الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«دار الواحد» في برلين.. آمال وعقبات

30 سبتمبر 2014 23:42
أنتوني فايولا برلين بعد أن عرض المسؤولون في برلين موقعاً متميزاً على أبرشيته لبناء دار عبادة جديد، تأمل راعي الأبرشية «جريجور هوبيرج» للحظة، وتساءل: لماذا لا نحول المدينة التي لطخها العصر النازي إلى مكان استشفاء روحي ببناء مسجد وكنيسة ومعبد يهودي تحت سقف واحد؟ ويعتقد القس البروتستانتي، في زمن الصراع الديني العالمي، أن مشروعاً موحداً يجمع المسلمين، والمسيحيين، واليهود ستدوي أصداؤه خارج حدود برلين. وسيطلقون على المشروع اسم «دار الواحد». واستمد «هوبيرج»، الذي يبلغ من العمر 46 عاماً، فكرته الملهمة من تعاليم مارتن لوثر كينج. وما بدا يوماً مثل حلم بعيد المنال يحشد الآن زخماً كبيراً، وبعد انطلاق إشارة البدء من المدينة، تم اختيار التصميم من خلال منافسة معمارية كبرى. ويأمل المنظمون بدء العمل في المشروع في غضون عامين، معولين في ذلك على حملة جمع التبرعات التي تم إطلاقها مؤخراً. وتعتبر هذه الخطة جزءاً من الحركة الناشئة التي تهدف إلى بناء جسور دينية مبتكرة، تشمل مبادرة العقائد الثلاث في أوماها بولاية نبراسكا الأميركية، التي تسعى إلى بناء كنسية ومسجد في الموقع ذاته بعد أن تم بناء معبد يهودي مؤخراً. ولكن على رغم التقدم الذي يتحقق على صعيد احتمالات «دار الواحد» في برلين، أصبح المشروع الرائد نموذجاً للعقبات الهائلة التي لا تزال تواجه هؤلاء الذين يحاولون تعزيز الوحدة الدينية. وقد اكتسب المشروع تأييداً أخلاقياً كبيراً بين جميع العقائد، غير أن له أيضاً معارضين. فبعض المسلمين الأتراك في برلين، على سبيل المثال، أعربوا عن غضبهم واتهموا الإمام التقدمي، الذي يشارك الآن في المشروع بانتهاك الدين الإسلامي لأنه وضع يده في أيدي أصحاب عقائد أخرى. بينما لا يزال مسلمون آخرون في المدينة متشككين في المؤسسة، التي ينتمي إليها المعروفة باسم «منتدى الحوار بين الثقافات»، ويرجع ذلك إلى أن رئيسها الفخري «فتح الله جولن»، رجل الدين التركي المثير للجدل، الذي يعيش في منفاه الاختياري بالولايات المتحدة الأميركية. وهناك أيضاً تحفظات لدى السكان المسيحيين، واليهود في برلين، ومن بينهم بعض الذين يزعمون أن التصميم المختار يجعل المبنى يبدو بدرجة كبيرة مثل مسجد. وعلى الرغم من ذلك ربما أن التحدي الأكبر هو التغلب على اللامبالاة في المدينة، التي يهيمن عليها الطابع العلماني، والتي أصبحت محوراً للثقافة الشبابية الخفية، فغالبية السكان في الوقت الراهن لا يعبؤون بالدين على الإطلاق. وأعرب «مانفريد جايلوس»، أستاذ التاريخ المعاصر لدى «جامعة برلين التقنية»، عن اعتقاده بأن هناك بعض التأييد لذلك المشروع، ولكن إذا نظرنا إلى الوضع الراهن فإن كثيراً من الناس أصبحوا لا يهتمون بالدين، مضيفاً: «ربما يقول البعض إنها فكرة جيدة بالطبع ويعربون عن تعاطفهم، ولكن كثيرين سيتساءلون عن ضرورة ذلك وكم سيكلف المشروع؟». وقد انعكست تلك المعركة الشاقة في الجهود الرامية إلى جمع 55 مليون دولار اللازمة لإنشاء المشروع الذي سيكون مبنى واحداً من الحجارة الصهباء، والذي سينار من الداخل بأشعة الشمس. وعلى الرغم من أن المخططين يأملون في جمع 12.7 مليون دولار، التي يتطلبها بدء الإنشاء في غضون عامين، لكن القائمون على المشروع لم ينجحوا سوى في جمع 102 ألف دولار منذ بدء حملتهم في يوليو الماضي. وبهذا المعدل، سيستغرق الأمر أكثر من عقدين قبل أن يتمكنوا من جمع الأموال الكافية لوضع اللبنات الأولى. ولكن المؤيدين لفكرة «دار الواحد» يقولون إن الملاحظ أن المشروع قد نجح في قطع شوط كبير. فقد حصل على موقع تاريخي ودعم من المدينة. وتشارك فيه فصائل من الأديان الثلاثة. وعلاوة على ذلك، بينما بدؤوا يوسعون شبكة جمع التبرعات، بما في ذلك محاولة للحصول على أموال من الأسر اليهودية التي فر أقاربهم من ألمانيا إلى الولايات المتحدة أثناء فترة حكم «أدولف هتلر»، يقول المؤيدون إنهم واثقون من أن المشروع سيتغلب على جميع العقبات، المالية والدينية. ويتمحور المشروع الآن حول ثلاثة رجال دين من ديانات التوحيد الرئيسية، هم: قس مسيحي واجه الاضطهاد في ألمانيا الشرقية ورأى قوة الوحدة بعد سقوط سور برلين، وإمام شاب حالم مولود في «فرانكفورت» ومتلهف على بناء الجسور الثقافية بين المسلمين وغير المسلمين، وحاخام من يهود ألمانيا. ويقول الحاخام «توفيا بين شورين»، البالغ من العمر 78 عاماً، والذي يشرف على جزء المعبد اليهودي في «دار الواحد»: «إن هذه المدينة تم التخطيط فيها لإبادة اليهود، ولكن سنحول برلين الآن من مدينة الجراح لتصبح مدينة المعجزات، حيث سنبدأ في تغيير آراء الناس». وعلى رغم ذلك، يشكك بعض المنتقدين في قرار بناء «دار الواحد» على قطعة أرض ترتبط بصورة ما على أقل تقدير بالماضي النازي لبرلين. ويشيرون إلى أن رجل الدين البروتستانتي «والتر هوف»، الذي مات في عام 1977، كان راعي الكنيسة التي كانت مقامة على الموقع أثناء الحرب العالمية الثانية. واشتهر «هوف» بأنه كان مشاركاً في الحملات النازية على الجبهة الشرقية. ولكن القائمين على المشروع يصرون على أن تاريخ الموقع لن يشوّه من خلال المواد التي ستعرض داخل «دار الواحد»، وتعتبر قطع الأرض هذه مثالية من عدة طرق، فهي تقع في قلب برلين القديمة، وكانت مقراً لسلسلة كنائس منذ القرن الثالث عشر. يُنشر بترتيب خاص مع «خدمة واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©