الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

واشوقاه للبيت العتيق

30 سبتمبر 2014 23:32
في موسم ذي الحجة تعجز الكلمات عن وصف المشاعر الإيمانية العميقة، وتعجز الحروف عن سرد حالتنا المليئة بالشوق لبيت الله الحرام، المسكونة بحب كل زاوية من زوايا البيت العتيق، ولكن بركات الموسم تغشى جميع المسلمين الموحدين، فالحاج هناك يلبي بدموع منسكبة بفعل الخشوع والتوبة في المشاعر المقدسة وأطهر البقاع، وغير الحاج يكبر في بيته ومسجده والسوق والطرقات، بدموع الخشية والخضوع، لا شيء يساوي دمعة المؤمن المبتهل الزاهد، لا صوت يشبه صوت التلبية والتهليل والتكبير والتحميد، لا مشاعر تطغى على حب المخلوق لخالقه، وروحه التواقة للرحمة والغفران وجنات النعيم. يا تعابير الأدباء هل لكِ أن تسعفيني؟ إنه موسم تتجلى فيه روح السكينة والطمأنينة، يقبل فيه المؤمن على العبادات والطاعات والقربات، فيعتكف في المسجد مصلياً ذاكراً داعياً تالياً لكتاب الله تعالى متدبراً متفكراً معظماً، يشغل وقته بالاستغفار، يستشعر التوبة والانكسار، يرجو الرحمة من الرحمن، ينزل حاجته ويرفع دعواته، يبذل من وقته وجهده وماله طاعة لربه العظيم، يقوم الليل ويتصدق، يبر والديه ويصل رحمه، يرحم الضعفاء والمحتاجين، يقبل على كل وجوه الخير ليستزيد من الحسنات في أحب الأيام وخير المواسم، ينشغل بالعبادة وينقي قلبه من كل حسد وغل وحقد وكراهية، يسامح ويعفو عن الناس ابتغاء عفو ربه تبارك وتعالى. أما الحاج فيا لحظ الحاج، ترك أهله وبلده، أنفق من ماله ووقته وصحته، قطع المسافات، وقاسى صعوبات الطريق والمناسك، ترك الجدال والفسوق، اجتهد في الطاعة وانشغل بالعبادة، يحرم ويطوف ويسعى ويبيت ويذبح الهدي ويرمي الجمرات، ثم تأتي لحظة الختام المختلطة بدموع الفرح ودموع الفراق، الفرح لأداء الفريضة والاستبشار بالغفران، والحزن لفراق أطهر مكان، تمضي أيام الحج وكل يوم لدى الحاج يعدل سنوات من عمره ارتكب فيها معاصي ووقع في ذنوب لكنه الآن تائب يريد أن يتطهر من ذنبه، كل يوم من أيام الحج يعدل عمراً ويعدل حياة، كل يوم في الحج رحلة إيمانية مليئة بالسكون والخشوع والندم والشوق والخوف والرجاء، كل يوم هو رحلة عبادة تثمر فرحاً وحسن ظن بربنا الكريم أن ينعم علينا بجنان الخلد. لقد عدت يا حاج مغفور الذنب مشكور السعي مبرور الحج بإذن الله وليس للحج المبرور جزاء إلا الجنة، رجعت كما ولدتك أمك، فيا لسعدك وهناءتك، لا تفرط عقب العودة، استكمل مشوار الحياة بكل خيرية وانشغال بالطاعة وتذوق يومي لطعم الفرح وتطلع دائم للعيش بصحبة أحمد، وللنظر إلى وجه الله الكريم. إنها لحكم وعبر وعظات ودروس يستلهمها العبد المؤمن في هذه الأيام الفضيلة والمباركة، فيتعلم أن الخير كل الخير في الانشغال بعبادة الله وترك المنكرات وحب المساكين، والعفو عن الآخرين، والإحسان للناس أجمعين، وأن خير الزاد التقوى، وأن خير ما يرحل به من الدنيا العمل الصالح والخلق الحسن والسلوك القويم، نحن أمة التوحيد والوحدة، نوحد ربنا ونفرده سبحانه بالعبادة لأنه خالق ورب العالمين، ونوحد صفوفنا ونرص بنياننا فنتكاتف ونتضامن ونتعاون. وبقيت كلمة واجبة، شكرا لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ولحكومة المملكة العربية السعودية ولكل المؤسسات ولكل الجنود ولجميع العاملين والمتطوعين، أثابكم الله على خدمة ضيوف الرحمن، إنكم مغبوطون على ما وفقكم الله إليه من التواجد في أرض الحرمين وخدمة حجاج بيت الله الحرام، كونوا خير مثال للمسلم بإيمانه وتقواه وأخلاقه وكرمه وإتقانه، وأنتم كذلك بإذن الله. سليمان أحمد سليمان - عجمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©