الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«الشمسية» و«الرياح» تغيران خريطة الطاقة العالمية

«الشمسية» و«الرياح» تغيران خريطة الطاقة العالمية
26 سبتمبر 2014 21:25
من بين جميع دول العالم المتقدمة، قليلة هي التي تبذل جهوداً أكثر من ألمانيا في محاربة الاحتباس الحراري. وتظهر علامات ذلك، في توربينات الرياح التي يناهز طول الواحدة منها بارتفاع ستين طابقاً وبتكلفة تصل إلى 30 مليون دولار. وبنهاية العام الحالي، من المتوقع أن ترسل هذه التوربينات كهرباء للمدن الألمانية وتتميز بانبعاثات كربونية منخفضة. وسيمثل ذلك إنجازاً آخر في محاولة ألمانيا البالغة التكلفة لتغيير نظام الكهرباء، ومشروعاً طموحاً يمكِّن البلاد في وقت قريب من توليد 30% من الكهرباء من موارد الطاقة المتجددة. ومع أن العديد من الدول الصغيرة تتفوق عليها، لكنها أكبر دولة صناعية تصل إلى ذلك المستوى في العهد الحديث، لتتجاوز نسبة الإنتاج الضعف مقارنة بأميركا. لكن جهود ألمانيا الحثيثة في قطاع الطاقة المتجددة لا تخلو من التعقيدات. وبتوفيرها لطلب قوي لتوربينات الرياح والألواح الشمسية، أغرت الشركات الصينية بالدخول لسوقها، حيث تراجعت التكاليف بسرعة أكثر من المتوقع. ويراقب مديرو شركات توليد الكهرباء في مختلف أنحاء العالم بقلق بالغ التقنيات التي رفضوها في البداية، والتي بدأت في تهديد خطط نشاطاتهم التجارية الراسخة منذ القدم. ونشبت الخلافات في مختلف أرجاء الولايات المتحدة الأميركية، حول القوانين المستقبلية للطاقة المتجددة. وتناقش العديد من الدول الفقيرة التي كانت تعتمد على محطات توليد الكهرباء العاملة بالفحم، ما إذا كان بمقدورها تخطي حقبة الوقود الأحفوري وإنشاء محطات للطاقة النظيفة. وفي ظل تسجيل ألمانيا لأرقام قياسية من إنتاج الطاقة المتجددة كل شهر تقريباً، أثارت هذه التغييرات حفيظة شركات الكهرباء التي انهارت الأرباح التي كانت تجنيها من عمليات التوليد. وربما يتكرر نفس المشهد في العديد من الدول التي تتبنى خططا طموحة في مجال الطاقة المتجددة. وفي أميركا، حددت بعض الولايات أهدافاً قوية ترمي لتوليد بين 20 إلى 30% من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول 2020. ويعتبر نشطاء البيئة، ألمانيا نموذجاً يؤكد إمكانية تغيير نظام الطاقة العالمي. لكن أصبح من الواضح، أن التغيير إذا كان ممكناً ستكون آثاره قاسية. ويرى بعض الخبراء، أن قطاع الكهرباء يدخل حقبة من الاضطراب غير مسبوقة في تاريخه الذي تجاوز 130 عاماً، ذلك الاضطراب الذي ربما يشابه ما أدى إلى تغيير قطاعات الطيران والموسيقى والاتصالات. وربما يتطلب استغلال الفرص المتاحة، التخلي عن القوانين القديمة التي تحكم سوق الكهرباء والشروع في بداية جديدة ربما باستخدام طرق مثل، دفع مبالغ إضافية للشركات للاحتفاظ بالمحطات التقليدية واستخدامها عند الأوقات التي لا تشرق فيها الشمس أو تهب فيها الرياح. قوانين جديدة وأدركت الحكومة الألمانية ضرورة سن قوانين جديدة، رغم أنها لم تتوصل بعد لصيغتها. كما بدأ عدد من الولايات الأميركية تفكيراً مشابهاً لكيفية عمل أنظمة الكهرباء لديها. والفوائد المتوقع جنيها من الوصول إلى قوانين جديدة ملائمة، كبيرة للغاية تشمل، استخدام