السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانتخابات البرازيلية.. هل تفوز «سيلفا»؟

26 سبتمبر 2014 22:31
مارك مارجوليس مدير مكتب موقع فوكاتيف الإخباري الأميركي في البرازيل لم يبق إلا أيام قليلة قبل انطلاق السباق الرئاسي في البرازيل، ويحبس الجميع الآن الأنفاس في انتظار هذا الاستحقاق الحاسم. وإذا صدقت استطلاعات القائمين على استطلاعات الرأي فإن «ديلما روسيف»، الرئيسة الحالية ووريثة الرئيس الأسطوري «لويس إيناسيو لولا دا سيلفا» ستكون حقاً في ورطة ومعها سلالتها السياسية كلها.وبعد «روسيف» تأتي «مارينا سيلفا» -لا علاقة لها بلولا- الحليفة السابقة لحزب «العمال» التي أعادت تجهيز نفسها وتحمل مشروعاً اقتصادياً يتبنى سياسة مالية «صقورية»، وإنْ كان ذلك في ملابس اشتراكية ناعمة. وقد كشفت استطلاعات الرأي التي أجراها معهد «داتا فولها» ومؤسسة «إيبوب» عن نتائج ترجح أن يكون السباق محموماً، مع تأخر متوقع للمرشحة «سيلفا» في اقتراع الخامس من أكتوبر، وإنْ كان يتوقع بقاؤها مع روسيف في انتخابات الإعادة التي ستجرى في 26 أكتوبر إذا لم يفز أي من المرشحين بأكثر من 50 في المئة من الأصوات في الجولة الأولى. ولو فازت «سيلفا» فقد تحمل تغييراً إلى البرازيل لا عهد لها بمثله منذ فترة مديدة. ولكي نوضح الأسباب، دعونا نعود إلى الوراء قليلاً مع الزمن بنحو عشر سنوات عندما كان البرازيليون في حالة إثارة بل ثورة سياسية، حيث كان كثيرون يتوجسون من فوز «لولا» في الانتخابات الرئاسية لكي لا يحول البرازيل إلى كوبا جديدة كبيرة. ولكن بعد فشله ثلاث مرات في الترويج لأجندته النارية، أدرك الرجل كنه الرسالة وهي أن الناخبين يريدون الاستقرار والاعتدال، وليس مقولات جهنمية أو شعبوية. وبناء على ذلك، كتب خطاباً إلى الشعب البرازيلي كان في حقيقة الأمر بياناً بالتوجه نحو الاعتدال. وقد فاز «لولا» بسهولة بعد ذلك وطمأن الأسواق. والمعنى المقصود هنا هو أن الاقتصاد الجيد بإمكانه أيضاً أن يؤدي إلى سياسة جيدة. وقد كانت هذه هي قصة سلفه «فرناندو هنريك كاردوسو»، وهو ديمقراطي اشتراكي ذو توجهات إصلاحية، حيث تمكن من إنهاء التضخم الهائل الذي أصاب البلاد، وعالج مشاكل الإنفاق، وحافظ على الفائض التجاري، وعرض الشركات الخاسرة المملوكة للدولة للبيع. كما أصبحت هذه القصة أيضاً هي عنوان المرحلة في جميع أنحاء أميركا اللاتينية، حيث اختارت كولومبيا وتشيلي والمكسيك وبيرو وأوروجواي سياسات داعمة للاستقرار بدلاً من المغامرة الشعبوية. نعم، لا يزال هناك المسرفون في الأرجنتين من أنصار البيرونية (والبيرونية نسبة إلى خوان بيرون الرئيس الأرجنتيني الأسبق، وهي حركة سياسية في الأرجنتين ترفع شعارات العدالة الاجتماعية)، وكذلك ما تبقى من «اشتراكية القرن الـ21» لرجل فنزويلا القوي السابق «هوجو شافيز». ولكن حدث خلل وظيفي في «الثورة البوليفية». والكل يدرك اليوم أن معظم الناخبين اللاتينيين يريدون