السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الاستثمار في التنمية المستدامة يدعم جهود الحفاظ على الموارد الطبيعية

28 يناير 2014 22:31
تتعرض الموارد الطبيعية في العالم اليوم إلى ضغوطات كبيرة وغير مسبوقة، تعزى إلى النمو الاقتصادي المتسارع، وتزايد عدد السكان، خاصة الطبقة المتوسطة. ولا شك في أن الحد من الآثار الضارة لأنشطتنا على البيئة، والقدرة على مواصلة مسيرة النمو والازدهار دون المساس بسلامة كوكبنا وحمايته للأجيال المقبلة، يمثل ربما التحدي الأكبر في القرن الحالي على المدى الطويل. ومن الواضح أن القادة السياسيين والشركات الرائدة والدول المتقدمة تبذل ما بوسعها للتصدي لهذا التحدي، فلا أحد يمكنه التهرب من مواجهته. وتقف أبوظبي والمملكة المتحدة اليوم في مقدمة الجهود العالمية الرامية إلى ابتكار أفضل الحلول التي يمكن أن تساعد في تلبية متطلبات التنمية المستدامة، والحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال المقبلة. وسيكون للنهج الطموح لإمارة أبوظبي، فيما يتعلق بالاستثمار في حلول الطاقة المتجددة، وتحسين كفاءة مصادر الطاقة، أهمية أكبر خلال السنوات المقبلة أكثر من أي وقت مضى. وعلى مدى العقدين المقبلين وحدهما، من المتوقع أن ينمو حجم استهلاك الطاقة العالمي بمعدل الثلث. وإذا ما أردنا تلبية هذا الطلب المتنامي، سنحتاج إلى تعزيز كفاءة اقتصاداتنا في استهلاك الطاقة، وفي الوقت نفسه تحسين إنتاجيتنا. وبدلاً من النماذج الاقتصادية القديمة، فإن الشركات التي تركز على الكفاءة وتعزيز الإنتاجية وتدرك أهمية الحد من استهلاك الموارد، هي التي سوف تنجح في إرساء معايير جديدة، سيتم من خلالها تقييم مستوى التنافسية. ويجمع بين دولة الإمارات والمملكة المتحدة رؤية طموحة تتمثل في بناء اقتصاد عالمي متواصل الازدهار، منخفض الانبعاثات الكربونية، مرنٍ، وعالي الكفاءة في استهلاك الطاقة. وفي ظل التوقعات بأن يبلغ حجم قطاع الأعمال العالمي منخفض الانبعاثات الكربونية 4 تريليونات دولار بحلول عام 2015، يساعد الاستثمار في مشاريع النمو الخضراء، في الارتقاء باقتصاداتنا إلى مقدمة الجهود العالمية الرامية إلى توفير المزيد من فرص العمل، وتحقيق النمو والتوسع. ومن أفضل الأمثلة على هذا النهج الاستثماري المدروس الجديد، استثمار «مصدر» بحصة 20% في «مصفوفة لندن»، أكبر محطة لطاقة الرياح البحرية في العالم. وتقع المحطة عند مصب نهر التايمز، وتبلغ استطاعتها 630 ميجاواط، حيث توفر اليوم الكهرباء النظيفة لأكثر من 500 ألف منزل في المملكة المتحدة سنوياً، وستساهم في تفادي إطلاق 925 ألف طن من غاز ثاني أكسيد الكربون سنوياً. كما يوفر المشروع محفزاً اقتصادياً مهماً يخلق المزيد من فرص العمل، ويساهم في تعزيز مجال الصناعة وسلاسل التوريد على المستوى المحلي. ولكن هذا النهج التعاوني ليس بجديد على المملكة المتحدة ودولة الإمارات، حيث يجمع بينها تاريخ عريق من التعاون المشترك. وقد لعبت الشركات البريطانية دوراً مهماً في دعم مسيرة تطور قطاع النفط والغاز الإماراتي. ويواصل البلدان اليوم التعاون في استكشاف النفط والغاز بأساليب مسؤولة بيئياً وعالية الكفاءة، وتطورت هذه العلاقة لتشمل اليوم فرصاً مهمة لتعزيز الاستثمار في قطاع الطاقة النظيفة. وتعد المملكة المتحدة اليوم سوق النمو الأكثر جاذبية للطاقة الشمسية في أوروبا. كما تمثل الطاقة الشمسية أحد مجالات التعاون المحتملة بين المملكة المتحدة ودولة الإمارات العربية المتحدة. وتقترب المملكة المتحدة من رفع استطاعتها التوليدية من محطات الطاقة الشمسية الكهروضوئية إلى 3 جيجاواط خلال ثلاث سنوات فقط. وتجدر الإشارة إلى أن هذه المحطات