سيكون اليوم الخامس من ديسمبر موعداً لاحتفالية حضارية متميزة، وعيد ذي نكهة خاصة للمثقفين ولمهرجان القراءة المفتوحة على أفق معرفي متنوع، هذه القراءة التي لم تعد محصورة على شراء الكتب وإيداعها في الخزائن أو تركها لغبار الأرفف، لأنه مهرجان معني وفي العمق ببناء مجتمع قارئ، ومحاط بظواهر ثقافية تضعه في صلب التحديات المعاصرة والقائمة على البحث عن النوعية وعن التفرد، وسط فوضى الهويات وتشوش المعارف وغلبة العابر والاستهلاكي والمتطاير على المعاني الأخرى المتجذّرة كالرصانة والتميز وامتلاك الصوت الخاص والإبداع المتمكن·
وهي المعاني والتوجيهات التي يسعى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة لترسيخها وتعميمها من خلال هذا الحدث الاستثنائي على خريطة الأحداث الثقافية المتنوعة في الدولة·
فمع افتتاح الدورة الخامسة والعشرين لمعرض الشارقة الدولي للكتاب اليوم سيتحول العقد الفضي للمعرض إلى زينة متألقة ترصع جيد الثقافة الإماراتية، وتضيف رصيداً مهماً لمعجم الأشواق الروحية، والهواجس الأدبية لعاشقي الكتاب، ومرتادي شغفهم الداخلي المفتوح أبداً على الدهشة والسؤال ولذة النص·
وبمناسبة اليوبيل الفضي للمعرض التقت ''الاتحاد'' بالدكتور يوسف عايدابي المنسق العام للمعرض، والشخص الذي ارتبط بذاكرة الحدث وبتفاصيله القريبة والبعيدة كجزء فاعل ومؤثر، وكطاقة ديناميكية مهمومة دائما بالتطوير والتجويد وفتح المنافذ الواسعة للطموح والابتكار·
أنشطة مكثفة للطفل
عن الملامح الجديدة لهذه الدورة مقارنة بالدورات السابقة يجيب الدكتور عايدابي: ''ستكون هذه الدورة متميزة بالجديد فيما يخص الكتب ودور النشر والتنظيم، وستكون هناك نظرة مختلفة لثقافة الطفل وسنخصص ولأول مرة قاعتين للطفل الأولى للمطالعة والثانية للحاسوب، بالإضافة لجملة من الأنشطة المتعلقة باهتمامات الطفل وتشجيعه على القراءة من خلال الفعاليات الإبداعية وإصدار فهرس خاص لكتب الأطفال، وفيما يخص الندوات والطاولات المستديرة سيكون هناك محور خاص عن الطفل والكتاب، دعونا له عدداً ليس بالقليل من دور النشر، ونأمل أن يكون هذا المحور أساسيا في سياق البرنامج المهني كي يضفي روحاً جديدة على المناخ العام للمعرض''·
وعن مشاركات الدوائر والمؤسسات الأخرى في المعرض يشير عايدابي إلى مشاركة تلفزيون الشارقة ببرنامج خاص عن القراءة المكرسة للأطفال، وهو برنامج يأتي في سياق توجيهات الحاكم واهتمامه وتركيزه على هذا المحور بشكل رئيس ومكثف، على أن تتعاون في إنجاز هذه التوجيهات دور النشر ومراكز الطفولة ومراكز الفتيات التابعة للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة، مع مشاركة فعالة من بعض المثقفين والتربويين، حتى يصار إلى تنوير الرأي العام بأهمية القراءة في أوساط الأطفال وأهمية الكتاب بشكل عام وبالتوازي مع أهمية الوسائط التقنية الحديثة، فالإنترنت والكتاب المرئي والمسموع والوسائط الخاصة بمجال التربية والتعليم هي وسائط نافذة وسريعة تفي بالكثير من الأغراض العلمية والأكاديمية، وهذا لا ينفي أن القراءة والكتابة الحرة لها قدر وافر من الأهمية في تنمية شخصية الطفل والتلامسات الثقافية والفكرية المحيطة بآفاقه ومخيلته·
تكريم الإبداع المحلي
وعن جديد الندوات والبرامج الفكرية المصاحبة للمعرض يشير عايدابي إلى استحداث برنامج مهني يدخل في إطار التخصص النوعي للكتب، كالكتب الإلكترونية وكتب الأطفال والكتب الثقافية والقانونية والجامعية وغيرها، ويهتم هذا البرنامج ـ كما يقول عايدابي ـ بقياس التطور في حركة صناعة الكتب محلياً وعربياً، وهناك محور احتفالي وتكريمي للراحل الكبير نجيب محفوظ، ولأول رواية محلية وهي:''شاهندة'' لراشد عبدالله وزير الخارجية السابق، وهناك احتفاء آخر بالروائي الإماراتي علي أبو الريش، ونأمل أن تكون هذه الاحتفالية لفتة وانتباه بأن الإمارات غنية أيضا بثروتها الإبداعية بموازاة الثروة النفطية، وأن هناك أناساً أجدر بأن يكرموا ويقدروا في معية نشوء وزارة للثقافة والشباب وتنمية المجتمع، ونأمل أن تبشر هذه التحولات بالاهتمام بالمبدعين من خلال تشريعات وقوانين تكفل للإبداع في الإمارات بمزيد من الانتعاش والازدهار''
رد الجميل
وفي إجابة لاستفسارنا عن سبب إبعاد مسمى ''اليوبيل الفضي'' عن ملصقات ونشرات الدورة على الرغم من مرور خمسة وعشرين عاماً على المعرض، يقول الدكتور عايدابي: ''إن الاحتفال باليوبيل الفضي والاحتفاء به يكون من خلال تجويد العمل والانتقال به لمرحلة جديدة، بحيث نعطي الكتاب حقه ونطور أدواتنا كي نخرج بمظهر مختلف مقارنة بالدورات السابقة، لأن توافر هذه العناصر يترجم في النهاية احتفالنا الحقيقي باليوبيل الفضي، لأن المسألة هنا تتعدى رفع الشعارات المجردة ووضع الملصقات والمسميات المتداولة والشائعة، إن دائرة الثقافة في الشارقة ورداً لجميل الإعلام والجمهور والمؤسسات والأفراد المعنيين بالكتاب عليها بالمقابل أن توفر الكتاب الجيد والقيم والنافع، وأن تقدم الخدمة المريحة لجميع الزوار والمرتادين والمهتمين بفعاليات وأنشطة المعرض· هذا هدفنا جميعا ونأمل أن نكون عند هذا الظن الحسن''·
عدد اليوم
