السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لم الجحود يا أبناء؟

9 ديسمبر 2006 23:48
قصة قصيرة: ''فرحت لقدومه إلى هذه الدنيا؛ فقد كان حلمي أن يكون لي ابن بار يخلفني من ورائي، حملته في حضني، سكبت له من ودي، ربيته بكل حب وحنية، لم أقصر عليه يوماً ولم أبخل عليه، فقد كانت طلباته محل التنفيذ فوراً، وقد كانت احتياجاته متوفرة قبل أن يطلبها، رغم بساطة ورقة حالي، وفضلا عن أنه ليس لدي معيل، فابني جاء إلى هذه الدنيا يتيماً، وكنت أعمل في المدرسة التي يتواجد فيها ابني من باب تكسب الرزق، لتلبية جميع متطلباته· والعيب فيَّ كان أنني أعيش بعين واحدة، فكان الجميع يشمئز مني ويضحكون علي ويعايرون ابني على أن لديه أماً بعين واحدة، كان دائماً يتذمر مني ويحتقرني رغم حبي الكبير له، لماذا؟ لأنني أعيش بعين واحدة! كبر ابني، وسعى إلى أن يتعلم في الخارج بعيدا عن أنظار أبناء الحي الذين يعيرونه بأمه، وبالفعل تميز وتفوق وحصد أعلى الشهادات وتزوج في سفره وأنجب الأبناء، ويا لها من فرحة كبيرة، ولكنني لم أشاركه إياها لأنني أعيش بعين واحدة· قتلني الفضول، فقلت لا بد من أن أذهب إلى ابني وأسلم عليه وأرى أحفادي الذين لم تشأ إرادة الرحمن أن أحملهم في حضني، وبالفعل ذهبت، وعندما رأوني فزعوا مني حتى صدم ولدي بقدومي وقال لي: لماذا أنتِ هنا؟ ولم جئت؟ اذهبي إلى بيتك ولا تجلبي لي العار· رجعت حزينةً، ومرت الأيام، وأخذ الله أمانته بأخذ روحي إلى دار لا كلل فيها ولا ملل، قبل وفاتي ومرضي أرسلت له رسالة بلغة التجارة والمشاريع فجاء راكضاً إلى بلده الأم، ومن فضوله مرَّ على الحي القديم وسأل عني فأخبروه أن أمك ماتت، فلم تدمع عيناه! وأبلغوه بالرسالة الوهمية فأخذ يقرأ كلماتي، وعرف حقيقة أمري وأمره، وهي أنه هو مَنْ كان يعيش بعين واحدة في طفولته، لكن قلب الأم كبير يتسع لأن تضحي الأم بعينيها من أجل حبيبها وابنها الغالي، من أجل ان يواصل الحياة ولا يشمت به أحد، نعم هذه الحقيقة التي جعلت ابني يندم على ما فات في الأيام الماضية''· واقع مر: كم من قصة عقيمة مثل هذه تحدث في بيوتنا، وكم من جحود ونكران لحنان الأم التي تتعب وتسهر الليالي من أجل الأبناء، كم من قصص تريدوننا أن ننسج لكم؟ القصص كثيرة ومتعددة في هذا السياق، ولعل القصة أبلغ من ألف كلمة أستطيع حياكتها سبحان الله، تتعب هذه الأم وتشقى وتضحي بالغالي والنفيس من أجل أبنائها، وحتى الأب الذي لا يمكننا أن ننسى دوره يتعب ويعمل ويشقى، وفي الأخير نصادف في حياتنا أبناء يستنكرون أعمال والديهم، ضاربين بجهودهم طوال تلك السنين عرض الحائط، ولا يكترثون لكل صغيرة وكبيرة يقدمها الأب، فهذا عاق لأمه ينهرها ويزدريها كأنها أصغرعياله، وذاك لا يحترم أباه ويصرخ في وجهه ويمد يده عليه، وكأن الذي يقف أمامه ليس أباه سبب وجوده في الحياة، وتلك الفتاة تزدري أمها لأنها فراشة وتتنكر لأبيها لأنه حارس، ولا تعترف بجميلهما أبداً لأنهما من طبقات متدنية في المجتمع، وغيرها من قصص الجحود، التي تترك الأم والأب في حيرة من حالهما ساهرين الليل وحيدين تترقرق الدموع في عيونهما وتتساءل نظراتهما: لم الجحود يا أبنائي؟ كلمة أخيرة: لا تنسوا يا أبنائي ويا إخواني أن من لم يرحم أباه لن يرحمه ابناؤه، والدنيا دولاب كبير يتحرك بشكل سريع، وعقوق الوالدين من الكبائر عند الله تعالى، يعاقب عليه عبده في الدنيا والآخرة، فرفقا رفقا بآبائكم، واسعوا إلى خدمتهم وطاعتهم وحسن التقرب منهم والفوز برضاهم وبرضا الرحمن بإذن الله، فمن أعظم النعم علينا بعد نعمة الإسلام نعمة رضا الوالدين، ولا فائدة من الندم بعد رحيلهما عن الدنيا محزونين على ما فعلناه وعلى معاملتنا السيئة لهم·· وأنى لكم ذلك يا قرائي الأعزاء! ريا المحمودي - رأس الخيمة
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©