تم إنشاؤها في ظل حكومة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، وتساهم في بناء سلسلة توريد مستدامة ومبتكرة للمملكة المتحدة، تساعدنا على الارتقاء بمكانتنا في قطاع الطاقة الشمسية العالمي. وخلال أكتوبر الماضي، تم نشر أول خريطة طريقة تحدد استراتيجية الحكومة البريطانية فيما يتعلق بالطاقة الشمسية الكهروضوئية، وسيتم نشر الاستراتيجية الكاملة التي تعكس طموحاتي على صعيد الطاقة الشمسية خلال فصل الربيع المقبل. وإلى جانب «قانون الطاقة» الجديد الذي أقرته الحكومة البريطانية خلال عام 2013، والذي يخدم رؤيتنا الطموحة لبناء اقتصاد منخفض الانبعاثات الكربونية، وضعت الحكومة إطار عمل طويل الأجل، لتشجيع اعتماد حلول الطاقة النظيفة على نطاق أوسع. وستساهم هذه المجموعة من الخطوات في وضعنا على المسار الصحيح نحو تحقيق رؤيتنا المتمثلة في توليد أكثر من 30% من احتياجاتنا من الكهرباء، بالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة بحلول 2020، ليرتفع إجمالي استطاعة محطات الطاقة المتجددة في البلاد من 20 جيجاواط إلى 40 جيجاواط. وعلى مستوى دولة الإمارات، يساهم مشروع «شمس 1»، أكبر محطة للطاقة الشمسية المركزة في العالم، والبالغة استطاعتها 100 ميجاواط، في تنويع مزيج الطاقة في البلاد، فضلاً عن المساعدة في تحقيق هدفها المتمثل في توليد 7% من احتياجاتها من الكهرباء، بالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2020. وعليه، فإن الالتزام المشترك للمملكة المتحدة ودولة الإمارات بدعم نشر مشاريع طاقة الرياح البحرية والطاقة الشمسية، يوفر فرصة فريدة للتعاون في دفع عجلة الابتكار، والحد من تكاليف تقنيات الطاقة المتجددة. ومع ذلك، تتطلب النماذج الجديدة للتنمية المستدامة، استثمارات كبيرة الحجم. ولتحقيق الاستفادة القصوى من هذه الفرص، سوف نحتاج إلى دراسة نماذج تمويلية جديدة من شأنها المساهمة في تعزيز استدامة موارد الطاقة المتاحة لدينا، وتحسين كفاءة استهلاكنا للطاقة، وتعزيز مرونة اقتصاداتنا، تحسباً لأي صدمات قد تلحق بأسعار الطاقة، وذلك بالمستوى والوتيرة التي نحتاجها. ولكي نتمكن من زيادة حجم تمويل القطاع الخاص العالمي لمشاريع الطاقة النظيفة في المملكة المتحدة، استعنا بالخبرات المالية الطويلة التي تتمتع بها مدينة لندن. وفي عام 2010، تم إطلاق «مبادرة المناخ لأسواق رأس المال» (CMCI) من أجل تعزيز الحوار بين أكبر البنوك والمؤسسات الاستثمارية وأكثرها ابتكاراً في لندن لتشجيع الاستثمار في مجال الطاقة النظيفة والابتكارات التكنولوجية منخفضة الانبعاثات الكربونية. ونتطلع إلى الترويج لهذه المبادرة على المستوى العالمي، وقد حصلنا فعلياً على الدعم من شركائنا في دولة الإمارات. وخلال دورة العام الماضي من «أسبوع أبوظبي للاستدامة»، تم تنظيم جلسة نقاش لقادة قطاعي الطاقة والتمويل. وبناءً على نجاح هذا الحدث، تم خلال سبتمبر الماضي في نيويورك الجمع بين عدد أكبر من الوزراء من الاقتصادات النامية من مختلف أنحاء العالم وكبار المستثمرين العالميين، حيث قادت هذه الجهود إلى إطلاق قمة خاصة، ستعقد في لندن خلال صيف العام الجاري، حول تمويل المشاريع الرامية للحد من تغير المناخ والمصادر الجديدة لتمويل مشاريع الطاقة المتجددة في الاقتصادات النامية. بلا شك هناك الكثير من العمل الواجب القيام به على صعيد جهود التنمية المستدامة، وتعمل كل من المملكة المتحدة وأبوظبي من دون كلل أو ملل للمساعدة في تحقيق رؤيتنا المشتركة لبناء مستقبل أكثر استدامة. بقلم جريج باركر وزير الدولة البريطاني لشؤون الطاقة وتغير المناخ
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©