نظام كهرباء أكثر نظافة لا يخلف انبعاثات كربونية وملوثات كثيرة تعكر صفو الغلاف الجوي. لكن وكما أثبتت التجربة الألمانية، ربما تكون صعوبات التحول كبيرة جداً، حيث ما زال من غير الواضح ما إذا كان من الممكن تغيير النظام بالسرعة الكافية لتجنب مستويات خطيرة من الاحتباس الحراري. ويقول باتريك جريشين، مدير منظمة أجورا إنيرجي ويندي الفكرية في برلين التي تعكف على دراسة عملية التحول: “تحدوني ثقة كبيرة في أن الرياح والشمسية سيشكلان المصدر الأساسي للطاقة، ليس في ألمانيا فحسب، بل في كافة أرجاء العالم. ويكمن السؤال في كيفية إمكانية تحويل الطاقة إلى قصة من النجاح”. وتجدر الإشارة إلى أن أسعار الألواح الشمسية انخفضت بنسبة كبيرة بلغت 70% خلال السنوات الخمس الماضية، ما يعني أن الطاقة الشمسية بدأت تلاقي قبولاً من الناحية الاقتصادية، خاصة في بعض الولايات الأميركية حيث ترتفع أسعار الكهرباء. ويجد مشترو المنازل الجديدة عبر شركة لينار العقارية في كاليفورنيا، ألواحا شمسية مثبتة مسبقاً على أسقف منازلهم، حيث قررت ثاني أكبر شركة لبناء المنازل في أميركا توسعة رقعة نشاطها ليشمل ولايات أخرى بدءاً بولاية كلورادو. واحتفظت الشركة بحق ملكية الألواح وبيع الكهرباء للسكان بموجب عقد مدته لعشرين عاماً وخفض قدره 20% عن أسعار شركات الكهرباء الأخرى. وعزمت ألمانيا على مدى العقد الماضي، على خفض تكاليف الطاقة الخضراء، من خلال النمو السريع في سوق الطاقة المتجددة. وأنفقت الحكومة الألمانية ما يفوق 140 مليار دولار على برنامجها، واعدة بضمان العائدات للمزارعين ومالكي المنازل والأعمال التجارية والجمعيات التعاونية الراغبة في استخدام الألواح الشمسية وتوربينات الرياح ومحطات الغاز الحيوي ومصادر الطاقة المتجددة الأخرى. ويتم دفع تكاليف الخطة، من خلال فرض رسوم إضافية على فواتير الكهرباء التي يبلغ متوسط تكلفتها 280 دولاراً سنوياً. وأدى البرنامج، إلى توسعة سوق الطاقة المتجددة وخلق اقتصادات ذات نطاق واسع، حيث تضاعفت مبيعات الألواح الشمسية حول العالم كل 21 شهراً في غضون العقد الماضي، مع انخفاض الأسعار بنسبة 20% في كل مرة. وقاد هذا الانخفاض الكبير، إلى خروج بعض الشركات العاملة في صناعة الألواح من السوق، وإلى الشكوى ضد المساعدات التي تقدمها الحكومة الصينية لهذا النوع من الشركات التي تهيمن على معظم السوق. لكن خلق التراجع أيضاً، فرصة لمالكي المنازل في أميركا ولشركات مثل لينار. وانخفضت أيضاً أسعار طاقة الرياح خلال السنوات القليلة الماضية، حيث تنافس الآن المحطات العاملة بالفحم في بعض ولايات أميركا. تهديد الشركات ويشكل الانخفاض في تكاليف الطاقة المتجددة، مشاكل للشركات المتخصصة في توليد الكهرباء، التي تحصل على الكثير من الأموال في أوقات اليوم التي يرتفع فيها الطلب والأسعار. ومن الممكن أن تشكل الطاقة الشمسية على صغر حجمها، اضطراباً بخفض أسعار الجملة عند أوقات الذروة تلك. ومع نموها السريع، لكن الطاقة الشمسية لا تشكل سوى 1% فقط من الكهرباء المولدة في أميركا. لكن بدأ بعض شركات توليد الكهرباء المتخوفة من الخسارة في ظل هذه الثورة من التغيير، في مهاجمة القوانين التي تشجع صناعة الألواح الشمسية، بينما قررت شركات أخرى