الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عودة «دوفالييه»...تأجيج للأزمة في هايتي

23 يناير 2011 21:32
مايزال الوضع في هايتي متوتراً بعد تعطل الحياة السياسية الناجم عن فشل الانتخابات الرئاسية في إفراز نتائج متوافق عليها وتوقف المناخ الاستثماري وجهود إعادة الإعمار، فيما يشعر الهايتيون بالغضب تجاه ما يجري في البلاد ويحذر المراقبون الدوليون من احتمال انزلاق البلاد إلى جولة أخرى من الفوضى والعنف، فقد ذُهل قادة هايتي ومعهم الدبلوماسيون الأميركيون من عودة الديكتاتور السابق الذي حكم البلاد، "جون كلود دوفالييه" إلى هايتي يوم الأحد الماضي بعد فترة طويلة قضاها في منفاه بفرنسا إثر الإطاحة به خلال انتفاضة شعبية عام 1986. ولدى هبوط طائرته في مطار "بور أو برنس"، التقى الرئيس السابق- الذي كان واضحاً عليه التعب والضعف- بمؤيديه وأدلى بتصريح للصحافة قال فيه: "لقد عدت لأساعد بلدي". وقد سبق لـ"دوفالييه" أن هدد في مرات عدة بالرجوع إلى هايتي معلناً رغبته في خوض الانتخابات الرئاسية، وذلك رغم امتناع الرئيس "ريني بريفال" استقباله، محذراً من تقديم الرئيس السابق للمحاكمة بسبب التهم الموجهة له إذا ما قرر العودة، هذه العودة التي تفاقم الوضع المعقد أصلاً في هايتي بسبب الانتخابات غير النزيهة التي شهدتها البلاد في نوفمبر الماضي. ورغم تخصيص الولايات المتحدة لحوالي15 مليون دولار أنفقتها على الانتخابات الرئاسية في هايتي لضمان نجاحها كشفت النتائج الأولية عن خروقات كبيرة بعد إلغاء أكثر من 50 ألف صوت وتأخر موعد الجولة الثانية، هذا في الوقت الذي عبر فيه المرشحون عن استيائهم وأعلن الرئيس الحالي، "بريفال"، الذي انتُقد كثيراً لأدائه السيئ خلال مرحلة ما بعد الزلزال، نيته البقاء في السلطة بعد انتهاء ولايته الدستورية في السابع من فبراير المقبل، لا سيما بعدما صادق البرلمان في العام الماضي على تمديد فترته إلى غاية مايو القادم. وعن المشاكل التي تواجهها البلاد يقول "بير ماري بواسو"، المسؤول البارز في بنك "سوجبانك" بهايتي "إن اقتصاد البلاد متعثر بسبب الأزمة السياسية، فالجميع ينتظر ما ستسفر عنه الانتخابات، والحال أن الوقت ليس مناسباً للانتظار بل يتعين المضي قدماً في انتقال سلمي وشفاف للسلطة وإلا سيتخلى عنا العالم". وتأتي المصاعب والتحديات التي تعترض سبيل هايتي في وقت يتعين على النخبة السياسية تكريس الاستقرار وطمأنة الدول المانحة التي خصصت عشرة مليارات دولار لجهود إعادة الإعمار، فضلاً عن اجتذاب الاستثمارات الخارجية الضرورية لتوفير الوظائف، وهو ما أكده رئيس الشركة العملاقة التابعة لكوريا الجنوبية، "ساي-إيه" على أنه يحتاج إلى الاستقرار السياسي للاستثمار في البلاد وفتح 20 ألف وظيفة عمل، وفي هذا السياق أشار الوزير الأول السابق في هايتي "ميشيل بيير لويس" أن الجميع "ينتظر جلاء الأمور في البلاد، إلا أن كثرة الإحباط تثير القلق في نفوس المواطنين الذين مازالوا يعيشون في الخيام". ولتقييم الوضع السياسي قامت "منظمة الدول الأميركية" بإصدار تقرير حول الانتخابات الرئاسية ضم العديد من الإحصاءات المهمة والكاشفة ما حدا بالرئيس "بريفال" إلى رفضه، فقد كشفت المنظمة عن تجاوزات خطيرة وتزوير واسع للانتخابات، لا سيما بعدما تبين فقدان 9 في المئة من الأصوات، بالإضافة إلى حشو صناديق الاقتراع بالأصوات لتتجاوز نسبة المشاركة الحقيقية التي لم تتعد 23 في المئة، وبعد إلغائها الأصوات المشكوك فيها أوصت المنظمة بتعديل النتائج الأولية التي أعلنها المجلس الانتخابي المؤقت في شهر ديسمبر الماضي وإعادة ترتيب لائحة الفائزين ليتصدرها مرشحا المعارضة، أستاذة القانون والسيدة الأولى سابقاً "ميرلاند مانيجا" متبوعة بالمغني السابق الذي تحول إلى رجل أعمال ولاعب سياسي يحظى بالمصداقية، "مايكل مارتلي". وحلت في المرتبة الثالثة، حسب توصيات المنظمة التي راجعت نتائج الانتخابات، "جود سيليستين" التي كانت تعمل في وزارة الأشغال بالحكومة السابقة وتعتبر مرشحة الرئيس "بريفال" لخلافته، وإذا ما قبلت توصيات المنظمة ستخرج "سيليستين" من حلبة السباق الانتخابي التي ستنحصر في جولتها الثانية بين المرشحين الأول والثاني، ومع أن الرئيس المنتهية ولايته، "بريفال"، لم يبدِ بأية تصريحات علنية، إلا أن مقربين منه نقلوا تذمره من التقرير الصادر عن منظمة بلدان الأميركيتين ورغبته في تعديل مضمونه، وهو ما رفضه كلياً السفير الأميركي لدى هايتي، كينيث ميرتين، الذي صرح في لقاء معه أن بلاده تدعم ما جاء في التقرير قائلاً "إن للمجتمع الدولي موقفاً موحداً إزاء التقرير ولا يوجد ما يمكن التفاوض حوله" معبراً عن أمله في أن توافق الحكومة الهايتية على فحوى التقرير و"تمضي قدماً في تنظيم جولة ثانية". ويخشى المراقبون للوضع في هايتي من عودة العنف والفوضى التي سادت مباشرة بعد إعلان النتائج إذا لم تسارع الطبقة السياسية في البلاد إلى التوافق حول نتيجة الانتخابات، وهو ما أكده المرشح "مايكل مارتلي"، الذي قال إن (النظام الحالي لم يعد قابلًا للاستمرار، فالناس يريدون التغيير وقد حان الوقت لرحيل "بريفال" واحترام إرادة الشعب). ويبقى القرار الآن في يد "بريفال" والحكومة الهايتية التي قد تلجأ إلى إلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية والإعلان عن تنظيم أخرى جديدة، وهو ما سيعمق حالة الفراغ السياسي في البلاد، وسيعطل لمزيد من الوقت انتخاب رئيس لهايتي. ويليام بوث - هايتي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©