الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفغانستان.. حكومة جديدة ومشاكل قديمة

أفغانستان.. حكومة جديدة ومشاكل قديمة
26 سبتمبر 2014 22:30
سارة تشاليز كاتبة ومحللة سياسية دعا الرئيس أوباما مؤخـــراً المتنافسين الرئاسيين الأفغانيين «أشرف غاني» و«عبدالله عبدالله» إلى القبول في نهاية الأمر باتفاق لتقاسم السلطة من أجل حل نزاع استمر شهوراً حول الفائز في الانتخابات التي يقول البعض إنها لم تخلُ من الغش. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض «جوش إرنست» إن «توقيع هذا الاتفاق السياسي يسهم في وضع حد للأزمة السياسية في أفغانستان ويعيد الثقة في إمكانية المضي قدماً نحو الأمام». غير أن بعض الأفغان ما زالت تخامرهم حالة من عدم اليقين. ومع ذلك أعرب كثيرون عن ارتياحهم لتفادي تفاقم خطر الانزلاق في فوضى أو حرب أهلية، وقالوا إنه يحدوهم الأمل في أن تستأنف دورة الحياة الاقتصادية الطبيعية مسارها بعودة الاستقرار. وعلى رغم ذلك، فإن بعض الأفغان يخشون أن تثبت هذه المساكنة السياسية والحكومة المشتركة -التي أعلن فيها «غاني» رئيساً، ويمنح «عبدالله» منصب رئيس الوزراء التنفيذي، وهو منصب غير عادي من الناحية الدستورية- أنها أقل فاعلية من نظام حامد كرزاي الذي لم يكن يحظى بشعبية. ومن المرجح أن تكون حكومة الوحدة الجديدة التي بنيت على الأساس نفسه من مساومات النخبة، أكثر استقطاباً ونزاعاً من حكومة كرزاي. كما أن نقاط الضعف هذه قد تسهل وقوع اعتداءات من قبل حركة «طالبان»، التي عادت للصورة خلال الأشهر الستة الماضية، وخاضت معارك ضارية، وقتلت أو جندت بعض السكان المحليين الخائفين. وفي هذا السياق قال «شفيع الله أفغان»، وهو ضابط شرطة سابق وخبير في القانون، إن «هذه ليست حكومة شاملة. إنها تفاهم سياسي لا غير». وفي الواقع، فإن من بين المفارقات الخاصة باتفاق تقاسم السلطة، الذي تم بوساطة أميركية وشارك مسؤولون أميركيون في توقيعه، أنه يلغي القيمة التي أشاد بها كثير من الأميركيين باعتبارها انتصاراً في اليوم الأول من التصويت. وهذه القيمة تتمثل في الإقبال الساحق على صناديق الاقتراع وما تكشفت عنه العملية. وقد توافد الأفغان بكثرة على صناديق الاقتراع في الخامس من شهر أبريل الماضي ليدلوا بأصواتهم. وتحركت صفوف بشرية من القرويين وسكان المدن على سفوح الجبال وفي الشوارع الموحلة أو عرقلوا حركة الشوارع الرئيسية في المدن في ذلك اليوم. وفي طابورين منفصلين للسيدات، يمكن فقط تمييز الناخبات من خلال لون البرقع أو الزي الطويل الذي يرتدينه ويغطيهن من الرأس إلى القدم -وكذلك الأسماء التي تظهر على بطاقات الانتخابات التي كن يحملنها في أيديهن. وفي كابول، اعتبر ذلك اليوم عطلة، حيث كان الناس ينتظرون في طوابير بصورة مكثفة ويبعثون بالتحيات لأصدقائهم وجيرانهم، كما يفعلون في أيام الأعياد السنوية. وفي قندهار التي شهدت ظروفاً صعبة وأجواء مشحونة في انتخابات 2009، حيث كان من يذهبون للإدلاء بأصواتهم، يبادرون على الفور بإزالة الحبر الدال على أدائهم المهمة وتصويتهم في الاقتراع، تميزت انتخابات هذا العام بإقبال شديد، ودون خوف كبير، حيث ذهب الجميع إلى مراكز الاقتراع. يقول مراسل الإذاعة المحلية «ساروار أماني» إن «بطاقات الاقتراع قد نفدت!» في ذلك اليوم. وبعبارة أخرى، وخلافاً للأسطورة الغربية الشائعة التي تقول إن الأفغان غير راغبين أو متأهبين لممارسة الديمقراطية، فقد أثبتوا في ذلك اليوم العكس، بأنه لا مشكلة لديهم معها من حيث المبدأ. وقد قرأ العديد من المراقبين الغربيين النسبة العالية من المشاركة بأنها «بمثابة هزيمة مدوية لحركة طالبان»، كما قالت صحيفة «واشنطن بوست». وفي الواقع، فإن هذا الاقتراع اكتسى أهمية سياسية كبيرة: فقد مثل رفضاً واضحاً لكرزاي. وكان يُعتقد على نطاق واسع أنه يستقي دعمه -وسيطرته على مقاليد الأمور- من وزير خارجيته وموضع ثقته منذ فترة طويلة «زلماي رسول». ولهذا السبب على وجه التحديد، فقد صوت مئات الآلاف من الأفغان ضد «رسول» أيضاً. ويقول «حاجي محمد رحيم»، وهو صاحب متجر في ولاية قندهار الخاضعة عادة لنفوذ أسرة كرزاي: «كنا نعلم أن الناس إذا لم تأت للتصويت، فإن كرزاي سيكون بمقدوره إنهاء هذه الانتخابات لصالح رسول. وهذا سيعني خمس سنوات أخرى من حكم كرزاي». وتدل خسارة «رسول» على نجاح هذه الاستراتيجية: لقد كانت نسبة المشاركة ضخمة إلى درجة أنها قد طغت حتى على قدرة آلة كرزاي المدربة على تجيير الأصوات لتزوير الانتخابات، بحسب ما يقول المنتقدون. ولكن هذا لا يعني أيضاً أن الانتخابات كانت نزيهة تماماً، أو كاملة الأوصاف. فبينما كان الاهتمام الدولي يركز في المقام الأول على الإقبال الحماسي للناخبين، كانت هناك انتهاكات صارخة لقوانين الانتخابات شابت الجولة الأولى وثبت أنها ربما كانت عاملاً مؤثراً في الجولة الثانية. وقد وصف بعض الأفغان النتيجة بأنها بمثابة خيانة لفكرة الديمقراطية برمتها. وكما وصفها أحد سكان قندهار «إننا نشعر بأننا لا نملك أي شيء، إن الأمر كله بيد الأجانب. لقد قمنا بالتصويت من أجل لا شيء. يجب أن تكون للأصوات قيمة، ولكن صوتنا لا يهم في نهاية المطاف. ما يهم هو القوة». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم سي تي انترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©