الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

موسكو وطهران: إحياء صفقة مثيرة للجدل

موسكو وطهران: إحياء صفقة مثيرة للجدل
13 سبتمبر 2013 22:29
فريد وير موسكو ربما توصلت روسيا والولايات المتحدة لأرضية مشتركة بشأن أسلحة سوريا الكيماوية، وهو ما يمنح أوباما طريقة لتجنب الضربات الصاروخية التي هدد بها، كما يمنح بوتين أيضاً فرصة لدعم الحليف السوري. ولكن الروس ربما يلعبون لعبة أكثر تعقيداً مما يعتقده الأميركيون، إذ يمكن أن يعيدوا إحياء الحديث حول صفقة أسلحة مع إيران بهدف خلق تأثير إضافي في خلافهما الحالي مع الولايات المتحدة حول ما ينبغي القيام به في سوريا. فقد أفادت صحيفة «كوميرسانت» الروسية المؤثرة يوم الأربعاء أن الكريملن قرر المضي قدماً في بيع حزمة من نظامه الصاروخي المضاد للصواريخ المتقدم «إس 300» إلى إيران، متراجعاً عن قرار كان قد اتخذه قبل ثلاثة أعوام الرئيسُ السابق ميدفيديف. ولكن الكريملن أيضاً أصدر نفياً مقتضباً، قائلاً إن بوتين لم يعط أية أوامر لإعداد صفقة جديدة لصواريخ «إس 300» مع إيران. ومن شأن «إس 300»، التي تُعتبر واحداً من أكثر أنظمة الدفاع الصاروخي تطوراً في العالم، أن تمنح إيران قدرة كبيرة على الدفاع ضد الضربات الجوية، وهو شيء يثير قلق إسرائيل، التي يفكر قادتها في القيام بعملية جوية لتدمير قدرات إيران النووية. الصحيفة نقلت عن مصادر قريبة من الكريملن قولها إن بوتين يبحث إمكانية تقديم مقترح للرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني يمكن أن يُضعف الروح الجديدة للتعاون الأميركي- الروسي بشأن سوريا. يشار إلى أن بوتين وروحاني كان من المقرر أن يلتقيا أمس الجمعة على هامش اجتماع منظمة شنغهاي للتعاون في قرغيزستان. وحسب تقرير «كوميرسانت»، فإن روسيا قلقة بشأن دعوى قضائية بقيمة 4 مليارات دولار رفعتها إيران في إحدى محاكم جنيف بعد أن قامت روسيا بإلغاء عقد بقيمة 800 مليون دولار يقضي بتزويد طهران بخمس بطاريات لأنظمة «إس 300» طويلة المدى. وتقول الصحيفة إن الصفقة الجديدة ستشمل خمس بطاريات لنسخة مطورة من «إس 300»، تعرف باسم «إس 300 في إم» وإن الصفقة الجديدة ستعرض على الجانب الإيراني شريطة أن تسحب إيران دعواها القضائية ضد «روزوبورونيكسبورت»، وهي الشركة الروسية المصدِّرة للأسلحة التي تديرها الدولة. الصحيفة قالت أيضاً إن روسيا ستعرض على إيران بناء مفاعل ثان لمحطة الطاقة النووية المدنية التي بنتها روسيا في بوشهر، والتي بدأ العمل بمفاعلها الأول قبل نحو عامين. ومن الجدير بالذكر أن بناء محطة بوشهر كان قد أثار جدلًا واسعاً، حيث تخشى الولايات المتحدة وإسرائيل وبلدان أخرى من أن تمنح المحطة إيران إمكانية لتحويل استعمال اليورانيوم للأغراض العسكرية. وقد نفى المتحدث باسم الكريملن دميتري بيسكوف تقرير صحيفة «كوميرسانت»، وقال لإذاعة «إيكو موسكفي» يوم الأربعاء: «إن بوتين لم يعط أي تعليمات لبحث مسألة تسليم مركبات إس 300 معدلة». وتثير منظومة الصواريخ الروسية، التي تشبه نظام الدفاع الأميركي المضاد للصواريخ «باتريوت»، جدلاً مستمراً بسبب مداها لطويل -الذي يصل إلى 120 ميلاً- وقدرتها على رصد أهداف متعددة. فقبل أن يقوم ميدفيديف بإلغاء صفقة «إس 300» مع إيران في 2010، قام نتنياهو بزيارات متكررة إلى موسكو في محاولة لإقناع الكريملن بعدم الذهاب قدماً في عملية البيع. وبالمثل، بذلت الولايات المتحدة وإسرائيل جهوداً حثيثة لإقناع بوتين بإلغاء صفقة تقضي بتزويد سوريا بـ«إس 300» في وقت سابق من هذا العام. ولم يكن من الواضح ما إن كانت تلك الصفقة قد استمرت إلى أن قال بوتين في حوار الأسبوع الماضي: «لدينا عقد لتزويد (سوريا) بـ»إس 300»، وقد قمنا بتزويدها ببعض مكوناتها، ولكن عملية التسليم لم تستكمل بعد لأننا قمنا بتعليقها في الوقت الراهن». وفي الحوار نفسه، ألمح بوتين إلى أن روسيا وافقت على وقف مبيعات «إس 300» إلى سوريا وإيران دعماً للجهود الدولية لتشجيع مفاوضات السلام. وقال إن السياسة الروسية يمكن أن تتغير في حال أقدم الغرب على حملات عسكرية لتغيير النظام. ونُقل عن بوتين قوله في هذا الصدد: «إذا رأينا أنه يتم اتخاذ خطوات تنتهك القوانين