المزيد من اقتصاد السوق وليس إسقاطه. وقد اتبع «لولا» السيناريو نفسه، حيث سحر المصرفيين الذين يعانون ضوائق مالية والفقراء بالتحويلات النقدية. وعزز ازدهار استهلاك وإنتاج السلع، وقام بتحويل هذا الكنز الهائل إلى الائتمان الاستهلاكي. وقد حققت البرازيل نمواً بنسبة 7,5 في المئة في عام 2010، واختار «لولا» خلفاً له «ديلما روسيف» التي كانت تشغل منصب رئيس الوزراء، وقبل ذلك وزيرة التعدين والطاقة. ويقول «أرمينيو فراجا»، وهو محافظ البنك المركزي السابق، في مقابلة أجريت معه مؤخراً إن «لولا تصرف اقتصادياً بطريقة مثالية». وقد خدم «فراجا» أيضاً أثناء حكم «كاردوسو»، وهو يعمل حالياً في منصب كبير المستشارين لـ«أسيو نيفيس»، الحاكم السابق لولاية ميناس جيرايس والمرشح الرئاسي للحزب الديمقراطي الاجتماعي الذي يأتي حالياً في المركز الثالث. وقد راقب «فراجا» بمزيد من الأسى الاقتصاد البرازيلي وهو يتداعى مع مرور الوقت بعد أن حارب من قبل لإعادة هيكلته. والأمر لا يتعلق فقط بالأسواق المالية، التي ترتفع في كل مرة ينخفض فيها تصنيف «روسيف». ولكن ثقة المستثمر البرازيلي انخفضت أيضاً، مع ارتفاع نسبة التضخم وصعوبة الحصول على وظائف وتعثر الاقتصاد. وبدلاً من ضخ استثمارات جديدة، أدت الطفرة الائتمانية إلى تفاقم الديون الاستهلاكية ومآزق في المصانع. وجاء الركود خلال حكم «روسيف» التي يقال إنها قد اختارت الإسراف بدلاً من الإصلاح، ورأت البرازيل وهي تتعثر في تحقيق الوعد بأن تصبح من الأسواق الصاعدة بعد دخولها في حالة من التباطؤ الاقتصادي. ويقول «فراجا» إنه «خلال السنوات الـ16 التي سبقت حكم روسيف، أصابت البرازيل نمواً بالمعدل نفسه الذي أحرزته سائر دول أميركا اللاتينية. وتحت حكم روسيف، انخفض معدل نمو البرازيل بنقطتين مئويتين مقارنة بمتوسط النمو اللاتيني». وها هي «روسيف» تجهد الآن لكي يعاد انتخابها في حملة شرسة تظهر فيها «سيلفا» وكأنها «لولا» القديم، في عام 2002. وعلى رغم أن «روسيف» هي المفضلة في الجولة الأولى، إلا أن سلبياتها قد تتفوق على شعبيتها. وتظهر استطلاعات هذا الأسبوع أن البرازيليين قد يفضلون «سيلفا» و«نيفيس»، ببرامجهما الوسطية والصديقة للسوق، على حزب «العمال» ذي الاقتصاد الموجه. وفي هذا السياق يقول «فراجا»: «بالطبع إن الحكومة تقول إنه إذا ما فازت المعارضة فإن الاقتصاد سيهوي. إنني أكره أن أستبق الأحداث، ولكننا بالفعل في حالة من الكساد». ويستطرد هذا الخبير الاقتصادي، موضحاً قصده: «إن إصلاح الأوضاع الداخلية عن طريق تقليل الأعباء الضريبية وفتح قطاع الطاقة للاستثمار وجعل الموازنة أكثر شفافية، إلى جانب إحداث إصلاح سياسي، كل هذا يعتبر أجندة واعدة بالنمو». وقد صدق البرازيليون هذا من قبل، في عهد حكم كل من «كاردوسو» و«لولا» قبل 12 عاماً. والآن أمامهم فرصة ليحققوه مجدداً، من خلال إسقاط «روسيف». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©