الانضمام لهذا السوق. المنافسة تحتدم وبدأت الشركات الناشئة السريعة النمو، في منافسة شركات توليد الكهرباء الكبيرة في أميركا، حيث تقوم بتركيب عشرات الآلاف من الألواح الشمسية على أسقف المنازل وإيجارها للمالكين، مع تولي بنوك وول ستريت عمليات التمويل. وتشكل كاليفورنيا المركز الأكثر نشاطاً، باستهدافها 33% من الطاقة المتجددة بحلول 2020. وفي ألمانيا، حيث تشكل الألواح الشمسية 7% والرياح نحو 10% من الطاقة المستخدمة، تراجعت بشدة أسعار الجملة للكهرباء خلال ساعات الذروة التي كانت تمثل الجزء الأكبر من الأرباح. واعترف بيتر تيريوم، المدير التنفيذي لشركة آر دبليو إي العملاقة للكهرباء التي تعرضت لخسارة بنحو 3,8 مليار دولار قائلاً: “تأخرنا كثيراً في دخول سوق الطاقة المتجددة، وربما تأخرنا للغاية”. وتحذر شركات الكهرباء الكبيرة في ألمانيا أو ربما تستجدي، أن هذه الثورة لا ينبغي لها المضي قدماً من دون مشاركتها. ومن أوجه قصور الطاقة المتجددة أنها متقطعة، لذا يترتب على شركات الكهرباء الألمانية التقليدية العمل على الاستفادة من ذلك لتعويض خسائرها. وليس بالضرورة أن تكون الشركات قادرة على جني الأرباح بهذه الطريقة، حيث هددت بإغلاق مرافقها التي يرى البعض أن البلاد تحتاجها كاحتياطي يمكن اللجوء إليه عند الضرورة. وما يزيد الموقف تعقيداً، قرار الحكومة التخلص من المحطات العاملة بالطاقة النووية خلال العقد المقبل، خاصة في أعقاب حادثة فوكوشيما في اليابان في 2011. وبوضوح معالم الخطة، فإن إغلاق مصدر يتميز بانبعاثات كربونية منخفضة، يلقي بالشكوك حول مقدرة ألمانيا على خفض الغازات الدفيئة. ابتكارات تقنية وبما أن مصادر الطاقة المتجددة بدأت في إحداث بعض التقلبات في أسعار وإمدادات الكهرباء، توصل الخبراء إلى أنه من الممكن أن تساعد قوانين ذكية جديدة للسوق، في جعل التكلفة معقولة. ودخلت بعض هذه الابتكارات خاصة في أميركا حيز التنفيذ بالفعل، بينما لا تزال قيد الدراسة في ألمانيا. وتتضمن هذه الابتكارات، عمليات الدفع المنتظمة لإقناع شركات الكهرباء التقليدية، بجعل المحطات العاملة بالوقود الأحفوري جاهزة عند الحاجة. لكن ربما تركز الابتكارات الأكبر، على كيفية استهلاك الكهرباء بدلاً من كيفية توفيرها. ورغم أن طرق كيفية إدارة الطلب ظلت مستخدمة لعقود عديدة، ألا أن تقنيات جديدة تمكن من طرق أكثر طموحاً. وتستثمر كل من آبل وجوجل مليارات الدولارات في أعمال مصممة للاستفادة من الفرص الجديدة مثل، مساعدة السكان في إدارة استخدام الكهرباء مع توفير أجهزة رقمية لقياس الحرارة. ومع ارتفاع الأسعار في بعض الأوقات، يمكن تزويد بعض الأجهزة المنزلية مثل، غسالات الأواني وسخانات الماء، برقاقات ذكية تقوم بعملية التشغيل والإيقاف وفقاً للأسعار ووفرة الكهرباء. وترتفع تكلفة إنشاء محطات الرياح البحرية عن البرية بنسبة كبيرة، لكن ومع تطور التقنية، من المتوقع تراجع التكلفة عند نمو السوق خلال العقود القليلة المقبلة. وفي حالة حدوث ذلك، تكون أميركا أكثر المستفيدين لتوفير طاقة الرياح البحرية بين 15 إلى 20% من الكهرباء التي تحتاجها المدن الواقعة في الساحل الغربي. نقلاً عن: إنترناشونال نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©