحيدة التي يقبل فيها التدخل هي عند العقاب أو المكافأة أو الإشراف. وهو عند عودتي إلى المنزل يسأل زوجته متعمداً أمام أبنائه هل أنهى الأولاد واجباتهم؟ ليشعرهم بالمسؤولية. إذ من المعروف بحسب رأيه أن الرجل أكثر حزماً وقوة في قوله وفعله، لذا يخشاه الأبناء ويحسبون له ألف حساب، عكس الأم التي لا يعيرون كلامها اهتماماً أو رهبة. من جهته يقول عبدالله عبدالعزيز رب أسرة، إن مسؤولية متابعة الأولاد دراسياً مشتركة بين الأم والأب بحيث لا يستأثر بها طرف دون الآخر. ويؤكد أن تعاون كلا الزوجين في تعليم وتدريس الأبناء يعمق الترابط الأسري، ويشيع السعادة في قلوب أفراد الأسرة، مؤكداً أنه بالرغم من انشغاله إلا أنه يتابع أبناءه دراسياً. خصوصاً في المواد الأدبية وفق تخصصه، بينما تتولى زوجته البقية، وفي نهاية الأسبوع تكون جلسة مغلقة من الاختبارات الشفوية لتقييم التحصيل لديهم. ويلفت عبدالله إلى أنه إذا ما كانت نتيجة التقييم تنبئ بشيء من الإخفاق يبدأ وزوجته ببحث تفاصيلها وأسبابها، ومن ثم مناقشة الأولاد فيها لإيجاد مكمن التقصير ومعالجته بالطرق التربوية السليمة. أبعاد إيجابية تعلق فاطمة سجواني موجهة الخدمة النفسية في منطقة الشارقة التعليمية بالقول «على الأب والأم أن يتعاونا معاً على تدريس الأبناء، وذلك وفقاً لخلفيتهما العلمية». وتعتبر أنه من الصعب تخيل أن كل الأمهات متعلمات بالقدر الذي يمكنهن من متابعة المناهج الدراسية المختلفة لأبنائهن. ولاسيما إذا كانوا في مراحل دراسية مختلفة، وهنا تبرز أهمية مشاركة الأب الذي يسد النقص أو يغطي الجوانب التي تعجز عن تغطيتها الأم. وتشير إلى أنه يخطئ من يعتقد أن متابعة دراسة الأبناء هي من مهام الأم فقط، تماماً كأي مهمة في المنزل، بل إنها مهمة تربوية تحتاج من الزوجين إلى تكامل الأدوار. وتشرح أن الأبناء مسؤولية مشتركة بين الأب والأم كل بما يستطيع تحمله، فعلى سبيل المثال متابعة الأبناء في المدرسة يجب أن تكون مسؤولية الأب، لأن شخصيته أقوى في نظر أبنائه، ولأنهم يخشونه أكثر ويكون سلوكهم قويماً في الدراسة. وتتابع قائلة إن المرأة أكثر ملاءمة للرجل بمسؤوليتها بالاعتناء بالتغذية السليمة، والنظام الصحي للأبناء، مؤكدة على ضرورة تواجد الآباء في عملية متابعة التحصيل العلمي للأبناء بعد المدرسة، مما يترك لديهم شعوراً بالالتزام. وتشير فاطمة سجواني إلى أن متابعة الآباء دراسياً لأبنائهم تنطوي على أبعاد إيجابية، فيما يتعلق بالجانب التربوي، والتعليمي، والنفسي للأبناء، حتى وإن كانت تلك المتابعة محدودة وفي فترات متباعدة، فهي تحقق نوعاً من الاستقرار والتوازن العاطفي والنفسي. وذلك نتيجة التفاعل والمشاركة الحية مع الأبناء، وغرس مبدأ التراحم والتعاون والاحترام في المعاملة، وكذلك إبراز دور الأب الفاعل وتأثيره في عملية متابعة التحصيل العلمي لأبنائه، والذي يمنحهم شعوراً بالفخر والاعتزاز.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©