الدولية الحالية، فإننا سنفكر في الطريقة التي ينبغي أن نتصرف بها في المستقبل.. بخصوص تزويد مثل هذه الأسلحة الحساسة لبعض الأجزاء من العالم». والفكرة نفسها كان قد عبَّر عنها بشكل أوضح يوم الأربعاء رئيسُ لجنة الشؤون الدولية في «الدوما» المحسوب على الصقور، أليكسي بوشكوف، الذي قال للبرلمان إنه إذا انحرفت الولايات المتحدة عن طريق الدبلوماسية في سوريا لصالح عمل عسكري، فإن على روسيا أن تفكر في طرق للرد على ذلك. ونُقل عن بوشكوف قوله في هذا الصدد: «إذا عادت الغلبة في الولايات المتحدة للفريق الداعي إلى الحرب... فسيكون من المبرر اتخاذ تدابير أكثر جدية، ومن ذلك تكثيف وتيرة تزويد إيران بأسلحة دفاعية وتغيير شروط تعاوننا مع الولايات المتحدة بخصوص أفغانستان، وخاصة شروط العبور». وفي هذه الأثناء، أكد وزير الدفاع الإيراني يوم الأربعاء أيضاً أن إيران تحث روسيا على إتمام صفقة «إس 300»، مستعملة الدعوة القضائية كوسيلة للضغط. ونقلت وكالة «فارس» شبه الرسمية عن وزير الدفاع قوله في هذا الصدد: «يُطرح علي السؤال: كيف يمكن لقوة عظمى سابقة وواحدة من القوى الحالية في العالم ألا تطبق صفقة دولية قانونية وقعتها»، مضيفاً «لقد وقع (الروس) صفقة وعليهم أن يقوموا بتنفيذها». ويرى فلاديمير يفساييف، المحلل بمعهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية الرسمي في موسكو، أن ميدفيديف ذهب أبعد مما ينص عليه قرار مجلس الأمن الدولي 2010 الذي فرض عقوبات على إيران، والذي دعمته روسيا، عندما قام بإلغاء صفقة «إس 300». ويستطرد قائلاً إن: «روسيا ليس لديها اختيار هنا: إما أن نقوم بتزويدهم بـ»إس 300» أو ندفع لهم 4 مليارات دولار. إنها مسألة غير قابلة للنقاش. والواقع أن موسكو لا تكترث لما قد تفكر فيه واشنطن أو تل أبيب». ومن جانبها، ترى «فايونا هيل»، المسؤولة السابقة عن روسيا ومنطقة أوراسيا في مجلس الاستخبارات الوطنية في الولايات المتحدة، أن صفقة البيع، أو التهديد بالبيع، هي بمثابة وسيلة للتأثير بالنسبة لموسكو في التعاطي مع واشنطن. وبعبارة أخرى، أن موسكو ربما لا تسعى فعلًا لإتمام الصفقة، وإنما تهدف فقط إلى أن يكون لديها خيار التفاوض مع الأميركيين، أو الإيرانيين. وتقول هيل: «هذه هي الطريقة التي يلعبون بها دائماً على هذا النوع من المواضيع»، مضيفة «فقط لأنهم يبدون متعاونين حول هذا الموضوع... لا يغيِّر نشاطهم العام بخصوص كل مواضيع الشرق الأوسط... إن بوتين قادر تماماً على القيام بأكثر من شيء واحد في الوقت نفسه». ويقول المسؤولون الأميركيون إنهم واعون بالتقارير الصحافية، ويشيرون إلى أن المسؤولين الأميركيين أثاروا موضوع تسليم إيران صواريخ «إس 300» مراراً وتكراراً مع موسكو في الماضي. وفي هذا السياق، كتبت كايتلين هايدن، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، تقول في رسالة عبر البريد الإلكتروني: «إن تسليم إيران نظام صواريخ الدفاع الجوي «إس 300» ستكون له تداعيات سلبية بالنسبة للأمن الإقليمي. لقد رحبنا في 2010 بقرار الحكومة الروسية الإحجام عن إتمام هذه الصفقة»، مضيفة «إننا نقوم بشكل دوري بالتعبير عن قلقنا لمسؤولي الحكومة الروسية بشأن العواقب المزعزعة للاستقرار لعميلات تسليم إيران أنظمة أسلحة متطورة». ويرى سيرجي ستروكان، كاتب العمود المتخصص في الشؤون الخارجية بصحيفة «كوميرسانت»، أن ثمة صراعاً داخل المؤسسة الروسية حول الحكمة من إلغاء صفقة «إس 300» مع إيران منذ البداية إذ يقول: «أتذكر جدلًا واسعاً وقتئذ حول ما إن كانت الصفقة تنتهك قرار مجلس الأمن الذي دعمناه أم لا؛ وبالتالي، فالأمر لا يتعلق بقضية جديدة». ويرى ستروكان أن صفقة الصواريخ، في حال تمت، ستحل مشكلتين روسيتين بقرار واحد إذ يقول: «أولاً، لأنها ستزيل أكبر منغص في علاقاتنا مع إيران. ذلك أن إلغاء صفقة «إس 300» أغضب إيران كثيراً وأدى إلى تلك الدعوى القضائية في جنيف. ثانياً، لأنها ستبعث برسالة إلى الولايات المتحدة مؤداها أننا ما زلنا قادرين على جعل الأمور أكثر تعقيداً بكثير، إذا ما قرروا عدم الحفاظ على جانبهم من التفاهمات التي كنا نعتقد أننا توصلنا إليها». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©