إعداد - أيمن جمعة:
مع عودة أسعار النفط لتتجاوز مستوى 60 دولارا للبرميل والمؤشرات المتتالية بشأن مسيرة الاقتصاد العالمي، لن تقوض شهيته للنفط، فمن المرجح الا تقدم أوبك على خفض جديد للانتاج عندما يجتمع وزراؤها بعد غد الخميس في نيجيريا· ومع ذلك فان كبار مسؤولي المنظمة أوضحوا بجلاء انهم يقفون على أهبة الاستعداد لتنفيذ أي خفض مطلوب ان لزم الامر خاصة في ظل ارتفاع مستويات مخزونات النفط الخام حول العالم·
وتميل صحيفة ''وول ستريت جورنال'' في تقرير موسع بعنوان ''أوبك لن تتحرك مجددا·· تراجع الآمال بخفض جديد في الانتاج'' الى استبعاد اقرار خفض جديد في المعروض قائلة ''صحيح أن أسعار النفط ربما تنخفض خلال الايام القليلة المقبلة، وصحيح ان التوازن بين الطلب والعرض لا يزال متقلبا، لكنه ما لم تحدث تحركات مفاجئة وكبيرة فمن غير المحتمل ان تدعو أوبك الى خفض جديد للانتاج عندما يجتمع وزراؤها في العاصمة النيجيرية ابوجا·''
وكانت أسعار النفط انخفضت قبل ثلاثة أسابيع فقط الى ما دون 56 دولارا للبرميل مما دفع كثيرا من الوزراء للتلويح بامكان الاقدام على خفض جديد، لكن هذه التوقعات تراجعت في الايام الاخيرة مع انتعاش الاسعار مما يعكس حقيقة ان التخفيضات التي أقرتها أوبك في اكتوبر الماضي بدأت تؤتي ثمارها، اضافة الى توقعات أداء الاقتصاد العالمي في ·2007
وبدلا من مواصلة مسيرة خفض الانتاج، فمن من المحتمل ان يرتب وزراء أوبك الساحة لعقد اجتماع جديد أواخر شهر يناير أو أوائل فبراير· وقال مسؤول كبير في أوبك ''لا يوجد مبرر حاليا لخفض الانتاج، من المرجح ان ننتظر الى نهاية يناير حيث ستظهر بشكل جيد آثار التخفيضات التي تم اقرارها في اكتوبر وكمية النفط التي تم سحبها من المخزونات لتلبية الطلب الشتوي· نريد ان نرى تأثير تخفيضاتنا وتأثير السحب من المخزونات، قد لا نضطر لمزيد من الخفض اذا هدأت مستويات المخزونات واستقرت الاسعار عند مستويات مقبولة· لكن كل شيء مطروح على المائدة·''
وعندما تراجعت الاسعار بنسبة 25 % هذا الصيف فان أوبك تحركت بقوة، ورغم ان السوق كانت متشككة في البداية من مصداقية هذه التحركات فان تجار النفط أيقنوا في نهاية الامر ان المنظمة تضخ بالفعل كميات أقل الى السوق فعاودت الاسعار الانتعاش· واستقرت أسعار العقود الاجلة للنفط في نيويورك عند 62,49 دولار للبرميل بينما تأرجح سعر الخام في لندن عند 62,57 دولار·
وقال مسؤول كبير من دولة رئيسية بالمنظمة ''لا يتعين علينا أن نفعل شيئا الان· وهذا هو تقديرنا للامور·''
وتلبي أوبك نحو ثلث الانتاج العالمي من النفط وهو 85 مليون برميل يوميا، وقد دعت أعضاءها في اكتوبر الماضي لخفض انتاجهم بنسبة 4,4 %· ويرى بعض محللي الصناعة ان الاسعار سترتفع العام المقبل لان العالم سيحتاج للمزيد من نفط المنظمة·
وتحاول أوبك تركيز الاضواء حاليا على عامل رئيسي في السوق، وهو حجم مخزونات النفط الخام التي تسيطر عليها الدول المستهلكة خاصة في اميركا وغيرها من الدول الصناعية المتقدمة· فقد ارتفعت هذه المخزونات حسب تقديرات الوكالة الدولية للطاقة الى 2,76 مليار برميل في نهاية سبتمبر أي ما يعادل 55 يوما من الطلب، مقارنة مع 2,64 مليار برميل قبل عام أي 53 يوما من الطلب·
ويؤكد عدة مسؤولين في أوبك ان هذه المخزونات مصدر قلق، وانه يتعين تقليص مستوياتها، موضحين ان المنظمة قد تقرر طرح كميات من النفط تقل عما يحتاجه السوق ان لزم الامر لمعالجة هذه النقطة· والمنطق الذي تستند اليه اوبك هو ان تخمة المخزونات يضعف نفوذ المنظمة وسيطرتها على تحركات الاسعار، وبدلا من شراء نفط خام من أوبك فبوسع المستهلكين الحصول عليه من هذه المخزونات· ويقول كثيرون في اوبك انهم يخشون ان تؤدي المخزونات الزائدة عن الحد الى انهيار سعري·
والمؤيد الرئيسي لاستهداف المخزونات هي السعودية وقال وزير النفط السعودي علي النعيمي مؤخرا ''علينا ان نسحب 100 مليون برميل من النفط من السوق'' لتحسين مستويات المخزونات· ويمثل هذا الرقم الزيادة في مستويات المخزونات التجارية للدول الصناعية مقارنة مع العام الماضي وهو رقم يعادل يومين من استهلاك دول منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي·
من ناحية أخرى فرغم أن كثيرين لا يتوقعون أن يواصل الاقتصاد العالمي مسيرته بمعدلاتها القوية الحالية، لكن كل المؤشرات توحي بان نهمه للنفط لن يتأثر كثيرا· ويتوقع صندوق النقد الدولي ان تهدأ قليلا وتيرة النمو العالمي الى 4,9 % العام المقبل من 5,1 % العام الحالي·
ومن المتوقع ان ينهي العالم عام 2006 على متوسط لسعر الخام القياسي الاميركي عند 66 دولارا للبرميل بزيادة عشرة دولارات عن متوسط العام الماضي· ويتوقع محللون زيادة مماثلة في عام ·2007 ويقول ادوارد مورسي كبير اقتصاديي الطاقة في ليمان برازرز الذي يتوقع زيادة الاقبال على نفط اوبك بمقدار 700 الف برميل يوميا في 2007 وان يرتفع متوسط سعر البرميل عن 70 دولارا ''هذه السوق تستعد لزيادات سعرية العام المقبل·'' ويضيف لورانس جولدشتاين رئيس ''مؤسسة أبحاث صناعة البترول'' قائلا ''يتعين على أعضاء أوبك الان ان يتلزموا الحذر بشأن ارتفاع الاسعار الى مستويات مبالغ فيها·''
عدد اليوم
