الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحرب السورية.. والآثار النفسية على الأطفال

30 سبتمبر 2014 23:42
كريم شاهين بيروت بعد مقتل عم أميرة أثناء حصار مدينة «القصير» السورية، فقدت الطفلة قدرتها على المشي. الطفلة البالغة من العمر خمسة أعوام شاهدت عمّها ينزف حتى الموت، وحطمت القذائف منزلها أمام ناظريها، وأصيبت ذراعها بشظية حارقة. وبالطبع كانت الآثار النفسية أكثر من أن تحتمل. فتوقفت عن تناول الطعام، وضمرت عضلاتها، ولم تعد قدماها تقدران على حمل وزنها الهزيل. وقالت أم أميرة، التي طلبت عدم ذكر اسمها أو أي من أسرتها كي تناقش حالة ابنتها النفسية بحرية: «لقد شاهدت أشياء كثيرة مؤثرة». وبعدما رحلتا إلى لبنان، كانت أم أميرة تحمل طفلتها إلى المدرسة، حيث التقت أعضاء منظمة غير حكومية محلية، نسقوا لأميرة فرصة الحصول على رعاية نفسية وعلاج لسوء التغذية. وبعد شهر ونصف الشهر من تلقي العلاج والحضور إلى المدرسة، بدأت تمشي مرة أخرى. وتسلط حالة أميرة الضوء على أزمة الصحة العقلية المدمرة التي تنتشر بين الأطفال السوريين اللاجئين، وكثير منهم فرّ من الدمار في وطنه إلى لبنان، ليواجه المعاناة من الآثار النفسية للنزوح، إضافة إلى الاستغلال والتوترات المشتركة والعنف الداخلي. وأدى الضغط إلى إصابة كثيرين بأمراض عقلية، بما في ذلك اضطرابات القلق، والاكتئاب ومشكلات النمو. ونزح ما يربو على نصف مليون طفل إلى لبنان، وتخلف أربعة من بين كل خمسة منهم عن الدراسة. وما يزيد على مليون طفل سوري أصبح لاجئاً في لبنان ودول أخرى. وتفاقمت الأزمة بسبب نقص التمويل والوعي والبنية التحتية للرعاية الصحية العقلية في لبنان وزيادة التوترات مع المجتمعات المحلية، إذ تواصل الحرب السورية نزيفها عبر الحدود، حسبما يؤكد العاملون في المساعدات الإنسانية. ويوجد أكثر من 1.1 مليون لاجئ سوري مسجل من الأطفال والكبار في لبنان، الذي يقطنه أربعة ملايين نسمة. وما يقرب من نصف أولئك اللاجئين شباب تقل أعمارهم عن 17 عاماً. ولا توجد مخيمات رسمية للاجئين في لبنان مثل الأردن وتركيا. وكثير من اللاجئين يعيشون في خيام غير رسمية أو بين المجتمعات الفقيرة، وينافسون على الوظائف ويستخدمون البنية التحتية اللبنانية بدرجة خانقة. ويُلقي البعض باللوم أيضاً على اللاجئين في الهجمات الأخيرة على أيدي المسلحين الذين قطعوا رأس جنديين لبنانيين، وقتلوا آخر كان في الأسر بعد القتال في مدينة عرسال. وهو ما أدى إلى إحراق بعض خيام اللاجئين. وأفاد «أنطوني ماكدونالد»، رئيس قسم حماية الأطفال لدى «اليونيسيف» في لبنان: «يمكننا أن نزعم مطمئنين أن غالبية السكان القادمين من سوريا يعانون بدرجة ما من ضغط الدم». وأضاف: «إن الأطفال والمراهقين يعانون من صدمات نفسية عندما يصلون إلى لبنان نتيجة الفقر وظروف العيش ونوبات العنف المتقطعة والافتقار إلى المدارس، التي تضيف إلى التوترات في الداخل». وتوصل استطلاع للرأي أجرته منظمة «أنقذوا الأطفال»، ونشر في وقت سابق من العام الجاري، أن 41 في المئة من السوريين في لبنان تتراوح أعمارهم بين15 و24 عاماً قد فكروا في الانتحار. وتصل النسبة إلى نحو 50 في المئة بين النساء في نفس الفئة العمرية. ويكشف الإخصائيون النفسيون والأطباء الذين يعملون مع الأطفال السوريين في لبنان عن أعراض أمراض «الرهاب» و«الهستيريا» و«الخوف أثناء الليل» و«تأخر النمو». ولا يزال البعض يعيش في ذهنية «محاولة النجاة»، وستظهر عليهم الأعراض في وقت لاحق من حياتهم على الأرجح، عندما تتلاشى الأزمة، حسبما ذكر المتخصصون المهنيون. وقال علاء حجازي، الإخصائي النفسي لدى الجامعة الأميركية في بيروت، والذي عمل مع قدامى المحاربين الأميركيين واللاجئين العراقيين، الذين نجوا من التعذيب: «إن الشيء السيئ في ميراث الصدمات النفسية التي تحدث في فترة الطفولة أنها تستمر لفترة طويلة حقيقة». ويقول اللاجئون والعاملون في مجال المساعدات: إن المانحين يركزون على تقديم المأوى والمساعدات الغذائية مباشرة، بينما يهملون الدعم النفسي والعقلي. ويقدم كثير من منظمات المساعدات ما تصفه بأنه «دعم سيكولوجي» للشباب الذين نزحوا من سوريا، بما في ذلك أنشطة وبرامج توعوية تهدف إلى تسليط الضوء على قضايا الانتهاكات والزواج المبكر، وتعليم الآباء كيفية ضبط سلوك أبنائهم بصورة إيجابية. وتقدم هذه المنظمات برامج تعليم سريعة وأنشطة مجتمعية تشمل اللاجئين، واللبنانيين، الذين يستضيفونهم. وأنشأت بعض هذه المنظمات أيضاً «مناطق صديقة للأطفال» تهدف إلى بث الطمأنينة فيهم والقدرة على التعبير عن أنفسهم. وزينت الجدران بأعمال فنية لأطفال سوريين، وينسق مساعدو الإغاثة أنشطة اللعب. ويجتمع الأطفال في دوائر صغيرة لإخبار قصص فرارهم من سوريا. وفي تجمع أخير أدارته منظمة «وور تشايلد هولاند»، روى الأطفال قصصاً عن هروبهم من قصف منازلهم وإعاقة آبائهم من جراء الشظايا. وغالباً ما تفضي أزمة اللاجئين إلى مشكلات أسوأ بسبب الضغوط، التي تواجه الآباء والتي تؤدي إلى توترات في الداخل وزيادة العنف الداخلي ضد الأطفال. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©